موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

استحقاق الانتخابات العام المقبل في الإمارات.. التعبئة الأمنية تهيمن على الثقافة السياسية

160

بدأت التحركات الرسمية والألة الإعلامية في دولة الإمارات في تحريك عجلة انتخابات المجلس الوطني لعام 2019، لكن لا شيء يعطي تفاؤلاً بأن يكون لهذا المجلس صلاحيات كاملة والسماح للمواطنين جميعهم بانتخاب كل أعضاءه.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 أعلن مسؤولون حكوميون أن الانتخابات القادمة ستشمل ارتفاعاً في عدد المواطنين المسموح لهم بالانتخاب.

وفي المرة الأولى للانتخابات كان 1% من الإماراتيين مسموح لهم المشاركة “انتخاباً وترشيحاً” وفق قوائم تم إعدادها مسبقاً من قِبل جهاز أمن الدولة.

وأضيف لهذه الدعاية الكبيرة تمكين المرأة على أن تكون حصة النساء 50% من عدد المقاعد، في محاولة لتحسين السمعة وليس تحسين العملية الانتخابية أو وضع المجلس الوطني.

وعلى الرغم من أن تأسيس المجلس الوطني الاتحادي جاء مع إعلان قيام الدولة 1972، تأكيداً لنهج الشورى الذي عرفه أبناء الإمارات كممارسة أصيلة للعلاقة بين الحاكم والمواطنين، إلا أن المجلس ظل دون انتخاب بل عبر تعيين، على الرغم من قوة الطرح والجلسات الكبيرة والعظيمة التي كان النواب يتحدثون فيها بجرأة عن الاتحاد وعن حقوق المواطنين، إلا أنه ظل استشارياً مع كونه جهة ضغط كبيرة.

وتراجع دور المجلس شيئاً فشيئاً حتى أصبح استشارياً يناقش ما تطلبه السلطات لا ما يطلبه المواطنون، وبذلك يمكن للحكومة تجاوزه بسهولة ودون ذكر.

التجربة السياسية

المراقب لتجربة الإمارات يرى أن صانع القرار السياسي في البلاد أقام الحجر وهمش البشر ورأيهم، وحرم أبناء الإمارات من القرارات الهامة التي تمس حياتهم، بوجود رأي في مجلس وطني كامل الصلاحيات، كدولة ذات سيادة، يفترض أن يكون المواطن هو مصدر التشريع وليس المستشارين الأجانب.

ويتبنى هذا المجلس (البرلمان) جميع الدول التي تشعر بأهمية شعبها وضرورة مشاركتهم في صنع القرار بمقابل تحملهم المسؤولية في “الضرائب، والرسوم..الخ”، ذلك لأنها أدركت بان الحكومات التي تخضع لإرادة شعوبها وتعبر عن آلامهم وآمالهم وتشاركهم في السراء والضراء هي حكومات مستقرة ومزدهرة في الداخل وقوية ومحترمة في الخارج.

وحتى عندما بادرت الإمارات لانتخابات لمجالس وطنية أو تشريعية وجدت نفسها مضطرة لرفع الحرج عن نفسها. وبمقترح من المستشارين تم إنشاء مجلس وطني منتخب عام 2006 يشارك فيه 1 % من سكان الإمارات ترشيحا وانتخابا لنصف عدد أعضاء المجلس فيما يتم تعيين النصف الأخر، حتى أن بعض المراقبين الغربيين سموا هذه الانتخابات بالمسرحية المضحكة، أما الحقيقة المعروفة فأنها عملية استخفاف بحقوق وعقول أبناء الإمارات.

دستور الدولة والانتخابات

وفي الانتخابات الأخيرة 2015 التي على الرغم من زيادة عدد نسبة المشاركين في الانتخابات إلى 224 ألفاً. وهذه الانتخابات -“غير المشروعة” بطبيعة الحال- أثارت الكثير من الجدل، حول قانونية الانتخابات المبكرة التي جرت لمدة ثلاثة أيام بين 28-30 سبتمبر/أيلول 2015، فإنه لا مرسوم لرئيس الدولة ولا تعديل خلال الأعوام التي سبقت تفضي إلى السماح بـ”الانتخابات المبكرة”، ويبدو وحتى يونيو/حزيران2015 لم تكن موجودة على الجدول الزمني في الموقع الإلكتروني للجنة. وجرت انتخابات 2006 و2011 بدون هذا النظام.

ونسبة الإقبال على انتخابات 2015 كانت ما بين 5 إلى 10 بالمائة من الإماراتيين على الرغم من الزيادة.

فيما ترى دراسة رأي عام نشرت في الصحافة الرسمية عام 2010، إن 79 بالمائة من مواطني الإمارات يرغبون بمجلس وطني كامل الصلاحيات.

إن الزيادة في أعداد المنتخبين أو وضع نصف أعضاء المجلس من الإماراتيات لا تعني تقدم دور المجلس الوطني أو بكونه معبر عن الإماراتيين المواطنين، لسببين: الأول هو عدم منطقية السماح لبعض المواطنين بالترشيح والانتخاب ومنع البعض الآخر حتى ولو تم منع شخص واحد ناهيك عن مئات الآلاف منهم، لأن هذا يعني ببساطة غياب العدل ورغبة الحكومة في التحكم بالنتائج، والتمييز بين المواطنين على أساس القُرب من جهاز الأمن وينتقص من مواطنة المواطنين الأخرين.

أما السبب الثاني والأخطر لعدم جدوى هذه الزيادة هو أن الدستور الحالي للدولة يحتاج كثير من التعديلات ومن أهمها إعطاء المجلس الوطني دور رقابي وتشريعي بدل الدور الاستشاري الحالي الذي يجعله لا يحل ولا يربط حتى لو كانوا أعضاؤه منتخبون 100 %.

أما التعديلات الدستورية المطلوبة وهي كثيرة فيمكن أن يقترحها المجلس الوطني القادم ومن ثم تقدم إلى المجلس الأعلى للحكام للموافقة عليها وبذلك تكون الدولة قد بدأت خطوة جادة نحو المشاركة السياسية الفاعلة وكذلك نحو تعميق هذا الاتحاد، وليس هناك في الدستور الحالي ما يمنع المجلس الوطني من تقديم هذه المقترحات إذا أراد أعضاؤه ذلك.

لكن لا يبدو أن أعضاء المجلس الذين تم انتقاءهم بعناية يريدون طرح هذا الموضوع أو الحديث عنه خوفاً من بطش جهاز أمن الدولة.

حق سياسي

يجب إشراك كل الشعب في القرار المستند إلى الانتخابات العامة العلنية والنزيهة، وأن يرتكز هذا النظام على الفصل بين السلطات الثلاث، وان يتضمن احترام ممارسة المواطنين لحقوقهم المدنية والسياسية، وعلى رأسها حرية التعبير، وبذلك يتم تصويب السياسات التي تتسبب في هدر الموارد؛ وحصر ثروات المسئولين ومعرفة مصدرها من قبل الأجهزة الرقابية التي يُفترض أن تتحقق من صحتها أثناء وبعد تولي المسؤولية العامة.

ويجب إعطاء صلاحيات واسعة لجهاز رقابي واحد، يتمتع بالاستقلال في مراقبة السلطات الثلاث، وأن يُعِد هذا الجهاز تقارير دورية تكون في متناول المواطنين وأعضاء المجالس التشريعية التي تحظى بصلاحيات كاملة تشريعية ورقابية، ومؤسسات المجتمع المدني كافة.

ويلاحظ أن التوعية السياسية في الإمارات تقتصر على التعبئة الأمنية وليس بإشاعة مناخ ثقافي ناقد يحترم الرأي والرأي الآخر.

وهذا المناخ يمكن له أن يحد من الانخراط في الممارسات الفاسدة، وتفرض التوعية السياسية جود حرية للرأي والتعبير وحرية لوسائل الإعلام، وإعلاء القيم المجتمعية من نزاهة وإيثار وتضحية ونكران للذات، والتمسك بالخصال الحميدة المتأصلة في المجتمع من أمانة وحس بالمسؤولية الفردية والجماعية. وضرب المثل الأعلى والقدوة الحسنة من قبل القادة من مسئولي الدولة ومؤسسات المجتمع المدني.

العامل الاقتصادي والتركيبة السكانية

بالتأكيد فالعامل الاقتصادي مهم جدا للإمارات لارتباطه بالتنمية حيث تشير خطط الدولة إلى الاعتماد على مصادر دخل أخرى تتجاوز الاعتماد على النفط؛ ويبرر جهاز أمن الدولة القمع ومهاجمة المعبرين عن آرائهم بمحاولتهم إعاقة التنمية.

لكن من قال إن هذه التنمية لا يمكن أن تتم إلا في ظروف اقتصادية تخلق المشاكل الاجتماعية والسياسية والأمنية والثقافية؟ ومن قال إنه لكي نحل مشكلة التنمية يجب أن نخلق مشاكل في مجالات الحياة الأخرى؟ ثم كيف يمكن أن نطبق مفهوما للتنمية الشاملة التي تأخذ الإنسان بوصفه عنصراً أساسياً، وبوصفه هدفاً وليس مجرد وسيلة؟

تشكل القوى العاملة الأجنبية، والوافدين، أغلبية في الدولة وأصبح مواطنو الدولة أقلية. وبالتأكيد فإن الاستغناء عن العمالة الأجنبية بالكامل يعتبر هذيان سياسي واقتصادي، لكن نكران وجود خلل في “التركيبة السكانية” يمثل عائق أمام إنتاج حلول للمواطنة داخل الدولة.

وبقدر الإيمان بأهمية بقاء القوى العاملة في الإمارات لأن هناك اتجاهاً لاندماج بعض الاقتصادات الإقليمية وتكاملها. بقدر الحاجة إلى ضرورة إعادة توزيع الخارطة الديمغرافية إضافة إلى زيادة المواطنين وتشجيع وجود آرائهم وأصواتهم صادحة وواضحة ليساهموا في إدارة الدولة وصناعة قراراتها وهي الدولة التي ولدوا أباً عن جد ونشأوا وتربوا من أجل خدمتها وازدهارها،  فلا توجد دولة في العالم – باستثناء الإمارات – ينخفض عدد مواطنيها إلى 8 بالمائة، وعلى الرغم من ذلك لا توجد جهود حثيثة تعمل من أجل رفع هذه النسبة ولا رؤية ليكونوا هم صوت الإمارات والمسؤولين في المؤسسات الحكومية.

بل إن هناك اتجاهات نحو إقصائهم، فتم إقصائهم من الاستشارات ومن إدارات المؤسسات الحكومية، حتى في التعليم حيث يتم استبدال المعلمين الإماراتيين بمعلمين من دول أخرى!

ومنذ عام 2011، ارتفعت وتيرة المطالبات بإصلاحات اجتماعية وسياسية واقتصادية داخل دول مجلس التعاون الخليجي، مثلها مثل باقي الدول العربية. ورغم ما كانت توفره دول الخليج لمواطنيها من مستويات الرفاهية، إلا أنّ الحديث عن ضرورة وجود إصلاحات اجتماعية وإطلاق الحريات والحديث عن انعدام عدالة توزيع الثروة، حيث تستأثر قلة محظوظة بالجزء الأكبر من الكعكة، زاد بين الشباب الخليجي- حسب ما تشير دراسة حديثة لمعهد تشاتام هاوس.

يعزز ذلك وجود معدلات مرتفعة من البطالة في صفوف الشباب الإماراتي الذي يجب إعداده للاستفادة منه في تحقيق طفرة تنموية حقيقية من خلالها تستطيع الدولة تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وتوطين وظائف القطاع الخاص، ويحمل ذلك الأمر دلالة مهمة على عدم قدرة الدولة على الاستفادة من القوى البشرية التي لديها من الإناث والذكور معًا، مما يعني وجود فرص نمو مهدرة كانت من الممكن أن تعمل على تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة، وخاصة أن تلك النافذة سيمتد نطاقها لفترة تتراوح ما بين 30 – 50 عامًا في ظل معدلات النمو السكانية المرتفعة والتي يجب الاستفادة منها مستقبلًا.