موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الاضطهاد والقمع يشكلان واقع حقوق الإنسان في الإمارات

121

احتفى العالم هذا الأسبوع باليوم العالمي لحقوق الإنسان، فيما تحتفي الإمارات التي تملك سجلاً سيئاً للغاية في انتهاكات فجّة بحق المواطنين والمقيمين.

وقبل أيام من احتفاء الدولة بهذا اليوم العالمي، أشارت الجريدة الرسمية إلى تعديلات في قانون العقوبات، تزيد من القمع وتحد من حرية المعلومات، ضمن حملة مستمرة منذ 2012 لاستخدام القوانين في تقييد حرية الرأي والتعبير في البلاد، فإضافة إلى تعديلات قانون العقوبات الدورية يستمر تعديل قانوني الجرائم الالكترونية ومكافحة الإرهاب (الصادرين 2012و2014 على التوالي)، وهي قوانين سية السمعة.

الاحتفاء هذا العام هو ذكرى بمرور 70 عاماً على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي وقعت عليه الإمارات، والذي يحث السلطات على حماية حرية الرأي والتعبير وجميع حقوق الإنسان الأساسية، وتعلن هذه الوثيقة الهامة أن جميع البشر “يولدون أحرارًا ومتساوون في الكرامة والحقوق، بغض النظر عن هويتهم أو معتقداتهم أو ظروفهم”.

وصَّعدت الإمارات من هجمتها ضد حرية الرأي والتعبير منذ عام 2011 وحتى اليوم، مستخدمة القضاء في أبشع صور المحاكمات الجماعية والفردية في تاريخ الدولة الحديث، وتوزعت الاتهامات تحت القوانين الثلاثة سيئة السمعة.

وخلال تلك المُدة مثل أكثر من 200 إماراتي وعشرات العرب والأجانب بتهم متعلقة بحرية الرأي والتعبير أمام المحاكم الرسمية أولاً أمام دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا قبل أن يتم نقل تلك القضايا في نوفمبر/تشرين الثاني2016  إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية، بعد أن سمحت للقضايا الجديدة بالاستئناف إذ لم يكن مسموحاً بذلك قبل 2016، وكِلتا المحكمتين تخضعان لإدارة وتحكم من قِبل جهاز أمن الدولة.

وأغلب من تم اعتقالهم تم بدون وجود أوامر من القضاء الإماراتي أو النيابة، ويتم إخفائهم قسريا لمدة تصل إلى عام، دون معرفة مكان اعتقالهم قبل أن يعرضوا على القضاء، وتتجنب السلطات التصريح أو تبيين أسباب الاعتقال أو مكان تواجدهم وفي أحيان كثيرة تنفي علمها القيام بعملية الاعتقال نهائياً.

ويؤكد المعتقلون أنهم تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي “الصدمات الكهربائية والضرب والسجن الانفرادي، والتهديد بالاعتداء الجنسي، والتهديد بمسّ حياة عائلات هؤلاء المعتقلين، كما يتعرضون وإساءة المعاملة، والإهانة، والشتم والبصق”.

وكانت السيدة غابرييلا كنول، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين بالأمم المتحدة قد نشرت تقرير زيارتها للإمارات في 2014م مؤكدة وجود مزاعم ذات مصداقية بأن المخفيين قسراً يتعرضون للتعذيب في الدولة.

نماذج من معتقلي الرأي في الإمارات:

أحمد منصور (48 عاماً)، الناشط البارز الحاصل على جوائز في الدفاع عن حقوق الإنسان، المدافع الأخير عن حقوق الإنسان في الإمارات والذي ينتقد السلطات علنا. وأصدرت المحكمة الإماراتية حكماً سياسياً بسجنه 10 سنوات، في مايو/أيار 2018، بسبب تعبيره عن رأيه في شبكات التواصل الاجتماعي واعتبرتها المحكمة والسلطات إساءه وتعمل على تفتيت المجتمع. واُعتقل منصور شهر مارس/آذار 2017، وأثار احتجاج منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان بينها “منظمة العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش”.

ومنع جهاز أمن الدولة منصور عقب اعتقاله من إجراء أي اتصال مع عائلته، ولم يُسمح له إلا بالحصول على عدد محدود للغاية من الزيارات من زوجته؛ بينما ظل في الحبس الانفرادي منذ اعتقاله ويدعى أنه تعرض للتعذيب؛ وترفض السلطات حتى الآن طلبات أخرى لزيارته. ولا يُعرف حتى الآن مكان اعتقاله رغم تسريب عن إعلانه الاستئناف قبل أسابيع.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018 طالب البرلمان الأوروبي بالإفراج الفوري عن منصور. أدان فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي، والأمم المتحدة العاملة في مجال الاختفاء القسري، والمقررين الخاصين للأمم المتحدة،  اعتقاله، ودعوا جميعاً إلى الإفراج عنه.

الأكاديمي عالم الاقتصاد ناصر بن غيث: في مارس/آذار 2017 تم الحكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهم تشمل النقد السلمي للسلطات الإماراتية والمصرية عبر تغريدات في تويتر اعتبرها جهاز الأمن والمحكمة إساءه للعلاقة بين البلدين! وأخفته السلطات في أغسطس/آب 2015 وتعرض خلالها للتعذيب. وأضرب عن الطعام عدة مرات للمطالبة بحقوق السجناء، ورفضاً للحكم السياسي الصادر بحقه، ومطالباً بالسماح لعائلته بزيارته.

الصحفي الأردني تيسير النجار: سجنته الإمارات قرابة ثلاث سنوات بسبب منشورات على فيسبوك انتقد فيها مصر ودول الخليج بسبب حرب (إسرائيل) على غزة عام 2014.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، أوقفت الأجهزة الأمنيّة “النجار” في المطار أثناء محاولة مغادرته إلى بلاده، وظل في السجن عدة أشهر دون محامٍ تعرض خلالها للتعذيب، ومع اقتراب نهاية الحكم الصادر بحقه قد يبقى طويلاً في السجن بسبب 100 ألف درهم فرضت عليه كغرامة من قِبل المحكمة.

الداعية عبدالرحمن بن صبيح السويدي: جرى الحكم بسجنه عشر سنوات في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهو أحد المحكوم عليهم غيابياً بالسجن 15 عاماً في القضية المعروفة دولياً بـ(الإمارات 94)، واختطفه جهاز أمن الدولة من إندونيسيا في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015م، في عملية مخابراتية ورشاوى للأجهزة الأمنية والمخابراتية في جاكرتا، بعد مرور إجراءات عدة من أجل حصوله على اللجوء السياسي, وبعد أشهر من الاعتقال في سجن سري بأبوظبي، بدأت محاكمته في (ابريل/نيسان 2016م) وأسقطت المحكمة الحكم السابق وبدأت محاكمته بتهمة الانتماء لـ”جمعية دعوة الإصلاح”. وتعرض خلال فترة سجنه للتعذيب الجسدي والنفسي، واستخدمته السلطات للظهور في وسائل الإعلام الرسمية لنفي تعذيبه وسجنه وكان في حالة سيئة للغاية.

قضية الإمارات94

تمثل قضية “الإمارات94” واحدة من أبرز القضايا التي أثَّرت بشكل واضح لا لبس فيه حجم الإجرام الأمني، حيث تم محاكمة 94إماراتياً وحكم على العشرات منهم بالسجن لمدد تصل إلى 15 عاماً، بسبب توقيعهم على عريضة تطالب بمجلس وطني (برلمان) كامل الصلاحيات منتخب من كل المواطنين الإماراتيين وليس بعينة مختارة بعناية تنتخب نصف أعضاء المجلس الذي لا يملك أي صلاحيات.

ورغم المطالبات الدولية في هذه القضية بما فيها مطالبة الأمم المتحدة بالإفراج الفوري عن الذين تستمر في السلطات باعتقالهم في القضية وعددهم (61) عقب تقرير شفاف وواضح للمقررة “غربيلا نول”؛ كان رد السلطات مستهتراً وكأنه لم يكن ليتوقع ما ورد في التقرير من تعذيب وسجن وانتهاكات لحقوق الإنسان والقضاء.

خارج القانون

يجري حاليا اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان: أسامة النجار وعبد الله الحلو وفيصل الشحي وبدر البحري وأحمد الملا وسعيد البريمي وعبدالواحد الشحي. بعد انتهاء مدة السجن التي جرى الحكم عليهم فيها. وهو اعتقال تعسفي وقد يرقى إلى اختطاف، وتستمر السلطات في تجديد حبسهم بطلب من النيابة العامة منذ 2017. دون إعلام الأسر أو المحامي.

وتم تمديد فترات سجنهم في فترات منفصلة. إذ أن القضايا التي اعتقلوا بسببها منفصلة. واستخدمت وحدة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا قانون مكافحة الإرهاب القمعي والفضفاض لتمديد تلك المدة بحجة انهم يشكلون “تهديدا” للأمن القومي. لقد فشلت السلطات في تحديد مدة الاعتقال التعسفي وغير القانوني، والذي يشكل انتهاكاً صارخا لحقوق الإنسان بحق المواطنين الإماراتيين السبعة.

ويبدو أن سلطات الإمارات العربية المتحدة قد أستساغت الممارسة الروتينية لاستخدام ذريعة الأمن القومي لتسمية المدافعين والناشطين في مجال حقوق الإنسان “تهديدا” للدولة من أجل ابقائهم مسجونين حتى بعد الانتهاء من فترات أحكام السجن عليهم.