موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

أزمة اقتصاد الإمارات: أبو ظبي تبحث عن قروض وتراجع تحويلات العمالة

198

تتصاعد الأزمة الاقتصادية في دولة الإمارات وهو ما يلقي بتداعيات سلبية على مختلف القطاعات في الدولة في ظل انخراط النظام الحاكم فيها بحروب وتدخلات خارجية.

وكشفت وكالة “رويترز” العالمية للأنباء أن حكومة إمارة أبوظبي تجري محادثات مع بنوك بشأن قرض بقيمة ملياري دولار، في تحرك من شأنه أن يسمح للإمارة باستغلال مصادر جديدة للسيولة في مرحلة تتسم بانخفاض أسعار الخام.

وباعت أبوظبي أحدث سنداتها الدولية في سبتمبر/أيلول العام الماضي، لتجمع 10 مليارات دولار لاستخدامها في أغراض الميزانية وتستقطب طلبات بنحو 20 مليار دولار.

وقال مصدران مطلعان بحسب ما نقلت الوكالة إن أبو ظبي تعكف حاليا على “قرض مرتب ذاتيا”، لتجمع تعهدات من بنوك لتسهيل دين محتمل بقيمة ملياري دولار، سيكون الأول للحكومة إذا جرى الانتهاء منه.

وأبوظبي حاصلة على تصنيف AA من وكالتي ستاندرد آند بورز وفيتش، وAa2 من موديز ومدعومة بواحد من أكبر صافي مراكز الأصول الخارجية السيادية في العالم ومستويات دين منخفضة، لكن توازنها المالي يعتمد بالكامل تقريبا على الإيرادات من رسوم الهيدروكربون (النفط والغاز) والضرائب والتوزيعات التي تتلقاها من شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك).

وكانت “رويترز” قد نقلت عن مصادر في وقت سابق من الشهر الجاري أن الإمارة تجري مناقشات مع بنوك بشأن إصدارات محتملة في أسواق الدين هذا العام، في إطار خطط للتعامل مع مستثمري أدوات الدخل الثابت على نحو أكثر انتظاما.

وقال أحد المصدرين ومصدر ثالث مطلع على المسألة، إنه جرى تعليق المناقشات مع مستشاري السندات المحتملة قبل نحو أسبوعين.

وذكر مصدر رابع أنه سيكون من المنطقي أن تستغل الإمارة مصادر مختلفة للسيولة، بعد إصدار السندات الضخم الأحدث لها البالغ حجمه عشرة مليارات دولار.

ولجأت حكومات في منطقة الخليج إلى التمويل بالدين بمبالغ كبيرة خلال السنوات القليلة الفائتة، لتعويض أثر انخفاض أسعار النفط على إيراداتها.

وبعد تراجع أسعار النفط في 2014 و2015، قلصت أبوظبي الإنفاق وزادت التوزيعات من الكيانات المملوكة للحكومة.

وتتوقع الإمارة عجزا بقيمة 27.2 مليار درهم (7.41 مليارات دولار) لعام 2019 وفقا لنشرة طرح أحدث سنداتها. (الدولار = 3.6728 دراهم إماراتية).

يأتي ذلك فيما تراجعت قيمة تحويلات العمالة الأجنبية في دولة الإمارات للخارج خلال العام 2019 لتبلغ 165 مليار درهم تقريبا وفقا لأحدث الاحصائيات الصادرة عن مصرف الإمارات المركزي.

وكانت قيمة التحويلات خلال الربع الثالث من العام الجاري بلغت 43.4 مليار درهم بزيادة نسبتها 4.8% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2018.

وانخفضت قيمة ما تم تسويتها عبر البنوك بنسبة 0.2% في حين ارتفعت قيمة التحويلات بواسطة شركات الصرافة بنسبة 6%.

وكانت قيمة تحويلات العمالة الأجنبية في الإمارات للخارج بلغت 169.2 مليار درهم في 2018، مقابل نحو 164.4 مليار درهم في العام 2017.

ويعاني اقتصاد دولة الإمارات من انحسار شديد في النمو بفعل تراكم أزماته التي تلقي بظلاله على كافة القطاعات في وقت تتورط فيه الدولة بميزانيات ضخمة لحروبها وتدخلاتها العسكرية الخارجية.

وحقق اقتصاد الإمارات نموا لم يتجاوز 2.9 بالمئة في 2019، وفق البنك المركزي الإماراتي الذي كان أعلن توقعات نمو تتجاوز 3.5 في المائة لنفس العام.

وسجل القطاع غير النفطي نموا محدودا في الإمارات للعام الماضي لم يتجاوز 1.1 في المائة في وقت أفاد البنك المركزي أن أسعار العقارات في دبي انخفضت سبعة بالمئة في الربع الأخير من العام الماضي مقارنة مع هبوط 8.2 بالمئة في الربع الثالث.

وقال المركزي الإماراتي إن “السوق في دبي مازالت تشهد انخفاضا للإيجارات يرجع بصفة أساسية إلى فائض المعروض”.

وقالت مجموعة نايت فرانك العقارية في تقرير الشهر الجاري إن من المقرر الانتهاء من 62 ألفا و500 وحدة سكنية هذا العام، فيما سيكون أكبر عدد من الوحدات الجديدة منذ 2008.

وفي أبوظبي قال البنك المركزي إن “أسعار العقارات السكنية انخفضت 7.5 بالمئة في الربع الرابع مقارنة مع انخفاض بنسبة 8.2 بالمئة في الربع السابق.

ولا يتوقع أن يحقق اقتصاد دولة الإمارات نموا يتجاوز 1.7% هذا العام بحسب استطلاع للرأي نشرته وكالة رويترز العالمية للأنباء شمل آراء 26 خبيرا اقتصاديا، وأُجري في الفترة الممتدة من 7 حتى 21 من يناير/ كانون الثاني الجاري.

وتوقع المحللون نموا قدره 1.7% للإمارات، نزولا من 2.2% في الاستطلاع الذي أُجري قبل ثلاثة أشهر. ولم تتغير التوقعات بالنسبة لعامي 2020 و2021.

ويأتي ذلك رغم تعزيز حكومتا دبي وأبوظبي، وهما الإمارتان الرئيسيتان بالبلاد، الإنفاق لتحفيز اقتصادهما المتعثر.

وبحسب الاستطلاع فإن النمو الاقتصادي في منطقة الخليج سيرتفع خلال العامين الحالي والمقبل بدعم من زيادة الإنفاق، إلا أن المنطقة ستظل تتأثر بتخفيضات إنتاج النفط التي تم الاتفاق عليها من قبل منظة “أوبك+” خلال اجتماع فيينا الأخير.

واتفقت أوبك ومنتجون مستقلون، من بينهم روسيا، في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على زيادة في تخفيضات الإنتاج، تُضاف إلى قيود جرى الاتفاق عليها في السابق لكبح إنتاج 1.2 مليون برميل يوميا، وستمثل نحو 1.7% من إنتاج النفط العالمي.

وقالت وكالة “فيتش”، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إن الأوضاع المالية ستضعف في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، خلال عامي 2019 و2020، ما يواصل الضغط على الميزانيات العامة وميزان المدفوعات.

وتوقعت فيتش أن تسجل ميزانيات الخليج عجزا بنحو 1-2 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في 2019، على افتراض أن سعر خام برنت سيبلغ 65 دولارا للبرميل، مقابل 71.6 دولارا للبرميل في 2018. وذكرت أن توقعاتها في 2019، تعكس انخفاض متوسط ​​أسعار النفط وزيادة الإنفاق، “أحجام الإنتاج النفطي تضغط أيضا على العائدات”.

ويختنق اقتصاد دولة الإمارات وسط تدهور قياسي وغير مسبوق منذ أكثر من عشرة أعوام وهو ما انعكس بتدني قياسي لثقة الشركات في الدولة.

وجاء في تقرير نشرته شبكة “بلومبيرغ” الأميركية مؤخرا وجود مخاطر محدقة بعالم الأعمال والشركات في الإمارات، وهو عالم أصبح نموّه مهدداً بعد 10 سنوات من الأداء الإيجابي وإن بنسب متفاوتة، حيث إن هذه الدولة الخليجية، ولا سيما إمارة دبي، كانت تكابد ظروف عمل هي الأسوأ من نوعها بعد عقد من التوسّع.

وتستدل الوكالة على التراجع المتزايد في أوضاع الإمارات بأن الطلب أصبح ضعيفاً للغاية في مختلف القطاعات، لدرجة أنه حتى تخفيض الأسعار في المبيعات لم يعد كافياً لإغراء المشترين، وفقاً لتقرير صادر عن “آي.أتش.إس ماركيت” IHS Markit.

إذ أن مؤشر مديري المشتريات الصادر عن هذه الشركة في الإمارات، عن شهر ديسمبر/كانون الأول 2019، بالكاد تجاوز عتبة الـ50 التي تفصل بين النمو والانكماش، بتسجيله أدنى مستوياته منذ بدأت سلسلة البيانات في أغسطس/آب 2009.

وعلى سبيل المقارنة، كاد هذا المؤشر أن يلامس 60 نقطة في مايو/أيار 2019، قبل أن ينهار تدريجياً إلى ما دون 52 نقطة في أغسطس، ثم إلى مستوى قريباً جداً من 50 نقطة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الفائت.

ومن بين الشواهد الأخرى لأزمة اقتصاد الإمارات تقليص مؤسسات وبنوك أجنبية عاملة في البلاد موظفيها، لتأتي عمليات الاحتيال المصرفي وتوجه ضربة موجعة للبنوك فيها.

وكانت وحدة تابعة لبنك “ستاندرد تشارترد” العالمي قلصت أكثر من 100 وظيفة في قطاع أنشطة التجزئة في الإمارات في أغسطس الماضي، في وقت تظهر البيانات الرسمية تعرض القطاع المصرفي والكثير من الأنشطة لضغوط عديدة.

وجاءت الضغوط تلك من جراء تباطؤ الاقتصاد وتراجع القطاع العقاري؛ وهو ما دفع وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني العالمية للتحذير، في سبتمبر الماضي، من مخاطر تتعلق بجودة الأصول المصرفية في الإمارات.

وتعتبر جودة الأصول المحرك الرئيس لتصنيف البنوك الإماراتية، الذي يبلغ متوسطه “bbb-“؛ ومع ذلك فإن تصنيف الجدوى ليس تحت تهديد فوري لأنها تتضمن بعض المخصصات لتدهور جودة الأصول.

وتراجعت أسعار العقارات في الإمارات منذ 2015، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى زيادة العرض وضعف ثقة المستهلكين المرتبطة بانخفاض أسعار النفط، وبيئة اقتصادية أقل دعماً.

وأدى انخفاض الأسعار إلى تأجيل المشترين المحتملين للمشتريات، وتم ردع المشترين الأجانب بسبب ارتفاع قيمة الدرهم الإماراتي، والتوترات الجيوسياسية، وضعف الثقة في الإمارات.

وذكرت “فيتش” أن بعض المشاريع العقارية التي بدأت قبل انخفاض الأسعار تواجه تأخيرات كبيرة؛ “حيث تتم إعادة هيكلة القروض بشكل متزايد، معظمها من خلال تمديد الأجل، في حين قام بعض المطورين بتعليق المدفوعات للمقاولين”.

ورأت أنه من غير المرجح انتعاش أسعار الإيجارات على المدى القريب، مع استمرار زيادة العرض حتى بعد إكسبو 2020 في دبي.

وتقول فيتش إن البنوك الإماراتية لم تتعافَ تماماً من الأزمة العقارية التي ضربت دبي في 2010، مبينة أن “قروض البنوك في المرحلة الثانية والثالثة مرتفعة بالفعل (التي أعيدت هيكلتها)؛ حيث بلغ متوسطها بين 15 و20% من إجمالي القروض، ومن المرجح أن تزداد”.

وأشارت إلى ارتفاع وتيرة إعادة هيكلة القروض في القطاع العقاري والمقاولات والقطاعات الأخرى ذات الصلة، ما يدل على ضعف جودة الأصول.

وتوقعت الوكالة إعادة هيكلة نسبة كبيرة من القروض البالغة 23 مليار دولار المقدمة إلى الكيانات المرتبطة بحكومة دبي المالكة، التي تستحق حتى نهاية 2021.

وكالة “ستاندرد آند بوورز” العالمية حذرت من أزمة مالية في حال تواصل ضعف القطاع العقاري في الإمارات، خصوصاً دبي، وعجز الشركات العقارية وشركات المقاولات عن الإيفاء بخدمة القروض المصرفية.

وعقب ذلك اقترح مصرف الإمارات المركزي تدابير رقابية جديدة لحماية البنوك من الانكشاف المفرط على القطاع العقاري، وتشجيعها على الاحتفاظ بأصول متنوعة.

وشهدت الإمارات تباطؤاً حاداً في سوق العقارات بفعل فائض المعروض، وضعف الإقبال على الاستثمار في ظل انخفاض أسعار النفط.

وتطبق الحكومة إجراءات جديدة لدعم قطاع العقارات، تشمل حزم تحفيز والسماح للأجانب بامتلاك عقارات بنظام التملك الحر في أبوظبي. وتمنح دبي حق التملك الحر منذ عام 2002.