موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مرتزقة الإمارات تصعد مؤامرات تقويض استقرار تونس

263

تصعد مرتزقة الإمارات مؤامرات تقويض استقرار تونس وسط رصد دولي لدعم مفتوح من أبوظبي لإنهاء كافة إفرازات الثورة التونسية.

ونشر موقع مغرب إنتليجنس maghreb intelligence الفرنسي تقريرا حول الدعم الإماراتي المفتوح للحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسى، لإعادة إنتاج حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي والقضاء على كل ما أنتجته الثورة التونسية.

وقال التقرير إن عبير موسى المحسوبة على النظام السابق تسعى لشيطنة كافة الأحزاب التي أفرزتها الثورة التونسية وأبرزها حزب النهضة الذي حصد أعلى عدد من المقاعد في مجلس نواب الشعب في آخر انتخابات برلمانية.

واعتبر الموقع الفرنسي أن تحركات عبير موسى لشيطنة النهضة. تأتي في إطار فصل جديد من الصراع بين حركة النهضة والحزب الدستوري الحر حيث تريد موسى ان تنجح أين فشلت حركة نداء تونس في الاستثمار في العداء للإسلاميين.

وذلك عبر الارتباط بالإماراتيين الذين يناصبون الحركات الإسلامية العداء في إطار صراع إقليمي مع قطر وهو ما تعزز بعد زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد للعاصمة القطرية الدوحة في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي.

وأضاف التقرير بالإشارة إلى أنه تنفيذا لرغبات الاماراتيين الملحة انطلقت عبير موسى في حرب ضد من أسمتهم “قوى الشرّ”.

وهي في الأصل حرب هدفها الاساسي حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي الذي يشهد حزبه أزمة داخلية علاوة على تحالفاته الهشة في البرلمان مع حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة. وهو ما أدى إلى حصد موسى لبعض النقاط سواء على المستوى الشعبي أو الدعم الإقليمي الإماراتي.

وخطفت عبير موسى مؤخرا الأضواء وتصدرت حديث وسائل الإعلام الإماراتي والسعودي بعد أن شنت حملة واسعة النطاق ضد فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تونس.

ووصلت الاتهامات التي وجهتها موسى للقائمين على الفرع بالتخطيط لأعمال ارهابية وتبييض الأموال بالإضافة لتجنيد عناصر شبابية للالتحاق ببؤر التوتر.

وعبير موسى هي محامية من مواليد العام 1975 وهي رئيسة الحزب الدستوري الحر الذي يستحوذ على كتلة صغيرة داخل البرلمان، وهو الحزب الذي يضم عددا من أنصار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي حكم تونس بالحديد والنار حتى تمت الإطاحة به بواسطة الثورة الشعبية عام 2011.

وكانت عبير موسى كانت من أبرز مناهضي ثورة الياسمين التي قام بها الشعب التونسي في العام 2011، وكانت تقود منذ ذلك التاريخ حراكا مناهضا للثورة ومؤيدا لبقاء المخلوع زين العابدين بن علي في السلطة.

وشهد البرلمان التونسي حالة اضطراب كبيرة مؤخرا إثر اعتداء النائب بالبرلمان الصحبي صمارة، بالعنف الشديد على عبير موسى، تلاه اعتداء ثاني على نفس النائبة من قبل رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، خلال جلسة التصويت على مشروع اتفاقية شراكة بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية.

بدأت المناوشات قبل يوم من حادثة العنف عندما نفذ نواب كتلة الحزب الدستوري الحر، بقيادة عبير موسى، اعتصاماً فوق المنصة المخصصة لرئيس البرلمان، للمطالبة بإلغاء اتفاقية إحداث مقر لصندوق التنمية القطري بتونس من جدول أعمال الجلسة العامة.

الأسلوب الذي اتبعته كتلة الدستوري الحر في البرلمان أثار استياء العديد من النواب، خصوصاً نواب حركة النهضة وائتلاف الكرامة، لكن متابعين للشأن السياسي في تونس قالوا إنه مهما كانت ممارسات كتلة الدستوري الحر فإنه لا يوجد أي مبرر للاعتداء على موسى بالعنف، وبأنه أمر مرفوض قطعياً.

لكن هذا لم يمنع التساؤل حول الأهداف الحقيقية وراء هذا التحرك الفوضوي لعبير موسى وحزبها، ضد الاتفاقية بين تونس وقطر، خصوصاً أنها معروفة بعلاقاتها الجيدة مع دولة الإمارات متهمة بتلقي تمويلات ودعم إعلامي واسع منها.

صادق مجلس نواب الشعب، بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2021، على مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الدولة التونسية وصندوق قطر للتنمية، حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية في تونس.

وتتنزل هذه الاتفاقية في إطار التعاون الثنائي بين تونس ودولة قطر، من أجل النهوض بالعمل التنموي، وذلك من خلال وضع آليات لتمويل المشاريع التنموية في تونس، وتوفير الدعم الفني وتعزيز القدرات بخصوص المشاريع التي يمولها أو يستثمر فيها صندوق قطر للتنمية بتونس، بحسب نص الاتفاقية.

وتهدف هذه الاتفاقية إلى فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، للمساهمة في تمويل مشاريع تنموية، ومنح التسهيلات اللازمة لإنجاز هذه المشاريع. وتحديد حقوق والتزامات كل من الطرفين، وتحديد الإطار الضريبي والقانوني، والشروط التي على أساسها سيتم فتح المكتب وتنفيذ المشاريع.

وجاء في نص الوثيقة أن مجالات التعاون بين الطرفين تشمل أساساً القطاعات التالية: الطاقة، التربية والتكوين والبحث العلمي، الصحة، الموارد الطبيعية، الفلاحة والصيد البحري، الصناعة، السكن، السياحة، تكنولوجيا المعلومات والاتصال، التمكين الاقتصادي.

ويأمل مراقبون في أن يعود تحسن العلاقات مع قطر بالنفع على البلاد على جميع المستويات، وخصوصاً الاقتصادية والمشاريع التنموية والتطويرية، التي تهدف إلى تحفيز سوق العمل في تونس وفتح آفاق جديدة للشباب عبر تمويلات صغيرة ومتوسطة لأصحاب المشاريع الصغرى والمتوسطة خصوصاً.

لكن الصورة الإيجابية التي تبدو عليها الاتفاقية، لما ستحمله من نفع متبادل للطرفين الموقعين عليها، لم تلق رضا وقبولاً من كل الأحزاب والنواب والفاعلين السياسيين في البلاد، وخاصة عبير موسى زعيمة الحزب الدستوري الحر، المتهمة حسب النائب محمد عمار، رئيس كتلة الديمقراطية في البرلمان، بتلقي الدعم من دولة الإمارات.

هل تقف الإمارات وراء معارضة موسى للاتفاقية؟

رفضت كتلة الحزب الدستوري الحر، بزعامة المحامية عبير موسى ما جاء في الاتفاقية بين تونس وقطر، معتبرة إياها مسّاً بالسيادة الوطنية وتدخلاً في شؤون البلاد. ولم تقتصر معارضتها الاتفاقية على عدم التصويت لصالحها، بل إن موسى وحزبها تعمدا إحداث الفوضى والهرج داخل البرلمان، عبر احتلال منصة رئاسة البرلمان والصراخ في مكبر الصوت لتعطيل سير الجلسة بطريقة طبيعية.

واتهمت موسى حركة النهضة “ببيع تونس إلى قطر”، من خلال إصرارها على المصادقة على اتفاقية اعتبرتها ” تمس السيادة الوطنية”، في حين رأى النائب عن كتلة حركة النهضة، سمير ديلو، أن الأزمة ليست في الاتفاقية، “وإنما في كراهية بعض المعارضة لدولة قطر”.

وقال ديلو في تصريحات إعلامية لقناة “الحرة”: “لا ننظر للاتفاقيات على خلفية الدولة المعنية بها، فتونس ترحب بأي دولة، وهو ما جعلنا نصادق على مشاريع قوانين مشابهة في السابق، كما حدث مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، ولم تكن هناك ردود أفعال”.

ولم تكن معارضة موسى للاتفاقية لتقف عند هذا الحد، بل وقفت في السابق هي وحزبها ضد العديد من مشاريع القوانين التي طرحها البرلمان للمناقشة والتصويت، في مسعى منها لإرباك العمل البرلماني.

وتشير تقارير إعلامية كثيرة لتورّط عبير موسى “في أجندة للتشويش على الانتقال الديمقراطي، وخدمة جهات أجنبية تستهدف المسار الديمقراطي في تونس، وتحديداً الإمارات”.

وفي السياق نفسه، وجّهت سامية عبو، البرلمانية والقيادية في حزب التيار الديمقراطي، خلال جلسة عامة برلمانية، اتهامات لعبير موسى بأنها تقدم “خدمة مدفوعة الأجر للإمارات”، مطالبة بفتح تحقيقات في تمويلات الحزب الدستوري الحر.

جدير بالذكر في هذا الإطار أن سفير الإمارات بتونس سبق أن حضر ندوة صحفية للحزب الدستوري الحرّ، خُصّصت لعرض برنامجه الاقتصادي والاجتماعي، انتظمت بتاريخ 26 أبريل/نيسان 2019، وهو ما أثار ساعتها جدلاً كبيراً واستياء واستنكار عديد السياسيين والناشطين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد طالب حينها القيادي في التيار الديمقراطي غازي الشواشي وزارة الخارجية التونسية بـ”معاينة هذا التجاوز الخطير، ودعوة السفير المذكور للتنبيه عليه، ومطالبته بالاعتذار وعدم التدخل مستقبلاً في الشأن الداخلي للدولة التونسية”.

إلى ذلك، تم بتاريخ 1 يونيو/حزيران 2017، نشر وثيقة بعنوان “الاستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس”، صادرة عن “مركز الإمارات للسياسات”، تضمنت هذه الوثيقة إشارة للحزب الدستوري الحر، على أساس أنه “يضم المجموعات التي لا تزال تحافظ على الوفاء للرئيس السابق بن علي”.

إن الحضور المستمر للإمارات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، في تفاصيل الحياة السياسية التونسية، يطرح عدة تساؤلات عن طبيعة الدور الذي تلعبه هذه الدولة الخليجية في تونس، عبر ذراعها السياسية المتمثلة في الحزب الدستوري الحر.

قال رئيس الجمهورية قيس سعيد في تصريحات إعلامية، يوليو/تموز 2020، إن هنالك “مؤامرات تُحاك في الغرف المظلمة، ولكن الدولة تعي ذلك جيداً، ولن تبقى مكتوفة الأيدي”، وفق قوله.

وذكر سعيّد أنه من التعطيل الحاصل في “دواليب” الدولة، عدم قدرة البرلمان على القيام بمهامه، على خلفية اعتصام كتلة “الدستوري الحر”، ومنع انعقاد الجلسات العامة”، معتبراً أن “ذلك غير مقبول بكل المقاييس، وأن الوسائل القانونية متاحة، ويمكن اللجوء إليها”.

قِيلت هذه التصريحات قبل سنة من الآن تقريباً، ولنفس الدواعي المتعلقة بالفوضى التي أحدثها الحزب الدستوري الحر في البرلمان.

وإن لم يُسمِّ سعيّد ساعتها المتآمرين، إلا أن مراقبين فهموا أن سعيد كان يقصد بكلامه عبير موسى الدستوري الحر والأطراف الخارجية التي تقف وراءها، التي من المفترض أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة، لما يجمع بين هذه الأخيرة والدستوري الحر من علاقات متينة.

لقد حظيت عبير موسى وحزبها منذ وصولهما للبرلمان بتغطية إعلامية استثنائية من وسائل إعلام إماراتية، وأحياناً إماراتية سعودية، مثل قناة سكاي نيوز عربية، وقناة العربية والحدث وموقع الرؤية…، وكانت توجه التغطية والتقارير والتعليقات التي تنشرها وتبثها دائماً لصالح رواية موسى للأحداث، وموقفها السياسي المعادي لحركة النهضة، والمؤسسات الدستورية التي جاءت بها الثورة، والمعادي كذلك للانتقال الديمقراطي بشكل عام، وذلك بهدف العودة للنظام القديم وغلق قوس الثورة والديمقراطية.

ويأتي الحدث الأخير الذي حاولت خلاله موسى تعطيل جلسة البرلمان للمصادقة على الاتفاقية بين تونس قطر، وتعرضت بسببها للعنف من قبل زميلين لها في البرلمان، ليصب في الاستراتيجية والأهداف الكبرى لدولة الإمارات في تونس.

إذ تسعى أبوظبي عبر أذرعها السياسيين للعب دور خطير في مسار البلاد، يقوم على ترذيل الحياة السياسية في تونس، وتشويه صورة الديمقراطية والثورة، حتى يتحسّر التونسيون على النظام السابق لابن علي، وهو ما سيُمهد الطريق لاحقاً للدستوري الحر، وريث الحزب الحاكم القديم (التجمع الدستوري الديمقراطي)، وزعيمته عبير موسى، للوصول للسلطة والعودة بالنظام السياسي لما قبل 14 يناير/كانون الثاني 2011.