موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: حكام الإمارات يجاملون الهندوس للادعاء زورا بتبني التسامح الديني

205

يجامل حكام الإمارات الهندوس عبر بناء أكبر معبد هندوسي في الدولة في وقت يواصلون فيه قمع الإسلام ولتضييق على المساجد ومحاربة الحركات الإسلامية داخليا وخارجيا.

وأعلن مركز «صواب» التابع للحكومة الإماراتية عن اكتمال بناء أكبر معبد هندوسي في الإمارات وذلك في منطقة الوثبة بإمارة أبوظبي.

وأوضح المركز الذي تأسس قبل سنوات بهدف «نشر صوت الاعتدال ومحاربة التطرف وغرس قيم التسامح»، أن المعبد الهندوسي في إمارة أبوظبي سيكون جاهزاً لاستقبال الزوار قريباً.

وأثار الإعلان موجة جدل واسعة بين مغردي تويتر، إذ اعتبر البعض بناء المعبد دليلاً دامغاً على انتشار التسامح في دولة الإمارات، فيما رفض آخرون تقبّل ذلك واعتبروه «علامة من علامات الساعة، وهي عودة الأصنام إلى جزيرة العرب».

وفي أغسطس/آب 2015 أعلنت الحكومة الإماراتية عن تخصيص قطعة أرض مساحتها 20 ألف متر مربع لبناء أكبر معبد هندوسي في الإمارات بمنطقة الوثبة بإمارة أبوظبي، وذلك خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للدولة العربية المتحدة.

وأشارت الحكومة الإماراتية حينها إلى أن بناء المعبد الكبير للهندوس يأتي لتلبية احتياج مئات الآلاف من الهندوس المقيمين في أبوظبي، ولتسهيل مشقة السفر عليهم إلى أقرب معبد لهم موجود في إمارة دبي. إمارة أبوظبي تبرّعت بالأرض، فيما تولّت لجنة تنسيق المعبد التي يرأسها البليونير ورجل الأعمال الهندي بي آر شيتي تأمين التمويل الخاص للبناء.

واعتبر شيتي حين الإعلان عن بناء المعبد أن «الإمارات خير مثالٍ على التسامح الديني وتقبّل الآخر في دولة سكانها من جنسيات مختلفة ويعيشون في تناغم».

وفي فبراير/شباط الماضي، كشف رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي عن نموذج لما سيكون عليه المعبد الهنوسي، إذ أشار خلال زيارته الإمارات كضيف شرف في القمة العالمية للحكومات بدبي أن المعبد الهندوسي سيكون «شهادة على التسامح» في البلد الخليجي المسلم. وأشار إلى أن المعبد هام جداً للجالية الهندية التي يقدر عددها بحوالي 3.3 مليون في دولة الإمارات، بحسب «روسيا اليوم«.

والمعبد الهندوسي الذي أقيم في منطقة الوثبة بأبوظبي ليس الأول من نوعه في دولة الإمارات، إذ منح الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم عام 1958 إذناً لقيام المعبد الهندوسي الأول في إمارة دبي في طابق من أحد مباني السوق القديمة في منطقة بر دبي، ليكون معبداً للهندوس والسيخ معاً.

وفي عام 2012، قرر السيخ البالغ عددهم في دبي 50 ألفاً الانفصال عن الهندوس وأقاموا معبدهم الخاص «معبد جورو ناناك داربار» في منطقة جبل علي الشهيرة، وهو منشأة متعددة الطوابق ومحاطة بواسطة باريكارما 45 متراً (ممر يطوّق المعبد أثناء الانخراط في الصلاة) مغطاة بشبكات معدنية تقليدية ومجاورة لبركة مستوحاة من المعبد الذهبيّ الهندي، بحسب الموقع السياحي الرسمي لإمارة دبي.

ويقيم المعبد الهندوسي في دبي كل الشعائر المتعلقة بالديانة الهندوسية، فتتم فيه الصلاة وطقوس الزواج والدفن وإن كانت غير معترف بها رسمياً من قبل الحكومة الإماراتية.

ويضمن الدستور الإماراتي حريّة الأديان صراحة، وتقدم الحكومة الإماراتية التسهيلات للأديان الأخرى عندما يتعلق الأمر ببناء دور للعبادة، فيتم الأمر عبر تقديم طلبات من قبل الطوائف الراغبة في بناء دار للعبادة على شكل منحة عقارية، وبعد دراسة الأمر وعرضه على حاكم الإمارة يتم الفصل فيه بالموافقة أو الرفض، وفي حال الموافقة لا يتم تقاضي أي إيجار على الأرض الممنوحة للطائفة.

ويختلف الانفتاح على الأديان في الإمارات من إمارة لأخرى؛ نظراً لأن بناء دور العبادة للطوائف الأخرى يعتبر من الأمور التي تنظمها قوانين خاصة في كل إمارة على حدة، لذلك نجد بعض الإمارات تسمح ببناء دور العبادة لطوائف لا تتبع أياً من الأديان السماوية، فيما يقصر بعضها الآخر الأمر على أتباع الديانات السماوية وبعضها لا يسمح بإقامة دور عبادة لغير المسلمين.

ويشكل الهنود بالإمارات الذين يلقي اللوم أغلبهم بالديانة الهندوسية 30 في المائة من سكان الإمارات يتركزون في أبوظبي ودبي والشارقة، ليشكلون بذلك أكبر جالية من الأجانب في الإمارات، حيث يصل عددهم إلى 2.6 مليون نسمة، كما تظهر إحصائيات السفارة الهندية في أبوظبي.

والمعبد المزمع إقامته في أبوظبي ليس المعبد الهندوسي الأول في الإمارات، ففي عام 1958، منح الشيخ “راشد بن سعيد آل مكتوم” إذنًا لإقامة المعبد الهندوسي الأول في دبي، وتحديدًا في منطقة “بُر دبي” القديمة، وهو عبارة عن مجمع يضم معبدي “شيفا” و”كريشنا مندير”، للهندوس والسيخ معًا، قبل أن ينفصل السيخ عن الهندوس عام 2012، ويقيمون معبدهم الخاص في (جبل علي) في دبي؟

الإمارات تضيّق على المساجد

والتسامح مع الهندوس في الإمارات لم يشمل –على سبيل المثال- مدير عام مؤسسة رأس الخيمة للقرآن الكريم وعلومه “صالح الظفيري” الذي اعتقل بسبب “فزاعة الإخوان المسلمين” التي تستخدمها الإمارات باعتبارها أداة لترويع الناس وسحب جنسياتهم. اعتقل الظفيري ومنع من إلقاء الخطب قبل أن يجبر على التقاعد.

كما حاربت الإمارات على أرضها بكل قوة من أجل كبح جماح تزايد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين بعد ثورات الربيع العربي، حيث حاربت الجمعيات الإماراتية الخيرية المحسوبة على هذا التيار، فهي قلقة من أي احتمال لصلات بين الإسلاميين في الداخل ونظرائهم في الخارج.

ويؤكد على ذلك التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الخاص بوضع الحريات الدينية حول العالم في العام 2016، حيث ذكر أن: “حكومة الإمارات لاحقت قضائيًا أفرادًا لانتمائهم أو دعمهم لمنظمات ذكرت إنها إرهابية ومن بينها حركة الإخوان المسلمين”، وحسب منظمات حقوقية فإن: “بعض هؤلاء الأفراد لم يستخدموا العنف ولكنهم استخدموا منصات التواصل الاجتماعي لانتقاد سياسات الحكومة”.

وفي سبيل ذلك تواصل الحكومة الإماراتية تضييق الخناق على المساجد داخل أراضيها، بدءًا بتحديد أوقات لفتح وإغلاق المساجد بشكل سريع، وقيامها بتغيير أئمة المساجد إلى آخرين تابعين لجهازها الأمني، ثم قرارها توحيد خطبة يوم الجمعة، وكذلك متابعة من يداومون على الصلاة، والتعامل معهم باعتبارهم مشتبهًا بهم، كما وضعت كاميرات مراقبة سرية داخل المساجد.

وتكريسًا للهيمنة الأمنية الإماراتية على المساجد، أقر المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق، قانون “تنظيم ورعاية المساجد” الذي يمنع العاملين في المساجد من تَجْرِبَة أي نشاط سياسي أو تنظيمي، ويمنعهم من إلقاء الدروس أو الخطب أو تحفيظ القرآن الكريم خارج المساجد أو الجهات المصرح بها من قبل السلطة المختصة، ويوجب عليهم الحصول على إذن في حال أرادوا جمع التبرعات أو المساعدات المالية أو العينية لشخصه أو للغير، ويمنع هذا القانون توزيع الكتب والنشرات والأقراص المدمجة أو إلصاق الإعلانات والمنشورات، والاعتكاف في المساجد، وإدخال مصاحف أو أثاث، وإقامة موائد الإفطار والولائم.

بل ذهبت الإمارات لتحريض أوروبا على تشديد الرقابة على المساجد فيها، حين ذكر وزير “التسامح” فيها، “نهيان مبارك آل نهيان” مخاطبًا الغرب أنه: “لا يجوز نُشُور المساجد ببساطة هكذا والسماح لأي فرد بالذهاب إلى هناك وإلقاء خطب. يتعين أن يكون هناك ترخيص بذلك”.

وتابع القول: “نعتقد أنه يتعين حدوث شيء في أوروبا، فالدول الأوروبية كانت حسنة النية عندما سمحت لهؤلاء الناس (يقصد الأئمة) بإدارة مساجدهم ومراكزهم الخاصة، لكن في المقابل يتعين تمرين القادة الدينيين ليكونوا على دراية جيدة بالإسلام، ولينالوا ترخيصًا بإلقاء الخطب في المساجد، فلا يمكن لأحد في أوروبا أن يذهب إلى كنيسة ويخطب فيها ببساطة”.

وفي خارج الإمارات، لاحقت تلك الحكومة النشاطات الإسلامية وضيقت على القائمين عليها، وأنفقت المليارات لتهميش دور الإسلام السياسي، فصنفت 83 من المؤسسات الإسلامية باعتبارها منظمات إرهابية، منها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأيضًا فروع جماعة الإخوان المسلمين المنكل بهم في السجون الإماراتية.

لماذا تحاول الإمارات استرضاء الهندوس؟

– التقرب من نيودلهي باعتبارها حليفًا اقتصاديًّا

“منصة لتحديد ومناقشة فرص جذب الاستثمارات في مختلف القطاعات والترويج للمزايا التنافسية لإمارة أبوظبي باعتبارها وجهة عالمية مفضلة للاستثمار، بالإضافة إلى البحث في الآليات وفرص الشراكة بين الشركات الإماراتية ونظيرتها من الشركات الهندية”، هكذا تحدث صحيفة “العين الإخبارية” الإماراتي عن “أسبوع أبوظبي في نيودلهي” الذي عقد في بداية هذا الشهر في العاصمة الهندية -نيودلهي-.

وبغية توثيق الاقتصاد الهندي مع اقتصاد الإمارات القائم على البترول الخام، أشرف رئيس الوزراء الهندي “نارندرا مودي” في الثاني عشر من فبراير (شباط) الحالي على شراء شركات هندية لحصة تصل إلى 10 في المائة من امتياز نفطي بحري تابع لشركة بترول أبوظبي، وهو الحدث الذي وصفه الإعلام الإماراتي بالأول من نوعه.

ويبدو أن الإمارات معنية أضخم بالتقرب من نيودلهي باعتبارها حليفًا اقتصاديًّا قويًّا بالنسبة لها، فهي ثالث أكبر شريك تجاري للهند، والشراكة التجارية بين البلدين، عززت مستوى التبادل التجاري غير النفطي خلال السنة المالية 2016-2017 بنحو 194.5 مليار درهم “53 مليار دولار)، بنسبة 60 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة، فقيمة التجارة غير النفطية بين الإمارات والهند بلغت نحو 131.7 مليار درهم “36 مليار دولار أمريكي) في 2016 وحدها، وبلغت عائدات الإمارات من نيودلهي نحو 82.9 مليار درهم (حوالي 22.7 مليار دولار)، والصادرات الإماراتية إلى نيودلهي نحو 18 مليار درهم “4.9 مليار دولار تقريبًا).

ويبلغ النفوذ الاقتصادي الهندي في الإمارات لحد تأكيد “المجلس الهندي لرجال الأعمال والمهنيين في دبي” الذي يضم في عضويته 800 ما بين شركات ورجال أعمال على: “وجود 30 ألف شركة هندية في دبي وأكثر من 40 ألف شركة هندية في أبوظبي باستثمارات تقدر بأكثر من 200 مليار درهم “55 مليار دولار)”.

وفي القطاع العقاري الإماراتي يستثمر الهنود ما بين 12 إلى 15 مليار دولار أمريكي، وتجذب دبي المستثمرين الهنود، فبينما تصل أسعار العقارات لأرقام فلكية في مدن هندية كمومباي أو دلهي، تقدم دبي صفقات واتفاقات بشروط مغرية لهؤلاء، حتى أصبحت ثاني أكبر قبلة لهم، ويقيم في الإمارات ودول الخليج الأخرى حاليًّا مئات الأثرياء الهنود ويملكون استثمارات ضخمة في مجالات مختلفة.

وتكشف “قوائم الأثرياء” التي تنشرها الجهات المختصة أن 90 في المائة من الأثرياء الهنود يقيمون في الإمارات، وفي هذا العام تربع رئيس مجلس الإدارة شركة اللولو العالمية، شاب الأعمال الهندي “يوسف علي ما” على قائمة أقوى 50 هنديًّا في دولة الإمارات التي تعدها “أريبيان بزنس”، إذ تحظى شركاته بقوة عاملة تتجاوز 40.000 عامل وعمليات في 37 دولة مختلفة.

– إظهار التسامح الديني

احتفت وسائل الإعلام الإماراتية كثيرًا بالتقرير الصادر عن مكتب الحرية الدينية وحرية الإنسان والعمالة بوزارة الخارجية الأمريكية لعام 2017، والذي أشاد بالحرية الدينية في دولة الإمارات، ودعم التسامح الديني فيها.

وفيما تحاول الإمارات أن تظهر بأنها بلد لتسامح الأديان، عبر ضمها كل الطوائف بين جنباتها، تثور الانتقادات في المقابل حول دور الإمارات في استخدام الإرهاب الديني ضد اليمنيين حيث طارد حلفاؤها من التيار السلفي النشطاء والصحفيين اليمنيين بتهمة “العلمانية”.

ويؤكد تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على وجود مجموعات تمارس ما وصفه بـ”الإرهاب الديني” في عدن، وجاء في التقرير: “الأخطر في ظاهرة تنصيب جماعات سلفية نفسـها صاحبة وصاية دينية وفكرية على مخالفيها، فقد أضحى دارجًا اغتيال الناشطين أو ملاحقتهم بعد إلصاق تهم فضفاضة بهم تتراوح بين العلمانية والإلحاد والردة”.

– التغطية على الانتهاكات بحق العمال الهنود

يمكن الإشارة إلى رغبة الإمارات بإخفاء الانتهاكات بحق العمال الهنود، الذين سجلت بحقهم وغيرهم من العمالة الأجنبية انتهاكات واسعة داخل أراضي الإمارات والتي من آخر فصولها معاناة العمال في صحيفة بناء متحف اللوفر أبوظبي، فـأكثر من 490 عاملًا قضوا في الفترة ما بين 2015 و2017 بسبب “العبودية الحديثة” في الإمارات، كما تم إِبْعَاد 14 ألفًا و600 عامل آسيوي عشوائيًا من الشغل في الإمارات عام 2016 ولم تدفع لهم الرواتب وتعرضوا للإهانة وتم ترحيلهم.

وكان برنامج وثائقي بثته قناة NDTV الهندية قد سلّط الضوء على معاناة العمال الهنود في الإمارات، وسرب البرنامج شهادات لعمال قالوا إنهم يعملون لمدة 10 ساعات مقابل 100 فرنك سويسري “101 دولار) إلى 200 فرنك سويسري “202 دولار) يحصلون عليها في آخر الشهر، ويظهر البرنامج أن الأبراج الشاهقة والمباني الفخمة  الذين قدم معظمهم من بلدان شبه القارة الهندية هروبًا من البؤس ورغبة في تحسين ظروف معيشة أسرهم.

وفي أكتوبر (تشرين الثاني) 2017، ذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن علامات “حقوق العمال والعبودية الحديثة” المعروفة عالميًّا تصنف الإمارات بشكل سلبي، وتحدث المركز عن: “عائلات 26 شخصًا من العاملين في مجال البناء منذ 3-4 أعوام في مدينة دبي الإماراتية، وهم من ولاية (راجستان) في نيودلهي قدموا شكوى إلى سلطات الولاية في بداية شهر أكتوبر الحالي، قالوا فيها إن أبناءهم يتعرضون للمعاملة القاسية والمهينة في شركات البناء الإماراتية التي يعملون فيها”.

وأثبتت العائلات –حسب المركز- أن: “أبناءها يعيشون على الطرق منذ أضخم من 20 يومًا دون أموال؛ بسبب خلاف مع صاحب الشغل واعتراضهم على شروط شركة البناء والتي تجبرهم على الشغل لمدة 16-18 ساعة يوميًا والعيش في مبان متهالكة”.