موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

انتقادات حقوقية دولية للإمارات بسبب احتجازها تعسفيا أكاديميا إماراتيا

128

ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن الإمارات تحتجز أكاديمياً بريطانياً منذ شهور دون تهمة، وتحرمه من حقوقه في إجراءات التقاضي السليمة. وأبدت شكوكها من إمكانية حصول ماثيو هيدجز، طالب الدكتوراه في جامعة  دورهام بإنكلترا، على محاكمة عادلة في الإمارات.

وأوضحت المنظمة في تقرير نشرته اليوم أن قوات الأمن الإماراتية اعتقلت هيدجز (31 عاما) في 5 مايو/أيار 2018 وحرمته من المساعدة القانونية الفعالة، واتهمته في النهاية بالتجسس في 16 أكتوبر/تشرين الأول. ومن المقرر أن يمثل هيدجز أمام المحكمة في 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ونقلت المنظمة عن زوجة المعتقل، دانييلا تيخادا، أن قوات الأمن احتجزته في الحبس الانفرادي لفترات طويلة معظم الوقت. وأوضح  التقرير أن الحبس الانفرادي المطوّل محظور تماما بموجب القانون الدولي، ويمكن أن يصل إلى حد المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

قال نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”،مايكل بيج: “تستثمر الإمارات كثيرا من الوقت والمال لتصوير نفسها بأنها دولة تقدمية ومتسامحة، لكن حالة هيدجز تظهر وجه حكومة استبدادية تفتقر إلى الاحترام الأساسي لحكم القانون. لا يمكن لحكام الإمارات الادعاء أنهم يتبوؤون مركزا عالمياً في المعرفة والتعليم، بينما يحبسون الأكاديميين لعدة أشهر في الحبس الانفرادي”.

واعتقلت السلطات هيدجز في مطار دبي الدولي بينما كان يستعد لمغادرة البلاد بعد رحلة استغرقت أسبوعين في الإمارات. قالت تيخادا إنه كان هناك للعمل الميداني من أجل أطروحة الدكتوراه الخاصة به، حول تأثير الأمن الإماراتي والسياسات الخارجية.

في 16 أكتوبر/تشرين الأول، أفادت صحيفة “البيان” الإماراتية المملوكة للدولة أن المدعي العام الإماراتي، حمد الشامسي، أحال هيدجز إلى محكمة أبو ظبي الاستئنافية بتهم “السعي والتخابر لمصلحة دولة أجنبية، ما من شأنه الإضرار بمركز الدولة العسكري والسياسي والاقتصادي”، المتعلقة بأمن الدولة. أشارت الصحيفة إلى بيان الادعاء الذي يزعم فيه الشامسي أن هيدجز قدِم إلى الإمارات “تحت غطاء باحث أكاديمي”.

أفادت الصحيفة أن بيان المدعي العام زعم ​​أن التهم تستند إلى اعترافات هيدجز و”المعلومات التي أسفر عنها فحص الأجهزة الإلكترونية الخاصة به، وما توصلت إليه معلومات الأجهزة الأمنية”. إن ظروف احتجاز هيدجز، وعدم قدرته على الاتصال بمحام، خاصة أثناء استجوابه، تثير مخاوف بشأن ما إذا كان أُكره على الاعتراف.

قالت تيخادا إن السلطات الإماراتية احتجزت هيدجز بمعزل عن العالم الخارجي خلال الأسبوعين الأولين، ثم احتجزته منذ ذلك الحين في الحبس الانفرادي في مكان مجهول في أبوظبي.

أضافت تيخادا أن أول جلسة استماع للمحكمة لم تُعقد حتى 3 أكتوبر/تشرين الأول، وأن قوات الأمن لم تسمح له بالوصول إلى مستشار قانوني حتى 10 أكتوبر/تشرين الأول، في جلسته الثانية، بعد أكثر من 5 أشهر على اعتقاله.

قالت تيخادا إن السلطات أبلغت هيدجز عن محاكمته قبل 5 أيام فقط، ولم تقدم له معلومات تذكر عن التهم أو طبيعة جلسة المحكمة.

وتابعت تيخادا: “عرقل هذا بشكل كبير قدرة ماثيو على الحصول على تمثيل قانوني خارجي”. وأضافت أيضا أنها اتصلت بأكثر من 20 محاميا في الإمارات محاولة العثور على شخص ما لتمثيل زوجها ولكنهم رفضوا جميعا، قائلين إنهم ليست لديهم معلومات كافية أو وقت كاف لإعداد قضية. نتيجة لذلك، مثّل هيدجز محام عيّنته المحكمة. ولفتت تيخادا إلى أنه كان من الصعب على هيدجز التواصل معه، لأن المحامي لا يجيد الإنكليزية بطلاقة.

وأوضحت الزوجة أن السلطات سمحت لعدد قليل من المسؤولين البريطانيين بزيارته، وزيارة واحدة لها، وزيارة من فرد آخر من العائلة. قالت إنه أخبرها أنه حُرم من الاستحمام الأسبوعي وأجبِر على النوم على الأرض في الأشهر الثلاثة الأولى من اعتقاله. وقالت إنه عندما سُمح له بمساعدة طبية، وُصف له “خليط مثير للقلق من مضادات الاكتئاب، وأدوية مضادة للقلق، وحبوب منومة”، ومُنع من الوصول إلى طبيب نفسي.

وأخبر مسؤول في القنصلية البريطانية تيخادا أن هيدجز عولج بسبب إصابته بتقيؤ شديد في 9 أكتوبر/تشرين الأول. ولم تتلق أي معلومات عن حالته الصحية منذ 14 أكتوبر/تشرين الأول ولا تعرف ما إذا كان لا يزال في المستشفى.

وسبق أن وثّقت “هيومن رايتس ووتش” مزاعم خطيرة بانتهاك إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلة في الإمارات، لا سيما في القضايا المتعلقة بأمن الدولة. تشمل هذه الادعاءات التعذيب وسوء المعاملة في مراكز أمن الدولة.

ويؤكد تقرير أصدره المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين في مايو/أيار 2015 عن الإمارات، أنماط سوء معاملة الإمارات في قضايا أمن الدولة التي وثّقتها المنظمة، والمراقبون المستقلون الآخرون، بما فيه الحرمان من المساعدة القانونية خلال فترة ما قبل المحاكمة، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، واستخدام الاعترافات المنتزعة بالإكراه كدليل في إجراءات المحكمة.

يتصاعد القمع الحكومي الإماراتي منذ عام 2011. ارتكبت السلطات اعتداءات مستمرة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، واحتجاز ومقاضاة المنتقدين السلميين، والمعارضين السياسيين، ونشطاء حقوق الإنسان، والأكاديميين بشكل تعسفي.

في مايو/أيار، وهو الشهر نفسه الذي اعتُقل فيه هيدجز، حكمت محكمة في أبوظبي على الحقوقي أحمد منصور الحائز على جائزة بالسجن 10 سنوات بتهمة “التشهير” بالإمارات في وسائل التواصل الاجتماعي. في مارس/آذار، حكمت المحاكم الإماراتية على ناصر بن غيث، الأكاديمي الإماراتي البارز، بالسجن 10 سنوات. أخفته السلطات قسرا في أغسطس/آب 2015، ووجهت إليه اتهامات تشمل انتقادات سلمية للإمارات والسلطات المصرية.

ادعاءات إساءة قوات الأمن الإماراتية معاملة مواطني المملكة المتحدة ليست جديدة، كما ظهر في ردّ وزارة الخارجية والكومنولث في يونيو/حزيران 2015 على طلب معلومات. ذكر الرد 47 شكوى قدمها مواطنون بريطانيون عن التعذيب أو سوء المعاملة في نظام العدالة الإماراتي في السنوات الخمس الماضية.

ورأت المنظمة أن على السلطات البريطانية أن تصر على كشف الإمارات فورا عن مكان هيدجز، وتحسين ظروف احتجازه، والسماح له بالوصول الكافي إلى التمثيل القانوني المناسب، وإلى الخدمات القنصلية وعائلته، وضمان محاكمة عادلة له.

قال بيج: “في ضوء سجل الإمارات في إساءة معاملة المحتجزين الأمنيين في الدولة، وسجلها الواضح في إساءة معاملة المواطنين البريطانيين، على المملكة المتحدة إثارة قضية هيدجز مع السلطات الإماراتية على أعلى المستويات”.