موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: مؤامرات الإمارات تستهدف الهيمنة على الساحل الغربي لليمن

217

تصعد دولة الإمارات مؤامراتها بهدف الهيمنة على الساحل الغربي لليمن وإبعاد أيّ وجودٍ أو نفوذٍ للشرعية عبر تمويل أبوظبي ميليشيات مسلحة خارج نطاق القانون.

ويسود القلق والخوف في اليمن، ولا سيما في أوساط الحكومة، فضلاً عن الخشية التي أبداها عدد من دول الجوار، من تداعيات ما تقوم به الإمارات والمليشيات التي أنشأتها ودرّبتها وموّلتها في الساحل الغربي والشرقي لليمن، خصوصاً في ظلّ رصد تحركاتٍ لها لفرض سيطرتها الكاملة على المنطقة.

وكشفت مصادر عسكرية خاصة في المنطقة العسكرية الرابعة، وداخل القوات الموجودة في الساحل الغربي، أن الإمارات تهيئ تلك المنطقة لتكون واحدة من أكبر مناطق وجودها خارج حدود أراضيها، وذلك على الصعد العسكرية، وحتى التدريبية.

ويأتي ذلك في ظل مساعي أبوظبي المتصاعدة في سبيل إنشاء العديد من المعسكرات الجديدة والقواعد العسكرية، كما هو الأمر في جزيرة ميون وميناء المخا، وبسط سيطرتها الكاملة على الساحل الغربي الممتد من الحديدة إلى حدود مدينة عدن، ومضيق باب المندب، مع إنهاء كامل أيضاً لأي وجودٍ أو نفوذ، أكان صغيراً أم كبيراً، للشرعية في تلك المنطقة.

ويضمّ الساحل الغربي مناطق تهامة والمخا وذباب وجزءاً من لحج، فيما يمتد الساحل الشرقي من شبوة مروراً بحضرموت الساحل، وصولاً إلى المهرة.

وأكدت المصادر أن أبوظبي أبعدت الشرعية عن الساحل الغربي ومناطقه وموانئه، بمساعدة من عائلة الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، ممثلاً بتسعة ألوية دعمت الإمارات تشكيلها وتمولها بشكل كامل، ويقودها العميد طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل.

وأمدت الإمارات صالح بأسلحة حديثة، وبكمياتٍ كبيرة منها، تكفي لتغطية جيش دولة، علماً أن بعضاً من تلك الأسلحة لم يملكها حتى وكلاء الإمارات جنوباً، في ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي.

إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن أبرز رجال الاستخبارات والقيادات العسكرية والأمنية ومسؤولين إماراتيين، وحتى ضباط وخبراء أجانب تستعين بهم أبوظبي، يزورون بشكلٍ مستمر الساحل الغربي، حيث يمكثون أحياناً لفترات تصل إلى لأشهر، إضافة إلى فتح مراكز تدريب لأجانب بينهم أفارقة وعرب، ولا يعرف حتى اللحظة أماكن استخدامهم والأدوار التي قد يقومون بها والمهام التي قد توكل إليهم، إذا ما كانت داخل اليمن أو خارجه.

ووفقاً لذلك، تقول المصادر إن الإمارات تسعى إلى تقليص نفوذ الشرعية رويداً رويداً، وتغيير وجه وخريطة جغرافيا الساحل وعلاقته باليمن.

وبحسب المصادر، فهي نجحت كثيراً في ذلك، عبر استخدام وكلائها من اليمنيين، ممثلين في قوات طارق صالح والمجلس الانتقالي، ممن سهّلوا لها السيطرة على أغلب الجزر اليمنية، وأهمها في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن فضلاً عن المحيط الهندي. ولا تعرف الشرعية كثيراً ما تقوم به الإمارات داخل هذه الجزر.

كما أن أحد المصادر الحكومية اليمنية الرفيعة قال بشكل مختصر، إن القلق الحكومي اليمني يشاطره أيضاً قلق من دول القرن الأفريقي، وسلطنة عمان.

وقد وصل في هذا الإطار، إلى آذان المسؤولين اليمنيين أكثر من مرة، القلق داخل هذه الدول مما قد تسببه الإمارات في المستقبل في تفجير مزيد من الصراعات من شأنها أن تؤثر على الممرات البحرية الدولية، لا سيما أن الصراع بين أطراف الأزمة الخليجية، يلعب دوره في ما تقوم به أبوظبي في اليمن وسواحله وبحاره، وتغضّ الطرف عنه السعودية.

وفي السياق ذاته، ذكر أحد وكلاء محافظة لحج، الذي فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن الإمارات وجدت صعوبة في السيطرة على جزءٍ من الساحل في محافظة لحج، والذي يربط بين الساحل الغربي وعدن، بسبب وجود قوات تابعة للشرعية تنتشر بشكل كبير في لحج وصولاً إلى رأس العارة المطل على مضيق باب المندب، من الناحية الشمالية الغربية وخليج عدن.

ولذلك حاولت أكثر من مرة شنّ عمليات عسكرية لهذا الهدف، لكنها فشلت بسبب ما قد تسببه من تداعيات على تحركاتها في أكثر من جبهة، ونقص الإمكانيات البشرية.

ويقول الوكيل نفسه إن الإمارات لجأت الأسبوع الماضي، في محاولة لخلق صراع بين القوات التابعة للشرعية في لحج، إلى دفع قوات في المنطقة العسكرية الرابعة لمهاجمة قوات العمالقة – فصيل الشرعية في لحج، قبل أن يتدخل محافظ لحج أحمد عبدالله التركي يوم الجمعة الماضي، عبر جمع قيادة المنطقة الرابعة وقيادة العمالقة وإنهاء المشكلة سريعاً. وقدمت قيادة المنطقة الرابعة اعتذارها لقيادة العمالقة، واعدة بعدم الانجرار مجدداً إلى هذا الفخ.

وفي سقطرى في المحيط الهندي، قالت مصادر في السلطة المحلية، إن قوات موالية للإمارات اعتقلت العشرات من أنصار الشرعية من ناشطين ومسؤولين محليين وشخصيات اجتماعية وضباط وجنود، وحتى رجال أعمال، وأدخلتهم المعتقلات والسجون بأوامر مباشرة من ضباط إماراتيين وصلوا أخيراً إلى الجزيرة.

يأتي هذا فيما وجهت السلطة المحلية في محافظة شبوة صفعةً جديدة لأبوظبي، بعد إعلان قيادة المحافظة إنشاء متحف خاص ووضعت فيه ثماني مدرعات عسكرية أميركية، كانت قوات الجيش الوطني قد استولت عليها، أثناء محاولة الإمارات ووكلائها الانقلاب في شبوة، في أغسطس/آب الماضي.

وكانت هذه المدرعات المسماة “كايمان”، قد سلّمتها واشنطن للإمارات لمكافحة الإرهاب، لكنها استخدمتها في محاربة الشرعية والانقلاب عليها. ونتيجة المطالبة الأميركية للإماراتيين بضرورة استعادة تلك الآليات العسكرية، حاولت أبوظبي إرسال وساطات وتقديم إغراءات، وأحياناً إصدار تهديدات لقيادة محافظة شبوة، بواسطة طيرانها المسير، لإعادة الآليات، إلا أن كل ذلك تمّ رفضه وقررت قيادة شبوة وضع المدرعات في متحف خاص، مفتوح أمام الزوار من المحافظة وخارجها، وحتى جعل زيارته تقليداً وبروتوكولاً رسمياً لضيوف المحافظة.

ووفق مقربين من السلطة المحلية ووسائل إعلام مقربة منها، فإن الهدف من وضع هذه الآليات العسكرية في متحف هو أن تكون شاهداً ودليلاً على ما قامت به الإمارات بحق أبناء شبوة في محاولة احتلال محافظتهم عبر انقلاب أغسطس، وإشعال فتيل حرب أهلية داخل المحافظة، فضلا أن هناك هدفاً آخر من عرضها ألا وهو إحياء الذاكرة الوطنية لدى كل اليمنيين وجعل المسألة رمزاً للنضال ضد كل المساعي الخارجية لاحتلال اليمن، أياً كان شكل وهدف الدول المتورطة في ذلك.

نهب ثروات حضرموت

بعد الانتهاء من سقطرى التي تخضع للبسط المؤقت من قبل مليشيات حلفاء الإمارات، وحصار المهرة والسيطرة على ميناء عدن وبلحاف والمخا وجزء كبير من الساحل الغربي لليمن، اتجه قطار الاحتلال الإماراتي بسرعة فائقة إلى حضرموت أهم وأكبر محافظة يمنية واعدة بالموارد الاقتصادية والثروات الطبيعية والموانئ والموقع الجغرافي المطل على بحر العرب والمحاذية للسعودية.

وتشهد المحافظة الواقعة جنوب شرقي اليمن محاولات واسعة ارتفعت حدتها منذ نحو شهر لخلق أعمال فوضى وتحركات لزعزعة الأمن والاستقرار يقف خلفها حسب مصادر محلية مطلعة، حلفاء الإمارات من المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي الذي يدير بإشراف أبوظبي قوات عسكرية تعرف باسم النخبة الحضرمية ويزيد قوامها على 15 ألف فرد.

وفقاً للمصادر فإن التركيز الإماراتي على حضرموت الغنية بالموارد الطبيعية جاء منذ وقت مبكر من بداية الحرب الدائرة في اليمن والتي دخلت عامها السادس رغم ابتعاد حضرموت عن هذه الحرب وطابع مجتمعها السلمي، إذ ترمي الإمارات بكل ثقلها للاستحواذ على موانئها الاستراتيجية المطلة على البحر العربي، وما تكتنزه من مخزون نفطي كبير ومواقع استكشافية واعدة في الثروات المعدنية خصوصاً الذهب والزنك والرصاص والحديد والإسمنت.

وتعمل في حضرموت 3 موانئ استراتيجية مطلة على البحر العربي تستخدم الإمارات اثنين منها هما ميناء الشحر غرب المحافظة لأغراض تجارية وعسكرية خاصة، وميناء الضبة، بينما تعد المحافظة من المناطق اليمنية الواعدة في الثروات النفطية، إذ تقدر عدد المواقع الاستكشافية والإنتاجية والتي لم يتم التنقيب فيها إلى نحو 17 موقعاً.

كما توجد مواقع عديدة في مجال المعادن أهمها ثلاثة مواقع منتجة للذهب تتحكم بها شركات إماراتية تقوم بتهريب هذا الخام النفيس عبر ميناء الضبة الخاضع لسيطرة قوات عسكرية تابعة لأبوظبي.

وتقدر دراسة أجرتها الهيئة اليمنية للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية (حكومية)، واطلعت عليها “العربي الجديد”، الاحتياطي من مادة الذهب في وادي مدن بحضرموت بنحو 678 ألف طن بدرجة 15 غرام ذهب في كل طن صخور حاوية على الخام.

لكن العمليات الاستخراجية والاستثمارية واستغلال هذه الثروات تجري في إطار من السرية، إذ تضع شركات إماراتية يدها على قطاع المعادن بشكل عام في اليمن، ومواقع استكشاف واستخراج الذهب بشكل خاص وبالذات في المحافظات والمناطق التي من المفترض خضوعها لسيطرة الحكومة اليمنية.

وفي الوقت الذي لا يزال فيه مصير 16 موقعاً لاستكشاف واستخراج الذهب غامضاً في اليمن، يعتقد على نطاق واسع سيطرة شركات إماراتية عليها، تؤكد دراسة هيئة المعادن على وجود كميات كبيرة من احتياطي هذا الخام النفيس.

ويقول الخبير في الهيئة اليمنية للاستكشافات النفطية الحكومية، نجيب المحمدي، إن حضرموت تكتسب أهمية كبيرة في اليمن من الناحية الاقتصادية والجغرافية والنفطية، فهي أكبر محافظات اليمن مساحةً وأكثرها استقراراً وتنوعاً، إضافة إلى احتوائها كما يؤكد المحمدي لـ”العربي الجديد”، على النسبة الكبرى من احتياطيات اليمن النفطية بنحو 65% خصوصاً في حوض بترومسيلة الذي يعمل فيه مجموعة من الحقول النفطية اليمنية المنتجة التابعة لشركة بترومسيلة الحكومية في اليمن.

ويعمل في محافظتي شبوة وحضرموت جنوب شرق اليمن وفق تقارير رسمية 35 قطاعاَ نفطياَ، وهو ما شكل دافعا للإمارات لتعزيز وجودها في المحافظتين، إذ ما تزال المناطق النفطية في شبوة تحت سيطرتها بينما 50% من حضرموت تحت سيطرة قوات محلية موالية لها.

وتكشف في هذا الخصوص مصادر محلية في حضرموت وشبوة سعي أبوظبي منذ فترة لإنشاء شركات محلية تخضع لإدارتها عبر شركات إماراتية وآسيوية متخصصة في مجال الطاقة وتكوين شراكة استثمارية لتنفيذ مشاريع وفق مخطط يشمل مواقع أخرى في الساحل الغربي لليمن.

وموانئ حضرموت لها أبعاد تاريخية في طريق الحرير الذي تعمل الصين على إعادته، ضمن حلقة مائية استراتيجية تكتنزها اليمن وترتبط بميناء بلحاف في شبوة مروراً بخليج عدن وصولاً إلى ميناء المخا وباب المندب.

ويعد ميناء الشحر في حضرموت الهدف الأهم الذي تركز عليه الإمارات في حضرموت فهو أقرب نقطة بالنسبة لها لميناء جيبوتي الذي خسرت المنافسة عليه مع الصين، الأمر الذي جعلها تتموضع في ميناء الشحر لاستخدامه كورقة في إطار الصراع الإقليمي الدائر الخاص بطريق الحرير الذي من المفترض عودته بعد هدوء مؤقت نتيجة انشغال كثير من الدول بمكافحة فيروس كورونا.