موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

“إمارات ليكس” ترصد تفاصيل جديدة عن “أتباع الإمارات” لتحريض واشنطن على خصومها

395

سلطت مجلة “فاست كومباني” الأميركية الضوء على جهود دولة الإمارات العربية للتأثير على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتحريضها على خصومها، خصوصاً في ما يتعلق بالحملة التي تشنها الإمارات وحلفاؤها على دولة قطر والحصار المفروض على الدوحة منذ أكثر من عام.

وقالت المجلة في تقرير مطول لها إن ولي عهد دولة الإمارات محمد بن زايد عقد اجتماعين غير رسميين مؤكدين مع أشخاص مقربين وتابعين لترامب، أولهما كان في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2016 حين اجتمع بن زايد مع مستشاري ترامب ستيف بانون ومايكل فلين وصهره جاريد كوشنر، وثانيهما يوم 12 يناير/كانون الثاني عام 2017 حين اجتمع في جزيرة سيشل مع مؤسس شركة “بلاك ووتر” الأمنية الخاصة إيريك برنس شقيق وزير التربية في إدارة ترامب.

وأوضحت المجلة أن اجتماع سيشل كان بمشاركة مسؤول روسي مقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، ويُعتقد أن محمد بن زايد أراد من خلال هذا الاجتماع إنشاء خط اتصال سري بين إدارة ترامب وروسيا، الأمر الذي يجعل الاجتماع محلاً للتحقيقات التي يجريها روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية الأخيرة عام 2016.

وتمتع ولي عهد الإمارات أيضاً بصلات واسعة في الأوساط الأميركية، حيث كان على علاقات جيدة مع رجل الأعمال اللبناني- الأميركي جورج نادر، والناشط الجمهوري إليوت برودي، ورئيس حفل تنصيب ترامب توم باراك.

وتقول المجلة إن هناك مؤشرات تدل على أن مجموعة “أتباع الإمارات” لديها بالفعل درجة مخيفة من التأثير على السياسة الخارجية الأميركية، بما في ذلك دعم ترامب الوافر للحصار الذي تقوده السعودية والإمارات على قطر منذ يونيو/حزيران 2017، وقيام ترامب بإقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون في مارس/آذار الماضي، حيث ورد أن القرار جاء بدعم من قبل جماعات الضغط غير المسجلة في دولة الإمارات، بعد تدخل تيلرسون لوقف الغزو المخطط لقطر من قبل السعودية والإمارات، كما ضغط فريق محمد بن زايد على واشنطن لنقل المقر الرئيسي للقيادة المركزية الأميركية إلى خارج قطر وقطع علاقات البنتاغون مع الدوحة.

في الأثناء دعمت إدارة ترامب هجوماً عسكرياً سعودياً بمشاركة الإمارات لمدة ثلاث سنوات على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، والذي شمل في الشهر الماضي هجوماً صاروخياً خاطئاً قتل فيه تلاميذ في حافلة. وقتل أكثر من 16700 مدني أو جرحوا خلال الحصار الذي غذى ما تقول الأمم المتحدة إنه “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.

وبالعودة لاجتماع سيشل عام 2017، فقد أخبر مؤسس “بلاك ووتر” إيرك برنس لجنة الاختيار الدائمة للمخابرات في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أنه قد تمت دعوته إلى سيشل لمناقشة كل شيء من “القضايا الأمنية إلى قضايا المعادن”، وقالوا له إنه يجب أن يلتقي بكيريل ديميترييف وهو الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، وهو صندوق الثروة السيادية للدولة الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار، والذي تعرض لعقوبات أميركية بسبب تأثير الكرملين عليه.

ويلاحظ هنا أن صندوق أبوظبي للاستثمار السيادي استثمر في الصندوق الروسي في أكثر من 40 مرة منذ 2013.

وقد وصف برنس من قبل حاضرين آخرين في الاجتماع بأنه يقدم نفسه كمبعوث غير رسمي للرئيس المنتخب ترامب. لكن كان رد برنس متغطرساً، وأصر على أنه لا يتصرف نيابة عن ترامب، ونفى أن يكون للاجتماع أي علاقة بإنشاء قناة خلفية مع روسيا. حيث ادعى أن اللقاء مع ديميترييف كان مرتجلاً وحصل صدفة.

ووفقًا لمذكرة راجعتها صحيفة “ديلي بيست” ونشرت أول مرة يوم الأربعاء، فقد ناقش برنس وديمترييف فرص التعاون المحتمل، بما في ذلك الجهود العسكرية لإخراج قادة تنظيم “داعش” الإرهابي من سورية، ومنع انتشار الأسلحة النووية والكيميائية، وخطة محيّرة لصندوق الاستثمار الروسي لاستثمار الأموال في “حزام الصدأ الأميركي”. لكن السؤال الأكبر يبقى لماذا نسق ودعم ولي عهد الإمارات الاجتماع؟

يقول مسؤولون أميركيون وأوروبيون إن الاجتماع في جزء منه كان من المقرر أن يتطرق لإقناع روسيا بسحب دعمها لنظام الأسد في سورية، وهو هدف يجمع المملكة العربية السعودية وإدارة ترامب. ربما كانت مثل هذه الخطوة تتطلب من الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على موسكو بسبب تدخلها في أوكرانيا.

ولكن إذا كان محمد بن زايد يهدف إلى إنشاء قناة خلفية بين ترامب وروسيا، فقد كان مدفوعًا بمجموعة من الأسباب الأخرى ذات المصلحة الذاتية، بما في ذلك الحصول على دعم ترامب ضد قطر وربما لحرمان حركة “المقاومة الإسلامية” (حماس) من الدعم القطري.

وقال برنس في شهادته في مجلس النواب الأميركي إنه في حين التقى مع ولي عهد أبوظبي “أكثر من 12 مرة”، فإنه لا يعرف ولي العهد جيداً ولا يقوم بأعمال كبيرة مع الإمارات العربية المتحدة. لكن برنس كان يعمل على كشوف مرتبات لمحمد بن زيد منذ عام 2010 عندما قام بتغيير مقر إقامته إلى الإمارات.

في ذلك العام بدأ برنس ببناء جيش خاص لمحمد بن زايد بمبلغ 529 مليون دولار، وساعد في تدريب قوة صومالية لمكافحة القرصنة ممولة من الإمارات، وقام برنس بتدريب المرتزقة الذين يقاتلون تحت علم دولة الإمارات في اليمن. وفي عام 2012 عندما أطلق برنس شركة أسهم خاصة، FRG) Frontier Resource Group) التي أدرجت في نهاية المطاف في بورصة هونغ كونغ للأوراق المالية، ضمت قائمة المستثمرين الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان من العائلة المالكة في أبوظبي.

وبحسب المجلة، فإن أقوى صلة بين برنس والبيت الأبيض كانت من خلال رئيس الحملة السابق والمستشار الأعلى ستيف بانون، إذ أخبر برنس المشرعين أنه تحدث بشكل دوري مع بانون وأرسل إليه أوراق سياسة غير مطلوبة خلال حملة 2016.

كما قدم برنس مستشار ترامب السابق ستيف بانون لمحمد بن زايد. قبل أن يلتقي ولي عهد أبوظبي ببانون جنباً إلى جنب مع جاريد كوشنر والجنرال مايكل فلين في نيويورك في ديسمبر 2016. في خرق للبروتوكول حيث لم تقم الإمارات بإخطار إدارة أوباما بالزيارة مسبقاً.

ولدى كل من بانون وكوشنر وفلين علاقات وثيقة مع كامبردج أناليتيكا، وهي شركة مملوكة جزئياً لشركة SCL Group Ltd. Infamous التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، وقد تم تداول اسم الشركة بسبب إساءة استخدامها لبيانات فيسبوك نيابة عن حملة ترامب في ديسمبر 2016.

وبعد الانتخابات بعام قامت SCL بحملة تأثير سلبي ضد قطر نيابة عن محمد بن زايد. ووفقًا للإيداعات الفيدرالية، تم تكليف شركة SCL Social Limited من قبل الإمارات بعقد قيمته 330.000 دولار في أكتوبر 2017 لتشغيل حملة #BoycottQatar (قاطعوا قطر) على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت صحيفة “ديلي ميل” إن اجتماع سيشل ضم بالإضافة إلى بن زايد وبرنس وديمترييف كلا من رئيس المخابرات الإماراتية حمد المزروعي، ومستشار آخر لولي العهد، والقيادي المفصول من حركة “فتح”، محمد دحلان.

كما حضر أيضا جورج نادر، الذي ساعد في تنظيم الاجتماع. ووفقاً لمصادر قريبة من تحقيق المستشار الخاص مولر، فإن نادر، الذي التقى بن زايد لأول مرة بينما كان يمثل متعهدي الأمن في عراق ما بعد الغزو، أفاد بأن أحد الأهداف الأساسية للاجتماع هو إقامة خط اتصال بين الكرملين والإدارة القادمة، وقال إنه اجتمع مع ولي عهد أبوظبي قبل أسبوع من اجتماع سيشل.

ولم يكن هذا الاجتماع الوحيد الهام الذي رتبه الاستشاري البالغ من العمر 59 عامًا لمحمد بن زايد في السنوات الأخيرة في منتصف عام 2015، إذ ساهم نادر في عقد اجتماع في يخت في البحر الأحمر ضم ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وولي العهد البحريني، سلمان بن حمد آل خليفة، والعاهل الأردني، عبدالله الثاني، وكان الهدف هو الحد من تأثير تركيا وإيران في المنطقة.

وتقول المجلة الأميركية، إنه على هامش انعقاد اجتماع سيشل في يناير 2017 التقى نادر بالناشط الجمهوري الأميركي إليوت برودي، ثم قدم نادر برودي إلى محمد بن زايد وساعد برودي في الحصول على 200 مليون دولار من عقود الإمارات لشركته الأمنية السرية الخاصة Circinus.

وحدث كل هذا بسرعة كبيرة حتى قبل زيارة ترامب الأولى للمملكة العربية السعودية في شهر مايو/أيار 2017، والتي يعتقد بشكل عام أنها بداية الحملة الإماراتية السعودية ضد قطر. وبحلول 7 فبراير/شباط الماضي، كان برودي مشغولا بطلب محمد بن زايد بالكتابة إلى موظف في الكونغرس عن مشروع قانون ضد قطر.

وكشفت مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني المسربة بين برودي ونادر، والتي حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس في مايو/أيار، أن نادر وبرودي قاما بتنظيم حملة نفوذ ضد قطر دون تسجيل نفسيهما كعملاء أجانب كما هو مطلوب بموجب القانون الفيدرالي الأميركي. كما كذبوا حول مصدر تمويلهم وروابطهم مع الإمارات والسعودية.

وفي 5 يونيو/حزيران 2017، أعلن تحالف السعودية والإمارات والبحرين ومصر عن حصار قطر، وسرعان ما تدخل وزير الخارجية ريكس تيلرسون في مسعى لتهدئة الوضع. وقد نجح في ذلك، لكنه أفيد بأن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وكذلك أعضاء من البيت الأبيض وترامب أغضبهم تدخل تيلرسون.

وخلال اجتماع المكتب البيضاوي في أكتوبر حث جورج نادر الرئيس على إقالة تيلرسون “ولكن فقط في الوقت المناسب سياسياً”، كما قال نادر في مذكرة إلى برودي إن “تيلرسون سوف يغادر في 31 مارس 2018”.

وكان لدى السفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة تأثير كافٍ على إدارة ترامب، حيث تم تقديم جاريد كوشنر إلى العتيبة من قبل الممول العقاري والمتبرع الجمهوري توم باراك. وباراك البالغ من العمر 71 عامًا ينحدر من أصل لبناني، وهو يتحدث اللغة العربية وله علاقات طويلة في المنطقة، وكان لديه علاقات تجارية مع العتيبة وقد تعامل مع والده أيضاً.

في عام 2009 عمل باراك مع العتيبة لبيع فندق في بيفرلي هيلز مقابل 41 مليون دولار إلى مشروع مشترك نصفه مملوك لصندوق الثروة السيادية في أبوظبي. في عام 2012، استثمر العتيبة نفسه مليون دولار في صندوق أنشأه باراك. وفي العام الماضي استثمر صندوق استثمار حكومي إماراتي مبلغ 70 مليون دولار في إحدى شركات باراك العقارية لبناء برج مكاتب في لوس أنجليس.

لكن روابط الإمارات بترامب ليست مباشرة دائماً. ففي عام 2008 دفع الملياردير الروسي ديمتري ريبولوفليف مبلغ 95 مليون دولار لشركة ترامب لشراء عقار في بالم بيتش، والذي كان ترامب قد اشتراه بمبلغ 41 مليون دولار في عام 2004.

وفي تشرين الثاني 2017، باع ديمتري ريبولوفليف نفسه لوحة الفنان ليوناردو دافينشي “سلفادور موندي” بسعر قياسي وصل إلى 450 مليون دولار. وكان سعر اللوحة التي يبلغ قياسها 26 بوصة، يقدر بحوالي 80 مليون دولار في العام الذي سبقه، مدفوعا بشكل كبير بسبب حرب مزايدة بين ممثل ولي العهد السعودي بن سلمان وممثل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، حيث زعم كل منهما أنه ظن أنه كان يزايد ضد القطريين، لتربح السعودية اللوحة، لكن بعد ذلك أعطاها بن سلمان لبن زايد في مقابل يخت التوباز الفاخر الذي تبلغ قيمته 450 مليون دولار.

وتتساءل المجلة الأميركية، بشأن ما إذا كانت حرب المناقصة وسيلة لتوجيه أموال الإمارات إلى الملياردير الروسي، في حين أنه من غير المحتمل أن تكون عملية بيع اللوحة مرتبطة بشراء ريبولوفليف لعقار ترامب في بالم بيتش، لكنه من المتصور أن هذين العقدين جزء من عدد أكبر من المعاملات التي لا نعرف عنها حتى الآن، والتي تكافئ فيها دولة الإمارات ترامب بشكل غير مباشر على دعمه.

وعلى كل حال هناك ارتباط مباشرة للإمارات بممتلكات شركة ترامب. فمع استعداد ترامب للترشح للرئاسة في أبريل 2014، اشترى ترامب ملعب Turnberry للغولف في اسكتلندا من شركة Leisurecorp، وهي شركة مملوكة للدولة في دولة الإمارات، بمبلغ 35.7 مليون جنيه إسترليني (63 مليون دولار). لكن الإمارات كانت قد وضعت ما مجموعه 92 مليون جنيه إسترليني في العقار الذي اشترته عام 2008.

ومن غير الواضح لماذا قدمت الإمارات بالفعل هدية بقيمة 58 مليون جنيه إسترليني إلى دونالد ترامب عام 2014. ولكن هذا أحد الأسئلة العديدة التي تطرحها المجلة الأميركية حول علاقة ترامب بالإمارات التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام، خاصة قبل أن تدفع تلك العلاقة الولايات المتحدة إلى مغامرات أكثر خطورة في الشرق الأوسط.