موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات والسعي لفرض أمر واقع بتقسيم فعلي لليمن

89

تتطابق الأدلة على سعي إماراتي ضمن خطط ممنهجة لفرض أمر واقع بتقسيم فعلي لليمن عبر تدخلها الإجرامي ضمن حرب التحالف المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

ويتساءل يمنيون: من حرك حلم الثورة والتغيير في بلادهم في عام 2011؟. شباب وشابات، طلاب جامعات وكادحون من كل أطياف المجتمع اليمني، المتعطش للتغيير واللحاق بركب عجلة التقدم الإنساني والصناعي والعلمي؛ أسوة بدول كثيرة، شباب يحلمون بالتغيير والحرية.

لكن نظام الاستبداد في اليمن سخر إمكانات الدولة في مواجهة هذا الطوفان الثوري الذي تشكل في خضم الثورات العربية، بحثاً عن طريق لينجو بالبلد من قبضة الحاكم الأوحد.

كان حزب المؤتمر الشعبي العام يتحكّم بمصيره شخص واحد، فيما استطاع حزب الإصلاح أن يؤدي دوراً ظاهرياً على أنه حزب معارض، بينما لم يكن سوى جناح آخر للسلطة.

لن نتحدث اليوم عن عشرات المقاتلين من كبار الضباط ممن يتوغلون بوشاح الوطنية، فلا نجدهم إلا أشواكا مندسّة في خريطة أهدافنا النبيلة، التواقة إلى مقاومة كل أشكال العبودية.

ما كان لهذا النظام أن يسقط سقوطا مريعا، لولا بسالة المقاتل اليمني، طوال سنوات التصدّي لمليشيات الدم (النظام، الحوثي، الإصلاح).

ثلاثة أجنحة تحاصرنا، تقتلنا إحداها من مساحة قريبة جداً من شريان متاريسنا، وتقاسمنا الخبز والماء والذخيرة في ثكناتنا، ويا لها من وجوه دخيلة، تدّعي الشرعية، فلا تتعرّى إلا إجراماً مدفوعا ممنهجاً.

ندرك أننا لا نضمر أي عداء لقواعد حزب الإصلاح وأعضائه ونشطائه، فأغلبهم يقاتلون بشرف في جبهاتٍ كثيرة، وليس في هذا الإنصاف أية مجاملة. لكنهم في مقابل ذلك، يجهلون أجندة القيادات الهرمية لحزبهم، والتي تعمل خلافاً لآمال التحرّر من العبودية وطموحاته.

يعتقد كثيرون أن النظام السابق لم يعد له أثر منذ الرابع من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو القول الذي سمعناه كثيراً من طوابير الجهل والمنفعة، عقب إطاحة المخلوع، علي عبدالله صالح، من هرم السلطة في العام 2012، إذ تعالت الأصوات النشاز عقب التوقيع على المبادرة الخليجية، بوتيرة ممنهجة، دفاعاً عن “إرث صالح” السياسي، باعتبار أنه “سلّم الجمل بما حمل” لسلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المنتخب بإجماع شعبي كبير، لتكشف لنا الأيام التي سبقت اندلاع الحرب أبواق المدافعين عن نظامٍ لا يزال يتعرّى يوماً بعد آخر.

تحرس دولة الإمارات، بإمكاناتها العسكرية والمالية، مشاريع الاستبداد للنظام السابق، تمهيداً لفرض أمر واقع في المستقبل، يبقي الجنوب موحداً بالشمال كديكور، أي تحت رحمة مراكز قوى شمال الشمال.

لن يقبل النظام السابق بانفصال الجنوب بدافع الوطنية أو الانتماء لتراب الوطن، أرضاً وإنساناً، بالحفاظ على وحدة اليمن بصيغة 1990، وإنما بدافع حرصه على تنشيط شهوة التسلط بمقدّرات الجنوب وخيراته.

التصريحات الكثيرة لرئيس ما يسمّى “المجلس الإنتقالي”، عيدوس الزبيدي، المتناغمة مع تصريحات المسؤوليين الإماراتيين في عدن، تكشف عن رغبة في تدوير أجنحة صالح، بدعم طارق عفاش، علناً، ما يناقض فكرة خطر الانفصال جملة وتفصيلاً، إذ لا يعقل أن يقبل الجنوبيون بأحد رموز النظام السابق على جغرافيا بلدهم، إذ لطالما كانت لهم مواقف سابقة مناوئة لمراكز قوى الاستبداد في الشمال، فكيف بـ “مجلس انتقالي” مدعوم إماراتياً يستخفّ بالجنوبيين، عبر دعواته إلى “فك الارتباط”، ككيان يتلقى توجيهاته من نظام سابق مغضوب عليه شعبياً في الجنوب، نظام أوصل البلد إلى هذا المربع المأسوي.

وواهم من يعتقد أن نظام صالح، بأجنحته العسكرية الكثيرة قد يقاتل جماعة الحوثي بروح وطنية، بل من أجل الظفر بعودة حكم البلد بيد من حديد ونار. ولنفترض أن طارق عفاش يقاتل الحوثيين، ونجح في سحقهم عسكرياً، ثم وجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: القبول بالانصياع لأوامر “الشرعية” وأهدافها، أو ترك السلاح، ومغادرة التمترس خلف شعار “الوطني المنقذ” للبلد حصرياً.

لا شك أنه سيكرّر مأساة الأمس، بإنعاش “جماعة الدم الحوثية” بالتحالف معها بمبرّرات شتى، ترجمة لعقلية الاستبداد: “إما نحكم البلد أو فتحنا لكم أبواب جهنم”.

عقلية عسكر الاستبداد تقارب عبارة المفكر الأميريكي نعوم تشومسكي: “إذا أردت غزو شعب ما، فأصنع لهم عدواً وهمياً يبدو خطراً أكثر منك، ثم كن المنقذ لهم من هذا العدو!”.