موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات مدخل لاقتحام التقاليد اليهودية الدول العربية

371

تغير العلاقات بين بعض الدولة العربية وإسرائيل التي صارت تدفعها المصالح، حيث تتجه إلى مزيد من التطبيع بين بعضها والدولة العبرية، موضوع تناولته مجلة “إيكونوميست” على صفحاتها.

وتحت عنوان “بعد عقود من نفي اليهود، بعض العرب يريد عودتهم”، بدأت المجلة بالحديث عن “فيلا” في دبي، بجدرانها البيضاء، إلا ان مؤسسيها ورغم بعدها عن الأضواء يرون أن افتتاح أول كنيس منذ وقت طويل يؤشر الى حالة إحياء يهودية.

ويقع الكنيس على شاطئ الإمارة، حيث يقدم دروساً بالعبرية وطعام “كوشر” حلالاً حسب الديانة اليهودية وعيّن حاخاماً قبل فترة.

ويقول رئيس المجلس اليهودي الإماراتي الذي أنشئ حديثاً روس كريل “أمل مجتمعنا هو إعادة إشعال نور التقاليد اليهودية – الإسلامية”.

وتقول المجلة إن هذا الكلام يبدو أملاً لا داعي له في العالم العربي والذي خرج منه حوالى 80.000 يهودي في الفترة التي تبعت إنشاء الكيان الإسرائيلي عام 1948. ولكن المدهش في الوضع الحالي هو أن قادة العرب من المغرب إلى العراق يتحدثون عن الرسالة نفسها. ففي شهر شباط/فبراير الماضي قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده ستبني كنيساً لو عاد اليهود إلى مصر.

وأعلنت حكومة مصر عن خطط لترميم كنيس إلياهو هابني في الإسكندرية الذي كان يعد من أكبر الكنس اليهودية في الشرق الأوسط. وتقوم الحكومة أيضاً بتنظيف مقبرة يهودية كبيرة في القاهرة غمرتها المياه العادمة. وللمرة الثانية سيشاهد المصريون مسلسلاً درامياً سيعرض في رمضان عن اليهود. وهو قصة علاقة عاطفية بين جندي وامرأة يهودية.

ويتبع آخرون في الخليج مثال دبي. ونقلت المجلة ما قاله مارك شنير، الحاخام الأمريكي الذي يعمل على “تطوير الحياة اليهودية” في خمس دول خليجية “أشعر براحة وأنا ارتدي القبعة اليهودية في البحرين أكثر من برلين”.

واحتفلت رابطة العالم الإسلامي، الذراع الدعوية للسعودية بذكرى الهولوكوست برسالة بالعربية شجبت فيها منكري الهولوكوست. ويخطط مديرها محمد العيسى لقيادة وفد وزيارة معسكر الاعتقال “أوشفيتز”. وعلق قائلاً “لقد تغيرت الظروف”.

وتقول المجلة إن المتشككين يرون أن هذه مجرد حيلة يقوم بها الديكتاتوريون العرب الذين يريدون الحصول على مباركة الغرب، مشيرين إلى سنوات من خطاب الكراهية.

ولكن الربيع العربي عام 2011 أنهى الكثير من المحرمات، حيث يقوم الناس بتحدي آيديولوجية الدولة بطريقة لم تر من قبل. فمن العراق إلى ليبيا يقوم ساسة وصناع أفلام وأكاديميون، علمانيون ومن أرضية إخوانية، بإعادة النظر في الماضي، بما في ذلك مرحلة ما بعد 1948 وخروج اليهود من الدول العربية. وبعد تحررهم من الرقابة وبمساعدة من الإنترنت قفز المسلمون واليهود فوق الحدود والتأشيرات وتواصلوا عبر المجتمعات الافتراضية.

يقول يهودي عراقي غادر بغداد في الستينيات من القرن الماضي: “أتواصل مع أصدقائي في بغداد طوال الليل”. وفي استطلاع على صفحة “فيسبوك” شهيرة حول إعادة الجنسية العراقية لليهود وحق العودة بعد 70 عاما، وافق 75٪ من المستطلعين على عودتهم.

وتكشف الكتب ونقاشات الطلاب في حرم الجامعات عن هذا التحول. وتبحث الأفلام الوثائقية عن اليهود في الشتات الذين عاشوا على الأرض العربية.

ويقوم الروائيون العرب برفع مستوى الشخصيات اليهودية من الهامش إلى مركز الحدث الروائي. ويقول أمين الزاوي، الروائي الجزائري ومؤلف رواية “آخر يهود تمانطيت”: “كتبت من أجل إظهار اليهود على أنهم جزء من ثقافتنا”. فيما تم طبع مذكرات لوسيه لاغانادو “الرجل في بدلة الفقمة البيضاء” مترجمة للعربية مرات عدة، فيما زاد الإقبال على دوائر الدراسات العبرية التي كانت محل اهتمام الجواسيس.

واليوم تقدم 13 جامعة مصرية مساقات تدريس العبرية، بزيادة عن عام 2004. وهناك 3.000 طالب مصري سينهون دراساتهم العبرية هذا العام. وحتى وكالة الأنباء السورية لديها قسم عبري. ورغم ما يجري من فحص اليوم وإعادة نظر في الماضي فالعالم العربي اليوم بعيد كل البعد عن بداية الخمسينيات من القرن الماضي عندما ذهب أول رئيس لمصر، محمد نجيب، إلى الكنيس للاحتفال بيوم الغفران.

وكان المسلمون يصلون إلى جانب المسيحيين واليهود في مقبرة موسى بن ميمون. فمن تلمسان في الجزائر إلى القامشلي في سوريا تقف الكنس خربة.

وقال آخر يهودي في دمشق “سيأخذون كل شيء عندما أموت”. فالعادات القديمة لا تتغير بسهولة، وتحت ذريعة الحفاظ على التراث اليهودي تقوم جماعات تدعمها الحكومات العربية بحيازة الأملاك الخربة.

من جهتها تواصل السلطات في الإمارات الترويج لصورة مثالية عن مدى التسامح الديني تجاه مختلف الأديان في الإمارات، تارة عبر اللقاءات الرسمية مع الفاتيكان، أو استقبال وفود لمنظمات يهودية ومسيحية، وتارة عبر تنظيم مؤتمرات لحوارات الأديان، أو السماح ببناء معبد للبوذيين، ومؤخراً ما كشفت عنه وسائل إعلام عبرية عن وجود كنيس لليهود في دبي بمباركة رسمية، فيما لا يشمل هذا التسامح مواطني الدولة أو المقيمين فيها حين يتعلق الأمر بحرية الرأي والتعبير أو نقد السياسات الداخلية والخارجية للدولة.

وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن واقع الجالية اليهودية في دبي وكشفها عن  كنيس يهودي يحتضنه حي سكني في إمارة دبي إحدى مدن الإمارات العربية المتحدة، وهي خطوة تترافق مع لقاءات وزيارات لرجال دين يهود مقربين من “إسرائيل”، وخطاب عام نحو التسامح الديني، تتبناه دول “سنية معتدلة”، وتعززه ندوات وإطلالات في وسائل إعلام عربية لمفتين وسياسيين.

لعدة قرون، قام اليهود بأعمال تجارية واختلطوا اجتماعيًا – وإن كان بحذر – مع جيران عرب من بغداد إلى بيروت، لكن معظمهم طُردوا أو هاجروا عندما تأسست “إسرائيل” عام 1948، واليوم، مع نمو اقتصاد المنطقة ونعومة المواقف العربية تجاه إسرائيل أسست الطائفة اليهودية في دبي أول كنيس يهودي في المدينة.

ليس هذا وليد اللحظة، فعقب سنوات من الاجتماع السري في بيوت خاصة، قرر يهود دبي منذ ثلاثة أعوام استئجار فيلا في حي سكني هادئ للخدمات لتحويله إلى كنيس، ويحتوي المبنى غير المميز على ملاذ للصلاة ومطبخ وعدد قليل من غرف النوم للزوار أو أعضاء المجتمع الذين لا يعملون.

وبحسب القناة الإسرائيلية الثانية، عمل رجال الأعمال اليهود في دبي على بناء الكنيس اليهودي السري في إمارة دبي بموافقة من السلطات الإماراتية، التي أشرفت عليه على مدار ثلاث سنوات مضت، رغم أن الدولة الخليجية لا تقيم مع إسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية.

وفي أيام السبت والأعياد اليهودية يتجمع المصلون – عادةً بضع عشرات من الأعضاء بالإضافة إلى الزوار من العاملين بالشركات وطلاب الجامعات – في الفيلا التي تسمح نوافذها برؤية مئذنة مسجد يقربها، وعلى الرغم من أن الطائفة اليهودية ليس لديها حاخام، فإن العديد منهم يزورونها من وقت لآخر.

وعند الترنيم بالجزء الأسبوعي من التوراة، ينشد زعيم الصلاة البركة اليهودية التقليدية، المصممة خصيصًا للظروف المحلية قائلًاً: “يبارك الرب ويحمي ويساعد رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد ونائبه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد وجميع حكام الإمارات الأخرى وأولياء العهود”.

هذا الدعاء، الذي يختتم بمباركة القوات العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة، تتلوه تقاليد محلية في الصلاة مثل العديد من مجتمعات الشتات اليهودي، لكن اللهجة التفضيلية واضحة بأنها تتبع هيكل السلطة المركزي في دبي، حيث يملك حكام الإمارات سيطرة تامة على رفاهية المجتمع اليهودي.

ويسلط موقع “تايمز أوف إسرائيل” العبري الضوء على أحد قادة المجتمع في دبي، ويدعى روس كريل، وهو يهودي أرثوذكسي من جنوب إفريقيا، انتقل إلى دبي مع زوجته وأطفاله للعمل كمحام في شركة للطاقة قبل 6 سنوات، ويمشي كريل على خط رفيع بين الاهتمام الأساسي بضمان الأمن، بينما يعمل أيضًا على رؤية حياة يهودية مستدامة ومزدهرة في دبي.

ويعتبر “كنيس دبي” ملاذًا يرحب باليهود في المدينة الرأسمالية التجارية في الشرق الأوسط، سواء كانوا من المقيمين القدماء أم الزائرين المؤقتين أم القليل من الزوار المحظوظين بما يكفي لمعرفة وجود الكنيس، تأسّس منذ 10 سنوات، وهو المؤسسة الرائدة والوحيدة الفعالة التابعة للجالية اليهودية في الإمارات.

في ذات السياق، سلط تقرير لموقع “بلومبرغ بيزنس” الأمريكي، الضوء على النمو المفاجئ لجالية يهودية تعدادها 150 شخص – وهم المغتربون في مجالات مثل التمويل والقانون والطاقة والماس – تقيم صلوات بصورة متواصلة أيام السبت والأعياد، وتقيم ذلك في مكان سري.

“لقد قطعنا شوطًا طويلاً منذ أن بدأت لأول مرة بالذهاب إلى دبي قبل 30 عامًا”، يقول إيلي إيبستين، أحد سكان نيويورك الذي ساعد في تأسيس الكنيس وتبرع بتوراة، في حديثه للإذاعة العبرية العامة، مضيفًا: “في ذلك الوقت، أخبرني الناس أنني يجب أن أتجنب استخدام اسمي الأخير لأنه يبدو يهوديًا للغاية”.

وبحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل”، فإن إنشاء الكنيس تم بعد جهود كبيرة استمرت لأكثر من 20 عامًا، حيث يحظى بتشجيع من مجموعات يهودية مثل مركز “سيمون فيزنتال”، بالإضافة إلى حكومة دبي ومحمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية، الذي بنى برج خليفة المكون من 163 طابقًا، وعندما تبرع إيبستين بكتب التوراة منذ ثلاث سنوات، أهدى واحدًا بغطاء مخملي مع نقش عربي مطرز بالذهب للعبار، الذي يعرفه منذ أن أدار مشروعًا للألمونيوم في التسعينيات.

ويعكس ظهور الكنيس العلاقات الدافئة بين إسرائيل والدول الرئيسية في منطقة الخليج، حيث ينظر قادة السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى إيران على أنها تهديد أكبر من الدولة اليهودية، ودفعها ذلك إلى تحالف غير معلن مع إسرائيل وكسر المحرمات التي طال أمدها في التعامل معها مباشرة.

ومع سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط، تدفع الحكومات العربية للضغط على الفلسطينيين للقبول بتسويات السلام التي تقترحها الولايات المتحدة، ففي أكتوبر/تشرين الأول، ظهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على حين غرة في سلطنة عُمان، وزار وزيران آخران من الحكومة الإسرائيلية أبو ظبي، وبعد أيام قليلة، دافع نتنياهو علنًا عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عندما أحاطت به الاتهامات من رؤساء أجانب آخرين بعد مقتل جمال خاشقجي في تركيا.

وفي وقت سابق، أكد المبعوث الأمريكي الخاص لمنطقة الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، أن “هناك جهات رسمية في الدول العربية لم تعد تخشى الوقوف إلى جانب الجهات الإسرائيلية”، مضيفًا: “اتضح لي من حديثي مع زعماء عرب، أن هناك تقدمًا مهمًّا طرأ على التعاون بين إسرائيل ودول المنطقة”.

وهي وجهة النظر نفسها التي عكستها صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية مؤخرًا عندما أكدت أن “حلم نتنياهو بشرق أوسط دون فلسطين بات ممكنًا”، في إشارة لانصراف الساسة والدبلوماسيين العرب عن التركيز على القضية الفلسطينية في المحافل الدولية الأخيرة.

ولم يعد عصيًا فهم الميل الرائج نحو توظيف دعاية التسامح الديني، بين اليهود والمسلمين، باعتباره جزءًا من حراك تطبيع واسع تقوده دول عربية، لنقل العلاقات مع إسرائيل إلى مستوى جديد كليًا، غير أن ثمة مفارقة تقع في قلب هذه الدعاية، وفي هوية الداعين إلى هذا “التسامح الديني” الإسلامي اليهودي.

فالإمارات على وجه الخصوص، سعت إلى الظهور بصورة أكثر تسامحًا تجاه الأديان الأخرى، لخلق مناخ أكثر جذبًا للمستثمرين، حيث عيّنت وزيرًا للتسامح، كما استضافت مؤتمرًا عالميًا عن التسامح في نوفمبر الماضي، حضره أكثر من 1200 شخص من مختلف المعتقدات.

وقال وزير التسامح الشيخ نهيان بن مبارك للوفود، وهم يتناولون سلطة الجمبري والضأن في ساحة خارجية وسط ناطحات السحاب في دبي: “إنني أدعوكم للعمل معًا للقضاء على سوء التفاهم بشأن الأديان والثقافات المختلفة، يجب أن تصبح التعددية قوة إيجابية وإبداعية من أجل التنمية والاستقرار”.

في الواقع، فإن دبي، التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة حيث يعتبر 11% فقط من سكانها البالغ عددهم 3 ملايين نسمة مواطنون، راهنت على مستقبلها باعتبار نفسها معقلاً للتسامح، ومع عدد سكانها المكون من 200 جنسية، يتم الاحتفال بالتنوع بشكل رسمي.

لكن الرأي العام في الإمارات ربما يختلف قليلاً عن قادته، إذ لا يزال الكثيرون مؤيدين للجانب الفلسطيني ويعتبرون العلاقات الجيدة مع “إسرائيل” خيانة، وهو ما يفسر مسألة إخفاء أمر الكنيس على مدار السنوات الماضية، لكن التسامح الإماراتي دفع الآخرين إلى استنتاج أنه من الآمن رفع الحجاب تدريجيًا.

وتأتي الخطوة الإماراتية، التي تعكس تقاربًا ثقافيًا مع اليهود بالتزامن مع إعلان المتحدث باسم الفاتيكان أن البابا سيزور أبو ظبي من 3 إلى 5 من فبراير القادم؛ للمشاركة في حوار عالمي بين الأديان تستضيفه الإمارات شعاره: “الأخوة الإنسانية”، وهي حظوة قد تمثل خدعة إماراتية جديدة تستهدف من خلالها محاربة التيارات الإسلامية المعادية لها وسط تلك الأقليات، وتحقيق نفوذ إماراتي تعمل من خلاله على تنفيذ مآربها الخفية.

ويتساءل إماراتيون عن سبب هذه الهرولة للتطبيع، وأي خذلان للقضية والمقدسات وصلت إليه سياسة الدولة اليوم، و كيف نحاول بناء عمق عربي جديد والدولة تتخلى عن قضية الإماراتيين والعرب المركزية، نحتاج إلى أكثر من الصمت والتلميح والتغريد والإدانة، يحتاج الإماراتيون إلى موقف من السلطة ومن الإمارات ومن الشيوخ، يحتاج الإماراتيون إلى الإجابة عن الأسئلة إلى وقف هذا النزيف في كرامة القضية المركزية في قضيتنا كإماراتيين.

اترك رد