موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات أداة واشنطن وقناة التمويل للصلح بين إثيوبيا وإريتريا

173

لعبت الإمارات مؤخرا دورا أداة أمريكية لإتمام صلحا بين إثيوبيا وإريتريا سعيا من أبو ظبي لخدمة أطماعها في القرن الإفريقي والخروج من أزمة تراجعها في المنطقة وذلك مقابل تقديم أمولا كبيرة للبلدين.

وعندما تعانق زعيما إثيوبيا وإريتريا في العاصمة الإريترية أسمرة الشهر الماضي ووعدا بإنهاء حالة الحرب بين بلديهما التي استمرت قرابة عقدين من الزمان، بدا الأمر انفراجا مفاجئا.

لكن مصادر مطلعة أبلغت وكالة رويترز العالمية للأنباء أن التقارب بين البلدين كان في حقيقة الأمر تتويجا لمحادثات جرت عبر قنوات خلفية لمدة عام.

وكانت القوة المحركة الرئيسية لهذه العملية هي الولايات المتحدة، التي تلعب دورا كبيرا في القرن الأفريقي منذ عقود.

لكن المفاجأة كانت في الدور الذي لعبته دولة أصغر بكثير هي الإمارات والتي لعبت دور الأداة للرغبة الأمريكية وتولت تمويل إقناع البلدين عبر الأموال.

ودخلت الإمارات المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات مدفوعة من جهة برغبتها في أن تلعب دورا في اقتصاد إثيوبيا الذي يحقق نموا، ومن جهة أخرى رغبتها في خدمة أطماعها التوسعية في القرن الأفريقي.

ويبرز نزوعها نحو تأكيد الذات في الآونة الأخيرة التحولات الجارية في القارة، حيث تتحدى الصين الآن القوة التاريخية للدول الغربية وتزداد أهمية دول مثل روسيا والبرازيل والإمارات ودول خليجية.

وفي العلن تعمد الإمارات إلى التقليل من حجم نفوذها. وقالت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي خلال مؤتمر في واشنطن الشهر الماضي إن بلادها لعبت دورا متواضعا في محاولة التوفيق بين البلدين.

لكن دبلوماسيين في الخليج أكدا أن الإمارات نسبت لنفسها الفضل خلف الستار في إبرام اتفاق السلام.

وإريتريا هي أكثر بلد معزول دبلوماسيا في أفريقيا، إذ فرضت الأمم المتحدة عقوبات عليها شملت حظر الأسلحة في 2009 واتهمت الحكومة بدعم إسلاميين متشددين في الصومال، وهو اتهام تنفيه أسمرة.

لكن لأبوظبي قاعدة عسكرية هناك تستخدمها للمشاركة في الحرب باليمن.

وفي وقت سابق هذا العام اجتمعت الوزيرة ريم الهاشمي مع رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي مريم ديسالين في إثيوبيا.

وعندما تولى خلفه أبي أحمد السلطة في أبريل نيسان، عززت أبوظبي هذه الجهود. وكان التوقيت حيويا فقد كانت العلاقات مع الصومال تنهار وكانت الإمارات تتطلع لشريك جديد.

وقالت إليزابيث ديكنسون من مجموعة الأزمات الدولية “بعد سنوات من الاستثمار في القوات الأمنية الصومالية، شهدت الإمارات تراجع مكاسبها”.

وبعد شهر من توليه منصبه زار أبي العاصمة أبوظبي للاجتماع مع ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وقال دبلوماسيان في الخليج إن الزعيم الإثيوبي الجديد عرض الوساطة بين أبوظبي ومقديشو.

وفي وقت لاحق زار مسؤولون من الهلال الأحمر الإماراتي إثيوبيا لبحث مشاريع إغاثة مع أبي.

ولعبت هذه الزيارات دورا مكملا لجهود واشنطن في التحرك قدما نحو إصلاح العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا.

وأفاد دبلوماسيون في المنطقة بأن الولايات المتحدة قامت بمساعي دبلوماسية مكوكية لأكثر من عام. وفي 2017، زار مسؤولون إريتريون واشنطن مرتين ثم مرة أخرى هذا العام تاركين رسائل نقلتها واشنطن للمسؤولين الإثيوبيين.

وفي أواخر أبريل نيسان من ذلك العام، التقى دونالد ياماموتو أكبر مسؤول أمريكي في الشأن الأفريقي في ذلك الحين، بالرئيس الإريتري إسياس أفورقي في أسمرة، في أول زيارة لمسؤول أمريكي بهذا المستوى خلال أكثر من عشرة أعوام، قبل أن يلتقي بأبي في العاصمة الإثيوبية.

وفي ظل وعد بمساعدات مالية من الخليج ودعم واشنطن، اتخذ أبي خطوته.

وقال في السادس من يونيو حزيران بعد يوم من إعلان ائتلافه الحاكم أنه سينفذ اتفاق سلام مع إريتريا يعود تاريخه إلى عام 2000 “إن جمود الموقف لا يفيد إثيوبيا ولا إريتريا”.

وأضاف “نحتاج لتسخير كل جهودنا للسلام والمصالحة، وأن نخلص أنفسنا من الصراعات والانقسامات التافهة، وأن نركز على القضاء على الفقر”.

وبعد تسعة أيام، زار الشيخ محمد أديس أبابا برفقة مسؤولين منهم سلطان أحمد الجابر، رئيس شركة النفط المملوكة للدولة في الإمارات.

وأعلن ولي عهد أبو ظبي حزمة دعم قدرها ثلاثة مليارات دولار تتألف من مليار دولار وديعة في البنك المركزي الإثيوبي، وتعهد بملياري دولار في هيئة استثمارات.

وقال مسؤولون إثيوبيون إن الوديعة، علاوة على عرض من السعودية بتزويد البلاد بالوقود لمدة عام مع تأجيل الدفع لمدة 12 شهرا، ساعدت في تخفيف أزمة نقد أجنبي سببت نقصا في الأدوية وتباطؤا في التصنيع.

ودفع بن زايد كل تلك الأموال في وقت يعاني فيه اقتصاد الإمارات خصوصا إمارة دبي.

وتستضيف إريتريا أول قاعدة عسكرية أجنبية للإمارات في ميناء عصب منذ عام 2015، وتشير التقارير إلى أن إثيوبيا غير الساحلية تخطط لاستخدام هذا الميناء، والذي ربما تكون شركة دبي للموانئ العالمية قد طورته، لتقليل اعتمادها على ميناء جيبوتي.

وبناءً على وجودها الطويل الأمد في البحر الأحمر، استخدمت الإمارات “موانئ دبي العالمية” المملوكة للدولة كأداة تجارية ودبلوماسية رئيسية، ما سمح لها بمضاعفة امتيازاتها التجارية واتفاقياتها الاقتصادية مع موانئ القرن الأفريقي، وقد أدى ذلك إلى وجود سلسلة من الموانئ التي تسيطر عليها دولة الإمارات، تمتد من عصب في إريتريا إلى جيبوتي وبربرة في أرض الصومال وبوساسو في بونتلاند وبارواي في الصومال وكيسمايو في جنوب الصومال.

على الجانب الآخر من البحر الأحمر، في جنوب وغرب اليمن، أدى التدخل العسكري الإماراتي  إلى فتح المجال أمام الإمارات لتطوير نفوذها في الموانئ المحلية مثل المكلا، وبئر علي، والبلهف، وعدن، والآن الحديدة.