موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة: جهاز أمن الدولة في الإمارات.. أداة البطش لكل مطالب الإصلاح

342

قال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” إن جهاز أمن الدولة في الإمارات يعد أداة البطش لكل مطالب الإصلاح الداخلي في ظل ما يتمتع به الجهاز من سلطة ونفوذ جعلته متحكماً بكل شيء في الدولة.

وأبرز المركز في دراسة أصدرها بمناسبة الذكرى السنوية 11 لعريضة الإصلاح، استمرار المطالب الشعبية في الإمارات بإجراء انتخابات ديمقراطية حرة وتحقيق المشاركة السياسية والحريات العامة من دون قمع أمني.

وجاءت ذكرى عريضة 3 مارس لتؤكد أن إرادة الشعب الحضارية شعلة لا يمكن إخمادها حتى لو قوبلت باضطهاد السلطة وقمعها، وإجراءات جهاز الأمن وقوانينه المسيّئة للإمارات وتاريخها.

وفيما يعيد الإماراتيون وهجّ هذه الشعلة التي ترفض أن تخبو فإنهم يتذكرون التنكيل الأمني بالمجتمع والموقعين عليها إذ أن هذه العريضة تعتبر نقطة التحوّل الأكثر بروزاً في تاريخ الإمارات الحديث.

وفي 3 مارس /آذار 2011 رفع الشعب الإماراتي عريضة إلى رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وأعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات السبع المكونة للاتحاد، يطالبونهم تبني نهج ديمقراطي نيابي كما نص على ذلك دستور الدولة الصادر في 1971.

ووقع على العريضة 133 (رجالاً ونساء) من شيوخ قَبليين، وعلماء، وأكاديميين، وباحثين، ومثقفين، وحقوقيين، ومحامين، ومعلمين، ومؤلفين، وصحافيين، ومسؤولين على رأس أعمالهم وسابقين، وأعضاء سابقين في المجلس الوطني الاتحادي، ورجال أعمال، وقيادات طلابية ما يمثل جميع شرائح المجتمع.

وطالبت العريضة بإجراء إصلاحات شاملة للنظام البرلماني المتمثل في المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان).

واشتملت المطالب على الانتخاب الحر والكامل لجميع أعضاء المجلس من قبل كافة المواطنين، وإصلاح التشريعات المنظمة لعمله، بحيث يملك سلطة تشريعية ورقابية كاملتين مع إجراء التعديلات الدستورية الضرورية لضمان ذلك.

لكن قُوبل الموقعون على تلك العريضة بالقمع والتنكيل بهم وعائلاتهم، وخلال 11 عاماً استفحل جهاز أمن الدولة (المخابرات) في حياة الإماراتيين، وسيطر على السلطات الثلاث بما في ذلك القضاء، وأصبح المتحكم الوحيد بوسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية مع حظر أي صحافة مستقلة داخل البلاد.

وكانت ردة فعل السلطات الإماراتية على المواطنين الذين طالبوا بالإصلاحات السياسية بالسجن والتعذيب، وعزل عائلتهم عن المجتمع في سياسة عقاب جماعي لتحذير المجتمع من تبني رؤاهم الإصلاحية أو مطالبتهم بحرية الرأي والتعبير.

وهو أمرٌ يثير غضب المواطنين الإماراتيين خاصة بعد أن أثبتت الـ11 عاماً الماضية تأكيد تحذيرات الموقعين على عريضة الإصلاحات من سياسات السلطة الداخلية والخارجية إذا لم يكن هناك مراقبة ومحاسبة للسلطات عبر مجلس وطني كامل الصلاحيات يضمن مشاركة الشعب في القرارات التي تهمه.

ولعل أبرز ما حدث في رد السلطات على مطالبة الإماراتيين بالمشاركة السياسية بتقديم عريضة الإصلاحات الآتي:

توحش جهاز الأمن

عقب أسابيع من تقديم عريضة الإصلاح في الدولة، جرى الإعلان عن تعديل القانون الاتحادي رقم 2 لعام 2003 الخاص بعمل جهاز أمن الدولة ومهامه وأهدافه وصلاحياته، ولا يعرف محتوى التعديل.

كما أن القانون ذاته الصادر في 2003م والتعديل لم ينشرا في الجريدة الرسمية كما ينص القانون الإماراتي، ولا يوجدان في أي مكان على الإنترنت رغم ادعاء السلطات في أبوظبي بعكس ذلك.

ففي تعليقها على تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين في مايو/أيار 2015 حول الإمارات قالت السلطات: القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2003 في شأن جهاز أمن الدولة صدر بتاريخ 15 فبراير 2003، ونشر في الجريدة الرسمية العدد 374 السنة الثالثة والثلاثون بتاريخ 16 فبراير 2003، وعدل القانون السابق بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم 1 لسنة 2011 والذي نشر أيضاً في الجريدة الرسمية العدد 524 بتاريخ 28 يونيو 2011م.

مركز مناصرة معتقلي الإمارات نشر في يوليو/تموز2021 دراسة نقدية للقانون الصادر في 2003 إذ حصل على نسخة غير منشورة منه، ولم يستطع الحصول على مرسوم التعديل لعام 2011.

والقانون بتلك الصلاحيات الممنوحة بنسخة 2003 تفتح الباب على مصراعيه لجهاز أمن الدولة للتوغل في حياة الإماراتيين، واستلاب حقوقهم وانتهاك خصوصياتهم والتحكم في كل السلطات لنفاذ سلطته على حساب حياة سكان الدولة، وفي مقدمتها السلطات الثلاث بما في ذلك القضاء.

ومنذ تقديم عريضة الإصلاح توحش جهاز أمن الدولة بدرجة مرعبة متنافية مع دستور وقوانين وعادات وتقاليد الإمارات.

إذ بدأت سلطات أبوظبي -عبر جهاز أمن الدولة- اعتداءً متواصلا على حرية التعبير والانتقاد وتكوين الجمعيات، ووثّقت المنظمات الدولية وفي مقدمتها “الأمم المتحدة” “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” بانتظام ارتكاب عناصر أمن الدولة والسلطات الرسمية انتهاكات ضد المعارضين والنشطاء ومواطنين ومقيمين الذين تحدثوا عن قضايا حقوقية.

وبدخول 2012 والأعوام اللاحقة صعد جهاز الأمن موجة الاعتقالات، بعض الاعتقالات نُفِّذت من قبل رجال لا يرتدون الزي الرسمي قيل إنهم ليسوا إماراتيين.

وأشارت التقارير في ذلك الوقت إلى أن هؤلاء قد يكونون أعضاء في مجموعة قوامها 842 جنديًا كولومبيًا وجنود سابقين قيل في ذلك الوقت إنهم يعملون داخل الإمارات؛ كما تفشت جرائم جهاز الأمن بالسجون السرية وتعذيب المعتقلين وبدأت فصول من المحاكمات السياسية التي انتهت بسجن العشرات.

القمع والتنكيل

بعد أسابيع من تقديم مطالب العريضة الأكثر اعتدالًا رد جهاز الأمن سريعاً باعتقال خمسة من الموقعين عليها بينهم الناشط البارز “أحمد منصور”.

وادين هؤلاء بعد أسابيع “بإهانة رئيس الدولة، وارتكاب أعمال شائنة تشكل تهديداً لأمن الدولة”، ثم إصدار عفو عنهم بعد ثمانية أشهر لكن سجلاتهم الجنائية ظلت قائمة، مما يجعل من المستحيل عليهم الحصول على “شهادة حسن السيرة والسلوك” اللازمة للعمل وحتى الزواج في الإمارات. وعرفت قضيتهم بقضية “الإمارات5”.

لتتوالى بعد ذلك الجرائم بحق المجتمع ومن بين الانتهاكات الأكثر فظاعة الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب. حيث اعتقلت الإمارات مئات المحامين والقضاة والمدرسين والنشطاء وحاكمتهم، وأُغلقت جمعيات المجتمع المدني الرئيسية ومكاتب المنظمات الأجنبية، مما سحق فعليا أي مجال للانتقاد أو تبني مطالب الإصلاحات في الدولة.

في 2012 وعقب أسابيع من موجة اعتقالات نفذها جهاز أمن الدولة معظمهم في يوليو/تموز2012 -في شهر رمضان المبارك- بحق موقعين على عريضة الإصلاح قام جهاز أمن الدولة باعتقال وترهيب وطرد محامين كانوا يتابعون قضاياهم في مكتب المحامي عبدالحميد الكميتي الذي كان يضغط لمعرفة أماكن اعتقالهم والتُهم الموجهة إليهم.

كما منع جهاز الأمن صحافيين ومراقبين حقوقيين دوليين من دخول الإمارات بما في ذلك لتغطية ومراقبة محاكمة عشرات المواطنين الموقعين على عريضة الإصلاحات، والذين بدأت محاكمتهم الغريبة كفصل من فصول مسرحية هزلية استمرت عقد من الزمن.

وسجنت أقارب للمعتقلين  الذين حضروا جلسات المحاكمة بسبب حديثهم على وقائع المحاكمات وتضامنهم مع ذويهم. ووسعت الأمر لاحقاً لمنع أكاديميين عرباً وغربيين انتقدوا سلوك السلطات تجاه أي شأن داخلي بما في ذلك حديثهم عن انتهاكات التي تُمارس على العُمال.

ولم يكتف ضباط جهاز الأمن الإماراتي باعتقال العشرات، بل قاموا بتعذيبهم لمدة تقارب العام، حتى طلب المعتقل والخبير التربوي أحمد بن غيث السويدي في أول جلسة تعقد أمام المحكمة الاتحادية بأبوظبي حمايته وحماية أسرته، لأنه يخشى على حياته وحياة أسرته.

ورويت حينها قصص التعذيب التي لم تلتفت لها محكمة أمن الدولة، ولم تحقق فيما ورد بها، بل كانت المفاجأة أن بعض المتهمين لم يعرفوا أنهم على قائمة الاتهام إلا قبل أيام من جلسة المحاكمة، ورغم ذلك أدانتهم المحكمة دون أن يكون لهم أي أقوال وبدون أدلة أو أسباب توردها المحكمة كدليل على هذه الإدانة.

التعذيب لم يكن حصراً على المواطنين الإماراتيين، بل امتد ليشمل المعتقلين عرباً وأجانب في البلاد طوال الأعوام الماضية.

مع إفلات المجرمين الذين قاموا بتلك الجرائم من العقاب، حتى أن بعضهم مُنحوا ترقيات كمكافأة لتعذيب المعتقلين الإماراتيين والمقيمين ومحاولة لتبييض الانتهاكات. وأصبحت قاعدة السلطات الإماراتية “إذا لم تكن معنا فأنت إرهابي”.

الإمارات 94

عقب حملة الاعتقالات التي طالت موقعين على العريضة خلال 2011 و2012 بدأت في 4 مارس/آذار 2013، مسرحية هزلية لمحاكمة جماعية غير عادلة لـ 94 متهمًا أمام غرفة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي.

وكان من بين الذين حوكموا ثمانية اتُهموا وحوكموا غيابيا، واتهمتهم الحكومة، مستندة إلى مواد غامضة الصياغة في قانون العقوبات، بـ “إنشاء منظمة تهدف إلى قلب نظام الحكم”، وهي تهمة نفواها جميعًا واعتمدت الأدلة التي أظهرتها على تصريحات لوسائل إعلام ومقالات تعبر عن آرائهم، أو خلال لقاءات خاصة بينهم.

وقد أكدوا مراراً خلال جلسات المحاكمة ولائهم للدولة ونظامها وحكامها، وأن المطالب كانت عن الشعب الإماراتي المتمثلة بعريضة الإصلاحات وضد تغوّل جهاز أمن الدولة في الحياة المدنية في الدولة كما تحدث الشيخ الدكتور سلطان بن كايد القاسمي رئيس جمعية دعوة الإصلاح في إمارة رأس الخيمة.

وفي 2 يوليو/تموز 2013 ،أدانت المحكمة 69 من المتهمين، بمن فيهم الثمانية الذين حوكموا غيابياً، وحكمت عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 7 و 15 عاما. وبرأت 25 متهما بينهم 13 سيدة.

في 18 ديسمبر / كانون الأول 2015، اختطف جهاز أمن الدولة بمساعدة من مسؤولين في إندونيسيا الشيخ عبد الرحمن بن صبيح السويدي، أحد المتهمين الذين حوكموا غيابياً.

كان ينوي طلب اللجوء في جاكرتا لكن تم اختطافه وإعادته إلى أبوظبي، وبعد أشهر من الإخفاء القسري تعرض خلالها للتعذيب ظهر في المحكمة وحكم عليه بالسجن 10 سنوات.

وظهر لاحقاً في مقابلة تلفزيونية يهاجم فيها “دعوة الإصلاح” ومطالب الإصلاحات في البلاد، ونشر كتاباً بطلب من جهاز أمن الدولة مقابل الإفراج عنه والإبقاء عليه تحت الإقامة الجبرية. وهو عرض سبق أن قُدم لعدد من المعتقلين الذين رفضوا.

فشلت محاكمة الإمارات 94 في تلبية المعايير الوطنية والدولية للمحاكمة العادلة، وادينت على نطاق واسع من قبل منظمات حقوق الإنسان وهيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

قبلت المحكمة “الاعترافات” التي أدلى بها المعتقلون كأدلة. على الرغم من أن المتهمين تبرأوا من تلك الاتهامات في المحكمة وأكدوا أن محققي أمن الدولة انتزعوها تحت التعذيب أو غيره من الإكراه عندما كان المتهمون في الحبس الانفرادي قبل المحاكمة، دون أن يتمكنوا من الوصول إلى العالم الخارجي. تقاعست المحكمة عن إجراء تحقيق مستقل ونزيه في اتهامات المعتقلين بتعرضهم للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة في الاعتقال السري.

كما حُرم المعتقلون من حق الاستئناف أمام محكمة أعلى، في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان. على الرغم من أن غرفة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا تعمل كمحكمة ابتدائية، إلا أن أحكامها نهائية وغير قابلة للاستئناف، ولاحقاً سُمح بالاستئناف في هذه المحكمة.

تعرض المعتقلون لانتهاكات مستمرة في السجون منذ نقلهم من السجون السرية إلى سجني الرزين والوثبة سيئيّ السمعة، من بينها الزنازين الانفرادية، الضرب المبرح، والتفتيش المهين، والتجويع، والإهمال الصحي، وتعريضهم لدرجات حرارة عالية أو منخفضة، والحرمان من ممارسة الرياضة،  ورفض تسليم أدويتهم.

كما شملت منعهم من الصلاة جماعة، منعهم من صلاة الجمعة، المداهمات الليلية، تشغيل مكبرات الصوت والأضواء المستمرة ما يمنعهم من النوم، منعهم من الزيارة، رفض طلبات الخروج في جنازات أقاربهم، وغيرها من ضروب سوء المعاملة وتعمد الإهانة.

عقاب جماعي

من جهة أخرى يفرض جهاز أمن الدولة سياسة عقاب جماعي بحق المعتقلين وعائلاتهم، حيث يحرم عائلات المعتقلين من التعليم، والصحة، والوظيفة العامة، إضافة إلى سحب الجنسيات من عائلاتهم ورفض تجديد جوازات السفر. وتزايد الاضطهاد لهذه العائلات خلال 2021م.

ويمنع جهاز أمن الدولة عشرات العائلات من السفر إلى خارج البلاد، بسبب أن أحد ابناءها معتقل أو تعتبره معارضاً للنظام يعيش خارج الدولة. ويتشارك عائلات المعتقلين في رفض السلطات السماح لهم بزيارة المعتقلين أو الاطمئنان عليهم.

كما ركز جهاز أمن الدولة جهوده في 2021 للضغط على زوجات المعتقلين بكافة الوسائل الممكنة لدفعهن إلى طلب الطلاق، وقد تحوّل ذلك لأسلوب ممنهج ضد جميع المعتقلين الذين تم سحب جنسياتهم.

سحب الجنسية

عقب توقيع عريضة الإصلاحات وتقديمها وجهت السلطات رسالة بسحب الجنسية عن الموقعين، عندما سحبت الجنسية عن سبعة من المواطنين الموقعين على العريضة دون سند قانوني.

وهم: حسين منيف عبدالله حسن الجابري، حسن منيف عبدالله حسن الجابري، إبراهيم حسن على حسن المرزوقي، شاهين عبدالله مال الله حيدر الحوسني، علي حسين أحمد علي الحمادي، محمد عبدالرزاق محمد الصديق العبيدلي، أحمد غيث السويدي. ثم سحبت الجنسية عن المعتقل عبدالسلام درويش المرزوقي. وعقبه عدد من المعتقلين والمنتقدين لسلطات جهاز الأمن.

وانسحب قرار سحب الجنسية إلى عائلات المواطنين المسحوبة جنسياتهم حيث منعوا من الحصول على وثائقهم ومن التوظيف والحصول على الصحة، وأصبحوا بدون جنسية ولا يستطيعون مغادرة البلاد رغم الانتهاكات المستمرة المرتكبة بحقهم.

حتى أن جهاز أمن الدولة منع دفن جثمان آلاء الصديق الناشطة والباحثة الإماراتية البارزة ابنة الدكتور محمد عبدالرزاق الصديق في أراضي الدولة بعد وفاتها بحادث مروري في لندن (2021)، بسبب موقفها ومواقف عائلتها الداعمة لعريضة الإصلاحات.

وكان قرار سحب الجنسية غير قانوني بالمطلق، وحاول الدكتور محمد الركن الترافع في قضيتهم لاستعادة جنسيات المواطنين السبعة لكن جهاز الأمن رد باعتقالهم بعد شهر من الطعن في قرار سحب الجنسية.

في الوقت ذاته فتحت الإمارات الباب على تجنيس الأجانب بحجة الموهبة والخدمة. فيما سحبت الجنسية على مواطنيها الذين خدموا الدولة وأجدادهم!.

كما تمنع الجنسية عن البدون، وعن أبناء المواطنات، في ازدواجية مرعبة في فِهم خلل التركيبة السكانية في البلاد وهو أمرٌ يشعر به المواطنون وتتجاهله السلطة وسط تزايد المخاوف من جهود سلطوية لاستبدال الشعب. لذلك فإن عريضة الإصلاحات مهمة لحماية حقوق المواطنين،

القوانين الرجعية

على نحو متزايد، أصدرت السلطات قوانين وعدلت أخرى للتماشى وحملة جهاز الأمن بحق مواطنيها. واستخدمت هذه القوانين -سيئة السمعة- وغيرها كوسيلة لإسكات المعارضة السلمية وغيرها من أشكال التعبير في القضايا العامة، ولمعاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان أو منتقدي الحكومة السلميين بالسجن لفترات طويلة.

صدرت قوانين متعلقة بالجرائم الالكترونية، ومكافحة الإرهاب، وتعديلات لقانون العقوبات وقوانين أخرى، تشترك معظمها أنها تقوم بتجريم حرية والتعبير، وتحمل مصطلحات فضفاضة مثل جرائم “تعريض أمن الدولة ومصالحها العليا للخطر، أو المساس بالنظام العام، أو نشر معلومات سرية، والتواصل مع المنظمات الدولية، وانتقاد المسؤولين إذ تعتبر تحريضاً على نظام الحكم وإهانة لرموز الدولة! أو الإضرار بالعلاقة مع دولة شقيقة، ما يوفر انتقاد مسؤولين لدولة أخرى جُرماً بموجب هذه القوانين”.

وهذا يتنافى مع القوانين التي يفترض أن تكون الجرائم واضحة حتى يعرف السكان الأفعال غير المشروعة. لكن قام جهاز الأمن بتشريع هذه القوانين بهذه المصطلحات الفضفاضة حتى يتمكن من تجريم أفعال متعلقة بحرية الرأي والتعبير. والعقوبة قد تصل إلى السجن المؤبد.

لقد مضت السنوت الـ11 لتأكيد ضرورة وأهمية مطالب الإصلاحات وأكدت تحذيرات المعتقلين من سياسات السلطة.

كما أن الإماراتيين تخلو عن حياتهم ونُظمهم القَبلية لصالح دولة القانون مع توحيد الاتحاد، لكن -الآن- بعض القوانين الجديدة (بعد 2011)، موجهة ضد حقوقهم وحرياتهم وتقيّد حياتهم وعباداتهم، بما في ذلك نظام مراقبة وقوانين تحاصر المساجد في الدولة خشية تمدد مطالب الإصلاح.

ويدير جهاز الأمن نظام مراقبة وتجسس هائل  على السكان والمقيمين. قد يستخدم جهاز الأمن ما تجسسه في الأجهزة الالكترونية للاعتقال والمحاكمة لمواطن أو مقيم تؤدي إلى أحكام تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام. كما أن الإماراتيين باتوا يشعرون بالخيانة في المناهج الدراسية فبدلاً من تعليم القيّم والشخصيات الوطنية أصبحت تستخدم في السياسة!

كما تستخدم السلطات مكافحة الإرهاب لوسم المعارضين الموجودين خارج البلاد، وفي (2021) أعلنت السلطات عن إضافة أربعة مواطنين إماراتيين في الخارج في قوائم الإرهاب وهم “الناشط الحقوقي حمد الشامسي، والمستشار القانوني البارز محمد صقر الزعابي، والكاتب والخبير التربوي أحمد الشيبة النعيمي، والدكتور سعيد الطنيجي رئيس جمعية دعوة الإصلاح السابق في رأس الخيمة”. تشمل تجميد الأصول، ومصادرة الممتلكات، وتجريم اتصالات أقاربهم المقيمين في الإمارات معهم.

وليس جديد على سلطات أبوظبي استخدام “مواجهة الإرهاب في القرارات السياسية، ففي عام 2012 صنفت جمعية دعوة الإصلاح في قوائم الإرهاب، إلى جانب عشرات المنظمات الإسلامية التي تعتبر بعضها نشطة في أوروبا والولايات المتحدة ولم تسجل عليها أي أعمال أو دعوة لعنف.

والمعارضون الأربعة جميعهم في منفى اختياري، وأبلغوا جميعا عن أشكال مختلفة من المضايقات على أيدي أجهزة الأمن ضد أفراد عائلاتهم المقيمين في الإمارات لمجرد أنهم أقاربهم، تشمل منع السفر، والمراقبة المكثفة، والقيود على الحقوق الأساسية بما فيها العمل والتعليم، وحتى إلغاء جوازات السفر. وتوفي نجل أحمد النعيمي بعد أن منعه جهاز الأمن اللحاق بعائلته في لندن.

استمرار الاحتجاز بعد الأحكام

ويستمر جهاز الأمن في اعتقال الناشطين الحقوقيين والمنتقدين لسلطتها والموقعين على عريضة الإصلاحات رغم انتهاء فترات السجن التي حُكم عليهم بها.

والمعتقلون الذين انتهت أحكامهم ولا يزالون في سجون أبوظبي هم: عبد الله الحلو والذي انتهت عقوبته في 22 أبريل/أبريل 2017، وخليفة ربيعة الذي انتهت عقوبته في 23 يوليو/تموز 2018، وعبد الله الهاجري ، الذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019، كذلك عمران الرضوان الحارثي والذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019، وفهد الهاجري والذي أنهى عقوبته منذ 2 مارس/آذار 2020، ومحمود الحوسني والذي انتهت عقوبته في 16 يوليو/تموز 2019، ومريم سليمان البلوشي التي انتهت عقوبتها في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وأمينة محمد العبدولي التي انتهت عقوبتها في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

واحتجزت عدد آخر من المطالبين بالإصلاحات السياسية بعد انتهاء الأحكام السياسية بحقهم، وأفرجت عنهم بعد مرور أكثر من عام على بدء ذلك الاحتجاز.

ولا تملك السلطات مبرراً لتوضيح سبب احتجاز السجناء بعد فترة العقوبة الأصلية وما إذا كانوا متهمين بارتكاب جريمة.

كما لا يحدد قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي (سيء السمعة) حدًا زمنيًا للاحتجاز إلى أجل غير مسمى ويفشل في تعريف مصطلح “التهديد الإرهابي” بوضوح. كما تفشل الإمارات في تنفيذ مسؤوليتها الدستورية لإثبات حق المتهمين في محاكمة عادلة وإتاحة الوصول إلى مستشار قانوني.

هل نجح جهاز الأمن في سياسته؟

إجابة هذا السؤال هي بالتأكيد “لا”. يؤكد ذلك استمرار المعتقلين والشعب في التمسك بخطوة التحول المحورية في تاريخ الدولة المتمثلة في عريضة إصلاحات الثالث من مارس 2011.

كان هدف جهاز أمن الدولة من كل هذه الإجراءات أو جنون القمع والتنكيل إلى إنهاء المطالبة بالإصلاحات السياسية. لكن بعد 11 عاماً تحتاج الإمارات إلى إصلاحات شاملة، ليس أن العريضة يجب أن تُنفذ لكن لأن الحاجة للمضي نحو المستقبل تفرض تنفيذ هذه الإصلاحات.

ولا يتصور أن تبدأ السنوات الأولى من الخمسين عاماً الجديدة دون أن تقوم الدولة بهذه الإصلاحات الشاملة ومعالجة الأخطاء السابقة التي ارتكبه جهاز أمن الدولة، ولعل أكبر الأخطاء هي اللامحدودية في سلطة ونفوذ جهاز الأمن حيث أصبح متحكماً بكل شيء في الدولة.