موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات تبحث عن تموقع جديد في ظل فشل سياساتها الخارجية

209

تظهر الانعطافات التي أقدمت عليها دولة الإمارات مؤخرا  من قبيل الانسحاب العسكري الواسع من اليمن، والتفاهمات الأمنية الموقعة أخيرا مع إيران، بمشاركاتٍ عسكرية الطابع، أن أبو ظبي ماضية إلى “تموقع” مختلف نوعا ما عما انتهجته في السنوات الخمس الأخيرة.

وليست المفاجآت في هذا المسار كله مستبعدة، سيما وأن ثمّة شيئا من خيبة الأمل في الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صار يغشى الحاكمين في أبوظبي، وسيما أنه لا مؤشراتٍ تُنبئ عن “إنجازات” ميدانية قد يحققها خليفة حفتر في أبوظبي. وسيما أن الطموحات (أو الأوهام على الأصح) إياها في تونس والسودان والصومال أخفقت، وقد خيّل لمحمد بن زايد ومعاونيه، أنها قيد التحقق، لجهة تابعية الحكم التامة في هذه البلدان (وغيرها) لمنظور أبوظبي المعلوم، والذي يقوم على إبعاد كل أصحاب نزوعٍ إسلاميٍّ من الخرائط السياسية في هذا البلد وذاك.

أما الهمّةُ الماثلةُ لدى ناس الإعلام الخائب (والكاريكاتيري أحيانا)، في الإمارات والعربية السعودية، وحواشيهم في غير مطرح، في تأكيدهم “متانة” العلاقات بين البلديْن الحليفيْن، فلا تعني غير أمر وحيد، أن “شيئا ما” يحدث في هذه العلاقات، يستوجب هذا الإطناب عن متانتها.

وربما يماثل هذا الحال إلحاح حاكم دبي نائب رئيس دولة الإمارات محمد بن راشد في أشعار نشرَها أخيرا، على تأكيد قوة أخوته مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ومساندة الأخير له، ما قد يبيح الظن أن “أمرا ما” استوجب هذا الكلام الكثير.

يأتي ذلك في ظل فشل مريع سياسي وإعلامي تحصده الإمارات في ظل ما تحيكه من مؤامرات في تدخلاتها الخارجية وهو ما عبر عنه بن راشد مؤخرا خلال اجتماع لحكام إمارات الدولة.

محمد بن راشد تحدّث في الاجتماع باستياء شديد عن سياسة الدولة الخارجية، وطالب بتغييرات عاجلة فيها، وانتقد بغضب إنفاق ملايين الدولارات في تدخلات عسكرية إماراتية في غير بلد، مشيراً إلى ليبيا حيث الرهان على خليفة حفتر العاجز عن إنجاز شيء وإلى اليمن.

وأبدى بن راشد قلقه صراحة من أن تتأثر دبي (وعموم الإمارات) من أي سلوك عسكري قد تُقدم عليه إيران، إذا ما تدحرجت الأزمة الأميركية معها إلى مواجهات حربية، وبقيت السياسة الإماراتية مصطفة ضد الجار الإيراني.

ويعزز اعتراف بن راشد الأرطال الغريزة لفشل خيارات الإمارات ورهاناتها، سياسيا وعسكريا وإعلاميا وميدانيا، في عدة ملفاتٍ ورّطت أبوظبي نفسها فيها، وأن هذه الأرطال ما تنفكّ تتراكم شهرا بعد شهر.

فضلا عن أن من غير المستبعد أن محمد بن راشد استشعر جدّية التهديد الذي لمّح إليه أمين عام حزب الله حسن نصرالله، لمّا قال إن “مدن الزجاج الإماراتية” لن تكون في منجاةٍ من الضربات الإيرانية، إذا وقعت الواقعة.

وإلى هذا كله، وغيره كثير، ثمّة الأثمانُ المقلقة التي تضطرّ دبي إلى دفعها في غضون التوترات الإقليمية الراهنة، في الخليج، والتي تتحمّل قسطا غزيرا منها دولة الإمارات، بسياساتها الخارجية المغامرة التي يطبخها ولي عهد أبوظبي.

وسبق أن نشرت وكالة بلومبيرغ الأميركية المختصّة بالشئون الاقتصادية، أن التدابير التي اتخذتها أخيرا حكومة دبي من أجل تحفيز الاقتصاد لم تحقق أثرا ناجعا كبيرا، ففنادق الإمارة، ومعظمها ذات فخامة، تشهد هذا العام أسوأ أداء لها منذ العام 2009، وتم أخيرا تسريح خمسمائة وظيفة منها، ما لا يعود إلى الركود المستحكم في نمو قطاع السياحة وحسب، وإنما أيضا إلى الصورة الشديدة السلبية التي صارت تنطبع بها دولة الإمارات أخيرا، لمليون سببٍ وسبب. ولا يُغفل أن المعرض العالمي الكبير “إكسبو 2020” ستستضيفه دبي العام المقبل.

وتلقى سياسة التدخل في شؤون الدول الأخرى، معارضة كبيرة من حكام الإمارات الأخرى بخلاف أبو ظبي التي تعتبر المهيمن على القرار في الدولة.

وتتناقل وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أنباءً حول تراجع الإمارات العربية المتحدة عن مبادراتها ومواقفها المناهضة لإيران.

ومن أبرز مظاهر هذا التراجع، تعليق وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد على حادثة استهداف ناقلات النفط في مايو الماضي بخليج عمان، حيث قال حينها: “يجب أن نحصل على أدلة قطعية لاتهام إيران بالتورط في الهجوم على ناقلات النفط”.

وعقب ذلك أعلنت الإمارات عزمها سحب جنودها من اليمن، وتقليص دعمها للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين.

ومؤخرا وبعد 6 أعوام، اجتمع مسؤولون أمنيون من الإمارات وإيران في العاصمة طهران.

والإشارة الأخيرة على التقارب الحاصل بين الإمارات وإيران، هي زيارة وزيرين إماراتيين لطهران رغم العقوبات الأمريكية التي تطال القطاع المصرفي الإيراني.