موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات تهين الكويتيين وتفرض عليهم قيودا أمنية تعسفية

60

تتعمد الإمارات إهانة الكويتيين وتفرض عليهم قيودا أمنية تعسفية تعمد بموجبها إلى ترحيلهم من أراضيها ومطاراتها بشكل فوري ومن دون أي مبررات.

فوجئ الطالب الكويتي في جامعة الشارقة عبدالعزيز العجمي باستدعاء الشرطة الإماراتية له من مقر إقامته وتسليمه كتاب الفصل من الجامعة، بينما كان ينهي إجراءات التقدم لنيل ماجستير القانون، مع مطالبته بحزم حقائبه ومغادرة البلاد في غضون 24 ساعة.

ولم تبلغ الجهات الأمنية الإماراتية العجمي بسبب فصله من الجامعة وإبعاده من الإمارات، وقال عن ذلك “طلبت منهم معرفة السبب القانوني لإبعادي من البلاد وفصلي من الجامعة، لكنهم نصحوني بعدم البحث عنه، لأن المنع بأوامر أمنية عليا”.

ويعد العجمي واحدا من بين 25 طالبا كويتيا منعتهم السلطات الإماراتية من مواصلة الدراسة في جامعات عجمان والشارقة ودبي، إذ جرى ترحيلهم إلى بلدهم دون الحصول على أي تعويضات مادية أو أدبية، في ظاهرة تصاعدت منذ عام 2013 ولم تتوقف حتى اليوم.

إذ جرى منع شقيقين من استكمال الدراسة في جامعة الشارقة خلال عام 2017، بحسب ما وثقه معد التحقيق عبر الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، والذي تعرض فرعه في الإمارات إلى مضايقات دعته إلى وقف عمله في مايو/ أيار عام 2014 بعد إصداره بياناً أكد أنه من غير الممكن العمل في ظل ظروف أمنية مشددة، ومضايقات بعد إغلاق مقره وتشميعه، كما تم تهديد أي طالب يقوم بالعمل تحت مظلته من قبل السلطات الإماراتية.

وتمنع الإمارات طلبة وأساتذة جامعيين ومواطنين كويتيين من دخول الأراضي الإماراتية منذ مرحلة ما بعد الربيع العربي، بحجة انتماءاتهم السياسية والنقابية وحتى القرابة الاجتماعية في بلدهم، رغم عدم وجود أحكام قضائية بحقهم في أي بلد حول العالم، بحسب السياسي الكويتي سيف الهاجري أمين عام حزب الأمة والممنوع هو الآخر من دخول الإمارات، وهو ما يشكل سابقة بين الدول الخليجية التي كانت قد وصلت إلى مرحلة من التعاون تسمح بدخول مواطني مجلس التعاون إلى كل دول المجلس بدون جواز السفر.

ولم تقدم السلطات الإماراتية للطلبة الكويتيين المبعدين من الإمارات أسباب الفصل من الجامعات الإماراتية والترحيل إلى بلدهم، وهو ما جرى مع الطالب مصعب محمد، الذي كان يدرس في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة في الإمارات.

وبينما كان محمد على وشك التخرج، فوجئ بمنع سلطات مطار دبي له من دخول الإمارات منتصف عام 2014، والسبب أمني، لكنه يعتقد أن الأمر يرجع إلى عضويته في مجلس إدارة اتحاد طلبة الكويت في الإمارات والمغلق منذ منتصف عام 2014 والذي تعتبره الإمارات ذراعاً لجماعة الإخوان المسلمين، رغم أنها منظمة مدنية تعمل تحت إشراف الحكومة الكويتية لمتابعة أحوال الطلاب الكويتيين في الدول التي يدرس فيها السواد الأعظم من الكويتيين في الخارج، بحسب تأكيد رئيس الهيئة التنفيذية السابق في الاتحاد الوطني لطلبة الكويت محمد مشعان العتيبي، لـ”العربي الجديد”.

وتعرض الطلبة الكويتيون للترهيب من قبل السلطات الإماراتية أثناء ترحيلهم من الإمارات، وفق ما وثقه معد التحقيق عبر حالتي العجمي ومصعب.

إذ هدد الأمن الإماراتي الأول بإحالته إلى محكمة أمن الدولة بتهمة الإرهاب، بينما عانى مصعب الذي كان برفقة زوجته وابنيه من تعامل قوات الأمن الإماراتية وضباط المباحث الفظ معه، إذ جرى اقتياده إلى غرفة تحقيق، فيما وضع طفلاه وزوجته في غرفة حجز أخرى، كما يقول، مضيفا أنهم سألوه عن تخصصه الجامعي وهدفه من الدراسة في الإمارات.

وقال “كانت الأمور مخيفة، أصررت على معرفة سبب كل ما يحدث، رفضوا الإجابة، وبعد ساعتين جاء لي المحقق فطلبت منه بغضب أن أرى طفلي وزوجتي، فرد بأنه يمكن أن أراهم بعد التحقيق، والذي لم يسفر عن شيء غير ترحيلي وأسرتي وخسارتنا للوقت والمال”.

وواجه الطلبة المبعدون من الإمارات رفضا من جامعة الكويت الحكومية لمعادلة المواد التي درسوها في الإمارات وإكمال دراستهم في كلياتها المناظرة لتخصصاتهم، رغم أن مصعب الذي درس في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الشارقة حصل على استثناء خاص من وزير التربية الدكتور بدر العيسى.

غير أن هذا الاستثناء رفض من قبل الجامعة بحجة عدم مطابقة المتقدم لشروط القبول في الجامعة، كما يقول، وهو ما جعله يلجأ إلى الملحق الثقافي الكويتي السابق والمسؤول خلال فترة عمله الممتدة منذ عام 2013 وحتى عام 2016 عن طلاب الكويت في عمان وقطر والإمارات الدكتور دعيج المطيري، إلا أن مجلس إدارة الجامعة كان متشدداً في مسألة تجاوز إجراءات القبول.

ويؤكد المطيري أنه حاول الحصول على جواب من السلطات الإماراتية أثناء فترة عمله ملحقا ثقافيا في الإمارات 2015، بعد لجوء الطلبة إليه على خلفية منعهم من دخول الإمارات، لكن دون فائدة، مستدركا “لا يمكننا فعل أي شيء، وخصوصاً أن هذا حق سيادي لكل بلد، كما أن الطلبة كانوا يدرسون على حسابهم الخاص وليس على نفقة بعثات التعليم العالي”.

لكن الدكتور عادل مال الله، عميد القبول والتسجيل في جامعة الكويت، يرد بأن “قانون الجامعة واضح وصريح، فإذا كنت قد أتيت من جامعة لا تعترف بها الكويت أكاديمياً، فإننا لن نقوم بمعادلة المواد، وسبب عدم الاعتراف بهذه الجامعات هو أكاديمي بحت ولا علاقة له بالسياسة من قريب أو بعيد”.

وأضاف أن الطلبة الذين يأتون من الأردن ويدرسون سنة أو سنتين، يمكنهم معادلة الأعوام الدراسية والدخول إلى جامعة الكويت، والتي تعترف بغالبية الجامعات الأردنية، وهو ما دفع مصعب للمغادرة إلى الأردن والدراسة في إحدى جامعاتها فصلين دراسيين، ليعود بعدها ويعادل شهادته في الكويت منضماً إلى الجامعة من جديد كطالب في السنة الثانية.

ويتابع بحرقة “ضاعت علي خمسة أعوام من الدراسة بسبب السلطات الإماراتية. الآن زملائي الذين دخلوا معي تخرجوا وعملوا في وظائفهم وأنا لا أزال عالقاً في الدراسة”، فيما أكمل العجمي دراسة الماجسيتر في جامعة القانون الخاصة بالكويت، كما يقول، مضيفا أن سنتين دراسيتين ضاعتا عليه، الأمر الذي كلفه خسائر مالية تقدر بـ15 ألف دينار كويتي (ما يعادل 50 ألف دولار أميركي).

وتمنع السلطات الإماراتية 50 أكاديميا في جامعة الكويت، 37 منهم في كلية الشريعة، من دخول أراضيها، وعلى رأسهم حاكم المطيري، أمين عام حزب الأمة، وخالد المذكور وعجيل النشمي وشافي العجمي وحامد العلي القبندي وحامد العلي ومحمد العوضي ونبيل العوضي وناصر الكندري، إضافة إلى البرلماني وليد الطبطبائي، وغيره من النواب الحاليين والسابقين.

ولا يقتصر المنع على الشخصيات العامة والمشهورة، إذ أوقفت السلطات الإماراتية المهندس في وزارة النفط الكويتية محمد الكندري صيف عام 2016 بمطار دبي، خلال مشاركته ضمن وفد ترفيهي يتبع لمركز شباب رياضي حكومي كان في زيارة إلى الإمارات، لكن ضباط أمن المطار رفضوا دخوله وطلبوا منه العودة إلى بلاده فوراً.

ولدى محاولة الكندري الاستفسار أحيل للتحقيق داخل المطار، غير أنه فوجئ بأن المحقق وضع أمامه صورة لتغريدة في حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” يطالب فيها بالتحقيق في مجزرة رابعة العدوية التي راح ضحيتها مئات المصريين، وعندما سأله المحقق هل هذا حسابك، رد نعم، فعاد وساله عن علاقته بالإخوان المسلمين؟ فأجاب بأنه ليبرالي وصوّت في الانتخابات ضدهم، وعقب شد وجذب مع المحقق، اتهمه بالكذب وعامله بقسوة، قبل أن يبلغه بقرار ترحيله من المطار في اليوم نفسه ومنعه من دخول الإمارات إلى الأبد.

ويشرح المحامي والخبير القانوني مشاري الشمري ما جرى مع الطلاب والأكاديميين الكويتيين وغيرهم من الشخصيات الممنوعة من دخول الإمارات، قائلا إن الأمر يتم ضمن قانون الإبعاد الإماراتي الذي ينقسم إلى قسمين، الأول يتم عبر حكم قضائي، والثاني إداري تقوم به السلطات بسبب شكها بالشخص المبعد ومدى تهديده للأمن في البلاد، وهي وسيلة فضفاضة لمنع غير المرغوبين من السلطات في دخول البلاد.

ويوضح أن “هذا القانون يستخدم دوماً لإبعاد الأشخاص غير المرغوب فيهم من جنسيات أجنبية أو عربية، لكن منع خليجيين من دخول الإمارات، بدون سبب قانوني، أو وجود قضية تخصهم سواء في بلادهم أو الإمارات يمثل انتهاكاً للأعراف والاتفاقيات الخليجية التي تسمح لكل المواطنين بالتنقل بين كافة البلدان بدون جوازات سفر”.

وهو ما يوافقه فيه عبدالعزيز العجمي، الذي لم يحاول إقامة دعوى ضد الحكومة الإماراتية أو جامعته السابقه بعدما تسبب قرار حرمانه من دخول الإمارات في خسارته للمال والأعوام الدراسية، “لأن رفع قضية ضد دولة لا تلتزم بالقوانين يبدو عملاً غبياً”، بحسب نصيحة محاميه عبدالعزيز العنزي، كما أنه لا يوجد قانون خليجي موحد يمنع الدول الخليجية من إبعاد الخليجيين غير المتورطين بقضايا جنائية أو سياسية بقرارات إدارية، كما يقول، مضيفا “لم تعد الأعراف والعلاقات الخليجية تحترم”.