موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: لسان حال الإمارات.. لن نوقف حروبنا والقانون الدولي هو الذي يجب تغييره

369

مع تزايد الانتقادات الدولية والاتهامات الأممية بارتكاب النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية جرائم حرب في اليمن، وتسببه في أكبر “كارثة إنسانية” بحسب الأمم المتحدة، لجأت أبو ظبي إلى طرق شتى للحفاظ على ما تبقى من سمعتها الدولية.

فصدرت تصريحات النفي وتغريدات التبرير، وبيانات “التوضيح”، وعقدت الندوات بموضوعاتها المختلفة والمؤتمرات بمحاورها المتنوعة.

وقبل أيام نظمت وزارة الدفاع في أبوظبي مؤتمرا، فكرته الرئيسية: لن نغير سلوكنا الحربي، على العالم هو أن يغير قوانينه! فكيف ذلك؟!

فقد أريد لمؤتمر أبوظبي أن يتزامن مع الذكرى الرابعة لبدء الحرب على اليمن، مع تزاحم عشرات الانتقادات والاتهامات الدولية بحق السعودية والإمارات، ليس فقط على الساحة اليمنية وإنما في الساحة الليبية والصومالية وغيرها.

ففي أغسطس الماضي، واجهت القوات المسلحة والقيادة السياسية والعسكرية الإماراتية اتهامات أممية رسمية خطيرة للغاية وغير مسبوقة، لم تستثن الشيخ محمد بن زايد ولا كبار القادة العسكريين للقوات المسلحة. وأتهم التقرير هذه القيادات بصورة واضحة ومحددة بارتكاب جرائم حرب في اليمن.

التقرير الذي أغضب أبوظبي، لم تفلح ماكينتها الدعائية الضخمة من التخفيف من آثاره وتداعياته، لا بعقد ندوة في أبوظبي قيل إنها حقوقية للطعن في التقرير الأممي، ولا بتغريدات لأنور قرقاش، اعتبر فيها أن هذه “هي طبيعة الحروب”، ضاربا المثل بجرائم أمريكا في أفغانستان وروسيا في سوريا، مع أنه لم يسمها جرائم، وإنما مجريات الحرب.

وكمؤشر على جدية هذا التقرير، أدرجت “الشبكة العالمية لملاحقة مجرمي الحرب”  العميد عبد السلام الشحي، قائد القوات الإماراتية وقائد قوات التحالف العربي في الساحل الغربي لليمن، على قائمة المطلوبين للمحاكمة؛ بسبب ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الحرب الدائرة باليمن، إلى جانب رفع قضايا في فرنسا ضد ولي عهد أبوظبي بصفته نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وطوال العامين الأخيرين، لم تتوقف اتهامات الأمم المتحدة للإمارات إلى جانب السعودية بأنهما سبب أخطر كارثة إنسانية في العالم في هذا القرن. ومع ذلك استمرت الحرب: جرائمها وانتهاكاتها.

وفي فبراير الماضي، نشرت منظمة العفو الدولية تحقيقاً، يكشف تسليح الإمارات المليشيات، بشكل متهوّر، بمجموعة من الأسلحة المتطورة.

وأوضح التحقيق المعنون: “عندما تحيد الأسلحة عن وجهتها: تحويل نقل الأسلحة إلى الميليشيات، خطر جديد يحدق باليمن”، كيف أصبحت الإمارات قناة رئيسية لتوريد المركبات المدرعة، وأنظمة الهاون والبنادق والمسدسات والرشاشات – التي يتم تحويلها بطريقة غير مشروعة إلى الميليشيات غير الخاضعة للمساءلة، والمتهمة بارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة.

وتابعت المنظمة الدولية: كما قامت الإمارات، في أماكن أخرى من اليمن، بتدريب وتمويل المليشيات بصورة مباشرة، ومن بينها قوات “الحزام الأمني” و”قوات النخبة”، التي تدير شبكة غامضة من السجون السرية المعروفة باسم “المواقع السوداء”.

وأكدت المنظمة أنها وثقت، دور هذه القوات في عمليات الاختفاء القسري وغيرها من الانتهاكات في هذه المرافق – بما في ذلك الاحتجاز تحت تهديد السلاح، والتعذيب بالصدمات الكهربائية، والإيهام بالغرق، والتعليق من السقف، والإذلال الجنسي، والحبس الانفرادي المطول، والظروف المزرية.

ونظرا لخطورة الجرائم والانتهاكات في اليمن، دعت العفو الدولية جميع دول العالم إلى وقف توريد الأسلحة إلى جميع أطراف النزاع في اليمن، إلى أن يتبين عدم وجود خطر جوهري في احتمال أن تُستخدم هذه المعدات في ارتكاب، أو تسهيل ارتكاب، انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وبالفعل، أعلنت كل من الدانمرك وفنلندا وهولندا والنرويج وإسبانيا مؤخرا تعليق عمليات نقل الأسلحة إلى الإمارات.

وفي استمرار للاتهامات الخطيرة، أكدت صحيفة “ناشينال إنتيرست” الأمريكية أن السعودية والإمارات أكثر القوى اضطراباً وزعزعة للاستقرار في منطقة الخليج، وأن إدارة ترامب جعلت منهما أساساً لاستراتيجيتها.

وبين الباحث في معهد كاتو، والمساعد الخاص السابق للرئيس رونالد ريغان، دوغ باندو، في مقال له: أن القوات السعودية والإماراتية ارتكبت في اليمن جرائم، من خلال قصفها المستشفيات والأسواق والجنازات والمباني السكنية، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين.

وفي تحقيق لشبكة “سي إن إن” أكد نقل السعودية والإمارات أسلحة أمريكية الصنع لشخصيات مرتبطة بالقاعدة ومليشيات سلفية متشددة وفصائل أخرى في اليمن في انتهاك لاتفاقاتهم مع الولايات المتحدة، ومنها كتائب أبو العباس.

وأكد التحقيق أيضا، أن السعوديين والإماراتيين يستخدمون السلاح الأمريكي كشكل من أشكال شراء الولاءات بين المليشيات والقبائل، وتعزيز جهات مسلحة وفاعلة ومختارة للتأثير على المشهد السياسي المعقد في اليمن.

ومن جهتها، انتقدت صحيفة الغارديان البريطانية معرض “آيديكس” المنعقد في فبراير الماضي في أبوظبي، مشيرة إلى أن أسلحة هذا المعرض يمكن أن تستخدم في أعمال “وحشية” على غرار الحرب في اليمن.

وفي مقال له بالصحيفة وصف أندرو سميث، المتحدث باسم “حملة ضد تجارة الأسلحة”، افتتاح معرض “آيديكس أبوظبي”، بأنه “احتفال منحط ومدمر للنزعة العسكرية والأسلحة، حيث تعرَض الصواريخ والبنادق والدبابات والمروحيات والسفن الحربية لأي شخص يستطيع شراءها”، على حد قوله.

وأضاف سميث: “لا توجد طريقة لمعرفة نوع الصفقات التي ستُعقَد، أو نوع السلاح الذي يمكن بيعه، ولا نعرف كيف ستستخدم هذه الأسلحة، أو من سيستخدمها”.

أما على الساحة الليبية، فإن الاتهامات لأبوظبي بانتهاك القوانين الدولية تطول، بدءا من تقارير خبراء مجلس الأمن الدولي الذين يؤكدون أن الإمارات تورد الأسلحة للجنرال المنشق خليفة حفتر بما يسهم في تأجيج الحرب الاهلية وينتهك الحظر الدولي على تزويد الأطراف الليبية بالسلاح.

ولا تنتهي الاتهامات بأطراف ليبية، منها رئيس مجلس الدولة الليبي خالد المشري، الذي أكد مؤخرا أن الإمارات تقيم قاعدة جوية في جنوب بنغازي، معتبرا ذلك “خرقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي”.

وإزاء هذه الاتهامات الخطيرة، تستمر أبوظبي في حروبها من جهة، وتواصل القيام بحملات علاقات عامة من جهة ثانية. ونظمت وزارة الدفاع مؤتمر “القانون الدولي وحروب القرن الواحد والعشرين”، للخروج “بتوصيات لمعالجة التحديات الأخلاقية والقانونية والمتعلقة بتطبيق القانون الدولي الإنساني في أنماط حروب القرن الواحد والعشرين”.

وقال محمد البواردي وزير دولة لشؤون الدفاع في الإمارات “إنه يتوجب العمل على تحديث قواعد القانون الدولي المرتبطة بالحروب، من أجل مواكبة التطورات التي طرأت على أشكال النزاعات، وأثرت على طبيعة الحروب”، ولفت “إلى ضرورة إدارتها وفقاً للأسس الأخلاقية والمبادئ الإنسانية والاتفاقات الدولية”، في حال نشوب الحروب.

وأضاف أن دولة الإمارات “تؤمن بأهمية ترسيخ وإقرار مبادئ الأمن والسلام الدوليين، وضرورة المحافظة على حقوق الإنسان”، على حد قوله. وقد اعتبر مراقبون أن هذا الشق ينطوي على تثبيت الادعاءات بأن أبوظبي تراعي هذه الجوانب، في محاولة للنفي والإنكار.

أما المستشار إسماعيل البلوشي، المتحدث الرسمي لمؤتمر وزارة الدفاع، فقد قال: “الحروب زادت من سقف التحديات الأخلاقية والقانونية التي تواجه منظومة القانون الدولي الإنساني”، على حد تعبيره.

وأكد البلوشي أن المؤتمر سيناقش “إذا كان القانون الدولي الإنساني في شكله الحالي ملائم ومواكب للتعامل مع المتغيرات المتلاحقة والمتسارعة للتطورات التكنولوجية التي أفرزت أجيال جديدة من الحروب”، على حد قوله.

واعتبر مراقبون ذلك المحاولة الأكثر وضوحا وفجاجة لتبرئة الذات وإلقاء اللوم على قوانين الحرب، حتى يُشرع العالم قوانين توافق جرائم الحروب والانتهاكات والفظائع لتخرجها من إطارها المُجَرّم، إلى سلوكيات ومجريات حربية مشروعة.

فهل تفلح أبوظبي في تغيير قواعد القانون الدولي وقوانين الحرب في العالم لصالح مزيد من الانتهاكات والتوحش، أم يفلح العالم في أنسنة الحروب ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في كل مكان ولأي شخصية مهما كانت؟! وهو تساؤل سيظل مفتوحا برسم المصالح الدولية والنفوذ والمال، ومواصلة الإمارات جرائهما من دون محاسبة دولية.