موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الشركات الأمنية في الإمارات بوابة لتجنيد المرتزقة

221

أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” الدور المشين الذي تلعبه الشركات الأمنية في دولة الإمارات من أجل تجنيد المرتزقة في الحروب والتدخلات العسكرية لأبو ظبي في اليمن وليبيا وغيرها من الدولة.

فقد سلطت قضية الشباب السودانيين الذي استدرجتهم شركة “بلك شيلد” الإماراتية الأمنية للمشاركة في العمليات الحربية إلى جانب حلفاء الإمارات في كل من اليمن وليبيا، الضوء على الدور الذي تقوم به هذه الشركة وغيرها من الشركات الأمنية كواجهة لعمليات تجنيد المرتزقة للقتال في الحروب التي تمولها أبوظبي في ساحات الصراع بالمنطقة.

وكشفت اعترافات الشباب السوداني العائدين من أبوظبي والذي بغ عددهم 209 شاب جرى استقدامهم للعمل في الإمارات، بموجب عقود عمل رسمية، ثم الزج بهم إلى مناطق الصراع في المنطقة، حيث وجئوا أنفسهم بعد وصولهم أبو ظبي للعمل بوظيفة “حارس أمن” أنهم في معسكر ضخم تابع للجيش قرب العاصمة الإماراتية، وتعرضوا لتفتيش دقيق شمل مصادرة هواتفهم النقالةفيما تم تدريبهم على أسلحة ثقيلة؛ مثل “الدوشكا” وقذائف الـ”آر بي جي”.

ويقوم مسؤولون إماراتيون بتخيير المجموعات المدربة بين الذهاب إلى اليمن أو ليبيا، مقابل راتب سخي يبلغ ألف دولار شهريا، وقد يزيد على ذلك، فيما تم تشديد حراسة المعسكر عبر تطويقه بتعزيزات عسكرية بعد رصد محاولات للهرب من المعسكر رغم صعوبة الهروب من المعسكر الضخم الواقع في منطقة خلوية.

وروى عدد من الشباب الذين عادوا من أبوظبي أن هناك مجموعة ومنها شقيقه ويبلغ قوامها حوالي 150 شخصا رفضوا العرض الذي قدم إليهم، وهنا تم وضعهم في معسكر منفصل، وإجبارهم على ارتداء زي “الدعم السريع (قوات نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي محمد حميدتي)”، وإبلاغهم أنهم سيتم ترحيلهم دون ذكر الوجهة التي سينتقلون إليها.

ووفق وثائق تم تداولها عبر مواقع التواصل، فإن الجهة التي تعمل لصالح “بلاك شيلد” الإماراتية في السودان هي مكتب “الأميرة للاستقدام الخارجي”، وتحمل وثائق السفر وتأشيرات الدخول، ختم سفارة السودان في أبوظبي، وأختام الجهات الرسمية في الإمارات.

وتمكنت شركة بلاك شيلد الإماراتية عبر وكالتي أماندا والأميرة بالسودان من تسفير نحو 880 شابا على ثلاث دفعات خضعوا للتدريب العسكري في معسكر بإمارة أبو ظبي لفترة ثلاثة أشهر، حيث يتم تخيير الشباب بعد التدريب بين ثلاثة أمور: إما الانتساب للجيش لتأمين مناطق البترول مقابل ثلاثة آلاف دولار أو العمل بالشرطة أو العمل في وظائف الحراسة مقابل 1200 دولار.

وبحسب مصطفى إبراهيم مصطفى – أحمد الشباب العائدين- فإن مسؤول الشركة الاماراتية اتفق معهم داخل معسكر الجيش في أبو ظبي على إنهاء خدماتهم مقابل تعويض يتمثل في راتب ثلاثة أشهر “5500 درهم إماراتي”.

ويقول إن وكالة أماندا استغلت حاجة العائدين قبل تسلم التعويض بأبو ظبي، وبعد وصولهم الخرطوم بلا أموال طلبت منهم توقيع تعهد بحضور محامين بعدم مساءلة الوكالة أو شركة بلاك شيلد أو السفارة الإماراتية مقابل منحهم التعويض.

وكان أكثر ضحايا بلاك شيلد من الولاية الشمالية، ويقول عبد الله محمد عبد الله من مدينة مروي إن 168 من أبناء الولاية تعرضوا للخديعة.

وتتخذ بلاك شيلد من تكساس مقرا لها وتعمل منذ أكثر من 20 عاما، وهي توفر مجموعة واسعة من الخدمات الأمنية، والحماية التنفيذية، وأمن الأحداث، التحري الخاص، التحكم الإلكتروني، مراقبة البريد السريع، واقيات الجسم الشخصية، حلول الأمن الرقمية، كما تقدم خدمات عدة في مجال التدريب العسكري، حيث تفيد الروايات السودانية المتداولة، بأن “بلاك شيلد” الإماراتية قامت بتجنيد 3 آلاف شاب سوداني عبر بعض وكالات الاستخدام المحلية في البلاد.

وإلى جانب “بلاك شيلد”، هناك شركات أخرى تتعاون معها الإمارات لتجنيد مرتزقة، منها شركة أمن خاصة أمريكية تسمى “سباير أوبريشن”، تعاقدت معها أبوظبي لتنفيذ عمليات اغتيال ومهام قذرة في اليمن، بحسب موقع “بازفيد” الأمريكي.

ووفقا لمجلة “إنتليجنس أونلاين” الفرنسية المتخصصة في متابعة أجهزة الاستخبارات في العالم، فقد أسندت دولة الإمارات، مهام عسكرية سرية لشركة الأمن الأمريكية “بلاك ووتر”، ضمن عملياتها على الأراضي الليبية.

وأمام الجدل الصاخب الذي شهده الشارع السوداني، وتصاعد إلى الاحتجاج أمام سفارة أبوظبي بالخرطوم، اضطرت إدارة “بلاك شيلد” للرد، من خلال بيان، وصفت ما تتعرض له بـ”الادعاءات المتعلقة بالخداع أو التمويه أو التضليل أو الإجبار لأي من العاملين لديها بخصوص طبيعة العمل أو نظام العمل أو موقع العمل أو العاملين لديها”.

ونفت الشركة، “استقطاب أو توظيف أو تحديد موقع تقديم الخدمات إلا بالاتفاق التعاقدي المبرم مع جميع منتسبيها، وذلك بمعرفتهم الكاملة وموافقتهم التامة مع احتفاظ منتسبي الشركة بحقهم القانوني بالرفض أو القبول تبعاً لذلك”.

وأكدت أن “كافة خدماتها المقدمة هي ذات طبيعة خدمية من ضمن نشاطاتها التجارية وفق الأطر القانونية المتعارف عليها ووفق أفضل الممارسات العالمية، وليست لديها أي خدمات أو ممارسات أو ارتباطات أو أعمال ذات طبيعة عسكرية أياً كان نوعها”.

الخطير في الواقعة السودانية، أن من جرى تسفيرهم للإمارات، لم يخضعوا لإجراء أي كشف طبي أو استخراج شهادة الخدمة الوطنية أو حتى إجراء “الفيش والتشبيه”، ما يرجح تورط طرف رسمي سوداني في عملية التجنيد.

كذلك فإن عودة 50 سودانيا الأسبوع الجاري، وسط توقعات بوصول آخرين خلال الأيام المقبلة، بعد ضغوط شعبية، يؤكد أن الأمر أحرج قيادات المجلس السيادي الانتقالي، التي تحاول لملمة الفضيحة.

والخدعة الإماراتية ليست الأولى من نوعها، ففي 2017، كشفت عائلات القبائل العربية التشادية والنيجرية، عن تعرض أبنائها للخداع من خلال إقناعهم بأنهم ذاهبون إلى الإمارات للعمل في الشركات الأمنية الموجودة هناك بمبالغ وامتيازات خرافية، وحين وصلوا هناك جرى إلباسهم الزي العسكري الإماراتي، وتوزيعهم على عدد من المواقع في اليمن، بحسب صحيفة “التايمز” البريطانية.

الأمر ذاته، أكدته صحيفة “الجارديان” البريطانية، مشيرة إلى تورط أبوظبي، في تمويل ونقل مرتزقة للقتال في ليبيا إلى جانب ميليشيات حليفها “خليفة حفتر”.

وفي أغسطس/آب الماضي، كشف موقع “ميدل إيست آي” الإخباري البريطاني أن نحو ألف من أفراد قوات الدعم السريع السودانية التي يقودها الفريق أول محمد حمدان حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري، وصلوا بالفعل إلى شرق ليبيا للقتال إلى جانب قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

وقال موقع”ميدل إيست آي”، إن – العملية التي تتم بأوامر إماراتية – ستصل فيها أعداد مقاتلي الدعم السريع قد ترتفع إلى أربعة آلاف فرد في الأشهر القليلة المقبلة.

وتأتي تأكيدات الموقع البريطاني عقب أسابيع من انتشار أخبار محلية جرى تداولها بشرق السودان، تتعلق بمباشرة قوات الدعم السريع لحملة تجنيد واسعة بالمنطقة.

وتقف خلف مشاركة قوات حميدتي إلى جانب حفتر، شركة “ديكنز آند مادسون” التي يديرها العميل الاستخبارات الإسرائيلي السابق آري بن مناشي، حيث نشرت في الولايات المتحدة مؤخرا مجموعة من الوثائق ممهورة بتوقيع حميدتي نيابة عن المجلس العسكري في مايو/أيار الماضي،وتشير تلك الوثائق إلى” نقل قوات تابعة لحميدتي لدعم قوات حفتر” ، وأن العملية التي يبدو أنها قطعت شوطا في التنفيذ كانت ضمن صفقة بقيمة ستة ملايين دولار أمريكي بين المجلس العسكري السوداني .

إذن، فإن “بلاك شيلد” مجرد واجهة فقط، لخطط إماراتية للتمدد عسكريا في ليبيا واليمن ومناطق أخرى، عبر سلاح المرتزقة، مقابل أموال ضخمة، وربما يجري مستقبلا الكشف عن شركات أخرى وسماسرة من مسؤولي المنطقة لتنفيذ أجندة أبوظبي الرامية إلى إجهاض ثورات الربيع العربي.

والعام الماضي صدرت عدة تقارير حول تجنيد الإمارات للمرتزقة في حرب اليمن، وتسليمهم عدة مناطق للقتال بإسم أبوظبي خاصة بعد الحديث عن انسحاب القوات الإماراتية من عدة مناطق باليمن، كما كشف عن “فرقة من المرتزقة” نفذوا برنامج الاغتيالات في اليمن، وهم يرتدون الزي العسكري الإماراتي ويتلقون أكثر من مليون ونصف دولار شهرياً.

والتحقيق الصحافي الذي نشرته صحيفة (BuzzFeed News) الأمريكيّة على موقعها الإلكتروني استند إلى شهادات رئيس الشركة الأمريكيَّة- الإسرائيلية وأحد كبار مساعديه اللذان وقعا عقداً مع الحكومة الإماراتية عام 2015 من أجل تنفيذ برنامج الاغتيالات في المحافظات اليمنية المحررة، وخاضوا التفاوض مع “محمد دحلان” القيادي الفلسطيني الهارب ومستشار أبو ظبي للشؤون الأمنية وأحد أكبر المؤثرين في صناعة القرار الأمني بالدولة وحروبها الخارجية. تتلخص مهمة الفريق في تدمير “حزب التجمع اليمني للإصلاح”، الذي تعتبره الإمارات فرع لجماعة الإخوان المسلمين المصرية.

وليس خافياً عن الجميع أن الإمارات تقوم بتجنيد المئات وربما الآلاف من الجنود السابقين في دول أخرى، وسبق أن اعترفت الدولة بتجنيد هؤلاء إما ضمن وحدات خاصة في الجيش أو الأمن الخاص لحماية المنشآت التجارية والصناعية والنفطية.

لكن لم يكن أحد ليعرف المدى الذي يمكن أن يذهب إليه جهاز أمن الدولة في استخدام هذه القوات لتشويه سمعة الإمارات وتهديد أمنها.