موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مركز دراسات: الإمارات تستخدم تجارة السلاح في توسيع النفوذ

164

أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “ايماسك” سياسة النظام الحاكمة في دولة الإمارات في استخدام تجارة الأسلحة بغرض توسيع النفوذ المشبوه ودعم مؤامراته العدوانية.

وفيما تواصل الإمارات توسعها في عمليات استيراد الأسلحة وتصنيعها وتحولها إلى احدى أبرز الدول في المنطقة في مجال تجارة السلاح، يبرز التساؤلات عن دور تجارة السلاح في خدمة السياسات الإماراتية وفرض النفوذ في العديد من مؤسسات صنع القرار في العالم، وفي ساحات الصراع في المنطقة.

وخلال العقدين الماضيين، يلاحظ المراقبون اتجاه الإمارات نحو تطوير معدات عسكرية مزودة بتكنولوجيا عالية؛ لتمنحها سيطرة على القدرات الدفاعية الحساسة، وتقلل اعتمادها على الواردات، لذلك لم يكن مستغربًا حين قررت يوم الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي توجيه دفعةٍ جديدة لـقطاعها الدفاعي، بإعلانها رسميًّا – خلال حفل فخم في العاصمة أبوظبي – عن إطلاق شركة «إيدج»، التي كانت باكورة تعاونها مع الجيش الإماراتي عقدًا بقيمة مليار دولار لتصنيع صواريخ موجهة.

وبدأت صناعة السلاح الإماراتية كأداة لتحقيق التوازن الاقتصادي من جهة، ولتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الدفاعي من جهة أخرى، ولكن توارى هذان الهدفان وأصبحت شركات الصناعة الدفاعية بمثابة لوبي السلاح الإماراتي الذي يحمي أبوظبي من العقوبات التي استهدفت على سبيل المثال حليفتها السعودية.

فعلى سبيل المثال نجت أبوظبي من العقوبات الألمانية التي فرضت بسبب حرب اليمن، بعدما لم يتم تمديد حظر تصدير الأسلحة الذي فرضته الحكومة الألمانية، بينما ظلت السعودية خاضعة له لفترة أطول.

كما مكَّن لوبي السلاح هذا الإمارات من أن تصبح وسيطاً في صفقات سلاح بين أطراف مختلفة، وهي لا تحقق من ذلك فقط مكاسب مالية، بل مكاسب سياسية جمة.

تقرير لصحيفة الاستقلال بعنوان “الإمارات وشركات السلاح.. سياقات العلاقات وأسباب التوجه”، عرض لنشأة صناعة السلاح الإماراتية وكيف تحولت إلى أداة  فعالة لاختراق المجتمعات الغربية وإكساب أبوظبي حصانة نسبية من العقوبات، على رغم مخالفاتها الموثقة للعديد من قوانين الدول الغربية.

في العقد المنصرم، اتجهت دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز وضع إنتاج وتجارة السلاح، لتصبح مدخلاً تنموياً أساسياً.

اعتمدت أبوظبي في هذا الإطار على توطيد علاقتها بشركات السلاح العالمية، سواء بالاستثمار في هذه الشركات، أو بقيادة عملية تسويق منتجات هذه الشركات في العالم العربي.

وكانت معارض التسليح واحدة من أهم أدوات الإمارات الفعالة في هذا الصدد وعلى رأسها معرض ومؤتمر الدفاع الدولي “آيدكس”، الذي يُعقد مرةً كل عامين، وعُقد للمرة الأولى في عام 1993، ويعد أضخم معرض دفاعي ثلاثي الخدمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أن هناك العديد من المعارض الإماراتية العسكرية الأخرى التي تُعقد إضافة إلى آيدكس.

واللافت أن علاقات الإمارات في صناعة السلاح تجمع بين العديد من الأضداد، فهي تحتفظ بعلاقة وثيقة مع روسيا والولايات المتحدة، ودول أوروبا الليبرالية التي تزعم أنها تتبنى مواقف أخلاقية وأن قضايا مناهضة التسلح والحرب تشكل أولوية لها، وكذلك دول أوروبا الشرقية الباحثة عن المال دون أن ترفع أي شعارات، مثل صربيا.

ولكن أبرز نقيضين تجمع بينهما الإمارات، ليسا فقط أمريكا وروسيا، بل الأغرب توسُّطها في إبرام صفقات بين إسرائيل وأنظمة عربية ممانعة.

ومن أهم العلاقات بالنسبة للإمارات تلك التي تربطها بمجموعة “رواغ-Ruag”  السويسرية، التي قررت في عام 2015 أن تؤسس مكتباً دائماً لإحدى شركاتها الفرعية “شركة رواغ للمحاكاة” Ruag Simulation Company” في أبوظبي، وقررت في 2016 زيادة عدد القوة العاملة بهذا المكتب من 4 أفراد إلى ما يتراوح بين 10 و15 شخصاً خلال 2017، وهدف المكتب التدريب على أنظمة المحاكاة.

ومما يشير إلى قوة الشركة سياسياً في سويسرا، وأهمية علاقاتها بالإمارات، أن قرار التوسع في مكتب الشركة بالإمارات عام 2016 جاء خلال الحظر الذي فرضته الحكومة السويسرية على صادرات السلاح إلى الإمارات بعد اكتشاف أسلحة سويسرية في مخزن سلاح إحدى الجماعات المقاتلة في سوريا.

ولم يُرفع الحظر التدريجي كاملاً عن صادرات السلاح للإمارات إلا بعد 6 أشهر من ذلك القرار، علماً أن عملية رفع الحظر لم تتم إلا بعد توقيع أبوظبي على تعهد بأنها لم تصدّر من الأسلحة السويسرية لسوريا إلا ما تم العثور عليه فقط.

ويبدو أن قرار الشركة تأسيس هذا المكتب جاء كنوع من التحايل على صرامة القيود السويسرية، حيث كان من المقرر أن تكون شركة رواغ للمحاكاة “Ruag Simulation Company” مملوكة بنسبة 15% من طرف رجال أعمال محليين لم يتم الإعلان عن أسمائهم، لكن المدير التنفيذي للشركة صرح بأن الشركة الأم ستحتفظ بالسيطرة الكلية على الأمور.

وتتبع الإمارات النهج نفسه مع ألمانيا عبر تملُّك حصص كبيرة من شركات فرعية منبثقة عن الشركات الأمنية الأم، كما تحرص الإمارات على شراء حصص في رأس مال بعض شركات السلاح بألمانيا.

ورغم أن القيود في ألمانيا شديدة الصرامة، فإنها ضعيفة أمام النقابات والاحتجاجات العمالية التي سبق أن أرغمت مستشار ألمانيا “هلموت كول” على إلغاء قراره حظر تصدير غواصات ألمانية إلى دكتاتور تشيلي، أوجستو بينوشيه.

ويشير مراقبون إلى أن ضعف المبالاة لدى الألمان فيما يخص تصدير السلاح أوصل أسلحة من طراز “هيكلر” و”كوخ جي 3″ إلى أيدي تنظيمات إرهابية مثل تنظيم “داعش”.

ولا تقف قضية حقوق الإنسان أو المعارضة الشعبية حجر عثرة أمام تصدير السلاح الألماني، حيث أقدمت ألمانيا على تصدير أسلحتها لدول عدة تشهد انتهاكات لحقوق الإنسان، مثل مصر والجزائر وكولومبيا،  أو دول تعاني من نزاعات داخلية، مثل نيجيريا وسوريا واليمن.

وتزايد دور الإمارات في التعاطي مع شركات السلاح الألمانية بعد أن أقدمت السلطات الألمانية على حظر تصدير السلاح إلى السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وهو الحظر الذي تمدد لمرتين بعد ذلك، قبل أن يتوقف بموجب حكم للقضاء الألماني في 3 ديسمبر/كانون الأول 2019.

جدير بالذكر أن علاقة الإمارات بشركات السلاح الألمانية نجحت في منع تمدد الحظر عليها، وتجنبت الإمارات مصير السعودية بعد أن اقتصر الحظر على ستة أشهر فقط مقابل فترات أطول للرياض، رغم أن دور أبوظبي معروف في الحرب اليمنية.

كما أن العلاقة الوطيدة والمريبة بين فرنسا والإمارات على الصعيد العسكري ظهرت واضحةً، خلال العملية التي كشفتها قوات حكومة الوفاق الليبية -المعترف بها دولياً- بعد تحريرها لمدينة غريان في أبريل/نيسان 2019.

فقد تبين أن وزارة الدفاع الفرنسية باعت الإمارات صواريخ “جافلين”، التي سبق شراؤها من الولايات المتحدة في 2010، وهو ما يمثل انتهاكاً للاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة، والذي يحظر حظراً صارماً إعادة تصدير أو إعادة بيع أو توزيع هذا النوع من الصواريخ.

من الواضح أن هذه الصفقة لا تعكس علاقات مباشرة بشركات السلاح الفرنسية، لكنها تعكس ما هو أهم، ويتعلق بمستويات العلاقات بين الحكومتين، ومدى ما يمكن أن تصل إليه فيما يتعلق بتراخيص شراء السلاح.

ومن أهم العلاقات الإماراتية في شرق أوروبا العلاقات مع شركات السلاح البلغارية والصربية.

تصدِّر صربيا أسلحة تفوق قيمتها مليار دولار لدول الشرق الأوسط. وتعتمد صربيا على إنتاج السلاح وتصديره كمصدر للعملة الصعبة، وذلك بالنظر إلى مشكلاتها الاقتصادية.

اللافت في هذا الإطار اهتمام الإمارات بالاستثمار في هذه الدولة ذات الاقتصاد الهش، حيث تستثمر الإمارات في صربيا نحو 4 مليارات دولار، تتركز غالبيتها في قطاعي السياحة والزراعة، في حين يرى البعض أن هذا المسار الإماراتي يأتي لمواجهة تمدد النفوذ التركي في البلقان.

كما أن بعض اهتمام الإمارات بصربيا يعكس مطامع اقتصادية تخللتها شبهات فساد، كانت مثار الحديث في الصحافة الصربية والأوروبية.

وكشفت مصادر صربية لوسائل الإعلام أن الإمارات تهدف من هذه الاستثمارات إلى الاقتراب من إدارة صفقات السلاح المتعلقة بمنظومة الصواريخ الصربية “ALAS” متعددة الاستخدامات، حيث تستخدم كمضاد للمدرعات ضمن مدى تأثير يصل إلى 60 كيلومتراً، وقد جرى تسويقها في المعرض المذكور باعتبارها قادرة على مواجهة وتدمير أية منظومة مدرعات في العالم.

وصربيا، التي تمتلك قطاعاً تصنيعياً واسعاً للسلاح، وتمتاز بمنظومة قواعد مرنة لتصدير السلاح، لم تمانع -بحسب مصرفيين صربيين- في الاستجابة لطلب الإمارات التعاون مع منابع السلاح الصربي، بالنظر إلى حاجة الشرق الأوسط للسلاح، وحاجة صربيا للدولار.

تستثمر الإمارات جزءاً كبيراً من ثروتها الواسعة بقطاع الصناعات العسكرية الأمريكية، في إطار صفقة لتوفير الدعم الدبلوماسي والغطاء الغربي لسياسات الإمارات الإقليمية.

وتستثمر شركة “مبادلة” الإماراتية نحو 100 مليار دولار في الولايات المتحدة، فضلاً عن 28 مليار دولار أخرى هي بقية استثمارات الإماراتيين، ومن ضمنها 4.8 مليار دولار تستثمرها المحفظة الحكومية الإماراتية.

ويلف الغموض الاستثمارات الإماراتية في شركات السلاح. واللافت هو التهاون الأمريكي فيما يتعلق بوصول صادرات السلاح الأمريكية للإمارات إلى أيدي ميليشيات محسوبة على تنظيم القاعدة، وانتهاء صادرات صواريخ “جافلن” لفرنسا في يد المتمرد الليبي خليفة حفتر.

ويكشف هذا التهاون عن حجم تأثير اللوبي الإماراتي على شركات السلاح الأمريكية، وتأثير هذه الأخيرة من ثم على دوائر القرار الأمريكية.

إحدى مفارقات علاقات التعاون في مجال الصناعة العسكرية بين الإمارات وإسرائيل، هو أن هناك تحفظاً إسرائيلياً على تصدير بعض المعدات للإمارات.

فبينما ما زالت تل أبيب أو بعض مسؤوليها على الأقل ينظرون إلى الإمارات كدولة عربية عدو لو باحتمال ضئيل، فإن أبوظبي لا تشاركها هذا الرأي الشأن إطلاقاً.

وقد عقدت صفقات بقيمة 800 مليون دولار بين الإمارات ورجل الأعمال الإسرائيلي ماتانيا/ ماتي كوتشافي، مالك شركة “AGT” المسجلة في سويسرا، الذي باع لأبوظبي معدات أمنية تتراوح بين كاميرات مراقبة، وأسوار إلكترونية، وأجهزة استشعار متعددة الأغراض.

كما كان رجل الأعمال نفسه وراء تزويد إسرائيل للإمارات بأحدث طائرات التجسس، بحسب الوثائق التي ظهرت إثر التسريب المعروف عالمياً باسم “أوراق الجنة”، وخرج للعلن عبر “الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين”، وصحيفة “زود دويتشه تسايتونج” الألمانية.

وهناك تجمع شركة “CNIA” الإماراتية مع شركة “ADS” الإسرائيلية المتخصصة في أنظمة الدفاع الجوي، والتي باعت للإمارات مركبات عسكرية من دون سائق، مثل تلك التي تستخدم في قمع قطاع غزة، وهي الصفقة التي فشلت نتيجة عجز “ADS” عن تأمين موافقة إدارة المبيعات بوزارة الدفاع الإسرائيلية “SIBAT”.

تعد الإمارات من الدول القليلة في العالم التي لديها علاقات وثيقة في مجال الصناعات العسكرية مع روسيا وأمريكا على السواء.

فعلى هامش معرض الدفاع الدولي في أبوظبي، وقعت الحكومة الإماراتية اتفاقية مبدئية مع شركة “روستيخ” العسكرية الروسية، للحصول على سرب من طائرات سوخوي “سو 35”.

وكعادة مشتريات السلاح التي تُستخدم كمدخل لتطوير علاقات تمهيدية مع شركات السلاح لتطوير التعاون المشترك، اتخذت الإمارات الصفقة كعامل محفز للوصول لاتفاق مع السلطات الروسية، وتوقيع اتفاقية تعاون بين روسيا والإمارات، لتطوير طائرة مقاتلة خفيفة من الجيل الخامس، تشارك الإمارات في تصميمها وتصنيعها.

ويعد هذا المشروع المشترك مدخلاً لإعادة صياغة العلاقة بين البلدين، بحيث تطور الإمارات دورها في تسويق السلاح الروسي في المنطقتين الشرق أوسطية والإفريقية.

الإمارات وقعت إتفاقية مبدئية مع روسيا لشراء طائرات سوخوي 35/wikimedia

العلاقة مع “روستيخ” ليست الوحيدة على المسار الإماراتي الروسي، فإن ترتيبات موازية تجمع “أديك” الإمارات مع شركة “روزوبورن إيكسبورت”، علاوة على أكثر من 40 شركة تصنيع سلاح روسية، تشارك بانتظام في معرض الدفاع الدولي “آيدكس”.

ومن أبرز حصاد هذه العلاقات، أن قام مجلس التوازن الاقتصادي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، بالإعلان عن شرائه 50 % من أسهم “شركة مروحيات روسيا”، وتضمنت الاتفاقية بيع حصة تبلغ 50 % من مكتب “BP-Technology”، وهو مكتب تصميم مخصص لصياغة حلول علمية وفنية للطائرات العمودية، وضمن ذلك قطاع الطائرات من دون طيار.

انعكست هذه العلاقات الوثيقة التي نسجتها أبوظبي مع شركات السلاح الدولية في أن الإمارات أصبحت وسيطاً مطلوباً بشدة في عديد من صفقات السلاح، خاصةً الصفقات الإشكالية التي يثور جدل سياسي أو مالي حولها.

بين نظام القذافي في لحظاته الأخيرة وإسرائيل

من أغرب صفقات السلاح التي كانت الإمارات وسيطاً فيها صفقة بين إسرائيل ونظام القذافي المعروف عنه مواقفه المناهضة لإسرائيل.

ولكن الصفقة أُبرمت في وقت كانت تهدد فيه الثورة الليبية النظام، فكانت الإمارات أفضل وسيط، من ناحية أن هذا يعد من وجهة نظرها امتداداً لدورها في وأد الربيع العربي، وفي الوقت ذاته توفر بخبرتها غطاء لمنع فضح الصفقة.

وتضمنت الصفقة جلب أسلحة وأنظمة إسرائيلية لنظام القذافي تستخدمها تل أبيب في مواجهة المقاومة الفلسطينية، لكي يتمكن بواسطتها من مواجهة “ثورة 17 فبراير/شباط 2011”.

وتمت الصفقة بالفعل بتوسط من محمد دحلان مستشار ولي العهد الإماراتي محمد بـن زايد بتوريد السلاح الإسرائيلي لـ”الزعيم” الليبي.

صفقة السفينتين الجزائريتين.. ميركل تتفاوض مع بوتفليفة، فلماذا تتدخل أبوظبي؟

وقبل ذلك كانت هناك صفقة لا تقل غرابة ترجع إلى عام 2008، وترتبط بحصول الجزائر على سفينتين حربيتين من نوع “ميكو” من المصنع الألماني “تي كا إم إس”، والتي تفاوضت عليها المستشارة أنجيلا ميركل بنفسها مع الرئيس الجزائري المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة، وكانت قيمتها آنذاك تبلغ 2.2 مليار يورو، وهما السفينتان اللتان اشترتهما شركة “أبوظبي مار” الإماراتية، وقامت بعد ذلك ببيعهما للجزائر.

فما الذي يدفع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى التفاوض بنفسها على صفقة توريد سفينتين حربيتين للجزائر في عام 2008، وبعد إنهاء التفاوض، تقوم شركة إماراتية بشرائهما، ثم تعيد بيعهما للجزائر.

ويميل المراقبون إلى تفسير سر هذه الوساطة بصرامة القوانين الألمانية التي قد تتساهل فيما يتعلق بمبيعات السلاح، لكنها لا تتهاون في سلامة إجراءات البيع وثمن المعدات، وهو ما أدى بالجزائر إلى تفضيل دخول وسيط في العملية، يتولى هو بيع السفينتين لاحقاً للجزائر، وهو ما قد يعني وجود شبهة فساد في الصفقة.

كان من أبرز صفقات السلاح التي اشترتها الإمارات والسعودية من إسرائيل، صفقة تطبيق “بيغاسوس” الذي كانت أبوظبي وسيطاً في تسويقه لنحو 17 دولة عربية.

ويستخدم التطبيق للتجسس على الهاتف المحمول، واتخذته الإمارات وسيلة للتجسس على معارضين في الداخل.

وعلى مدى العامين 2017 – 2018، مسح مختبر “سيتيزن لاب” الإنترنت بحثاً عن خوادم مرتبطة بهذا التطبيق، ووجد آثاره في 45 دولة، من بينها 17 دولة عربية هي: الإمارات، والسعودية، ومصر، والبحرين، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وعُمان، وفلسطين، وقطر، وتونس، والجزائر، واليمن.

ويقول المعهد في التقرير المنشور على موقعه في سبتمبر/أيلول 2018، إنه حدد ما يبدو أنه توسُّع كبير في استخدام “بيغاسوس” بدول مجلس التعاون الخليجي.

باعت شركة إماراتية سفينة حربية أيرلندية للقوات التابعة للجنرال المتقاعد خليفة حفتر بعشرة أضعافها حسبما كشفت صحيفة “The Irish Time” الأيرلندية في ديسمبر/كانون الأول 2019.

إذ إن حفتر اشترى السفينة التي باعتها أيرلندا بـ110 آلاف يورو، بمبلغ 1.35 مليون يورو، حسب الصحيفة.

ورغم الوساطة الإماراتية التي قد تبرر وجود فارق في السعر، فإن الصحيفة كشفت عن الشركة الهولندية التي اشترت السفينة، وأعادت بيعها لشركة إماراتية بمبلغٍ قدره 473 ألف يورو، وأن الشركة الإماراتية أعادت بيعها للمتمرد حفتر بالقيمة المذكورة.

السلاح الأمريكي من يد الإمارات إلى تنظيمات قريبة من “القاعدة”

غير أن كبرى الفضائح المتعلقة بإعادة تصدير السلاح ما كشفته شبكة “سي إن إن” في تحقيق لها عن انتهاء المطاف ببعض أنظمة التسليح المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية في أيدي “تنظيم القاعدة” من جهة، وجماعة الحوثيين المسلحة المدعومة من إيران من جهة أخرى.

وحسب التحقيق، فإن السعودية والإمارات استخدمتا السلاح الأمريكي، وقامتا بتوزيعه على القبائل وعلى ميليشيات متشددة قريبة من تنظيم القاعدة؛ من أجل كسب ولائها.

ومن أبرز الصفقات كذلك، صفقة السلاح الضخمة التي وقعتها مصر مع فرنسا في عام 2015، والتي تضمنت 24 طائرة حربية من طراز “رافال” من صنع “داسو للطيران”، وفرقاطة متعددة المهام من طراز “فريمن” من تصنيع شركة “DCNS”، وصواريخ جو-جو من طراز “ميكا”، وصواريخ بحرية من طراز “سكالب”، من تصنيع شركة “MBDA”، بالإضافة لأنظمة التمويه الخاصة بطائرات “رافال” من إنتاج شركة “لاكروا”.

الصفقة التي بلغت قيمتها 5.2 مليار يورو، والتي لم يكن بمقدور مصر شراؤها، حيث تولت الإمارات تسديد قيمتها بالتعاون مع السعودية، على أن تسدد على مدار عامين.

الاستفادة الأساسية من هذه الصفقة تتمثل في تعميق الصلة بشركات السلاح الفرنسية، ومنحها نصيباً من كعكة التناحر في الشرق الأوسط، ما يضمن للإمارات مساندة دولة مركزية في الاتحاد الأوروبي، وكذلك يتيح لها أيضاً الاستفادة من العضوية الدائمة لتلك الدولة بمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، في توقيت تتلاعب فيه الإمارات بمسرحين أساسيين لقرارات هذا المجلس.

الشراكة مع شركات السلاح العالمية، وتسويق منتجاتها كذلك، ينتجان تأثيراً إيجابياً مهماً على الأداء الدبلوماسي الإماراتي، ويجيبان عن تساؤلات طرحها مراقبون كثر حول الكيفية التي تنجو بها الإمارات بعد انتهاكها الحظر المفروض على تزويد أطراف الحروب الأهلية العربية بالسلاح.

هذه الشراكات تجعل من شركات السلاح، التي لا تنتعش بطبيعة الحال إلا في حال ازدهار الحروب، شريكاً للإمارات فيما تقترفه من جرائم بإغراق الأطراف المتحاربة بالسلاح الغربي، وهو ما يمثل كابحاً لقدرة الحكومات الغربية على الضغط على الإمارات لوقف تسليح الأطراف المتقاتلة.

كما تركز الإمارات على الشراكة مع شركات السلاح، ليكون هناك نصيب لأبوظبي من رأس المال في هذه الشركات، وهو ما يجعل هذه الشركات تباشر ضغوطاً على حكوماتها لصالح أبوظبي، وهو ما نجحت الإمارات بموجبه في عرقلة صدور قرارات مماثلة لحظر توريد السلاح إليها.

كما نجحت في تحجيم توجه حكومات أوروبا نحو إصدار حظر مماثل، ونجحت كذلك في رفع الحظر المفروض على السعودية.

على جانب آخر، تفيد صفقات الفساد الإمارات في بناء شبكة مصالح مع القيادات السياسية المستبدة والفاسدة، وهو ما يرسخ علاقاتها بهذه القيادات، كما أنه يمكِّنها من السيطرة على هذه القيادات.

ومنذ عام 2015م أصبحت الدولة في قلب مشاكل اقتصادية مع انهيار أسعار المشتقات النفطية ومع كل الحلول التي تبذل إلا أن العجز في الموازنة الاتحادية والحكومات المحلية مستمرة ما يثير أسباباً مُلحة حول أسباب هذا العجز وتفاقم الدين العام على الإمارات، والتسبب في تهديد بانتكاسة الاقتصاد الإماراتي الذي يستمر في محاولة تعافيه من انتكاسة 2008م، لا سيما في ظل ما يعانيه الاقتصاد الإماراتي من انتكاسة كبيرة ومخاسر غير مسبوقة تأثراً بإجراءات مواجهة وباء “كورونا” حيث لا يتوقع أن يتعافي الاقتصاد من هذه الآثار قريباً.

ولا تعود الحالة الاقتصادية إلى انخفاض أسعار النفط، إذ يمكن تقليل الإنفاق في الأسلحة والحروب الخارجية والمشاريع الوهمية التي تكلف الدولة مليارات الدولارات. إلى جانب توزيع الثروة بشكل عادل بين المواطنين وفق آلية محاسبة واضحة من قِبل المجلس الوطني (البرلمان) كما في باقي دول العالم، حتى يكون المواطنون جزء من المراقبة