موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تركي الدخيل.. مرتزق إماراتي لتشويه الحركات الإسلامية

534

“سَبَرَ” كلمةٌ تنحدر في اللغة العربية من معاني التجربة والفحص والإحاطة بالشيء وكُنهه، ومن المعنى ذاته اتخذ “تركي الدخيل” عنوان مركزه البحثي من أبوظبي وتحت رعايتها “مركز المسبار”. بدأت مسيرة الإعلامي ومقدم البرامج بالسطوع خلال عمله لفترة شارفت العقدين من الزمان في الإعلام الخليجي، متنقلا بين مؤسسات إعلامية سعودية وإماراتية.

وقد شارك الدخيل منذ عام 2003 في تأسيس قناة “العربية”، الممولة سعوديا والمتصلة مباشرة بالديوان الملكي، والتي تُبث حاليا من الإمارات، ثم أصبح مديرها حتى مطلع هذا العام. قبل ذلك، عمل الدخيل في عام 2005، ومن أبوظبي أيضا، على تأسيس مركز “المسبار للدراسات والبحوث” والذي جعله موجها نحو رصد وتفكيك الحركات الإسلامية.

قاد الدخيل عددا من المهام الإعلامية الأخرى ضمن مشروع إعادة رسم الخريطة الثقافية في أبوظبي، حيث شارك في تأسيس عدد من الفعاليات الثقافية والفكرية في أبوظبي، مثل جائزة “الشيخ زايد للكتاب”، وعضوية مجلس أمناء “المعهد الدولي للتسامح” الذي يقع مقره في أبوظبي أيضا.

ولاحقا أصبح الدخيل واحدا من أهم فاعلي الإعلام السعوديين داخل بلاط ابن زايد، ولتصبح الإمارات المتحدة موطن سكناه الدائم، والمفضل كما يبدو، لا الرياض!

فالحال مع الدخيل لا يتوقف عند حد اعتباره إعلاميا ومقدم برامج خليجيا، فالمتتبع لمسيرة الدخيل يلحظ عددا من المفارقات والتحولات من اليمين لأقصى اليسار، وأن مساره الفكري، والذي تجسد في مركز المسبار لاحقا، تعمل ضمن أجندة واضحة مُصاغة على الذوق الإماراتي، ويختلط فيها “الإعلامي والبحثي” مع “السياسي والعسكري”.

مركز المسبار.. بين تطرّفين

أُشير في تقرير “من أفغانستان لحضن ابن زايد.. كيف أصبح تركي الدخيل رجل بن سلمان الأول في الإمارات؟!” إلى تحول الدخيل من تجربة الجهاد الأفغاني والتي سطرها في كتابه “كنت في أفغانستان” إلى رجل السعودية الأول في أبوظبي.

إلا أن المتتبع لتحولات العديد من السعوديين يدرك أن الدخيل لم يكن وحيدا في هذا التحول، أي من الجهاد الأفغاني وصولا لبلاط الإمارات. حيث مثّل تحول الدخيل خيطا ضمن شبكة واسعة، أصبح هو الرأس فيها وقائد دفتها؛ وشمل شخصيات عديدة انتظم عقدها في مركز المسبار فيما بعد!.

بالجوار إلى تركي الدخيل، مؤسس المركز، يقف منصور النقيدان، مدير مركز المسبار، الذي كان عضوا في جماعة “إخوان بريدة”، التي عبّرت عن امتداد لجماعة إخوان من طاع الله والجماعة السلفية المحتسبة، التي اعتمدت تغيير المنكر باليد في المملكة العربية السعودية، وهو ما أدى لارتدادت داخلية واسعة عبرت عنها عدد من الحوادث في بداية التسعينيات داخل المملكة.

كان النقيدان، مع آخرين من باحثي المركز، ضمن هذا التيار الذي يصفه متابعون باعتباره “شديد التطرف والإقصاء” في الداخل السعودي، والذي مال إلى الشدة وتحريم كل مظاهر التقانة حتى ساهم في خلق مناخ شديد الحذر تجاه الوسائل التكنولوجية الحديثة، بصفة خاصة ما اتصل بالهاتف والتلفاز والشريط، حتى وإن كان ذا محتوى ديني.

اتُّهم التيار الذي انتمى إليه النقيدان بأنه يناصب العداء للسلطات السعودية، وهو ما سيتجلى عنه لاحقا في حركة جهيمان العتيبي، حيث انخرط النقيدان في حملات تكسير محلات الفيديو في المملكة، قبل أن يتم اعتقال النقيدان نفسه لمدة عامين وثمانية أشهر بسبب صدامه مع مواطنين في بريدة ضمن حملات تكسير محلات الفيديو، مع الاعتقال بتهمة الانتماء لتنظيم سريّ انخرط فيه النقيدان ومشاري الزايدي وعبد الله بجاد، وكان هذا التنظيم مسؤولا عن تفجيرات الرياض بحسب شهادة المنظّر الجهادي الشهير أبي محمد المقدسي!

وبالعودة للمسبار، فلا يقتصر الحال على الدخيل والنقيدان، وإنما امتد إلى رفاقهم القدامى “مشاري الزايدي” و”عبد الله بن بجاد”، فقد كان ثلاثتهم ضمن تنظيم سري كما ذكرنا اتُّهم بتفجيرات الرياض، ليعتقل النقيدان على إثره، في الحين الذي استطاع “الزايدي” و”بجاد” الهرب خارج البلاد بجوازات سفر مزورة، قبل عودتهم إلى البلاد واعتقالهما لاحقا بتهم عديدة، منها تكفير السلطة القائمة، وقد كان الزايدي ممن سافروا إلى أفغانستان أوائل التسعينيات، كما تركي الدخيل.

وبذلك، لم يكن الدخيل وحده هو من عاد من أفغانستان ليتولى دفّة المركز في الإمارات، بل رافق الدخيل عدد من الباحثين السعوديين الذين تحولوا من الصدام مع الدولة إلى السير في مشروع إماراتي له أهدافه الفكرية والسياسية، وهي التحولات التي وصفتها مضاوي الرشيد، أستاذ الأنثروبولوجيا الدينية، بالتحولات الانتهازية التي تبحث عن موضع في ركاب السلطة.

بحوث في خدمة المخابرات

لا تُخطئ عين المتأمل في أن إنتاج مركز المسبار ينصب على رصد الحركات الإسلامية، وربطها بظاهرة التطرف والعنف في البلدان العربية عموما، وفي الخليج على وجه الخصوص، وهو ما عبّر عنه موقع المركز بقوله: “المسبار للدراسات والبحوث هو مركز مستقل متخصص في دراسة الحركات الإسلامية والظاهرة الثقافية عموما، ببُعديها الفكري والاجتماعي السياسي”.

وصف المركز نفسه “بالمستقل”، الأمر الذي يُشكك فيه عدد من الباحثين باعتبار المركز مدعوم بالكامل من الإمارات في إطار نظرتها للإسلاميين، وهو ما يجعله منطلقا من أجندة مُحددة سلفا.

إذ وبحسب وثائق عرضتها حلقة “بين تطرفين” لتامر المسحال فإن المركز يتلقى دعما سخيا من حُكام الإمارات وتمويلا سنويا من ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد” بقيمة 12 مليون درهم إماراتي. وهو ما يجعل المركز “مُوجّها، مئة في المئة، لخدمة سياسة الإمارات من الحركات الإسلامية” بحسب ما وصف جاسم الشامي المعارض الإماراتي!

على التوازي من ذلك، يُصدر المركز عددا من العناوين الرنانة في رصد وتتبع التيارات الإسلامية، والنظر إلى تطوراتها ومآلاتها وإعادة تموضعها في العالم، جنبا إلى عدد من الإصدارات التي تتبع المناهج التعليمية لهذه الحركات وتفاعلاتها السياسية والاجتماعية، مع إعطاء أولوية خاصة لمنطقة الخليج.

وهو ما يعني أن جزءا من عمل المركز الرئيسي منصب على “الإسلام الحركي” بكافة أشكاله وعلاقته بالإرهاب وفق النظرة الإماراتية، لكنّ عددا من أبحاث المركز غلب عليها الطابع الإعلامي والاستخباراتي، مثل بحث “الإخوان المسلمون الجدد في الغرب”، وهو ما يضع علامات استفهام حول جمع المركز لمعلومات عن الحركات والمنظمات والشخصيات الإسلامية وإعطائها للحكومة البريطانية أو تسريبها للصحافة الغربية عموما للضغط على حكوماتها بحسب رأي متابعين. وقد اتُّهم المركز كذلك بإعداده المُكثّف لملف “دعاة الإصلاح” الإماراتيين، والذي قامت الحكومة الإماراتية على إثره باعتقال قادة من عُرفوا ب “دعاة الإصلاح”.

ثَم نقد آخر متكرر يُوجّه إلى أبحاث المسبار يتمثل في أن العناوين التي يتخذها المركز لأعماله لا تصمد أمام المنهجية الأكاديمية أو تدقيقات البحث العلمي، باعتبار أن موضوعاته موجهة لخدمة أجندة بعينها. يقول الباحث أبو عبد الله العليان: ” الإصدارات، بالرؤية العامة للمدخلات والمخرجات الفكرية، والظروف والملابسات المحيطة بها، تدعو الباحث إلى الريبة والشك، وأنه موضوع لخدمة أجندة فكرية خارجية”، وهو ما جعل البعض يتهم إنتاجهم حول الحركات الإسلامية بأنها “تتسم بشيء من السطحية وافتقار العمق رغم جاذبية عناوينها، بل تكاد تكون في كثير منها تقارير إعلامية مبنية على معلومات تم ترويجها في وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية أكثر منها معلومات استقصائية تمت من خلال طرق علمية سليمة”.

المسبار.. والوقيعة بين السعودية والإمارات

على الرغم من اللغط الذي أثاره اعتماد الدخيل سفيرا لدى الإمارات مؤخرا، والذي حرص فيه الدخيل -بحسب مغردين- على الظهور بهيئة “موظف إماراتي” أثناء لقائه بوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد في مراسيم تنصيبه وتعليقه على هذا الاستقبال لاحقا، قبل حرصه على الظهور بصورة موظف سعودي، برتبة سفير! الأمر الذي تم وصفه باعتباره اختراقا للأعراف الدبلوماسية، وهو ما جعل عددا من المغردين على تويتر لمهاجمته ووصفه بالرعونة، ليغرد أحدهم: “أنت الآن سفير لخادم الحرمين الشريفين ولست مذيع العربية حتى تقول شرفني وأتاح لي بالرغم من التزاماته، أنت تمثل سلمان بن عبد العزيز”.

بالرجوع قليلا، وقبل وصول محمد بن سلمان إلى سُدّة ولاية العهد، وتقاربه العضوي اللاحق مع الإمارات، فقد انطلق سيل من الاتهامات التي قادها إعلاميون ورجال أمن سعوديون يتهمون الدخيل والمؤسسات الإعلامية التي يديرها الخيل بالمسؤولية عن زعزعة استقرار وأمن المملكة لصالح أبوظبي.

حيث اهتم مركز المسبار برصد المملكة من الداخل، والتشكيلات الإسلامية بها بصورة مركزية، مع التركيز على الطوائف الدينية المهمشة في المملكة مثل الصوفية والشيعة وتعامل السلطة معهم. وكذا ما يتصل بامتدادات الإخوان المسلمين في الخليج، مع تسليط الضوء على الجهاديين كذلك، وقد امتد عمل المسبار ليطال الممارسات الدينية الرسمية في المملكة، في اتهام لها بالانحياز المذهبي، وهو ما تزامن مع تصريح منصور النقيدان مدير المسبار، بأن سياسة السعودية يسهل “استحمارها”، وهو ما اعتبره سعوديون سُبّة لبلادهم غير مقبولة، وأثار لغطا واسعا بين البلدين، وأهداف المركز!

وفي فبراير/شباط 2016، أطلق مغردون على تويتر هاشتاج “المسبار يهدد أمننا” بدأه عبد العزيز الهويريني، مدير عام المباحث العامة، بقوله: “هناك مركز إعلامي في دولة مجاورة يعمل على شن حملات تشويه للمملكة، عن طريق أشخاص عاشوا بيننا”، لتنطلق عشرات التغريدات التي تنتقد المسبار ومموليه والقائمين عليه من السعوديين القابعين في البلاط الإماراتي.

وقد أشار سعود الحضيف، أستاذ الإعلام السياسي، إلى “أن المركز يقوم بدور استخباراتي، وأن أغلب نشاط المسبار تجسسي ضد السعودية، يتمثل في مراقبة شخصيات ومؤسسات ذات توجه سلفي باسم محاربة الوهابية”.

اتهامات ما لبثت حتى خفت صداها وتأثيرها بعد وصول محمد بن سلمان إلى الحُكم، ومحاولاته المستميتة للانعتاق من ماضي السعودية والمُضي نحو إمارات بن زايد، والاقتراب أكثر بين بن سلمان وتركي الدخيل، وتتابع ظهورهما الإعلامي بين الرياض وأبوظبي، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلا مهما، من الذي عيّن الدخيل سفيرا للسعودية في الإمارات، ابن سلمان، أم ابن زايد؟، وهو السؤال الذي يمكن النظر إليه من أرضية أنه لا أفضل للإمارات من سفير للمملكة على أراضيها من الدخيل، صاحب التاريخ الطويل في التماهي مع النظرة الإماراتية تجاه الإسلام السياسي، والتاريخ الديني للمملكة!