موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

النظام الإماراتي يحاول إنقاذ تحالفه الآيل للسقوط مع السعودية

347

يحاول النظام الإماراتي جاهدا إنقاذ تحالفه الآيل للسقوط مع المملكة العربية السعودية بعد غدره في الرياض فيما يتعلق بأبرز ملفين مشتركين للعلاقة بينهما ويتعلقان بحرب اليمن والمواجهة مع إيران.

فمن جهة قلصت الإمارات مؤخرا قواتها في اليمن مفضلة الاعتماد على أسلوب حرب الوكالة للترك السعودية وحيدة في مواجهة جماعة أنصار الله المعروفة باسم الحوثيين.

ومن جهة أخرى فإن الإمارات عمدت إلى التقارب من إيران والتفاهم أمنيا معها في خطوة أثارت غضبا سعوديا ودفعت بوسم “السعودية_تكتشف_خيانة_الإمارات إلى تصدر ترند الخليج لعدة أيام.

وسعيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قال وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش إن موقف بلاده الأخير حيال الملف الإيراني كان بالتنسيق مع السعودية بهدف تفادي المواجهة، وتغليب العمل السياسي.

 

والثلاثاء الماضي، عقدت طهران وأبو ظبي اجتماعا في إيران، جمع قائد قوات حرس الحدود الإيراني، وقائد قوات خفر السواحل الإماراتي، للتباحث حول أمن الخليج، وشؤون حدودية، ومكافحة عمليات التهريب.

وكانت حسابات سعودية، بعضها محسوب على الموالين للحكومة، شنت هجوما حادا على الإمارات، بسبب التنسيق الأمني بين الأخيرة وإيران فيما يخص المجال البحري، وانسحاب أبو ظبي من اليمن.

وطالبت حسابات تعرف بـ”حسابات الوطنجية” بعدم مدح أي دولة حليفة في الوقت الراهن، والاكتفاء بدعم السعودية وحدها، في إشارة إلى خشيتهم من إمكانية انقلاب الإمارات على علاقتها الوطيدة مع المملكة.

فيما قال مغردون بشكل صريح، إن الإمارات تحيك مؤامرات ضد السعودية، وقد تضربها من الخلف في أي لحظة.

ولاعتبارات تاريخية واقتصادية وحتى دينية، استطاعت السعودية أن تفرض مكانتها كأكثر دول مجلس التعاون الخليجي قوة وأكثرها قدرة على التأثير الإقليمي وحتى الدولي، لكن قوة صامتة داخل الاتحاد باتت خلال السنوات الأخيرة فاعلاً إقليمياً قوياً بعدما كان اسمها يترّدد أكثر في نجاحاتها الاقتصادية خلال عقود مضت.

هذه القوة هي دولة الإمارات التي تعاظم نفوذها السياسي بشكل بات يطرح الكثير من الأسئلة حول إمكانية خروجها من الجلباب السعودي ، ليس فقط عبر امتلاكها وجهات نظر تخالف الرياض، بل أيضاً في تحرّكها على أرض الواقع، بحيث باتت سياسات الرياض تتماهي مع سياسات أبوظبي التي تجني الكثير من المكاسب على حساب خسائر استراتيجية للسعودية.

وتسود انطباعات واسعة لدى الخبراء والمراقبين بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود يعيش تحت نفوذ وتأثير نظيره ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان.

وربما كانت اللحظة المفصلية التي أظهرت الإمارات على الساحة السعودية هي صعود بن سلمان إلى ترتيب العرش ثم ولاية العهد، حيث باتت تحركاته وأفكاره تعكس تطابق أفكار وأفعال الإمارات، وتحديداً ولي عهد أبوظبي.

ففي أوائل عام 2015، الذي شهد صعود محمد بن نايف لمنصب ولي العهد السعودي في أبريل/نيسان من العام نفسه، متزامنًا مع مساعي الرجل القادم من خلفية أمنية، لانتزاع سلطات جديدة تمهيدًا لتنصيبه ملكًا رسميًّا عقب وفاة عمه الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ كان هناك من يقبع في قصر الإمارات، الواقع بأبوظبي، عاصمة صناع القرار السياسي بالدولة الخليجية، محاولًا عرقلة هذه الجهود، بهدف الإطاحة ببن نايف، وتصعيد الشاب الثلاثيني محمد بن سلمان بديلًا له.

كان دافع محمد بن زايد للتخلص من محمد بن نايف، رفض الأخير سياسات أبوظبي الإقليمية التوسعية على حساب دور الرياض، وتمسكه بسياسة حازمة تجاه أفعال ولي العهد الإماراتي، بمنطقة الخليج.

ينكشف هذا العداء من توصية الملك سلمان الدائمة “بوجود مؤامرة ضد الأسرة المالكة يقودها محمد بن زايد”، وأن الأخير يقود مؤامرة إماراتية تسعى لإجراء تغييرات داخل البلاط الملكي، ويخطط لاستخدام علاقته القوية برئيس الولايات المتحدة لتحقيق أهدافه، حسبما كشفت مجلة النيويوركر الأمريكية.

يحمل هذا العداء خلفية تاريخية، أشارت لها وثيقة مُسربة من موقع “ويكيليكس”، في عام 2003، حين أوضح أن محمد بن نايف نجل وزير الداخلية المتشدد والقوي، يكره محمد بن زايد.

ونقلت الوثيقة عن الأمير بن زايد قوله أن نايف يتلعثم، وأضاف إن ذلك يثبت أن “داروين كان محقًا”، وقد تم تفسير ذلك على نطاق واسع على أنه كان يعني أنه أشبه بالقرد؛ وهو ما يجعله يرى أن احتمال أن يصبح الأمير بن نايف ملكًا أمرًا معيبًا من الناحية الوراثية.

كان يقابل تحركات بن نايف لانتزاع موافقة أمريكا لصعوده ملكًا، وهو الوجه السعودي المعروف لدى دوائر صنع القرار في أمريكا، وتحديدًا الاستخبارات الأمريكية، بعد الأمير بندر بن سلطان، تحركات موازية لابن زايد، ساعيًا عبر مُدير مكتبه السابق، وسفير بلاده في واشنطن، يوسف العتيبة، لتأليب النخبة الحاكمة الجديدة من الجمهوريين، وتقديم ابن سلمان باعتباره وجهًا مقبولًا، وشريطًا في خططهم السياسية الجديدة.

ويقول بين رودز، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما، لـ”نيويوركر” الأمريكية أن يوسف العتيبة، السفير الإماراتي لدى واشنطن، كان قادرًا على فعل ذلك؛ إذ لم يتوانَ عن دعم ابن سلمان والتسويق له خلال لقاءاته مع النُخب الأمريكية الاقتصادية والسياسية.

وأوضحت المجلة أن العُتيبة كان يُمجّد ابن سلمان أمام مسؤولين أمريكيين سابقين بارزين، من بينهم ديفيد بترايوس، الجنرال الأمريكي السابق الذي يعمل الآن في شركة الاستثمار “كولبرج كرافيس روبرتس” وتوم دونيلون، الذي عمل مستشارًا للأمن القومي في إدارة أوباما.

عزز من جهود ابن زايد داخل دوائر صنع القرار الأمريكي، لتحييدها حال أي قرار بالإطاحة ببن نايف، رغبة الملك شخصيًا في تصعيد نجله محل بن نايف؛ لتنتهي هذه المساعي المشتركة لصعود ابن سلمان لمنصب ولي العهد، وعزل ابن نايف، في 21 يونيو (حزيران) عام 2017، تبعها سلسلة قرارات عزل لكُل الرجال المحسوبين على ابن نايف داخل أجهزة الأمن والاستخبارات.

وتقول صحيفة النيويوركر الأمريكية في دراسة لها، إن جهود تقوية قاعدة ابن سلمان لقيت دعمًا من الخارج، من محمد بن زايد ومن سفيره في واشنطن يوسف العتيبة، ومن شركات دعاية دفعت لها أبوظبي.

وتطابقت ما نشرته “النيويورك تايمز” مع المعلومات السابقة، حين أوضحت أن ولي عهد أبوظبي تدخل في معركة ولاية العهد في السعودية لأنه رأى في الرياض عقبة أمام توسع نفوذ أبوظبي الإقليمي، وبسبب الخلافات الحدودية بين البلدين.

كان العتيبة هو الوسيط الذي ساهم في تطوير الاتصالات مع جاريد كوشنر؛ صهر ومستشار ترمب، وذلك قبل صعود الأخير لمنصب الرئاسة، حيث ساهم العتيبة في ترتيب زيارة لمحمد بن زايد شبه سرية للقاء الرئيس المنتخب ترامب وكوشنر في “ترامب تاور” خلال الفترة الانتقالية، وهو ما أدى أيضًا إلى العلاقة الجيدة بين الأمير بن سلمان وكوشنر.

ساهم هذا الدور الإماراتي في تأسيس علاقة خاصة بين بن زايد وبن سلمان، انعكست لاحقًا على انجرار الرياض نحو مواقف تصعيدية كان محمد بن زايد هو من نسج خيوطها، اعتمادًا على سطوته على الشاب السعودي الذي رآه نسخة مُصغرة من نفسه.

ومع بداية اندلاع الأزمة اليمنية، اندفعت المملكة تحت قيادة وزير الدفاع محمد بن سلمان، نحو الدخول في حرب مفتوحة مع الحوثيين في اليمن، بعدما تزعمت تأسيس تحالف عسكري عربي، كانت الرياض وأبوظبي هم الفاعلون الرئيسيون فيه.

غير أن تصدر الرياض في الأزمة اليمنية عاملًا رئيسيًا في تصدرها دومًا بيانات المنظمات الدولية بوصفها متورطة في ارتكاب العديد من الانتهاكات، على إثر مقتل آلاف المدنيين، فضلًا عن استهداف البنية التحتية الأساسية للمملكة، بما فيها خطوط الأنابيب وأحد المطارات.

وقدرت صحف دولية خسائر المملكة المادية من هذه الحرب بنحو 200 مليون دولار يومياـ أي 72 مليار دولار سنويًّا و216 مليار دولار في ثلاث سنوات.

امتدت خسائر الرياض لاختراق الحدود الجنوبية في المملكة في جازان وعسير ونجران عبر إطلاق هجمات متكررة تجاه أهداف عسكرية ومبان حكومية وكذلك مواقع استراتيجية سعودية بالصواريخ البالستية.

ووسط هذا الكم من الخسائر، أعلنت الإمارات تقليص وجودها العسكري هناك بسبب التهديدات الأمنية الناتجة عن تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران؛ لتستبق بهذا القرار الوضع، تحسبًا لدرء خطر التصويب نحوها، والاتجاه نحو خطة تبحث السلام في اليمن، بعدما أدركت أنه لا أمل في حسم عسكري قريب، وأن كلفة الاستمرار في الحرب ستكون باهظة، كما ذكر باحثون في صحف عربية.

تمثل هذا الانخفاض في خروج كافة الوحدات الإماراتية تقريبًا خارج مأرب، و80% تقريبًا خارج الحديدة، والشروع في الانسحاب من عدن، تاركةً الرقابة المحلّيّة إلى القوّات اليمنيّة التي درّبتها، فضلًا عن تراجع نسبة ضباط الأركان الإماراتيين في قاعدة العمليات الأمامية الرئيسية في مدينة عصب الإريترية بحوالي 75% في الشهرين الماضيين.

ما علاقة هذ الانخفاض بعلاقة الإمارات بالسعودية؟، يجيب عن ذلك تقرير صادر عن “معهد واشنطن الأبحاث”، الذي يُشير إلى أن سحب القوات يعكس تبدل سياسية الولاء الإماراتي تجاه السعودية، التي تغيّرت لسببٍ أو لآخر، وتهدد بكشف الانشقاقات بين الشريكين الخليجين وإحداث المزيد من التوترات خلال فترة من الحساسية المتنامية في الخليج.

ويرسم التقرير صورة أعم للخلاف بين الشريكين منذ بداية اندلاع الحرب، حي تشدد الإمارات على محاربة الإخوان المسلمين أكثر من السعودية، ويبدو أنها أقل قلقًا بشأن تمكين الانفصاليين الجنوبيين.

كما تعاملت مع التهديد الإيراني بشكلٍ مختلف خارج اليمن، حيث ألقت الرياض باللوم على طهران بشكلٍ مباشر على الهجمات الأخيرة على السفينتين بينما امتنعت الإمارات عن توجيه الاتهامات المباشرة.