موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الكشف عن كواليس تورط الإمارات في الإطاحة بعمر البشير

189

كشف تقرير لوكالة رويترز العالمية للأنباء عن دور إماراتي في كواليس الإطاحة بالرئيس السوداني المعزول عمر البشير، بمساعدة رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني السوداني آنذاك صلاح قوش.

وجاء في التقرير أنه في ليلة العاشر من أبريل/نيسان الماضي، زار قوش الرئيس البشير في قصره لطمأنته بأن الاحتجاجات في محيط وزارة الدفاع تم احتواؤها وسحقُها. وذهب البشير إلى النوم، لكنه عندما استيقظ أدرك أن قوش قد خانه، وفوجئ بقوة من الجيش تحيط بالقصر ثم تعتقله.

وبعدها أبلغه ضباط من الجيش أن اللجنة الأمنية العليا المؤلفة من وزير الدفاع وقادة الجيش والمخابرات والشرطة، قررت عزله بعد أن خلصت إلى أنه فقد السيطرة على البلاد.

وبحسب التقرير، فإن توتر العلاقة بين البشير وأبو ظبي كان محركا رئيسيا داخل المخابرات السودانية للإطاحة به.

ويؤكد التقرير -نقلا عن مصادر وصفها بأنها مطلعة اطلاعا مباشرا على الأحداث التي أدت إلى الإطاحة بالبشير- أن الرئيس المعزول أساء إدارة العلاقة “المهمة” مع دولة الإمارات التي سبق لها أن ضخت مليارات الدولارات في خزينة السودان، حيث اكتشف -بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية وخروج المظاهرات في الشوارع- أنها لم تعد إلى جانبه.

وذكر التقرير أن قوش تواصل مع السجناء السياسيين وجماعات المعارضة السودانية قبل أسابيع من الإطاحة بالبشير، وأخبرهم أنه قادم من أبو ظبي وحصل على وعد بالحصول على الوقود والمساعدات الاقتصادية، وطلب منهم دعم خطة إنشاء نظام حكم جديد في السودان.

ونقلت رويترز عن عدة مصادر أن قوش أجرى في الأيام التي سبقت الانقلاب مكالمة واحدة على الأقل مع مسؤولين في المخابرات الإماراتية، لإخطارهم مسبقا بالحدث المرتقب.

ووفقا لدبلوماسي غربي، فإن الإمارات اقترحت على قوش في منتصف فبراير/شباط الماضي خروجا كريما للبشير، وهو أمر عارضه البشير، وعندها تسارعت التحركات للإطاحة به.

وقبل أيام قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط انتقل إلى القرن الأفريقي، ويتجلى ذلك في إقدام الإمارات وحليفتها السعودية على الاستثمار بشكل كبير في تلك المنطقة الفقيرة من العالم.

وتبرز الصحيفة أن حملة القمع التي يشنها المجلس العسكري في السودان جعلت سياسات التدخل التي تنتهجها دول الخليج خاصة الإمارات في منطقة القرن الأفريقي موضع مراقبة.

وتشير في تقرير مطول إلى أن قادة المجلس أرادوا بفضهم اعتصام المحتجين السلميين أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم بالقوة، إيصال رسالة مفادها أنهم لن يرضخوا للضغط الشعبي من أجل القبول بنقل السلطة إلى المدنيين.

ويتساءل العديد من النشطاء السودانيين هل أعطت بعض دول الخليج -وخاصة السعودية والإمارات- المجلس العسكري الضوء الأخضر لفض الاعتصام؟

وتضيف الصحيفة أنه مع أن السعودية والإمارات تنفيان بشدة علمهما المسبق بفض الاعتصام، فإن تلك العملية أثارت تساؤلات ونقاشات حول دور البلدين في السودان، وسياسات التدخل التي يتبعانها وإنفاقهما مئات الملايين من الدولارات لشراء امتيازات لإدارة موانئ ومرافق بنية تحتية أخرى في دول القرن الأفريقي.

وتنقل عن طبيب سوداني يُدعى سلمان أسامة أن كل المشاكل التي يعاني منها شعب السودان مردها إلى السعودية والإمارات ومصر.

ويضيف أسامة الذي كان يعالج جرحى فض الاعتصام، أن تلك الدول كانت تدعم نظام الرئيس المخلوع عمر البشير “الذي سامنا سوء العذاب، وهم الآن يدعمون” المجلس العسكري أيضا.

وتلفت الصحيفة إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان استضاف في مدينة جدة الفريق محمد حمدان حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري قبل عشرة أيام فقط من فض الاعتصام. وفي نفس الأسبوع زار رئيس المجلس الفريق أول عبد الفتاح البرهان أبو ظبي حيث التقى ولي عهدها الشيخ محمد بن زايد.

وتعقب الصحيفة بالقول إن السعودية والإمارات تعقدان الآمال على قادة السودان العسكريين لحماية مصالحهما، ومن بينها إبقاء القوات السودانية ضمن التحالف الذي تقوده الرياض في الحرب على جماعة الحوثي باليمن.

وأشارت إلى ما ورد في تقرير مجموعة الأزمات الدولية من أن السعوديين والإماراتيين “يثقون في قيادة الجنرالات للبلاد عبر عملية انتقال مُسيَّرة من نظام عسكري إلى آخر، وتفادي فترة فاصلة كالتي حدثت في مصر” عام 2011.

وذكرت “فايننشال تايمز” أن المنادين بالديمقراطية في السودان هم “شباب وعلمانيون في جلهم”، بينما ألمح وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير الشهر الماضي إلى أن الرياض تخشى أن تحاول جماعة الإخوان المسلمين اختطاف انتقال السلطة في السودان مثلما فعلت في مصر عام 2011.

وترى الصحيفة أن اهتمام دول الخليج بالقرن الأفريقي ينبع من حرصها على استغلال الأسواق الكبيرة في تلك المنطقة، لافتة إلى مصالح إستراتيجية تتمثل في رغبة تلك الدول في الاستفادة من موارد المنطقة الزراعية وضمان استخدام موانئها ومصالحها الاقتصادية الأخرى.

وطبقا للباحث في معهد بروكينغز بالعاصمة القطرية الدوحة زاك فيرتن، فإن الطفرة التي تشهدها تلك العلاقات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية “غير مسبوقة”، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بمنطقتين “تندفعان نحو أن تصبحا منطقة واحدة”.

وتطرقت الصحيفة إلى مصالح الإمارات في منطقة القرن الأفريقي، خاصة إنشاءها قاعدة بحرية في ميناء “عصب” بإريتريا، وتدخلها العسكري في اليمن، وتعهدها العام المنصرم بتقديم عون مالي واستثماري لإثيوبيا.

وبحسبها فإن اندفاع السعودية والإمارات نحو القرن الأفريقي ازداد عقب حصارهما لدولة قطر، مشيرة إلى أنهما طالبتا الدول الأفريقية بالاختيار بين الانحياز إليهما أو إلى الدوحة.

يقول فيرتن إن السعودية والإمارات تهرعان نحو تأمين “علاقات ذات أهمية” مع السودان ومحاولة صياغة الفترة الانتقالية في تلك الدولة.

ويعلق المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين محمد يوسف أحمد المصطفى على ذلك بالقول إن السعوديين والإماراتيين “يريدون استغلال السودان وثرواته وأياديه العاملة وموقعه الإستراتيجي”، مؤكدا أن قيام نظام ديمقراطي في الخرطوم سيجعل من العسير عليهم “تحقيق مآربهم”.