موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات في اليمن.. هزيمة وانكسار

151

بالإعلان عن مغادرة قوات دولة الإمارات مدينة عدن، يبدو أن صفحة تدخلها العسكري المباشر في اليمن، بما رافقه من تهور وأطماع وسجون سرية واغتيالات وانقلابات، تتجه نحو مصيرها المحتوم منذ اليوم الأول، وهو الهزيمة والانكسار.

الإمارات دولة خليجية ثرية، يقول حكامها من أسرة آل نهيان إن أصولهم تعود إلى محافظة مأرب اليمنية. هذه الدولة، التي يقارب عدد سكانها مليوني مواطن، تدخلت عسكرياً في بلد 30 مليون يمني، طحنت بلادهم الأزمات والمليشيات متعددة الخلفيات.

وإلى ما قبل سنوات، كان عدد غير قليل من اليمنيين، لا يزالون ينظرون إلى الإمارات، بوصفها دولة يمكن أن تؤدي دوراً مسانداً لليمن للخروج من محنته، على الرغم من تجارب الأطماع الخاصة بها في الموانئ اليمنية، من خلال النفوذ السابق عبر شركة “موانئ دبي”، وغير ذلك مما عُرف عن سياساتها الخارجية.

ومع مشاركتها في الحرب الدائرة في اليمن، قدمت الإمارات قتلى من جنودها وضباطها ما لم تقدم في أي معركة أخرى تقريباً منذ عقود، نتيجة للحجم العسكري الإماراتي على الأرض، جنوباً وفي العديد من المناطق. هذا الوجود، كانت أبرز تجلياته في حادثة القصف الصاروخي بمحافظة مأرب في سبتمبر/أيلول 2015، والذي راح فيه أكثر من 50 إماراتياً.

وقد عمدت الإمارات إلى تقليص نفوذ الحكومة الشرعية باليمن في العاصمة المؤقتة عدن، ودعمت المجلس الانتقالي الجنوبي المنادي بالانفصال، وأزاحت كل من يقف حجرة عثرة أمامه، وهو ما أورده تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للأمم المتحدة، الذي تناول إنشاء سجون سرية وتنفيذ عمليات اغتيال طالت شخصيات دينية وسياسية واجتماعية مناوئة للإمارات.

وتورطت الإمارات في تأجيج صراع داخلي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن أبرزها في أغسطس/آب الماضي إثر انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وسيطرته على عدن، مطالبا باستعادة دولة الجنوب، حيث أعادت هذه الأحداث إلى الأذهان إعلان الانفصال واندلاع حرب أهلية عام 1994.

كما اشتعلت حرب أخرى إثر انقلاب الحوثيين والرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح على الرئيس هادي، مما استدعى تدخلا عسكريا بقيادة السعودية والإمارات. وبعد تحرير عدن عام 2015، بدأت تتعالى أصوات المطالبين بدولة الجنوب، وتصدرت قيادات الانفصال المشهد من جديد.

توقفت عملية تحرير المحافظات الجنوبية من الحوثيين على حدود شطري اليمن أواخر العام 2015، وشرعت الإمارات في اختيار عدد من رموز الحراك الانفصالي لتشكيل كيانات عسكرية موازية للدولة اليمنية، متمثلة في قوات الحزام الأمني والنخبتين الحضرمية والشبوانية، التي يصل قوامها إلى 90 ألف مقاتل، حسب تقارير صحفية.

وفي أبريل/نيسان 2017، أعلن عن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم وتمويل من الإمارات. ويضم المجلس عددا من قيادات الحراك الجنوبي المنادي بالانفصال ومسؤولين أقيلوا من مناصبهم.

كان بإمكان المسؤولين الإماراتيين أن يتركوا أثراً طيباً، من خلال الفرصة التي أتاحتها الظروف لبلادهم بأداء دور عسكري في اليمن، من خلال دعم استقرار البلاد وأمنها ووحدة أراضيها.

بعد أكثر من أربع سنوات، من النفوذ الإماراتي، بل وتصدر أبوظبي القرار الأول في عدن ومحيطها، حدث أبعد مما كان يطرأ على بال أكثر اليمنيين تشاؤماً من هذا الدور، إذ تحول تدخلها إلى ملف أسود، مما لا مجال لذكره أو التذكير به هنا، خصوصاً في ظل أجواء الاتفاق المزمع توقيعه لإنهاء الأزمة التي خلقتها أبوظبي في عدن، وليس أقل دليل على ذلك، أن يُسبق الاتفاق بالإعلان عن نقل قيادة التحالف في المدينة إلى السعودية.

بصورة إجمالية، يمكن القول إن الإمارات وهي تغادر عدن، تدرك أن وجودها بات مرفوضاً يمنياً، وأنها فوتت فرصة تاريخية بالنسبة إليها في “العاصمة المؤقتة” كما تصفها الحكومة الشرعية على الأقل. وما كان على الإماراتيين الاعتقاد أن الوضع الذي يعيشه اليمن، سيجعل من السهولة لأي طرف خارجي، أن يعبث بقضاياه المصيرية كما يشاء.