موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات دولة قمع.. الحريات السياسة والمدنية مقابل الحماية الشخصية

210

أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “ايماسك” تكريس النظام الحاكم في دولة الإمارات منهجية “المساومة” في سلوكه الأمني عبر مقايضة الحريات السياسة والمدنية مقابل الحماية الشخصية.

وقال المركز في تقدير موقف له: إذا ما أردنا البحث عن سبب بارز للأزمة الإماراتية الداخلية فإننا نتكشف أمام مشكلات عميقة في علاقة السلطة مع جميع فئات المجتمع، والمسؤولية لن تُلقى على السلطة وحدها بل إن جميع قوى المجتمع تتحمل المسؤولية عن هذه الأزمة.

وعن وصف ما يحدث بـ”الأزمة” لا يعني التضخيم منها، إذ سيتم التقليل من حجم المشكلة إذا وصفت العلاقة بين السلطة والمجتمع بأقل من وصف “الأزمة”.

فما يحدث أزمة واضحة فالدولة في الإمارات أصبحت مُجَسَّدة في جهاز الأمن والمحاكم والسجون، وعدم احترام القوانين. فما يعرف الإماراتيون سوى السلطة التي يتحكم بها الفرد أو جهاز الأمن ويسيرها وليس الدولة الحقيقية المنشودة التي تحمي المجتمع وتتطلع إلى بناء مستقبله.

ومنذ بدايات تصاعد هذه العلاقة، برزت منهجية المساومة التي تقوم على تنازل الإماراتيين عن الحريات السياسية والمدنية مقابل حماية الحياة الشخصية، وتظهر الاعتقالات والمحاكمات الجائرة جانباً من عواقب عدم الموافقة على “هذه المساومة الظالمة”، وتبرز معها حجم الانتهاك ففي كل مرحلة من سطوة قانون القوة تراجع معها قوّة القانون، فأصبح كل شيء مباحاً يمكن انتهاكه.

إذ أصبح جهاز الأمن يتدخل في كل كبيرة وصغيرة في البلاد، بدءاً من أصغر تفصيل في حياة الشخص -تلك المرتبطة بعلاقته مع أقاربه وجيرانه- إلى انتهاك الثقافة وحظر أي اعتراض مهما كان بسيطاً حتى لو كان في شأن غير سياسي.

خلال السنوات العشر الماضية تبدو سياسة المساومة أكثر تأثيراً على حياة الإماراتيين. فعلى سبيل المثال: يوجد أكثر من 10 معتقلين سياسيين موجودين في “مراكز المناصحة” بعد انتهاء فترة السجن الخاصة بهم، يتم مساومتهم: الخروج من السجن مقابل عدم “انتقاد السلطات” وامتداح سلوكها الأمني المفرط بالعنف تجاه المواطنين وإنكار “تعرضهم للتعذيب والسجن”، وعدم ارتباطهم بأي شكل من الأشكال بمطالب الإصلاحات في البلاد.

البديل: ولاء مطلق

كانت حادثة عبدالرحمن الصديق التي خرج بموجبها من السجن بعد حكم سياسي بسجنه عشر سنوات عقب اختطافه من دولة أخرى، أكثر الحوادث تأكيداً على المساومة.

فالصفقة لخروجه من السجن مقابلة تلفزيونية ونشر كتاب، ينكر “اختطافه”، و”إنكار مزاعم تعرضه للتعذيب”، ويعلن تبرأه من المطالبة بإصلاحات سياسية في الدولة. تحدث “الصديق” عن ضرورة “الولاء للسلطة” والثقة بما تقوم به.

إن البديل للوطنية -وحب الإمارات- الذي يقدمه جهاز الأمن والسلطة التي تدير الدولة هو “الولاء المطلق”، ويقصد بالولاء ليس “الولاء للوطن” ولا “للإمارات والإماراتيين” بل ولاء للسلطة وجهاز أمن والموافقة والتصفيق للأخطاء والعثرات التي تهدد مستقبل الدولة مهددة معها حياة الإماراتيين. فالولاء الذي تريده السلطة معناه “انعدام التفكير، بل انعدام الحاجة للتفكير، الولاء هو عدم الوعي” كما يقول -جورج أورويل في(1984).

فالسلطة هي التي تفكر بدلاً عن المواطن، وهي التي تستطيع اعتقاله وسجنه وحتى قتله دون تقديم مبرر منطقي لما فعلت، وعلى المواطنين التسليم والموافقة. فإذا قال جهاز الأمن أن 2+2 = 5، فيجب أن تكون هذه هي النتيجة الصحيحة.

إن الثمن الذي يقدمه الرافضون لـ”منهجية المساومة” كبير فيما يتعلق بحياتهم الشخصية فهم يتعرضون للتعذيب والاعتقالات كما يتعرضون لتشويه السمعة ومصادرة الممتلكات، وتعاني عائلاتهم من الإقصاء والتهميش من الوظيفة والتعليم الحكومي، كما يقوم جهاز الأمن بتحذير أقاربهم وجيرانهم من التواصل مع عائلاتهم الموجودة خارج السجن.

وتأتي هذه المنهجية السيئة من أجل هدم “فكرة” أو “مشروع الإصلاح” الذي قُدم في مارس/آذار 2011م، التي تطالب بمجلس وطني اتحادي (برلمان) كامل الصلاحيات منتخب من كل الشعب الإماراتي.

الثمن

لا تحتاج المنهجية إلى توقيع أو موافقة من المواطنين الإماراتيين، بل إن جهاز الأمن قام بالموافقة بديلاً عنه.

إذ أن عواقب عدم الموافقة على هذه المنهجية يعني عواقب أرسلها جهاز الأمن للمجتمع بارتكابه كل أنواع الانتهاكات بحق المعتقلين وأهاليهم هذا النمط من القصف المتواصل لن يترك أي فرصة من أجل مناقشة الأفكار أو البرامج أو الإنجازات؛ حيث تُمحى هوية الأفكار بالتبعية عبر تشويه صورة أولئك الأشخاص الذين يعبرون عنها ويتعرضون لها.

وهذا ما يحاول صناعته جهاز أمن الدولة بالفعل خلال السنوات العشر من الهجوم على “المواطنين السبعة” وقبلهم “الإماراتيون 5″ عام 2011م، و”الإمارات 94” و”وفاة المعتقلة علياء عبدالنور في السجن، ورفض الإفراج عن المعتقلين السياسيين بعد انتهاء الأحكام السياسية بحقهم. لم يكن الغرض منه النيل من شخصياتهم وعائلاتهم بقدر ما هو الحاجة إلى إضاعة الحقوق والحريات وتمييع “عريضة الإصلاحات”.

لكن ما يدفعه المعتقلون من رفض هذه المنهجية لصالح مواطنيهم، أقل بكثير ما يدفعه الإماراتيون بسبب إذعانهم لها. فخلال السنوات الماضية أصبح المواطن يعيش في مناخ متوتر بفعل القوانين الفضفاضة سيئة السمعة التي تعزز من سطوة “قانون القّوة”، مستباحة حياته الشخصية بهذا الكم الهائل من التجسس، غير آمن على ماله من المصادرة وحياة أولاده.

لا يستطيع الحديث عن الاقتصاد بعد أن كان واهماً أن الحديث محظور فقط السياسة، حتى لو تحدث عن حادث مروري في الحي الذي يعيش فيه قد توجه له تهم متعلقة بعرقلة عمل السلطات وتزييف الحقائق، وإذا ما استمر حالة الرضا والخنوع لهذه المنهجية فإن جهاز الأمن سيستمر في سحق حقوق الإماراتيين فهم ليسوا في مأمن حتى لو قدموا “الحريات” مقابل “الحماية”، فالحماية الحقيقية هي بمعرفة الشعب مدى قوته على التصدي ل”التآمر” الذي يقوم به جهاز الأمن ضدهم وضد بلدهم، وحتى إدراك تلك الحقيقة ستستمر المنهجية الصامتة.