موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: حرب الإمارات على اليمن.. الخراب سيد الموقف

220

يتصدر الخراب المشهد في اليمن بعد نحو أربعة أعوام من بدء دولة الإمارات حربا عدوانية على البلاد ضمن دورها الرئيسي في التحالف العسكري الذي قتل آلاف اليمنيين وحول اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وتعد عدن العاصمة المؤقتة لليمن في واجهة صور الخراب الإماراتي المتعمد في اليمن.

إذ شرعت الإمارات وحلفاؤها منذ سيطرتها على عدن، في فرض واقع مغاير لصورة المدينة، من خلال العديد من الممارسات الإجرامية حتى بات لسان حال سكانها “عدن خربوها من زمان وجاءت الحرب لتكمل القضاء على ما تبقّى من معالم وهوية عدن المدنية، فلم نعد نعرفها اليوم”.

وانتشر القتل في عدن وشهدت المدينة تحوّلاً كبيراً يعتبره المتسبّبون به تبدلاً إلى الأفضل، طالما هو يُقدّم مشروع الإمارات وحلفائها إلى الواجهة، فيما يراه الآخرون تغييراً إلى الأسوأ ويُخرِج عدن عن طبيعتها وجمالها المألوف، في رموزها ومدنيتها وطقوسها، وتنّوعها السكاني والثقافي والديني والمذهبي والطبقي، وحتى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، الذي تميّزت به المنطقة لعقود طويلة.

وطاول الاستهداف الإماراتي لعدن المجال الديني فيها، مع دعم أبوظبي لفرض نمط الصوفية عبر جناح من السلفيين الموالين لها، فصَّلتهم وفق مقاسها ليكونوا حلفاء لها، ويفرضوا الواقع الديني كما تريده.

وهذا الواقع الديني يُخرج عدن من ميزتها المعروفة، وهي تنّوعها، إذ احتضنت كل الديانات والمذاهب والعرقيات، الإسلامية واليهودية والمسيحية والبوذية، وحتى الفرس والهنود والباكستانيين والعرب وغيرهم.

وما إن تحررت عدن حتى بدأ استهداف التنّوع فيها من قبل قِوات هي الآن تحت إشراف الإمارات، وهم السلفيون المنخرطون ضمن قوات الحزام الأمني التابعة للإمارات من خلال استهداف المعابد والكنائس في عدن، والتضييق على الحريات الدينية، فضلاً عن تغيير خطباء أغلب المساجد والمراكز الدينية.

ومحاولة فرض هذا الواقع من الإمارات تقسّم المجتمع وتعقّد الحلول للمشاكل، فمن غير المقبول فرض رأي واحد وتوجّه محدد على المجتمع، فيما الناس حاربت هذا الأمر لعقود طويلة، ويأتي اليوم من يعيده بل يستهدف قيادات المجتمع، وفي مقدمتها ممثلوهم كالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وقيادات جنوبية تاريخية، وذلك في مسعى لفرض مشروع خارجي.

وهناك مرافق في محافظة عدن تخضع لأطراف في التحالف السعودي-الإماراتي، وحتى أن بعض الموالين لهم يزيلون صور الرئيس اليمني ويضعون مكانها صور قادة آخرين، كقادة الإمارات وبعض القيادات المستجدة والمدعومة من أبوظبي.

ومحاولات تغيير وجه عدن، تبدو واضحة في شوارع المدينة، التي رُفعت في الكثير منها شعارات وأعلام وصور قادة الإمارات و”المجلس الانتقالي”، واختفت تماماً صور القيادات الجنوبية التاريخية وحتى صور هادي، والتي لا تظهر إلا في بعض مناطق تواجد حاضنته الشعبية والقوات الموالية للشرعية.

كما حلّت أعلام وشعارات الإمارات وحلفائها محل الشعارات والأعلام اليمنية في الكثير من المدارس.

والتغيير في المشهد العدني طاول أيضاً منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، من خلال محاولة الاستيلاء على أرشيف “قناة عدن” وأيضاً “صحيفة 14 أكتوبر” الحكومية.

وتدعم الإمارات وحلفاؤها عدداً كبيراً من وسائل الإعلام والمواقع، فضلاً عن تأسيس بعضها للترويج لسياساتها، فيما تعمل على تضييق الخناق على الآخرين، من خلال التحريض والتهديد، ضد من لا ينخرط ضمن صفوف مشروعها والعمل في الوسائل التابعة لها.

ويتولى “المجلس الانتقالي” تنفيذ المهمة ميدانياً نيابة عن الإمارات، ويستهدف الصحافيين ومنظمات المجتمع المدني، التي يرى أنها لا تعكس توجّهه أو تهاجم الإمارات، مثل تضييق الخناق وملاحقة مراسلي وسائل إعلام خارجية والتحريض ضدهم كقناة “الجزيرة”، ومهاجمة وإحراق مطابع ومقر مؤسسة الشموع للصحافة والطباعة.

وجه آخر من استهداف أبوظبي لعدن يتمثل في استقطاب موالين لها من خارج المنطقة والاعتماد عليهم للاستيلاء على المدينة وإبعاد من كانوا يديرون عدن قبل الحرب، بل نقل معسكرات من يافع والضالع إلى عدن، كما يقول المواطن العدني محمد السعيدي.

والإمارات توفر غطاء لعمليات نهب الأراضي والمنازل التي يقف خلفها قادة في قوات وجماعات تموّلها، وذلك من أجل التغيير الديمغرافي لعدن، عبر إفساح المجال للقادمين من خارج المنطقة للتمركز في عدن وإعادة تشكيل صورة المجتمع من خلال سكان جدد، وفرضهم كوجوه جديدة لتمثيل المدينة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وهي الفكرة التي حاول الرئيس الراحل علي عبدالله صالح تطبيقها في عدن.

وتُتهم الإمارات بتحريك عناصر يتبعون لها ويحسبون على قبائل محددة في عدن، للقيام بأعمال بسط السيطرة، فضلاً عن إيكال مهمة إدارة عدد من المرافق مقابل إقصاء أبناء عدن.

وتعمد الإمارات عبر حلفائها إلى اختراق الاقتصاد اليمني، وباتت تدفع بالكثير من التجار من مناطق يافع والضالع، لتصدّر المشهد الاقتصادي في عدن، من خلال فتح المجال لهم في المقاولات وحماية تجارتهم، وحتى في توريد الصادرات الإماراتية إلى السوق اليمنية، فالأزياء العسكرية والأمنية، والرُتب التي باتت تشاهد على أكتاف عناصر التشكيلات الأمنية المختلفة، هي من الأزياء الإماراتية، وتوضع عليها الأعلام والشعارات الإماراتية.

ليس هذا فحسب بل إن الأسواق في عدن تغرق بالواردات الإماراتية، لتتحوّل المدينة إلى سوق للمنتجات الإماراتية، فضلاً عن بعض المصنوعات الغذائية، بالتوازي مع تضييق الخناق على الرموز الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي لا تقف مع مشروع أبوظبي، ومحاولة تدمير حرية الرأي والتعبير التي جاءت بها ثورة فبراير، وكذلك مخرجات الحوار الوطني والقانون والدستور في الدرجة الأساسية.

ويعتبر اليمنيون أن هذا الواقع الذي فرضته الإمارات يشبه إلى حد كبير ما حاول البريطانيون فعله في عدن أثناء الاحتلال، وكذلك ما حاولت الإيديولوجية الاشتراكية فرضه على عدن خصوصاً والجنوب عامة في فترة ما قبل الوحدة، من خلال تغيير الفكر وتقييد الحريات وفرض رأي سياسي واحد، وشنّ حرب على رجال الدين، ومحاربة الرموز الاقتصادية، وتأميم الممتلكات الخاصة.

مليشيات جديدة

في هذه الثناء كشفت مصادر يمنية تحركات إماراتية وسعودية لإنشاء ميليشيات عسكرية موازية للقوات الحكومية في محافظة المهرة شرق اليمن، رغم حالة الرفض الشعبي المتواصل لسياسات الهيمنة التي تبديها كل من أبوظبي والرياض بالمدينة.

وأشار المصدر إلى أن “هناك قوة أنشأتها السعودية تحت مسمى قوات الحماية الخاصة والطوارئ بالمهرة، وتتخذ من مركز الشباب والرياضة في المهرة مقرا لها”.

ووفقا للمصدر وثيق الاطلاع فإن هذه القوة التي تم تأسيسها، من ثلاث محافظات وتحت قيادة شخص مقرب من السلفي المثير للجدل المقرب من دولة الإمارات والمحال من الحكومة الشرعية للتحقيق، هاني بن بريك، يدعى “وضاح الكلدي” وهو من أبناء منطقة يافع في محافظة لحج (جنوبا).

وأكد المصدر المطلع أن إطلاق اسم “قوات الحماية والطوارئ” على هذه القوة، محاولة بائسة للتمويه، رغم أنها لا تختلف عن المليشيات التي دربتها وسلحتها “أبوظبي” في محافظات جنوبية وشرقية أخرى مثل “الحزام الأمني” في مدينة عدن (جنوبا)، و”النخبة الشبوانية” في مدينة شبوة (جنوب شرق البلاد)، و”النخبة الحضرمية” في مدينة المكلا، عاصمة حضرموت (شرقا).

وذكر أن هذه القوة تتألف من أكثر 3 آلاف عنصر، ينتمون لمحافظات “شبوة وأبين، ويافع” بأوامر سعودية، بينما كان نصيب أبناء المهرة من هذه القوة نحو 300 عنصر، لافتا إلى أن هدفها في المقام الأول الانتشار في شواطئ وموانئ المحافظة، والتحكم بها، فضلا عن تهميش القوات الحكومية في هذه المهام، وهو ما لا يمكن القبول به.

ووفق المصدر، فإن المزاج العام في المهرة، يخيم عليه الغضب، إزاء هذه التحركات لعسكرة مدينتهم التي كانت بمنأى عن الحرب المدمرة في البلاد، والتي قد تفجر الموقف عسكريا.

وتموج محافظة المهرة التي توصف بأنها بوابة اليمن الشرقية، على الحدود مع سلطنة عمان، بأحداث عاصفة، جعلتها بين مد التحركات السعودية للهيمنة عليها، وجزر الرفض الشعبي والرسمي الواسع لهذا الوجود الذي يصفونه بأنه احتلال.

ويترافق ذلك مع محاولات “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي تشكل بدعم إماراتي أواسط العام 2017، لإنشاء مليشيات تابعة له في المهرة، وإيجاد موطئ قدم له في المهرة.

وكان وكيل محافظة المهرة لشؤون الشباب، بدر كليشات أطلق دعوة قبل أسابيع للتحذير من التحركات التي يجريها المجلس الجنوبي المدعوم من أبوظبي، لإنشاء مليشيات تابعة له في هذه المدينة، لإشعال الفتنة فيها والتخطيط لانقلاب آخر على الشرعية الدستورية.

غير أن هذا التصريح من قبل كليشات، دفعت حاكم المهرة، باكريت، إلى إيقافه عن العمل وإحالته للتحقيق بتهم عدة، بينها عدم خضوعه للإجراءات الجمركية والأمنية وإخلاله بواجباته الوظيفية.

قتل مستمر

أفادت مصادر محلية في محافظة الحديدة، غربي اليمن، بأن قتيلين سقطا إثر اقتحام قوات مدعومة من الإمارات معسكراً لقوات الأمن الحكومية في جنوب الحديدة، فيما غادر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث صنعاء، بعد زيارة ليومين.

وأوضحت المصادر أن قوات ما يُعرف بـ”النخبة التهامية”، المدعومة من الإمارات، اقتحمت معسكر “أبي موسى الأشعري”، في مدينة الخوخة، والذي يعد مقراً لقوات الأمن الخاصة التابعة لوزارة الداخلية.

وحسب المعلومات الأولية، فقد قتل جنديان وجرح آخرون خلال الاقتحام، الذي قامت قوات “النخبة” خلاله باعتقال قائد القوة في مديرية الخوخة، ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق أو تفاصيل أوفى حول ملابسات الحادثة من مصادر حكومية.

وتعد قوات “النخبة التهامية” التسمية التي تُطلق على قوات دعمت الإمارات تأسيسها على غرار “الحزام الأمني” و”النخبة الحضرمية” و”النخبة الشبوانية”، جنوباً وشرقاً، غير أن “التهامية” لا تزال محدودة الحضور.

والخوخة هي أولى مديريات الحديدة على أطراف المحافظة، وتسيطر عليها القوات الحكومية وأخرى مدعومة من الإمارات منذ ديسمبر/ كانون الأول 2017.