موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تتورط بدماء المتظاهرين العزل في السودان

269

قبل أيام قليلة فقط كان كبار قادة المجلس العسكري في السودان يقومون بجولات في مصر والإمارات العربية والسعودية، حيث استقبلوا هناك بحفاوة كرؤساء الدول، وليس كعسكريين يخوضون مخاضا صعبا مع شعوبهم الرافضة لبقائهم على رأس السلطة.

وبعد أيام معدودات من عودة العسكر للخرطوم اخترقوا مقر اعتصام الثوار في القيادة العامة فأضرموا به النار وأطلقوا الرصاص على الثائرين لإجبارهم على فض الاعتصام.

هذه التطورات والتصعيد الشديد بلهجة العسكر ضد القوى المدنية والسياسة دفعت المراقبين والمحللين والنشطاء للربط بين جولات العسكر في الدول الثلاث وبين التطورات الدرامية التي شهدها مقر الاعتصام.

ويقول مراقبون إن ما جرى في مقر الاعتصام لم يكن مفاجئا وإنما جرى التمهيد له بإجراءات عدة اتخذها العسكر، من ضمنها التصعيد باللهجة ضد قوى الحرية والتغيير واتهامها بالتجرد من السلمية، وطرد قناة الجزيرة من السودان، لتغييب الشاهد عن المجزرة التي يجري الإعداد لها.

وأيادي القاهرة والرياض وأبو ظبي فليست بريئة من دم من قتلوا في مقر الاعتصام بحسب المحللين، فما جرى بالمقر تم بحثه في العواصم الثلاث، بل إن عياصرة يذهب للاعتقاد بأن هذه العواصم وعدت العسكر بأمرين، أولهما المال من أجل منحهم فرصة التحرك بحرية وسط المجتمع السوداني، والثاني أن تلك العواصم وعدتهم بالتغطية الدولية، والحصول على الدعم من قبل قوى دولية كبرى، على رأسها الولايات المتحدة.

ولكن كيف انطلت الحيلة على قوى الحرية والتغيير في السودان ولم تدرك مبكرا العلاقة بين العسكر وبين الدول الداعمة للثورات المضادة بالربيع العربي؟

ردا على هذا السؤال، يقول عضو تجمع المهنيين السودانيين أزهري الحاج إن العسكر نجحوا لحد كبير في خداع قوى الحرية والتغيير التي لم تدرك مبكرا الأهداف الحقيقة من وراء مماطلة العسكر بالمفاوضات، ووضعهم العراقيل أمام تقدمها، ليتبين لها الآن أنهم كانوا يسعون لكسب الوقت لتقوية أنفسهم داخليا، وتعزيز علاقاتهم الخارجية مع الدول التي من مصلحتها بقاء العسكر وعدم تحقيق مطلب الدولة المدنية للسودانيين.

ومع أن الأزهري يؤكد أن قوى الحرية والتغيير تعرف تماما الدور الذي تلعبه كل من الإمارات والسعودية والقاهرة لدعم الثورات المضادة إلا أنها كانت تراهن على “سودانية وإنسانية وإسلام” العسكر، لتكتشف -أي قوى الحرية- أن العسكر في السودان مثل غيرهم بدول أخرى ينقلبون على كل مبادئهم وتعهداتهم.

ويبدو أنه حتى المراقبين السياسيين والمحللين المنحازين لجانب العسكر لا يمكنهم إنكار دور الدول الثلاث بما جرى في مقر الاعتصام، فالمحلل محيي الدين محمد اعترف بأن لهذه الدول مصالح ورؤى محددة، وقد تتدخل في شؤون غيرها من الدول لضمان مصالحها وتحقيق رؤيتها.

ولم يستبعد محيي الدين أن يكون العسكر لجؤوا إلى فض الاعتصام، لأن مقر الاعتصام أصبح يشكل ورقة ضغط سياسية على قوى الحرية والتغيير تحول دون تحقيق تقدم بالمفاوضات مع العسكر.

ولكن ماذا بعد، وإلى أين يتجه السودان بعد فض الاعتصام بالقوة؟ هناك عدة سيناريوهات يراها المحللون بشأن مستقبل السودان، أحدها هو أن الدول الثلاث تسعى لفرض حكم العسكر كما هو في مصر، ولكن بالسودان مطلوب عسكر حمقى تسهل السيطرة عليهم، بحسب عياصرة.

وإما فإن السودان سيتحول لدولة فاشلة كما هو الحال في ليبيا واليمن، وهذا سيناريو لا تعارضه أبو ظبي أو الرياض، ولكن مصر لا تريده لأن ذلك سيؤثر عليها بحكم الجوار.

وإلا فإن السيناريو الأخير هو أن يعيد السودانيون إنتاج ثورتهم من جديد ويقفوا بوجه العسكر الذين لم تعد لهم قدسية لديهم، حسب تأكيدات عياصرة، وبذلك فإن السودانيين سيصلون ببلدهم إلى حيث يريدون لا إلى حيث يريد العسكر ومن يقف وراءهم.

ولا يبدو أن قوى الحرية والتغيير والقوى السياسية في السودان ستترك المشهد للعسكر والعواصم الثلاث، بل إن لديهم الكثير من الخيارات مثل العصيان المدني والإضراب المفتوح حسب ما يؤكد الأزهري الذي أكد أن السودانيين لن يعودوا لمنازلهم إلا بعد تحقيق الدولة المدنية.

من جهته قال الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي إن إراقة الدماء في ميدان الاعتصام بالخرطوم لم تفاجئه، لأن قادة المجلس العسكري السوداني ذهبوا للخارج “لنقل المعلومات وتلقي التعليمات”.

وأضاف الرئيس التونسي السابق “كنت متوقعا حصول مصيبة، لأن قادة المجلس العسكري ذهبوا ليعطوا المعلومات ويأخذوا التعليمات من ثلاثي الشر”.

ويطلق المرزوقي “ثلاثي الشر” على حكومات مصر والسعودية والإمارات، ويتهمها بتمويل الثورات المضادة والتآمر على قمع الشعوب العربية.

وقال المرزوقي إن قضية السودانيين والعرب الآن هي الدفاع عن استقلال قرار دولهم أمام ثلاثي الشر التابع لإسرائيل، حسب تعبيره.

واتهم الدول الثلاث بالتدخل السلبي في اليمن والسودان وليبيا “وفي تونس بالمال الفاسد والإعلام، وتتدخل في كل الدول وحتى في بلدان قوية مثل الجزائر والمغرب”.

وأشار إلى أن شعار محاربة الإسلاميين في السودان سقط في فض الاعتصام، لأن الثورة لا يقودها الإسلاميون، مما يعني أن “ثلاثي الشر يحارب هبة الشعوب والحرية واستعادة الثروات الوطنية”.

وأشاد المنصف المرزوقي بسلمية الحراك السوداني، وحث الثوار على الابتعاد عن العنف الذي يريد محور الشر جرهم إليه، على حد قوله.

وحث المنصف المرزوقي الجيش السوداني على الاقتداء بالنموذجين التونسي والجزائري، حيث تحمي القوات المسلحة الشعب والثورة وترفض أن تكون أداة عند طاغية، على عكس النموذجين السوري والمصري، حيث تحول الجيش إلى قوات احتلال داخلية تقتل المواطنين وتقصفهم.

وكانت شهدت مواقف المجلس العسكري الانتقالي في السودان تغيرا كبيرا منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير إزاء الحراك الاحتجاجي والمطالب التي عبرت عنها قوى الحرية والتغيير، فبعدما أعلن المجلس تبنيه مواقف المحتجين أبدى تعنتا في التفاوض مع المعارضة، وصولا إلى رفض تقاسم السلطة معها.

وفيما يلي تسلسل لأبرز تصريحات قيادات المجلس التي تظهر تبدل خطابه وتصعيد لهجته:

11 أبريل/نيسان: وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف يعلن اقتلاع رأس النظام وتحديد الفترة الانتقالية.

12 أبريل/نيسان: رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري عمر زين العابدين يقول “نحن أتينا لحفظ البلاد، أما الحلول للأزمة فستدار من خلال المعتصمين”.

15 أبريل/نيسان: المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين الكباشي يقول “لا ندعو إلى فض الاعتصام بالقوة”.

21 أبريل/نيسان: رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان يقول “لا يوجد تباين كبير بين الرؤى”.

30 أبريل/نيسان: محمد حمدان حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري في السودان يقول “لا فوضى بعد اليوم”.

5 مايو/أيار: الكباشي يقول “الوثيقة التي قدمتها المعارضة جيدة، والمفاوضات ستستمر، وهناك جو من التفاؤل”، في إشارة إلى المفاوضات مع القوى المدنية على تشكيل مجلس لإدارة البلاد.

6 مايو/أيار: الكباشي يقول “وحدة من الخيارات السياسية الدعوة لانتخابات مبكرة.. هذا كله لنؤكد أن هذه السلطة ما عايزيناها لكن وجود القوات المسلحة في هذه الفترة ضروري”.

8 مايو/أيار: عضو المجلس العسكري ياسر عطا يعلن تسلم 177 رؤية مكتوبة من القوى المدنية، معتبرا أنها مؤشرات بشأن الحل السياسي التوافقي في الموضوعات الأساسية للفترة الانتقالية، والمجلس العسكري يطلب من شبكة الجزيرة سحب جهاز البث الخاص بها من ساحة الاعتصام، والجزيرة ترفض.

14 مايو/أيار: الكباشي يقول “ناقشنا هيكل السلطة الانتقالية واتفقنا عليه وعلى نظام الحكم خلال الفترة الانتقالية.. اتفقنا على مستويات السلطة تماما بحمد الله”.

16 مايو/أيار: البرهان يعلن تعليق المفاوضات.

18 مايو/أيار: حميدتي يدعو جميع الأطياف والمكونات إلى قبول أحدها للآخر سعيا إلى ديمقراطية حقيقية.

20 مايو/أيار: الكباشي يعلن الاتفاق على تثبيت النقاط السابقة واستمرار التفاوض.

21 مايو/أيار: حميدتي يهدد من يضرب عن العمل بأنه لن يعود إليه، ردا على دعوات للعصيان المدني.

24 مايو/أيار: حميدتي يزور الرياض.

25 مايو/أيار: البرهان يزور مصر.

26 مايو/أيار: البرهان يزور الإمارات.

27 مايو/أيار: حميدتي يعتبر أن المعارضة غير جادة وتريد حصر دور الجيش، ويؤكد أن “المجلس العسكري شريك”.

28 مايو/أيار: حميدتي يقول “معقول الناس دول تستلم البلد، دي مشكلة”.

30 مايو/أيار: المجلس العسكري يغلق مكتب الجزيرة ويتحفظ على أجهزته ويسحب تراخيص العاملين فيه.

31 مايو/أيار: البرهان يشارك في القمتين الخليجية والعربية في مكة، والمتحدث باسم قوات الدعم السريع السودانية عثمان حامد يقول “مكان الاعتصام تحول إلى وكر للجريمة وخطر على الثورة السودانية”.

1 يونيو/حزيران: حميدتي يقول “تشكيل حكومة مدنية في الأوضاع الحالية سيكون نوعا من الفوضى، والمجلس العسكري سيحسم أي أعمال فوضى بالقانون”.