موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: ركود السياحة يزيد أزمات اقتصاد الإمارات

161

يعمل النظام الحاكم في دولة الإمارات على البحث عن بدائل فاعلة لإعادة تنشيط السياحة الخارجية إلى الدولة ضمن مساعيه من الحد للأزمات المتفاقمة لاقتصاد الدولة.

وبلغت المساهمة الإجمالية لقطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات نحو 11.1% بما يعادل 164.7 مليار درهم خلال 2018.

إلا أن معدلات السياحة إلى الإمارات في تراجع مستمر منذ بداية العام الجاري في ظل الاضطرابات الإقليمية في الخليج وركود قطاع العقارات في الدولة.

وتم الكشف عن دفع الإمارات مبلغ 100 مليون يورو، على سبيل الاستثمار لشركة “إف تي آي” الألمانية بهدف زيادة عدد زائريها من أوروبا، في مسعي لتنويع اقتصادها بعيدا النفط.

ونقل موقع الإذاعة الألمانية عن المتحدثة باسم الشركة التي تتخذ من مدينة ميونخ جنوبي ألمانيا مقرا الها، والتي أشارت أن امتلاك حصة نظير الاستثمار غير متضمن في الاتفاق بين الطرفين.

وقالت المتحدثة باسم الشركة: “هدف التعاون هو توسيع نطاق السياحة في أبوظبي وزيادة عدد زائريها من أوروبا من خلال جهود الشركة”.

ووفق الإذاعة الألمانية أوضحت الشركة الألمانية أن امتلاك حصة في الشركة عن طريق المستثمر، المتمثل في شركة أبوظبي التنموية القابضة، ليس جزءاً من الاتفاق، ولم يتم الإعلان في الوقت الحالي عن الشكل الذي من المقرر أن يكون عليه التزام شركة السياحة الألمانية لتوسيع نطاق السياحة في أبوظبي.

وأشرفت شركة “إف تي آي” على نحو 8 ملايين سائح حول العالم، من بينهم 400 ألف سائح في الإمارات العربية المتحدة، في العام المالي 2019/2018، بحسب بيانات الشركة.

ويروج النظام الإماراتي إلى خططه بما في ذلك استخدام شركات الدولة الاستثمارية لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن العائدات النفطية.

وتعد السياحة قطاع حيوي آخر يعيش انحسارا حادا في دبي، فقد أظهرت بيانات رسمية توقف نمو عدد الزوار الأجانب للإمارة في الشهور التسعة الأولى من العام الجاري. ويضخ قطاع السياحة نحو 30 مليار دولار في اقتصاد دبي وفقا لأرقام العام 2017.

فحكومة دبي -التي أنفقت مليارات الدولارات لبناء مراكز جذب سياحية مثل برج خليفة- سجلت دخول 11.6 مليون زائر حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، وهو رقم مماثل لنظيره المسجل خلال الفترة ذاتها من العام المنصرم، كما تنقل وكالة رويترز التي قالت إن القطاع يشهد” تباطؤا حادا”.

كما أن حركة الركاب بمطار دبي الدولي شهدت هي الأخرى تباطؤا هذا العام بعد 15 عاما من تسجيل زيادات.

وتشهد الإمارات تفاقما غير مسبوق للأزمة الاقتصادية بمؤشرات تظهر تعمق حدة التدهور الحاصل وسط عجز حكومي عن إيجاد حلول.

والشهر الماضي سجل معدل تضخم اقتصاد الدول في السالب للشهر التاسع بواقع 108.53 نقاط مقارنة بـ110.93 العام الماضي، مع تراجع معدل نمو اقتصاد الإمارات ليهبط إلى 0.8% بفعل الركود.

كما يتم رصد تباطؤ عقاري وانحدار سياحي كبير بالتزامن مع انخفاض سعر النفط، فيما إمارة أبوظبي أجُبرت مؤخرا على العودة للاقتراض من السوق الدولية بسندات مقومة بالدولار.

وتظهر إحصائيات رسمية أن 8% فقط من عائلات الإمارات قادرة على ادخار المال وتراجع نصيب المواطن من الناتج المحلي بنسبة 3.5% بسبب ارتفاع الضرائب الحكومية التي تم بدء فرضها منذ مطلع العام الماضي.

وتقدر معدلات البطالة في الإمارات لفئة الشباب بأكثر من 24% في ظل إقرار رسمي بفشل التوطين ووعود متكررة للحل.

وتطال الأزمة الاقتصادية البنوك العاملة في الإمارات في ظل ارتفاع نسبة القروض المعدومة لأعلى مستوى في 5 أعوام ما دفع البنك المركزي الإماراتي لاقتراح وضع سقف ائتماني يحدد حجم القروض لمواجهة حالة العزوف الحاد عن العقارات وتعثر قطاع الاستثمار.

ويحدث هذا الركود والتراجع لاقتصاد الإمارات على أكثر من صعيد وخاصة في مجال العقارات التي تشكل إلى جانب النفط والتجارة والسياحة أهم أعمدة الاقتصاد الإماراتي.

على سبيل المثال تراجعت أسعار المنازل في عاصمة الإمارات والشرق الأوسط العقارية دبي بنسب تراوحت بين 20 إلى 30 بالمئة منذ عام 2014 حسب مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية/ GTAI.

ومع التوقعات باستمرار التراجع خلال العام الجاري 2019 بنسبة حوالي 10 بالمائة يقترب مستوى التدهور إلى مثيله في عام 2010، عندما ضربت الأزمة المالية العالمية الإمارة التي تعد ثاني أهم الإمارات بعد أبو ظبي كونها عاصمة الأعمال والخدمات على مستوى الإمارات والخليج.

وإذا كان الوضع المالي أفضل في إمارة أبو ظبي بفضل صادراتها النفطية على غير الإمارات الأخرى التي ليس لدى غالبيتها نفط، فإن الوضع الاقتصادي ليس ورديا هناك بسبب استمرار انخفاض أسعار الذهب الأسود، التي تعتمد عليه هذه الإمارة الغنية.

أما الإمارات الأخرى التي تعد فقيرة مقارنة مع أبو ظبي ودبي فتعاني بدورها من الركود بسبب اعتمادها على دعم الإمارتين الغنيتين.

ويزيد الطين بلة الثمن الباهظ لتكاليف تورط الإمارات في حروب ونزاعات الشرق الأوسط وفي مقدمتها حروب وأزمات اليمن وليبيا والسودان.

وهذا الأمر الذي يجد انعكاسه في معدلات النمو التي بلغت أقل من 2 بالمائة خلال العام الماضي وأقل من 1 بالمائة خلال العام الذي سبقه بعدما كانت معدلات النمو في الإمارات مثالا يحتذى وتتراوح بين 3 و5 بالمائة سنويا حتى عام 2016.

ومما يعنيه ذلك أن معدلات النمو خلال العامين الماضيين كانت أقل من معدلات التضخم التي زادت على 2 بالمائة سنويا.

وفي محاولة منها لمواجهة منحة الركود والتدهور من خلال جذب مزيد من الاستثمارات والأعمال تطلق حكومة الإمارات من فترة لأخرى مشاريع تشييد كبيرة في إطار “رؤية الإمارات 2021” ومعرض “إكسبو 2020”.

وتقدر قيمة هذه المشاريع خلال العامين الماضيين بنحو 2.5 مليار دولار من بينها توسيع مترو دبي ومطارها وبناء محطة للطاقة الشمسية.

ومؤخرا ألغت وزارة الاقتصاد الإماراتية الرسوم التي كانت تفرضها على 115 خدمة حكومية رسمية من بينها الرسوم على التراخيص الصناعية والعلامات التجارية وبراءات الاختراع والسجلات العقارية.

قبل ذلك أطلقت الإمارات نظاما يقضي بمنح الإقامة الدائمة للمستثمرين والكفاءات الأجنبية بمختلف المجالات. وقد ترك قسم من هذه الكفاءات إمارة دبي بعيد الضربة التي تلقتها بسبب الأزمة المالية العالمية.

ويتردد الكثير من القسم المتبقي بالبقاء بسبب تراجع وتيرة أعمالهم ودخولهم هناك بسبب الركود وارتفاع الأسعار وفرض ضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة.

وتقف الإمارات أمام تحديات كبيرة وخطيرة لن يستطيع تجاوزها على ضوء المعطيات الحالية خاصة مع استمرار تدهور سمعتها خارجيا وتنامي حملات المقاطعة الشعبية لمنتجاتها.

الجدير ذكره أن مداخيل الدولة من النفط تقلصت بين عامي 2014 و2018. ومن التحديات الأخرى تغطية تكاليف التسلح والتدخل في حروب وأزمات منطقة الشرق الأوسط والتي تستنزف أموالا ضخمة لا بد من تغطيتها من احتياطات البلاد من العملات الصعبة أو عن طريق الاقتراض.

ووصلت قيمة الدين العام في عام 2018 إلى أكثر من 246 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 58 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 425 مليار دولار في نفس السنة حسب مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية.

ومن المرجح استمرار المنحى الصاعد لهذا الدين على وقع بقاء أسعار النفط على مستواها الحالي. ومن المعروف أن عائدات النفط هي المحرك الأساسي لمشاريع الدولة في كل دول الخليج. كما أنها محرك رئيسي لعقود وأعمال القطاع الخاص يتعلق القسم الأكبر منها بمشاريع الدولة.