موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: النظام الإماراتي وإسرائيل.. علاقات مشبوهة تقوم على خدمات أمنية متبادلة

234

فضحت تقارير متتالية نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية حدة العلاقات المشبوهة بين النظام الإماراتي وإسرائيل القائمة في أساسها على تبادل الخدمات الأمنية وتقنيات التجسس والمراقبة.

وأوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية في تحقيق خاص لها أن عددا من الإسرائيليين الذين اكتسبوا خبرة في مجال الحواسيب خلال خدمتهم العسكرية في سلاح الاستخبارات، يعملون حاليا مقابل رواتب رفيعة على تطوير برمجيات “سايبر” هجومية لصالح جهات عربية في مقدمتها الإمارات.

من جهتها ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن هذا التحقيق يأتي امتدادا لتحقيق سابق نشرته صحيفة “The Marker” قبل ذلك خص بالذكر شركة “Dark Matter” المرتبطة بأجهزة الأمن في دولة الإمارات.

وأفادت مصادر مطلعة في جهاز السايبر الإسرائيلي، أن وحدات الجيش التابعة ل “8200” والوحدة التكنولوجية في جهاز الاستخبارات، عملوا على تطوير برمجيات لشركات أجنبية وأخرى تملكها الإمارات.

ومن بين هذه الوحدات أشخاص قاموا بالاستفسار مسبقًا عن كيفية التعامل مع هذه القضايا بالنسبة للقانون الإسرائيلي بحسب الإذاعة الإسرائيلية.

وأضافت الإذاعة أن رجال أعمال إسرائيليين، من بينهم من عمل بمناصب رفيعة في جهاز الاستخبارات، ينشئون شركات خارج البلاد بعيدا عن شروط وزارة الدفاع الصعبة، ويقومون بتشغيل المختصين في السايبر الإسرائيلي. الأمر الذي يقض مضاجع الاستخبارات بشأن تسريب معلومات وخبرة الى دول أجنبية.

وقبل ذلك كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن شركة أمنية إماراتية سعت إلى استدراج ضباطاً سابقين في الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” للعمل لديها، موضحة أن الشركة هي “دارك ماتر” التي تعمل لحساب المخابرات الإماراتية.

وبحسب الصحيفة فإن تجنيد أبوظبي للضباط الإسرائيليين استهدف تجنيدهم في ملاحقة صحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، مضيفة أن الشركة الإماراتية تُقلق الموساد، لكون عديد من الضباط التحقوا بـ”دارك ماتر” للعمل بها.

وأبدت الاستخبارات الإسرائيلية تخوفها من انتقال الخبرات والأسرار الأمنية الإسرائيلية إلى “أيادٍ أجنبية” وفق الصحيفة التي سبق أن كشفت عن إبرام أبوظبي صفقة ضخمة مع إسرائيل بحيث تزودها الأخيرة بقدرات استخباراتية متقدمة، تشمل طائرتي تجسس حديثتين.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصفقة بدأت تتبلور قبل عقد من الزمن، برعاية رجل أعمال إسرائيلي يدعى “ماتي كوتشافي” (MK).

وفي يوليو 2016، نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريراً للكاتب روري دوناغي، حول إعلان السلطات في أبوظبي إطلاق نظام مراقبة على مستوى الإمارة، مشيراً إلى أن الشركة المنفذة للمشروع “إسرائيلية”.

و”دارك ماتر” شركة إماراتية للأمن السيبراني تأسّست في عام 2014، وتصفُ نفسها بأنها شركة دفاعية بحتة، لكن عديداً من كاشفي الفساد زعموا أنها متورطة في عددٍ من الأعمال الخبيثة المُتعلّقة بالأمن السيبراني، ومن ضمنها الاختراق والقرصنة بتوجيهٍ من الحكومة الإماراتية.

ومن غير المستبعد أن يكون كل هذا التجنيد الإماراتي لخبراء السايبر الإسرائيليين، يجري بموافقة الجهات العليا في إسرائيل، بهدف تعزيز التعاون الاستخباراتي مع الإمارات من جهة، ولكي يبقى هؤلاء الخبراء عيناً لإسرائيل لتزويدها بمعلومات تجسسية، حتى لو أعلنوا قطع علاقاتهم معها، على شركة الاستخبارات الإماراتية نفسها.

ويقول محرر الشؤون الاستخباراتية في صحيفة ” يديعوت أحرونوت ” الدكتور رونين بيرغمان نقلا عن ضابط إسرائيلي سابق محجوب الهوية يدعوه ” أ ” قوله إنه فوجئ بتلقي مكالمة هاتفية من جندي إسرائيلي أنهى خدمته العسكرية في وحدة استخبارات مختصة بـ “السايبر” ويعمل اليوم في تطوير أدوات هجومية إلكترونية لصالح دولة عربية.

ويتابع الضابط المذكور ” فوجئت بالمكالمة وخلت أنها نكتة في البداية إذ من الممكن أن تستخدم هذه التقنيات التي يطورها من أجل التجسس على قائد الجيش الإسرائيلي واختراق هاتفه المحمول لاحقا. وقد أبلغني الجندي المذكور أنه قطع علاقاته مع إسرائيل بعدما أنهى خدمته العسكرية فيها لكنني أبلغته أن ما يفعله مثله مثل دس أصبع وسطى بعيون الجهاز الأمني الإسرائيلي ولذا فمن المفروض أن يكونوا أمثالك في السجن”.

ويوضح الضابط الإسرائيلي أن المشكلة الكبيرة هي أن أمثال هذا الجندي الخبير بـ “السايبر” ليسوا معتقلين بعد وهناك كثر منهم. ويقول إن المكالمة قضت مضاجعه ودفته للتحقيق والبحث في الظاهرة فوجد عددا غير قليل من خريجي الوحدات الاستخباراتية السرية والمتطورة جدا في الجيش الإسرائيلي يعملون مع جهات مختلفة في العالم.

ويقول إن هؤلاء يعملون لصالح شركات وجهات خاصة مقابل مبالغ فلكية وبعيدا عن عيون أجهزة الأمن الإسرائيلية ويتابع :” أحيانا لا ندري أي شركات هذه التي تشغل هؤلاء الإسرائيليين وما هي أهدافها الحقيقية وهذا لا شك تهديد للأمن القومي في إسرائيل “.

ويعتبر الضابط ” أ ” أن المشكلة الكبرى اليوم تكمن بأن دولا كثيرة تقتني المعرفة المتراكمة لدى الجيش الإسرائيلي مقابل مبالغ خيالية تبلغ 100 ألف دولار في الشهر وأمام هذه المبالغ يضيع الحد الفاصل بين المسموح وبين المحظور.

وتشير ” يديعوت أحرونوت ” أيضا لعمل خريجي وحدات سرية مثل الوحدة 8200 السرية والوحدة التكنولوجية في الاستخبارات العسكرية في شركات أجنبية بعضها بملكية عربية.

وللتدليل على ذلك تشير الصحيفة لعمل شركة ” دارك ماتير ” التي تعتبر الذراع التجارية لقسم “السايبر” في المخابرات الإماراتية والتي تشغل ضباطا إسرائيليين بالاحتياط.

كما تشير لعمل شركات أمنية إسرائيلية تعمل في الخارج وتجند خريجي وحدات الاستخبارات الإسرائيلية للعمل معها محذرة من أن معلومات ثمينة من شأنها أن تصل لدول أجنبية ليست كلها عاشقة للصهيونية “.

وفي الإغراءات المالية تكشف ” يديعوت أحرونوت ” معطيات وفحوى مراسلات وصلتها بين ضابط خريج وحدة 8200 السرية وبين ” صياد الرؤوس ” وهو شخص يختص بتجنيد خبراء ومهنيين رائدين للعمل بشركات خاصة.

وفي واحدة من هذه المراسلات يطلب الضابط الإسرائيلي بجيش الاحتياط تسديد راتب سمين له مقابل عمله منوها أنه أقل من 40 ألف دولار شهريا لن تكون هناك فرصة للتعاون.

وتضيف الصحيفة ” من جهته قال ” صياد الرؤوس ” للضابط إن الراتب سمين جدا وأكثر من 40 ألف دولار وفي مكالمة أخرى يعرض الأخير على ضابط آخر بجلب بقية الضباط الإسرائيليين الذين عملوا سويا معه في قسم “السايبر” داخل وحدة 8200 وذلك مقابل فيلا على ساحل البحر وراتب قوامه 100 ألف دولار في الشهر “.

وتوضح الصحيفة أن الوحدات التكنولوجية في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتبر منذ تسعينيات القرن الماضي دفيئة لصناعات “الهايتيك” الإسرائيلية منوهة أن الضباط ينتقلون بعد انتهاء خدمتهم العسكرية للعمل بشكل طبيعي في السوق الحرة.

وتشير لوجود شركة تجسس إسرائيلية خاصة مختصة بالتعقب واختراقات الهواتف المحمولة وتطبيقاتها المختلفة بواسطة برمجية ” بيغاسوس ” التي تساعد دول الاستبداد على ملاحقة المعارضين والصحافيين وناشطي حقوق الإنسان.

وتلفت لبيع هذه التقنيات الإسرائيلية للإمارات للتجسس على قطر وحزب الله وإيران وتنظيم “الدولة “مقابل عشرات ملايين الدولارات تضاف لها مبالغ أخرى مقابل كل هجمة “سايبر” تقوم بها ضد جهة معينة تحددها الإمارات.

وتنقل الصحيفة عن مصادر أجنبية قولها إن الإمارات دفعت للشركة الإسرائيلية (إن إس أو) نحو 100 مليون دولار عدا مبالغ باهظة أخرى دفعتها الإمارات لشركات “سايبر” أخرى لقاءات خدمات متنوعة.

وتوضح أنه رغم المبالغ الفلكية رفضت الشركة الإسرائيلية اختراق هواتف لمسؤولين إسرائيليين وأمريكيين لكن الإمارات قررت الاستقلال والتحول لدولة عظمى في مجال الساير.

فجأة شهدت الشركة الإسرائيلية المذكورة ظاهرة غريبة تتمثل باستقالة موظفين وخبراء فيها رغم تقاضيهم رواتب خيالة بذرائع مختلفة وبعد التحري وبالاستعانة بشركة تحقيقات تبين أن بعض هؤلاء يعمل في شركة إماراتية في مدينة ليماسول في قبرص يديرها مواطن ألماني من دبي.

وبعد الكشف عن هذه المعطيات توجهت الشركة الإسرائيلية (إن إس أو) لشركة (دارك ماتير) في دبي شاكية فأبلغها مسؤولون إماراتيون أن الضباط الإسرائيليين هم من توجهوا لها طالبين العمل وأن هناك ضباطا آخرين خريجو (8200) ويعملون معها من سنغافورة دول أخرى.

وتذكر الصحيفة أن (دارك ماتير) أقيمت عام 2014 على يد قسم تجميع المعلومات التكنولوجية التابعة لحكومة الإمارات التي تمول هذه الشركة وتحصل على معلومات كثيرة منها ومكاتبها المركزية قائمة في أبو ظبي.

وتشير إلى أن هذه الشركة الإماراتية تتعقب مواطنين إماراتيين وأجانب منهم أمريكيون وبالطبع معارضي النظام الحاكم.

وتؤكد الصحيفة نقلا عن مصادر متنوعة أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مطلعة على ما يجري لكنها امتنعت عن اعتقال هؤلاء الجنود والضباط العاملين بوحدات تجسس مع دول أجنبية مرجحة أن السبب ليس قضائيا فحسب.

وتقول إن السلطات الإسرائيلية لم تقم باعتقالهم لأنه ليس واضحا أنهم انتهكوا القانون الإسرائيلي مرجحة أن السبب الحقيقي هو العلاقات الواسعة السرية بين إسرائيل وبين الإمارات وأن الأولى تستخدم الثانية قاعدة متقدمة للتجسس على إيران المجاورة.

وتنقل يديعوت أحرونوت عن مصدر أمني إسرائيلي بارز سابقا قوله إن هناك إن “لإسرائيل مصالح جمة لدى الإمارات وتقول للعلاقات معها أهمية استراتيجية تجعلها تغض النظر عما تقوم به شركة دارك ماتير”.

ويكشف المصدر الإسرائيلي أن الشركة الإماراتية تجند في المدة الأخيرة عددا كبيرا من ضباط الاحتياط الإسرائيليين مع أفضلية لخريجي وحدات السايبر الهجومية التابعة للجيش الإسرائيلي مقابل مليون دولار سنويا لكل ضابط منهم.

لكن الصحيفة تهاجم الجهات الإسرائيلية التي تحاول تبرير ما يجري وتنبه أن الظاهرة خطيرة ومن شأنها أن تساعد من يرغب بالتجسس على إسرائيل أو في ملاحقة صحافيين وناشطي حقوق إنسان في دول محكومة بأنظمة استبداد ظلامية بواسطة هجمات سايبر واختراق هواتف محمولة وحواسيب خاصة وغيرها.