موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: بالأرقام.. الغلاء والضرائب وسوء المعاملة تدفع العمالة لمغادرة الإمارات

153

تعيش العمالة الوافدة في الإمارات أياماً صعبة تحت تفاقم الضغوط المعيشية ولجوء حكومة أبو ظبي إلى فرض ضرائب قياسية بزعم مواجهة أزمة تراجع الإيرادات النفطية.

وتزداد المعاناة للعمالة في الإمارات مع تقليص الدعم ورفع أسعار السلع والخدمات وفرض رسوم وضرائب جديدة فضلا عن سوء المعاملة، الأمر الذي أدى إلى هجرة عكسية للعمالة الوافدة في أبو ظبي إلى بلادها مرة أخرى.

ويعمل أكثر من 13.8 مليون أجنبي في دول الخليج، يمثلون نحو 69.3 % من إجمالي الأيدي العاملة بهذه الدول البالغة 20 مليونا، بحسب أرقام حديثة للمركز الإحصائي لدول مجلس التعاون التي تضم 6 دول هي السعودية وسلطنة عمان والكويت وقطر والإمارات والبحرين، ويبلغ عدد سكانه 53 مليون نسمة.

وحسب بيانات رسمية تأتي تحويلات الأجانب في السعودية سنوياً بالمرتبة الأولى بين دول الخليج بقيمة 38.9 مليار دولار، تليها الإمارات بـ32.7 مليار دولار، والكويت بـ 15.3 مليار دولار ثم قطر بـ12 مليار دولار، بينما بلغت تحويلات الوافدين في عمان 10.27 مليارات دولار، والبحرين 2.4 مليار دولار، وتُشكل قيمة تحويلات الوافدين إلى خارج دول مجلس التعاون ما يُقارب 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي لدول التعاون.

ودفعت سياسة فرض الضراب التي تتبعها الحكومة الإماراتية بسبب انخفاض أسعار النفط الكثير من العمالة الوافدة إلى مغادرة أبوظبي أكبر منتج للنفط في الإمارات، وكذلك مغادرة العديد من الإمارات الأخرى، خاصة مع فرض الضريبتين القيمة المضافة والانتقائية على السلع والخدمات.

وسلطت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في فبراير/ شباط الماضي الضوء على التدابير التي نفذتها إمارة أبو ظبي لخفض تكاليف الموظفين العاملين في الحكومة، رغم أن الإمارة تعد الأغنى في دولة الإمارات.

ويتجسد ثراء أبو ظبي بصندوقها السيادي الذي يقدر حجمه بنحو 800 مليار دولار، لكن إجراءات الحكومة التقشفية تدل على أن بقاء أسعار النفط عند مستويات متدنية لفترة طويلة دفع الحكومة لتنفيذ سياسات تقشفية.

وشهدت إمارة أبو ظبي مؤخرًا ارتفاعا في تكاليف المعيشة تزامنا مع تراجع الأجور وزيادة رسوم الكهرباء، كما أن تأجيل مشاريع بمليارات الدولارات وخفض الإنفاق أدى إلى تسريح الموظفين بشكل واسع، على الأقل في قطاع النفط والغاز.

إذ فقد نحو 5000 شخص في شركة “أدنوك” الحكومية وظائفهم خلال الأشهر الـ 18 الماضية، كما دفع تراجع أرباح كبريات الشركات الإماراتية، خاصة العقارية منها، إلى تخفيضها عدد العمالة والنفقات.

ويقول مراقبون إن القرارات الصادرة أخيراً بشأن الوافدين في الإمارات تؤثر سلباً على استقرارهم، كما أن زيادة الرسوم والتكاليف تضطر كثيرا من الأسر الوافدة إلى العودة لبلدانهم، فيما يبقى رب الأسرة بمفرده بعد انقسام الأسرة في وقت يعاني فيه الوافدون من الخوف من المستقبل وسوء المعاملة.

ويمارس حكام الإمارات انتهاكات مروعة وفظيعة بحق العمال الأجانب تصل حد استعبادهم والتعسف بكافة حقوقهم من دون حصولهم على أدنى حقوقهم.

وتجمع مؤسسات حقوقية على رصد انتهاكات حقوق العمالة التي يرتكبها أرباب العمل في الإمارات بحق العمال الوافدين من ثلاث زوايا: نظام الكفالة، والعمالة المنزلية، وعمالة شركات المقاولات والبناء.

ونظام الكفالة الذي تفرضه الإمارات على العمالات الوافدة، يتضمن انتهاكات جسيمة تتمثل في أساس القانون الذي يخوّل المواطنين وأرباب العمل التحكم بمصير هؤلاء العمال.

وعلى الرغم من أن الإمارات قالت إنها أجرت تحسينات على النظام من خلال بعض القوانين التي أقرها البرلمان، إلا أنها لم تقد إلى تحسينات فعلية.

والشركات الإماراتية تعامل العمال الوافدين لديها بشكلٍ سيئ، حيث يعاني العمال من الاستغلال والمعاملة المسيئة من قبل صاحب العمل، إضافة إلى تدني مستوى الأجور مقابل غلاء المعيشة، وسوء أوضاع المساكن.

وبالرغم من إقرار البرلمان الإماراتي مشروع قانون يختص بعمال الخدمة المساعدة، وإشارته بشكل صريح إلى عدد ساعات العمل المحددة والتي لا تتجاوز 12 ساعة عمل يومياً، إضافة إلى الإجازات الأسبوعية والسنوية الممنوحة للعمال.

إلا أن الإفراط في عدد ساعات العمل قد يصل إلى 21 ساعة يومياً، فضلا عن عدم وجود فترات راحة أو إجازة، حيث تعتبر هذه سمة الظروف التي تعايشها العمالة المنزلية التي تصل إلى حد العمل القسري، إضافة إلى إجراءات وأساليب تقييد الإقامة وعدم سداد الأجور والحرمان من الطعام والأذى النفسي والبدني والجنسي دون محاسبة السلطات لأصحاب العمل.

وتطالب مؤسسات حقوقية السلطات الإماراتية بإلغاء نظام الكفالة الذي يشبه العبودية الحديثة، وتحسين ظروف العمال وحماية حقوقهم والرقابة على أرباب العمل ومحاسبتهم.

ويعاني العمال الأجانب الذين يشكلون نحو 90% من قوة العمل في القطاع الخاص في دولة الإمارات، الامرين جراء الاستغلال والإيذاء وهم محرومون من حقوق التفاوض الجماعي في ظل حظر النقابات العمالية بقرار من عيال زايد.

وتقول المنظمات الحقوقية إن كل العمال الأجانب الذين يشاركون في إضرابات في الإمارات يواجهون الترحيل وبعضهم إلى الضرب والاعتداء والاعتقال وربما يصل إلى المصير المجهول بالاختفاء قسرا.

وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية لم توفر الإمارات حماية كافية للعمال الوافدين إلى البلاد من انتهاكات جسيمة، بمن فيهم عمال البناء.

وتقول العفو الدولية إن عمال المنازل في الإمارات، ومعظمهم نساء من آسيا وأفريقيا، “مستبعدون” وهم دون حماية قانونية ومعرضون للاستغلال ولانتهاكات جسيمة، بما في ذلك العمل القسري والاتجار في البشر. وتشاركها في الخلاصة نفسها هيومن رايتس ووتش.

وسبق أن رصدت وزارة الخارجية الأميركية انتهاكات فظيعة بحق العمال في الإمارات، منها حجب الأجور ومصادرة جوازات السفر والإيواء في ظروف غاية في السوء والترحيل في حال الاحتجاج.

ومؤخرا أعلنت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات أنها تلقت العديد من الشكاوى من عمال سيريلانكيين في دبي حول انتهاكات السلطات الإماراتية بحقهم.

وقال بيان صادر عن الحملة لدولية ومقرها باريس إنها رصدت منذ أسبوعين محاصرة السلطات الإماراتية لعمال سيريلانكيين في مبنى صناعي في دبي بسبب مطالبتهم بمعاملة عادلة ومنصفة.

وبحسب البيان تم اقتحام المبنى المذكور بالقوة واقتياد العمال السريلانكيين إلى مكان مجهول. وبعد هذه الحادثة استقبلت الحملة الدولية للمقاطعة العديد من الشكاوى من عمال سريلانكيين طالبوا بمعرفة مصير زملاءهم العمال الذين تم اعتقالهم من المبنى الصناعي في دبي

وطالب عمال آخرون بتطبيق الحد الأدنى للأجور وتقاضي رواتبهم بشكل منتظم, فيما تحدث آخرون عن تعرضهم لمعاملة قاسية ومهينة من أصحاب العمل.

وقال أحد العمال السريلانكيين في شكوى أرسلها للحملة الدولية إنه يعمل في مجال البناء في دبي لمدة عشر ساعا يومياً ولم يتلق راتبه منذ ثلاثة أشهر.

وأوضح العامل أنه تعرض لجروح في ساقه أثناء العمل لكن تجاهله من قبل الشركة المسؤولة ولم يتلق أي نوع من العناية ومع ذلك ما زال يعمل يومياً بدون أي سبب واضح لتأخير الرواتب.

وقالت الحملة الدولية إن دبي تقوم بإساءة معاملة العمال الأجانب في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتمارس انتهاك بنود المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان بشكل يومي.

ودعت الحملة الدولية العمال والأشخاص الذين يتعرضون لانتهاكات لحقوقهم في الإمارات إلى إرسال شكواهم وأية أدلة تؤكد لتعرضهم لمثل هذه الانتهاكات ليتم توثيقها وإرسالها لوسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية الدولية التي تدافع عن حقوق الإنسان ورفع الدعاوى في المحاكم الدولية لإنصافهم واعطاءهم حقوقهم طبقاً للقوانين الدولية.

وكشفت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات أن العمال يخشون إبلاغ السلطات عما يتعرضون له من انتهاكات لأن سلطات دبي كانت دوماً تهدد بترحيلهم إلى بلادهم أو احتجازهم في سجونها.

وفي السابع من نيسان/أبريل الماضي نظمت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات مظاهرة حاشدة في الهند احتجاجا على سوء معاملة العمال الآسيويين والهنود في الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع مؤسسة المعرفة العالمية في الهند.

وهتفت المشاركون في التظاهرة التي جرت الجمعة في شارع البرلمان المزدحم في العاصمة الهندية نيودلهي، شعارات ضد سلطات أبو ظبي، مطالبين بإنهاء إهانة العمال في الإمارات.

وقال أحد المحتجين: “إن العمال الآسيويين الذين يعملون في الخليج، لا سيما في الإمارات العربية المتحدة فقيرين للغاية. يجب على جميع ضحايا حقوق الإنسان من العمال وعائلاتهم في الإمارات أن يتحدوا لفضح وإدانة ممارسة السلطات الإماراتية تجاههم وسياستها تجاه عمال العالم الثالث “.

وأضاف أحد الضحايا وهو عامل كان يعمل في الإمارات “لا يمكننا تقييم الوضع إلا من خلال الاستماع إلى العمال في دولة الإمارات العربية المتحدة وتجربة نظام الكفالة والتي تعطي الحق للكفيل والدولة بحجز جوازات سفر العمال الهنود, حيث يصبح العمال مجبرين على العمل في البلاد لعدد ساعات كثيرة وظروف عمل قاسية ومهينة، وهذا لا يختلف عن ممارسة الرقيق بأي شكل من الأشكال”.

وانتقد ممارسة الإكراه في العمل مع حجز جواز السفر وحرمانهم من حقوقهم في الإمارات، مشددا على أنه يجب على حكومة الهند ان تناقش قضية الكفالة وجهاً لوجه مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال كرمان وهو عامل سابق “إنه لطالما وعدت السلطات الإماراتية بإنصاف العمال الآسيويين والهنود ولكن لم يحصل شيء جديد فالظلم والإهانة وأكل حقوق العاملين مستمرة . يجب أن يتم سن قوانين تحمي حقوق وكرامة العمال وتطبيق قوانين حقوق الإنسان العالمية حتى يتمكن العمال من العمل بسهولة”.

وفي نفس السياق تم في وقت سابق مناقشة إمكانية أن توقف الهند ارسال عمالها ومواطنيها للخارج وتوفر لهم بيئة عمل جيدة في بلادهم بدلاً من التعرض للإهانة والذل في الإمارات. حيث أنه قد تم سن الكثير من القوانين ولكن لم يتم استخدامها بشكل صحيح.

وفي نهاية النقاش، أوصت اللجنة بالإجماع بأنه يجب على الحكومة الهندية أن تمارس الضغط على الحكومة لحماية حقوق الإنسان للعمال الذين يعملون في دول الخليج.

وأضاف خبير قوانين العمل سهيل أحمد أن انتهاك حقوق الإنسان للعمال أصبح شائعا جدا. يجب أن تعرف الشركات ووكالات الاستشارات أيضاً قوانين العمل والمعاهدات الدولية عند عرضهم العمل على العمال. وواصل السيد أحمد أنه م الضروري أن يكون الناس واعين لقوانين حقوق الإنسان والعمل.

من جهته، قال سومان سينغ خبير الموارد البشرية العالمي إنه على الجميع أن يكونوا مدركين لحقوق الإنسان من أجل أن يكونوا على دراية تامة بحقوقهم وأن يثقفوا بأنفسهم قدر المستطاع حتى لا يتعرضوا للاستغلال في الدول الي يعملون بها.

ودعت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الإمارات في جنوب اليمن وإلزام السلطات في الإمارات باحترام قوانين حقوق الإنسان الدولية.

كما دعت الحملة ايضاً جميع الدول التي تحترم قوانين حقوق الإنسان والعالم الحر لمقاطعة دولة الإمارات لأنها تنتهك حقوق الإنسان يومياً، سواء في الحرب في اليمن أو مع الدول المجاورة أو مواطنيها أو المقيمين فيها.