موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

زيارة بوتين إلى الإمارات تبرز دور أبوظبي كوكيل للدول الكبرى

93

في مطلع عام 2018 صرح وزير الدولة الإماراتية للشؤون الخارجية أنور قرقاش في كلمة في مؤسسة (بوليسي إكستشينج) للأبحاث في لندن، أن الدولة مستعدة للعب دور أمني أكبر بما في ذلك نشر مزيد من القوات في أنحاء الشرق الأوسط.

وشكل هذا التصريح دور أكبر يضطلع به النظام الإماراتي الذي أصبح وكيلا في منطقة الشرق الأوسط للقوى الكبرى من أجل نشر الفوضى والتخريب وخدمة المؤامرات العالمية.

في هذا السياق يزور الرئيس الروسي فلادمير بوتين اليوم الثلاثاء دولة الإمارات، في زيارة تاريخية للزعيم الروسي في ظل منطقة مضطربة تملؤها الأزمات والتوترات، فما مقدار العلاقة السياسية بين أبوظبي وموسكو في ملفات المنطقة المضطربة؟!

تشترك الإمارات في أكثر من ملف في المنطقة “اليمن، ليبيا، مصر، تونس، سوريا، إيران، القرن الأفريقي” وروسيا بطبيعتها الدولة المحورية الثانية بعد الولايات المتحدة فهي مؤثرة بالتأكيد في معظم الملفات إما عبّر مصالحها كما في سوريا وملف إيران أو عبر مجلس الأمن الدولي حيث تملك حق النقض الفيتو.

وخلال عقود مضت كانت الإمارات ضمن المحور الأمريكي، فمعظم الأسلحة التي تشتريها الدولة تأتي من الولايات المتحدة.

وتمتد علاقة الإمارات بروسيا إلى الثمانينات أبان الحرب الباردة مع تبادل للدولتين فتح سفارات عززتها موسكو بفتح قنصلية في دبي عام 2002م.

لكن مسار العلاقات -كما يقول الإماراتيون- تبدل بعد أن وقّعتْ دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا الاتحادية إعلان “الشراكة الإستراتيجية” بين البلدين، وذلك خلال الزيارة التي قام بها لموسكو ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في يونيو/حزيران2018.

الاتفاق شمل ملفات “السياسة والأمن والدفاع والاقتصاد والثقافة” ما يعزز الحوار بين الدولتين في الملفات الإقليمية الرئيسية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018 أي بعد أشهر قليلة من إعلان “الشراكة الاستراتيجية” أعلنت الإمارات إعادة فتح سفارتها في دمشق مقر نظام حكم “بشار الأسد” المدعوم من موسكو وإيران، حيث تُتهم الدولتان إلى جانب نظام الأسد بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في سوريا.

وحملت الخطوة الإماراتية بإعادة السفارة دلالات كبيرة خاصة أنها تأتي من دولة ساندت المعارضة السورية ودعمتها في سعيها للإطاحة ب”الأسد” وقامت خلال سنوات الحرب السابقة بمهاجمة النظام السوري واعتبار موقفها من إغلاق السفارة وسحب الاعتراف بنظام الأسد نزولاً عن رغبة الإماراتيين والمجازر المروعة. لكنها بعد إعادة السفارة لم تقدم تبريراً لذلك!

ويرتبط موقف أبوظبي القريب من موسكو في سوريا بدعم غارات روسيا أكثر من مرة على مناطق المعارضة السورية، واتهام المعارضين للأسد بكونهم جزء من تنظيم الدولة “داعش”.

كما أن ذلك يأتي ضمن جهود الإمارات، لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، واتهام الجامعة بإخراج دمشق من “الحاضنة العربية” إلى إيران.

لكن ذلك سيء لصورة الإمارات لدى السوريين والعرب فما تقوم به الإمارات دعماً لنظام الأسد “هو تعزيز للدور الإيراني لا إضعاف له، فإيران ترتبط ارتباطا عضويا بالنظام السوري، وإيران وحلفاؤها هم من تدخلوا منذ البداية لمساعدة النظام ومنع سقوطه”.

ويقول مراقبون إن أبوظبي التي يُعرف بكونها وكيل للطموح الأمريكي أصبحت تعمل لصالح روسيا أيضاً في المنطقة من أجل الحصول على اعتراف بكونها دولة محورية في المنطقة.

وليست سوريا وحدها التي تخدم أبوظبي فيها روسيا بل أيضاً، اليمن، حيث ترتبط روسيا بالقضية اليمنية، فبين (2015 و2017) كانت الدولتان تدعمان النظام السابق، وحاولت أبوظبي الحصول على دعم روسيا من أجل مصالحها في اليمن.

وتبنت الإمارات أهدافاً إقليمية طموحة، وموسكو تعتبر نشطة دبلوماسياً فيما يتعلق بالقضية اليمنية، وبالتالي، يمكن القول إن أبوظبي وموسكو تملكان نقاطاً مشتركة في هذا الصدد للتفاوض حولها.

وكانت وسائل إعلام أمريكية وروسية قد ذكرت أن أبوظبي وعدت موسكو بتقديم قاعدة عسكرية لها في جزيرة سقطرى اليمنية حيث تُحكم أبوظبي السيطرة عليها.

ويعتقد الروس أن دعم الإمارات في اليمن سيمكنها من الوصول إلى مضيق باب المندب بعد أن منعت دول القرن الأفريقي روسيا من إنشاء قاعدة عسكرية هناك خوفاً من تضارب المصالح مع وجود قواعد عسكرية أمريكية وأوروبية وصينية ويابانية وتركية هناك.

كما سعت الإمارات لدى روسيا من أجل دعم “خليفة حفتر” الجنرال الليبي المتمرد على حكومة الوفاق المعترف بها دولياً. وتعتقد موسكو أنها وجدت في حفتر الشريك الذي يمكن التعويل عليه.

وتؤكد الزيارتان اللتان قام بهما للعاصمة الروسية في حزيران/ يونيو وتشرين الثاني/نوفمبر 2016، ثم ظهوره على متن حاملة الطائرات أميرال كوزنيتسوف ـ التي كانت تعبر قبالة المياه الليبية في كانون الثاني/يناير 2017ـ.

وفي عام 2019 جرى حديث واتهامات للإمارات بتمويل ميليشيات مسلحة روسية للقتال إلى جانب خليفة حفتر.

وفي أبريل/نيسان2019 عرقلت روسيا صدور بيان من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب قوات حفتر بوقف تقدمها صوب العاصمة طرابلس، وهي المعركة المستمرة إلى اليوم.

في هذه الأثناء تؤكد زيارة بوتين على بروز روسيا كصاحب مصلحة جغرافية سياسية رئيسية في شبه الجزيرة العربية وتعطي موسكو فرصة لتوطيد شراكتها، مع السعودية إذ أن “بوتين” يزور الرياض أولاً للمرة الأولى منذ عشر سنوات، وفي اليوم التالي يصل إلى الإمارات.

وتأتي رحلة بوتين إلى المنطقة في وقت يواجه فيه التحالف السعودي الإماراتي توترات، حيث تسلح الإمارات ميليشيا انفصالية في جنوب اليمن فيما تدعم السعودية الحكومة الشرعية وأدى إلى قِتال كبير شهرين الماضيين.

وتحاول موسكو استغلال هذا الاختلاف، حيث تعتبر تزايد الاختلاف بين أجندات السياسة الخارجية السعودية والإماراتية فرصة جغرافية سياسية.

فتظهر سياسات الإمارات تجاه اليمن وسوريا وإيران لا تدعمها الرياض أو واشنطن، لذلك فإن روسيا تستفيد من مجالات التداخل مع الإمارات في هذه المسارح لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وأبو ظبي.

وتتفق أبوظبي وموسكو بتجنب التصعيد مع إيران، وبعثت الدولة وفداً إلى طهران للمرة الأولى منذ سنوات، لبحث الملفات المشتركة في يوليو/تموز الماضي، وهو ما أثار غضب الرياض، المساهم الرئيس في حملة الضغوط القصوى ضد إيران.