موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة دولية: صراع النفوذ بين الإمارات والسعودية يهدد بتقسيم اليمن

393

أبرزت دراسة دولية مخاطر صراع المصالح والنفوذ بين الإمارات والسعودية في حربهما الإجرامية على اليمن المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام على تقسيم البلاد.

وتناولت الدراسة الصادرة عن معهد الشرق الأوسط أثر صراع النفوذ بين كل من الإمارات والسعودية في اليمن على واقع اليمن ومستقبله، مشيرةً إلى مدينة حضرموت كمثال بارز على هذا مخاطر الصراع بين الدولتين الحليفتين، والتي تدعم كل منها أطرافاً متصارعة على الأرض.

وتقف محافظة حضرموت الشرقية الاستراتيجية والغنية بالنفط في اليمن عند نقطة تحول حرجة، في ظل تصاعد الخلافات بين الجماعات السياسية والعسكرية المتنافسة والمدعومة من كل من الإمارات والسعودية.

وتتقاسم السعودية والإمارات النفوذ في محافظة حضرموت، بعد تكشف حقيقة أهداف التدخل في البلاد التي تشهد صراعا مسلحا منذ أكثر من ثلاثة أعوام نتجت عنه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وتعد حضرموت كبرى محافظات اليمن إذ تمثل أكثر من ثلث مساحة البلاد (36%)، وتمتلك شريطا ساحليا طوله 450 كلم، ونصف حدود اليمن مع السعودية، فضلا عن ثروة نفطية ومعدنية وسمكية.

ويتكون ساحل وهضبة حضرموت من 12 مديرية تعتبر مسرحا للنفوذ الإماراتي منذ أبريل/نيسان 2016، عقب انسحاب مسلحي تنظيم القاعدة من مدينة المكلا مركز المحافظة والمديريات المجاورة لها، بعد أن ظل مسيطرا عليها لمدة عام واحد.

وتحتل هذه المنطقة من حضرموت أهمية كبيرة، حيث توجد فيها أغلب الشركات النفطية العاملة في المحافظة، ومطار الريان الدولي وشريط ساحلي يضم ميناءي المكلا والشحر فضلا عن ميناء الضبة النفطي.

واكتسبت القوات الداعمة لحكومة الرئيس “عبدربه منصور هادي” المعترف بها دوليا مكانة بارزة في شمال المنطقة (سيئون ووادي حضرموت)، في حين أن قوات النخبة الحضرمية، التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي وتلعب دورا رئيسيا في قتال القاعدة في شبه الجزيرة العربية، استولت على طول الساحل الجنوبي (في المكلا وحولها). ويتزايد خطر الاشتباكات داخل المنطقة، مع ظهور اثنين من الفصائل المتنافسة في حضرموت

وفي 13 أبريل/نيسان، عقد الرئيس “هادي” جلسة لمجلس النواب لأول مرة منذ بداية الحرب في عام 2015. واجتمع الممثلون لانتخاب رئيس جديد – تم انتخاب “سلطان البركاني” من المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس السابق “علي عبدالله صالح” ووضع جدول الأعمال التشريعي المستقبلي.

وقد أُجريت الانتخابات الأخيرة للبرلمان اليمني المكون من 301 مقعدا في عام 2003 وتم تمديد ولايته عام 2009 بسبب الخلافات السياسية. كان موقع هذا التجمع الأخير ذو أهمية خاصة، حيث اختار “هادي” عقده في مدينة سيئون، وليس عدن، التي كانت العاصمة اليمنية المؤقتة منذ الانقلاب الحوثي في ​​صنعاء عام 2015.

وفقا للتقارير الإخبارية، فإن السلطات المحلية في عدن لم تسمح لـ”هادي” باستضافة الاجتماع هناك، وهو قرار يؤكد مدى خطورة التوازن داخل المدينة. لا تزال عدن مقسمة بين بعض المناطق “الموالية لهادي” والعديد من المناطق “الموالية للإمارات”. ومع ذلك، فإن اختيار سيئون كمكان للاجتماع يؤكد اعتراف “هادي” بالدور المركزي لحضرموت في اليمن الموحد، وفي الوقت نفسه، كان بمثابة رسالة واضحة إلى المجلس الجنوبي حول تطلعاته الانفصالية.

ولا تزال الولاءات العسكرية في شمال حضرموت متقلبة. على سبيل المثال، تحول الجنرال “عبدالرحمن الهليلي”، القائد السابق للمنطقة العسكرية الأولى واللواء المدرع السابع والثلاثون، من موال لـ”صالح” إلى داعم لـ”هادي”.

وكان هو واللواء “علي محسن الأحمر”، نائب الرئيس “هادي” ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يتمتعان بدعم عسكري في المنطقة؛ وكذلك حزب الإصلاح (الذي يضم أعضاء محليين في جماعة الإخوان المسلمين وبعض السلفيين) الذين تسيطر ميليشياتهم القبلية على المعبر الحدودي مع المملكة العربية السعودية وكلاهما مدعوم من المملكة.

على الرغم من انتشار العناصر الفاعلة العسكرية، لا يزال الأمن مصدر قلق. في عامي 2017 و 2018، قُتل اثنان من أفراد قبيلة الكاثري البارزة في سيئون، كان أحدهما ينتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام على أيدي مهاجمين مجهولين في المقاطعة. وقبل سفر “هادي” من الرياض إلى سيئون للمشاركة في الجلسة البرلمانية، ذُكر أن القوات السعودية ووحدات الحماية الرئاسية اليمنية قد اجتاحت سيئون لتأمين وجوده.

وقد أدان الحوثيون اجتماع سيئون، وعقدوا جلسة موازية لـ”البرلمان” في صنعاء في نفس اليوم، لانتخاب مندوبيهم لما لا يقل عن 35 مقعدا شاغرا. حتى أنهم ذهبوا إلى حد إطلاق طائرة بدون طيار ضد مطار سيئون في 11 أبريل/نيسان، وتم اعتراضها وإسقاطها بصاروخ باتريوت سعودي.

على الرغم من أن برلمانيين من المجلس الجنوبي قرروا الانضمام إلى الجلسة في سيئون، فقد انتقد قادة اللجنة بشدة اجتماع هادي البرلماني. وبحسب ما ورد تجمع مئات من أنصار المجلس في سيئون قبل الجلسة للاحتجاج على الحكومة المعترف بها دوليا، وهدد نائب رئيس اللجنة، هاني بن بريك، بالانتقام من أنصار هادي إذا هاجمت قوات الأمن مؤيديه.

بالإضافة إلى قضية الشرعية المؤسسية الواضحة، ألقت المناوشات حول الاجتماع في سيئون مزيدا من الضوء على الانقسام في حضرموت حيث تنقسم المحافظة في الواقع السياسي إلى منطقتين متميزتين، مع قوات عسكرية متنافسة وداعمين خارجيين مختلفين، أحدهما سعودي والآخر إماراتي.

من ناحية، تدعم المملكة العربية السعودية قوات مرتبطة بهادي في الشمال، في سيئون ووادي حضرموت ويبدو السعوديون ملتزمين بمصير حكومة “هادي” المعترف بها، لكنهم يهدفون أيضا إلى حماية حدودهم التي تتعرض لضغوط شديدة من هجمات الحوثيين والكمائن إلى الغرب (حول جازان وعسير ونجران).

في المقابل تدعم دولة الإمارات قوات النخبة الحضرمية، التي يتم نشرها على طول الساحل الجنوبي للمحافظة. وقد قام الإماراتيون بتنظيم وتدريب وتجهيز قوة النخبة اليمنية، والتي لعبت دورا حاسما في طرد القاعدة في جزيرة العرب من المكلا في عام 2016، ومن ثم الحد من بؤر الجهاد في الداخل.

ومن خلال القيام بذلك، تمكنت الإمارات من اكتساب نفوذ جيوسياسي جديد بشكل غير مباشر على الموانئ التجارية والمواقع العسكرية ومحطة النفط في حضرموت (بئر علي)، فضلا عن اكتساب عمق استراتيجي نحو المحيط الهندي.

على الرغم من أجنداتهما المتعارضة في جنوب اليمن من المرجح أن تتوصل المملكة العربية السعودية والإمارات إلى حل سياسي وسط بشأن حضرموت، وتوافق بشكل غير رسمي على تعزيز مجالات نفوذهما “الشمالية” و “الجنوبية” الناشئة داخل المحافظة من أجل تحقيق مصالح كل منهما.

ومع ذلك، قد لا تكون الجماعات السياسية والميليشيات المحلية حريصة للغاية على التسوية، لأنها تحاول الاستفادة من فوضى الحرب والمحسوبية الخارجية.

علاوة على ذلك، قد تكون هناك عقبات أخرى للتغلب عليها فالعديد من القوات المنتشرة في شمال حضرموت تربطها صلات قوية بشبكات القوة التي تتخذ من صنعاء مقرا لها بقيادة عائلة “صالح” و”علي محسن” وغالبا ما يُنظر إلى هذه الشبكات على أنها موالية للشمال من قبل معظم الحضرميين، في حين أن قوات النخبة الحضرمية لها جذور عميقة في النسيج القبلي المحلي.

وإذا استمر الرئيس “هادي” والمجلس الجنوبي في الاختلاف على مستقبل اليمن والإطار السياسي، فمن المرجح أن تندلع الاشتباكات في حضرموت. ومن المثير للاهتمام، أن هذا يمكن أن يحدث بشكل رئيسي بين القوات النظامية، لأن قوات النخبة في حضرموت أصبحت الآن جزءا تقنيا من الجيش اليمني وهو ما يكمن وراء تعقيد توازن الأمن الهش في اليمن.

وكانت مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية اعتبرت في تقرير لها العام الماضي   أن التحالف السعودي الإماراتي أضعف مما يبدو عليه في ظل وجود كثير من نقاط الخلاف خاصة ما يتعلق بالملف اليمني مشيرة إلى اختلاف الرياض وأبوظبي في تشخيص التهديدات الإقليمية، بالنظر إلى أن الأولى تتبنى “أجندة سنية”، فيما تتولى الأخرى “أجندة علمانية”، قدمت المجلة اليمن، كمثال، زاعمة أن السعودية نظرت إلى قيام “حكومة شيعية في اليمن” على أيدي ميليشيات الحوثيين  بوصفه “تهديداً مباشراً لأمنها القومي”،

فيما لا تتورع أبوظبي عن دعم أطراف “شيعية” محسوبة على إيران، طالما أن ذلك يخدم جهود تعزيز الاستقرار في اليمن، وفي الوقت عينه، ترفض تدخلات طهران المزعزعة للاستقرار في دول الشرق الأوسط، موضحة أن الخلافات الإماراتية السعودية على الساحة اليمنية تتمحور حول ماهية التهديد الذي تمثله الجماعات والشخصيات “الشيعية”، التنظيمات الدينية المتطرفة، إلى جانب الخلاف على تحديد الطرف الذي يمثل “الشرعية السياسية” في اليمن.

وذهبت المجلة إلى أن المملكة العربية السعودية ترى في الرئيس عبد ربه منصور هادي، الرئيس الشرعي للبلاد، وفي حزب “الإصلاح”، “طرفاً سياسياً شرعياً”، يفيدها في المعركة مع “المتمردين الحوثيين”، في حين لا تشاطر الإمارات العربية المتحدة جارتها الخليجية الرأي، بحيث ركزت جهودها على “الحد من تأثير الجماعات الشيعية والسنية (المتطرفة) على حد سواء”على حد وصف المجلة.

إذ ساعدت الرياض ضد “الحوثيين” من خلال نشر قوات تابعة لها في جنوب اليمن، ووقفت إلى جانب الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، في مواجهته العسكرية ضد “حزب الإصلاح” حيث تسعى أبوظبي لإقصاء حزب الإصلاح عن المشهد السياسي بدعوى انتماءه فكريا لجماعة الإخوان المسلمين رغم ما تشكله هذه السياسة الإماراتية لتهديد للنسيج الاجتماعي في اليمن.

وشرحت المجلة أن الرغبة التي تبديها الإمارات العربية المتحدة لاستخدام القوة ضد كتائب المقاومة التابعة  لـ”حزب الإصلاح”، المدعومة سعودياً، “يؤكد التزامها دعم القوى العلمانية في اليمن” بمعزل عن انتماءاتها الطائفية، لافتة إلى أن رهان أبوظبي في الفترة الماضية على إعادة الرئيس صالح إلى السلطة في البلاد، انطوى على رغبتها في “إعادة ترسيخ (نظام) سلطوي علماني” يعيد الاستقرار إلى ربوع اليمن الذي مزقته الحرب.