موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: اقتصاد الإمارات يعاني صعوبات مالية وسط أزمة متفاقمة للقطاع الخاص

456

تتواصل معاناة اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل انشغال نظامها الحاكم بحروبه الخارجية وتدخلات في شئون الدول سعيا وراء أطماعه في التوسع وكسب النفوذ الوهمي.

وتتصاعد المؤشرات السلبية للاقتصادية الإماراتي وسط صعوبات مالية غير مسبوقة وأزمة متفاقمة للقطاع الخاص في كافة المجالات خاصة ما يتعلق بالعقارات وتدهور أسعارها.

وقد نما الاقتصاد الإماراتي بوتيرة أبطأ من المتوقع في العام 2018، مسجلا نحو 1.7% رغم استفادته من ارتفاع أسعار النفط، وفق بيانات أولوية رسمية.

وتأتي بيانات النمو الإماراتي بعد إعلان دبي الأسبوع الماضي أن اقتصاد الإمارة نما بنسبة 1.94% في 2018، وهي أبطأ وتيرة منذ الانكماش الذي شهده عام 2009 حين تعثر الاقتصاد بفعل أزمة ديون.

وكانت الإمارات المنتجة للنفط توقعت في ديسمبر/كانون الأول الماضي نموا يتراوح بين 2.5% و3% في 2018 مع استفادة اقتصادات دول الخليج من ارتفاع أسعار النفط بعدما خفضت منظمة الدول المصدر للنفط (أوبك) وحلفاؤها الإنتاج لتصريف تخمة المعروض.

وفي أحدث تقاريره الربع سنوية، توقع مصرف الإمارات المركزي أن ينمو الاقتصاد 2.8% في عام 2018 ارتفاعا من 0.8% في 2017.

وبحسب البيانات الأولية الصادرة عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء، كان قطاع النفط والغاز أكبر مساهم منفرد في النمو الاقتصادي، إذ شكل نحو 30% بالأسعار الثابتة، في حين نما القطاع غير النفطي حوالي 1.3%.

وقال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري السبت إن نمو الاقتصاد في 2018 اعتمد “على النمو في الموارد النفطية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط العالمية من ناحية، والنمو في أنشطة القطاعات غير النفطية من ناحية أخرى”.

ولمواجهة التباطؤ في النمو الاقتصادي، اتخذت حكومة دبي إجراءات لخفض التكاليف في عدد من القطاعات الرئيسية ومنها الطيران والعقارات والتعليم.

وتوقعت دولة الإمارات أن يبلغ معدل النمو 3.5% في العام الحالي، في حين قال صندوق النقد الدولي في فبراير/شباط الماضي إنه يتوقع نمو الاقتصاد الإماراتي بمعدل 3.7% هذا العام.

وكانت وكالة أنباء بلومبرغ تتوقع أن يتسارع النمو في 2018 إلى 2.9%.

وقبل ذلك قالت حكومة دبي إن اقتصاد الإمارة نما 1.94% في 2018، متباطئا من معدل نمو نسبته 2.8% في 2017، مسجلا أضعف وتيرة منذ انكماشه في 2009، حين تعثر الاقتصاد بسبب أزمة الديون.

ومرت دبي بأوقات صعبة في ظل تراجع سوق العقارات بالإمارة، وانخفضت أسعار العقارات في دبي أكثر من الربع من ذروتها في 2014.

وقالت ستاندرد آند بورز الشهر الماضي إنها تتوقع تراجع الأسعار بنسبة إضافية حول 15% هذا العام، بسبب استمرار الفجوة بين العرض والطلب، قبل أن تستقر الأسعار في 2020.

من جهتها، قالت كابيتال إيكونوميكس -في تقرير- من المرجح أن يظل القطاع العقاري في حالة من الجمود، في حين يضغط ضعف الاقتصاد العالمي على قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية في دبي.

وتقول الحكومة إن نمو الناتج المحلي الإجمالي قاده على نحو كبير أداء الأنشطة المرتبطة بالتجارة، التي نمت 1.3% في 2018 مقارنة مع العام السابق، بما يشكل 18.1% من إجمالي النمو المحقق العام الماضي.

وتباطأ نمو القطاع العقاري في دبي إلى 7%، مقارنة مع 7.3% في 2017، وأسهم بنحو 25% من إجمالي النمو الاقتصادي، كما تباطأ النمو في قطاع النقل والتخزين إلى 2.1% العام الماضي، من 4.5% في 2017.

وتتوقع كابيتال إيكونوميكس نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.8% هذا العام، قبل أن يتسارع النمو إلى 4.5% في 2020، لكنها حذرت أيضا من أن المخاطر الرئيسية للتوقعات تنبع من مشكلات الديون المستمرة منذ أمد طويل، وذلك بالنظر إلى بيانات صندوق النقد الدولي التي تُظهر أن ديون الكيانات المرتبطة بحكومة دبي، التي كانت في قلب أزمة 2009، تبلغ ستين مليار دولار، بما يعادل 50% من الناتج المحلي الإجمالي لدبي.

وقال جيسون توفي كبير اقتصادي الأسواق الناشئة لدى كابيتال إيكونوميكس إن “إعادة هيكلة الديون في 2014 أخفت المشكلات في السنوات الأخيرة، لكن نحو نصف ديون الكيانات شبه الحكومية ستستحق من الآن وحتى 2021”.

وأضاف “حذرنا سابقا من أن خطر فائض الطاقة الإنتاجية في الاقتصاد بعد إكسبو يعني أن الكيانات شبه الحكومية قد تواجه إيرادات أقل من المتوقع، مما يلحق الضرر بقدرتها على خدمة تلك الديون”.

واحتاجت دبي لإنقاذ مالي بقيمة عشرين مليار دولار من أبو ظبي الثرية لتفادي أزمة ديون في 2009 نتيجة لانهيار أسعار العقارات، مما هدد بإجبار بعض الشركات شبه الحكومية على التخلف عن سداد ديون بمليارات الدولارات.

وكانت وكالة رويترز العالمية للأنباء قالت الشهر الماضي -نقلا عن ثلاثة مصادر مطلعة- من المتوقع أن تمدد أبو ظبي للمرة الثانية أجل الدين الذي قدمته لدبي خلال أزمتها المالية.

ويتوقع المحللون أن تشهد دبي بعض التعافي الاقتصادي قبل 2020 حين تستضيف المدينة معرض إكسبو الدولي.

وخلال سبتمبر/أيلول 2018، ورغم التسريبات المروعة بشأن تورطها في التحايل وغسل الأموال على مستوى عالمي، بدت الإمارات العربية المتحدة بعيدة كل البعد عن المحاسبة، وفقا لموقع إخباري فرنسي.

ويتساءل الكاتب ميشال توب في تقريره بموقع “أوبينيون إنترناسيونال”: “بعد مضي ستة أشهر، عاد اسم الإمارات من جديد للائحة الأوروبية السوداء، لكن لماذا -ولكم من الوقت- سيبقى اسمها على هذه اللوائح؟

وللرد على هذا لتساؤل، يمضي الكاتب فيقول “في الحقيقة، من المنتظر أن يُتناول هذا الموضوع خلال مؤتمر سيعقد في الرابع من أبريل/نيسان القادم أمام الجمعية الوطنية الفرنسية”.

ووفقا للكاتب، سيشارك في هذا المؤتمر كل من النائب في البرلمان الفرنسي سيباستيان نادو، والصحفي في قناة “بي آف آم تي في” وإذاعة فرانس أنتير أنتوني بيلانجي، ورجل الأعمال والروائي صاحب كتاب “دبي، ثمن النجاح” نبيل مالك، والمهندس الفرنسي بيير-لويس فيرن الخبير في الشأن الإماراتي الذي قضى في الإمارات نحو عشر سنوات.

وذكّر الكاتب بالقرار الدولي الذي اتخذ سنة 2010 لتعزيز مكافحة ظاهرة التهرب الضريبي وغسل الأموال على نطاق عالمي، مبينا أن بعض الدول اتخذت تدابير واهية في هذا الصدد، في حين لم تلتزم دول أخرى باتخاذ أي إجراءات، مثل الإمارات.

ويفيد الكاتب بأن الإمارات -وبالنظر إلى موقعها المتميز- تستغل تدخلها في النزاعات الإقليمية مع حليفتها السعودية من أجل الإفلات من العقاب.

ويؤكد أن إدراج اسم الإمارات من جديد على اللائحة السوداء هو بمثابة فرصة مهمة للاتحاد الأوروبي لتجميل صورته قبل بضعة أشهر من عقد انتخابات البرلمان الأوروبي، التي ستكون حساسة للغاية.

ويذكّر ميشال توب بقرار الاتحاد الأوروبي -بعد كرّ وفرّ- إدراج الإمارات في 12 مارس/آذار الجاري ضمن قائمته السوداء الجديدة بالدول التي تمثل ملاذات ضريبية.

وبعد أن كان اسم الإمارات شُطب منذ سنة تقريبا من هذه اللائحة، يتساءل عن سبب إدراجها من جديد؟

وللرد على ذلك، يقول الكاتب إن الحقيقة هي أن ظاهرة التهرب الضريبي وغسل الأموال بدأت تأخذ بعدا جيوسياسيا.

ويذكّر الكاتب في هذا الصدد “بأوراق دبي” التي سرّبتها مجلة “لونوفل أوبسرفاتور” في تقرير لها نشر في الخامس من سبتمبر/أيلول 2018. فما علاقة تلك الأوراق بالتهرب الضريبي؟

ويلفت إلى من بين رؤوس الأموال المتهمة بالتهرب الضريبي “مجموعة هيلين”، التي تتخذ من الإمارات مقرا لها.

ويضيف أن “مجموعة هيلين” تعرف جيدا كيف تختار عملاءها، حيث تتعامل مع أثرياء عالم المال والصناعة، خاصة الفرنسيين منهم، علاوة على أغنياء عالم الرياضة، ناهيك عن تعامل هذه المجموعة مع متنفذين روس وبعض الأرستقراطيين.

وعن سبب اتخاذ الاتحاد الأوروبي قرار إدراج دبي على لائحة الملاذات الضريبية، يبين الكاتب أن الأوروبيين مهتمون بأكثر من مئتي عميل بمجموعة هيلين في الإمارات وبملايين اليوروهات المهربة ضريبيا، خاصة في أوروبا.

ويضيف أنهم يحاولون كشف الدور الذي تلعبه الإمارات في هذه القضية، إذ إنه للوهلة الأولى لا يظهر أي سبب يدعو هذا البلد إلى منح امتيازاته لمجموعة هيلين حصرا.

ويؤكد الكاتب أن الأوساط “المطلعة”، على خلاف عامة الناس، تعرف فعلا أن دبي ليست مجرد مدينة حديثة في قلب الخليج العربي، يراها البعض جنة سياحية تتباهى بفخر بفنادقها الفخمة وأبراجها العالية.

ويدفعه ذلك للتساؤل: لماذا الانتظار إلى حدود عام 2019 لإدراك حقيقة أن الإمارات العربية المتحدة هي منصة حقيقية لغسل الأموال القذرة، على نطاق واسع، أو ربما واسع جداً؟

من المؤكد أن موقف السلطات الإماراتية، الذي يراوح بين الغطرسة والأكاذيب والتستر، قد أسهم في اتخاذ الاتحاد الأوروبي قراره.

وكما أشار المحامي وليام بوردون، رئيس جمعية شيربا التي تحارب التهرب الضريبي، وقّعت دبي على جميع الاتفاقات ضد غسل الأموال والتهرب الضريبي، مثل توقيعها على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عام 2000.

ويبرز الكاتب -في هذا الصدد- أن وليام بوردون أشار في سبتمبر/أيلول 2018 إلى أن “الاعتقاد بأن العقوبات يمكن أن تكبح جماح دبي يظل إلى حد الآن مجرد وهم”. مع ذلك، وضع الاتحاد الأوروبي الإمارات في قائمة الملاذات الضريبية في 12 مارس/آذار 2019. لكن، ماذا حدث في هذه الأثناء؟ يتساءل الكاتب.

الواقع، أن هذه ليست المرة الأولى لأن دولة الإمارات أُدرجت بالفعل على القائمة السوداء عام 2017، قبل أن تُحذف منها بعد تقديم التزامات ووعود لم تف الدولة بها أبدا.

لهذا، كانت الفرصة جيدة للغاية بالنسبة لاتحاد أوروبي تنتقده شعوبه بشدة، لدرجة أن استمراريته بدت مهددة، لإظهار قوته والبرهنة على قدرته على حماية بلدانه، خاصة من خلال مكافحة التهرب الضريبي وغسل الأموال القذرة للمواطنين الأوروبيين.

من جانبها، اعتبرت الإمارات التدابير الدولية التي اتخذتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2010، ومآسي البنوك السويسرية، بمثابة فرصة سانحة لاستقطاب رؤوس الأموال، بما في ذلك تلك التي اكتسبت بالحيل، وجذب الكثير من الأغنياء الجدد من مختلف أنحاء العالم.

وليست دبي منتجة للطاقة، كما لا تدين “لاس فيغاس” العالم العربي بنموها المذهل لسياحتها فقط، بل أصبحت مركزًا دوليا لغسل الأموال غير المشروعة، أو “آلة غسيل عالمية للمال القذر”، وفقا لما أورده بوردون.

وخلص الكاتب إلى أنه من الآن فصاعدًا، سيتعين على دبي تغيير برنامج غسل الأموال الخاص بها، أو المخاطرة باختلال هذه الآلة. ويوما ما، سيتعين عليها دفع تكاليف تجديد أبنية أكثر من فرعونية ممولة دون غاز أو نفط، أو التفكير في خفض سقف طموحاتها بشكل كبير.