موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق بريطاني: آلاف العمال المشردين يفترشون شوارع دبي أسفل ناطحات السحاب

208

وجد عمال الياقات الزرقاء من آسيا وأفريقيا أنفسهم من دون عمل أو أي أموال بسبب قواعد الإغلاق في دبي، التي تشهد ارتفاعا في حالات التشرد، حيث اضطر العمال المهاجرون الذين فقدوا وظائفهم بسبب الكساد الاقتصادي الناتج عن جائحة كورونا إلى النوم في الحدائق تحت ناطحات السحاب، وذلك بعد نفاد أموالهم للعودة إلى ديارهم.

وفي تقرير نشرته صحيفة “تلغراف” (Telegraph) البريطانية، قالت الكاتبة أشلي ستيوارت إنه بالنظر إلى كونهم عاطلين عن العمل، ومع انتهاء صلاحية تأشيراتهم؛ تجمع كثيرون منهم في حدائق منطقة السطوة الفقيرة في دبي، طالبين مساعدتهم على العودة إلى الوطن.

وتغيب عادة مظاهر التشرد والفقر في أكثر مدن الإمارات العربية المتحدة تألقا، لكن في ظل هذه الأزمة حتى وظائف عمال الياقات البيضاء تأثرت أيضا في الإمارات، حيث غادر العديد من المغتربين من المملكة المتحدة إلى وطنهم منذ بداية الجائحة.

ووفقا لمؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” (Oxford Economics) يهدد الوضع الحالي ما يقارب 900 ألف وظيفة في بلد يقل تعداد سكانه عن 10 ملايين نسمة. وفي الواقع، يتقاضى عمال الياقات الزرقاء المهاجرون من البلدان الفقيرة أجورا منخفضة، ويعملون ساعات طويلة، ويعيشون غالبا في مهاجع ضيقة تشكل بؤرا لفيروس كورونا.

وكثير منهم يدفعون رسوما لوكالات التوظيف في وطنهم، وهي ممارسة شائعة في مجال الوظائف منخفضة الأجر في الخليج، مثل العديد من المهاجرين.

وفقد السريلانكي سوسيل كومارا -الذي كان “عامل مكتب” لدى شركة في دبي لمدة 5 أعوام- وظيفته في يوليو/تموز الماضي، ومع انتهاء فترة صلاحية تأشيرة إقامته انضم كومارا إلى آخرين في الحديقة في منطقة السطوة قبل أسبوعين.

الأمر سيان بالنسبة لمصمم الغرافيك بوذيما إيغالا، الذي سافر إلى دبي ليجد عملا بتأشيرة سياحية مدتها 3 أشهر، وجددها مرتين قبل أن ينفد منه المال، لكنه الآن ينام على مرتبة متسخة في الحديقة مع رجلين آخرين منذ 8 أيام.

في مكان قريب منه، تقول جميلة عبد السلام -وهي تبكي- إنها قابعة في الحديقة منذ نحو أسبوعين، بعد أن فقدت وظيفتها كمعينة منزلية.

وفي حين قدمت الإمارات عفوا عن الغرامات الضخمة المفروضة بسبب تجاوز مدة الإقامة، فلا يزال كثيرون غير قادرين على تحمل تكاليف تذاكر الطيران أو رسوم الخروج، وبما أن السفارات والسلطات استغرقت وقتا طويلا للتعامل مع الوضع، تحمل المتبرعون من القطاع الخاص مسؤولية دفع تكاليف تذاكر الطيران، ونقلت شرطة دبي آخرين إلى معسكرات الإقامة المؤقتة.

ولا توجد تقديرات موثوقة عن عدد العمال المهاجرين العاطلين عن العمل، لكن القنصلية الفلبينية في دبي تقول إن نحو 30 ألف فلبيني فقدوا وظائفهم، لكن الكثير منهم بقوا في الإمارات على أساس “لا عمل ولا أجر” مع أصحاب العمل.

وحسب ما أفاد به القنصل العام لسريلانكا في دبي ناليندا ويجيراثنا، فقد أعيد 9 آلاف شخص إلى أوطانهم، في حين لا يزال نحو 6 آلاف آخرين ينتظرون دورهم، وأدت طاقة الاستيعاب المحدودة في مراكز الحجر الصحي في كولومبو إلى تأخير رحلات العودة إلى الوطن.

وفي أغسطس/آب الماضي، كان أنتوني إيويز من بين 35 نيجيريا ينامون في حديقة السطوة المليئة بالقمامة، بعد أن فشلت الشركة التي يعمل لصالحها في دفع راتبه لمدة 3 أشهر، وقد أجبره ذلك على الانضمام إلى مجموعة من النيجيريين الذين ينامون خارج قنصليتهم، قبل أن تنقلهم الشرطة إلى الحديقة، وقال إنهم عانوا بما فيه الكفاية وهم فقط يريدون العودة إلى أرض الوطن.

من بين المتطوعين الذين تدخلوا لتقديم يد المساعدة مهناز فقيه، التي تهتم بتنسيق الرحلات الجوية للعمال المهاجرين المشردين منذ 6 أشهر، وتعتمد هذه الهندية على أصدقائها ومعارفها للعثور على متبرعين، وقد اشترت بنفسها نحو 20 تذكرة سفر. وفي الواقع، تفرض الإمارات قوانين صارمة حول جمع التبرعات، مما يعني أن الرحلات الجوية يجب أن تدفع من قبل مانح واحد فقط.

وتقول مهناز فقيه -التي تمتلك سلسلة من العيادات الطبية- إنها ساعدت نحو 700 شخص على العودة إلى الوطن، من بينهم مجموعة تتكون من 13 امرأة حاملا من سريلانكا وغانا.

وطُلب من متطوعين آخرين التوقف عن توفير الطعام لمنع توافد المزيد من المهاجرين المشردين الذين أصبحوا منتشرين في الشوارع.

يقول أحد المتطوعين، الذي ينظم حملات الطعام على مستوى المدينة، إن أغلب المهاجرين “لم يعملوا منذ أشهر، ويحملون على عاتقهم الكثير من المسؤوليات، بالإضافة إلى افتقارهم للمال ليتمكنوا من توفير السكن، وهم يعيشون على وجبة واحدة في اليوم”.

وأضاف “كنا نقدم الطعام لبضعة أسابيع لمخيم يضم 200 شخص في الشارقة، إذ سُجن رب عملهم منذ أغسطس/آب الماضي، والجزء المحزن هو أن معظم هؤلاء الأشخاص لم يتقاضوا رواتبهم لأشهر، والشيء الوحيد الذي يطلبونه هو العودة إلى ديارهم”.

وأكد هذا المتطوع ضرورة بذل الحكومة المزيد من الجهد لحماية العمال، قائلا إن معظم إجراءات سفارات الدولة بطيئة للغاية أو تفتقر إلى الموارد، والمنظمات غير الحكومية لا تستطيع تغطية جميع الاحتياجات.