موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ السياسات الخاطئة تضع “مستقبل” الدبلوماسية الإماراتية في خطر

72

تبدو الإمارات بدأت تجني سنوات من السياسة الخارجية المُقلقة للغاية، ما سينعكس على الدبلوماسية الإماراتية بشكل كبير خلال المستقبل القريب.

وتشير قضيتان لعبت فيهما الدولة دوراً خلال السنوات الثلاث الماضية، وهما التدخل الإماراتي في اليمن، ووقوع الإمارات في دائرة شكوك بشأن دعم حملة دونالد ترامب الانتخابية عام 2016، إلى اهتزاز الدبلوماسية الإماراتية وعلاقاتها الخارجية في المستقبل القريب.

أولاً: تحقيقات مولر

تقوم لجنة التحقيق الخاصة بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية التي يرأسها المحقق الخاص روبرت مولر بالتركيز على اجتماعات عُقدت عام 2016م بين ممثلين عن الإمارات ومسؤولين عن حملة ترامب الرئاسية، وفيما اللجنة متخصصة في التدخل الروسي إلا أن تكرار اسم الإمارات طوال الشهرين الماضيين يظهر مدى خطورة الوضع بالنسبة للدبلوماسية الإماراتية التي تكافح من أجل النفوذ في إدارة ترامب الجديدة.

كان اجتماع “سيشل” هو نقطة الارتكاز والبداية التي أوصلت المحققين الأمريكيين إلى فتح ملف للإمارات وتأثيرها على الإدارة الأمريكية الجديدة، وهي الأزمة الأكثر سطوعاً في الولايات المتحدة وفي الغرب. وتعود التفاصيل إلى ابريل/نيسان2017 عندما نشرت واشنطن بوست تقريراً عن اجتماع حضره مسؤولون إماراتيون مع مستثمر روسي مقرب من “فلاديمير بوتين” إضافة إلى “إريك برنس” مؤسس “بلاك ووتر” والمستشار غير الرسمي لفريق “ترامب” خلال فترة الانتقال الرئاسي، في يناير/كانون الثاني 2017.

كان اجتماعاً سابقاً قد حدث بالفعل في 2016 عندما، رتب” برنس”، وهو مستشار أمني لأبوظبي، الاجتماع بين جويل زامل وهو خبير معلومات “إسرائيلي” قريب من أبوظبي، ونجل ترامب البكر وممثلين آخرين من الإمارات والسعودية. كان زامل مسؤولاً عن استخدام شركته “Psy Group” لتطوير حملة تلاعب عبر شبكات التواصل الاجتماعي استخدم فيها آلاف الحسابات الوهمية بهدف دعم انتخاب دونالد ترامب.  إلى جانب “جورج نادر” مستشار أبوظبي السياسي وأحد أبرز أذرعها في الولايات المتحدة، والذي شارك في كِلا الاجتماعين.

والسبب في إدراج هذا الاجتماع الذي لم يعلن عنه من قبل، ضمن التحقيقات التي يجريها مولر يرجعه بروس فاين -الذي شغل منصب نائب وزير العدل الأميركي- إلى تحديد ما إذا كان ترامب الابن قد قبل المساعدة من الإمارات أو السعودية لصالح حملة والده، أو أن نادر كان يعمل وكيلا أجنبيا غير مسجل لأبو ظبي خلال هذا الاجتماع، وهو ما قد يعدّ جرما في كلا الحالتين إذا ما تم إثباته.

من جهته يعتقد جون فريدريكس -العضو في حملة الرئيس ترامب- بأن تركيز مولر على هذا الاجتماع السري سيضع  الإمارات بالتحديد في وضع محفوف بالمخاطر من خلال وكيلها جورج نادر.

ما يعني أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بمصداقيتها الدبلوماسية في العالم، مع إمكانية مواجهة اتهامات أمريكية على خلفية أنشطتها غير القانونية المحتملة خلال الحملة الانتخابية.

واتهم فريدريكس بأن الإمارات هي المزوّد الأصلي للأخبار الكاذبة في الخليج، وهو ما من شأنه أن يضر بجهودها في كسب التأييد والنفوذ لدى إدارة ترامب وكذلك الكونغرس الأميركي.

نفت الإمارات بشكل كامل هذه الاتهامات عبر تغريدات لوزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، ولم يصدر بيان رسمي من الخارجية أو من سفارة الدولة في واشنطن التي ترفض التعليق لوسائل الإعلام الأمريكية.

وتعليقاً على الرد الأول لأبوظبي على الاتهامات القادمة من واشنطن، اعتبر الكاتب حزام عياد، إنّ الاشتباك المباشر لدولة الإمارات مع ملف التحقيقات الأمريكية مقياساً لمستوى التوتر الذي بلغه كبار المسؤولين في أبوظبي، والاهم من ذلك إنها تكشف عيوب السياسة الخارجية الإماراتية وهشاشة أدواتها؛ فحالة الارتباك المرافقة للتحقيقات وتداعياتها السياسية على أمنهم ومستقبلهم كنخبة سياسية طموحة ترغب في أن تكون مؤثرة على امتداد السنوات الخمس أو العشر المقبلة.

كانت الإمارات قد اُتهمت بقيادة حملة للضغط على إدارة ترامب من أجل إقالة وزير الخارجية الأمريكي السابق “ريكس تيلرسون” بسبب موقفه من الأزمة الخليجية وعدم دعمه موقف أبوظبي ضد قطر؛ حسب ما كشفت وثائق سابقة نشرتها هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطاني (BBC).

ثانياً: اليمن

يتيح الدور الإماراتي الكثير من علامات الاستفهام والتوترات في المنطقة، ويضع الدولة بجوار متوتر من تلك المواقف سواء كان الأمر متعلق بسلطنة عُمان التي بدأت فعلياً بمواجهة الوجود الإماراتي في جزيرة سقطرى ومحافظة المهرة بدعم من بريطانيا. أو مع المملكة العربية السعودية التي تنظر بقلق للدور المتزايد.

خلال شهر مايو/أيار 2018 قامت الإمارات بانتهاك المواثيق الدّولية بإرسال قوات عسكرية إلى “جزيرة سقطرى” دون طلب من الحكومة اليمنية، ولأن الجزيرة بعيدة تماماً عن أي نفوذ لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران وتنظيم القاعدة، اعتبر هذا العمل انتهاك للسيادة.

الموقف الذي تأجج لاحقاً في مجلس الأمن الدولي برسالة يمنية تبلغ المجلس بانتهاك الإمارات لسيادتها ورد من الدولة بعد سحب القوات العسكرية من الجزيرة باعترافها بسيادة اليمن على سقطرى، هو واحد فقط من عِدة مشكلات بين الحكومة اليمنية وأبوظبي أبرزها:

السجون السرية التي تديرها الدولة في المحافظات الجنوبية وعددها 18 سجن سري، وهذا الأسبوع قام الكونجرس الأمريكي بطلب من وزارة الدفاع الأمريكيّة بإجراء تحقيقات في تلك السجون، إذ أن أبوظبي التي تعتبر حليفاً لواشنطن هي من تديرها مع اتهامات بضلوع جنود تابعين للولايات المتحدة في عمليات التعذيب الوحشية.

تدعم الإمارات، ميليشيات محلية بدلاً من قوات الأمن الحكومية في المحافظات المحررة من الحوثيين، إلى جانب سلطة موازية للحكومة اليمنية مثل (المجلس الانتقالي الجنوبي) وتدعو هذه السلطة والميليشيات المحلية إلى الانفصال ولا تعترف بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، صاحب تفويض العمليات العسكرية وتواجد الإمارات في البلاد.

في نفس الوقت تدعم الدولة، عائلة علي عبدالله صالح، الرئيس اليمني الراحل الذي قتله حلفاؤه الحوثيون في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتسعى العائلة التي أزيحت من السلطة عام 2011 إلى العودة مجدداً، حيث تدعم القوات الإماراتية قوات “طارق صالح” الذي رفض الاعتراف بالحكومة الشرعية مع قيادة حملة عسكرية دربتها ومولتها الدولة للانتقام لمقتل “عمه”.

ومن شأن هذا الموقف مع الحكومة اليمنية أن يطيل أمد الحرب في البلاد. في وقت يستهدف علاقة الدولة الجيدة بالسعودية وسلطنة عُمان وبريطانيا، والأمم المتحدة التي تقود جهود السلام، كما أنّ الدور السلبي والسجون السرية وضع الإمارات في قلب انتقادات من إدارة ترامب والكونجرس وعمل على تشويه صورتها أكثر إلى جانب دورها في الانتخابات الأمريكية.