موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: احتفاء في إسرائيل وألم وأسى في الإمارات بسبب عار التطبيع

94

احتفت إسرائيل العدو التاريخي للعرب والمسلمين بتصاعد غير مسبوق في علاقاتها مع دولة الإمارات العربية المتحدة بفضل عيال زايد الذين عمدوا مؤخرا إلى الخروج بعار تطبيعهم إلى العلن من دون حياء أو مواربة.

وبموازاة الاحتفاء الإسرائيلي كان الأسى والألم في الإمارات، يعود ذلك إلى أن النشيد الإسرائيلي الذي تم عزفه للمرة الأولى في تاريخ الإمارات بعد أن فاز لاعب إسرائيلي في لعبة الجودو.

وفيما هذا الغضب يتصاعد لم تُكلف السلطات الإماراتية نفسها الخروج إلى المواطنين لتبرير ما يمكن اعتباره أكبر انتهاك لسيادة الإمارات وخرق مبادئ وأسس الدولة التي وضعها الآباء المؤسسون.

وهذا الانتهاك يحمل كل نقيصة ويبرر حملة القصف الإسرائيلية على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، بحيث تكفي هذه النقيصة لمراجعة كل سياسات الإمارات الخارجية التي أصبحت خارج سياقات المبادئ الأساسية للدولة.

وكان الشيخ زايد ومؤسسي الإمارات يدعمون القضية الفلسطينية، بل ويعتبرونها قضية البلاد الأولى، وقام بقطع إمدادات النفط بصفته سلاحاً فعالاً خلال الحروب العربية الإسرائيلية، واعتبر أن “النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي” في 1982.

وبينما كانت دول تذهب للتطبيع مع إسرائيل كان الشيخ زايد صلباً في مواجهة الجميع ووصف القضية الفلسطينية بقضية “الأمة المركزية” مشيراً إلى أن “لن يكون هناك سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط إلا بعودة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني”.

لكن بعد وفاة الشيخ زايد تحولت السياسة تدريجياً ونحن اليوم نشهد رفع العلم الصهيوني ونشيده الوطني على التراب الإماراتي وهو ما يعتبره المواطنون الإماراتيون مأساة ووجع لا يمكن إخماده.

ويتساءل الإماراتيون: ماذا يمكن القول اليوم والنشيد الإسرائيلي وعلم الكيان يرفرف في أبوظبي، وأي خذلان للقضية والمقدسات وصلت إليه سياسة الدولة اليوم، كيف نحاول بناء عمق عربي جديد والدولة تتخلى عن قضية الإماراتيين والعرب المركزية؟.

ولم تكتف الإمارات باستضافة ميري ريجيف وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلية التي سبق أن وصفت الآذان “بصراخ كلاب محمد”، بل كرمتها أبوظبي بزيارة للجامع الكبير ” مسجد الشيخ زايد” ما يشير إلى أجندة استهداف الإسلام واستجداء السلام مع المحتل الغاضب.

كانت هذه الواقعة المشؤومة في تاريخ الإمارات الذي لن تتمكن أي قوة أو نفوذ من محوه من أحلك صفحات انحطاط السياسة الداخلية والخارجية في تاريخ الدولة. قبله بيوم واحد كان العلم الإسرائيلي ونشيد المحتل يرفع للمرة الأولى في تاريخ الإمارات، فما الذي حدث لتصل الإمارات إلى هذه الدرجة من المهانة؟

المبرر الرسمي يقول إن اتحاد الجودو الدولي اشترط رفع العلم الإسرائيلي والنشيط الوطني الإسرائيلي، وإلا فإن الاتحاد سيقوم بنقل مقر المباريات الدولية من الإمارات إلى دولة أخرى. لكنهم لم يقدموا مبرراً إن كان اتحاد الجودو اشترط أن تقوم قيادات إماراتية بإدخال الوزيرة الإسرائيلية إلى مسجد “الشيخ زايد” في أبوظبي.

كما أنه مبرر بلا قيمة ولا معنى، ولم يكن ليتم إدخال الوفد الإسرائيلي الذين يقتلون الفلسطينيين كل يوم إلى باحات المسجد والوجود على تراب الإمارات لولا رضى السلطات نفسها فهذا قرار لا يمكن لأحد الموافقة عليه.

ولو كانت السلطات تبحث عن مخاوف من العمق الذي تمثله رياضة الجودو في محيطها الإقليمي والدولي فيمكن قياس الربح والخسارة. إن كانت رفضت الإمارات هذا الشرط ورفضت البطولة كم كانت ستكسب محلياً ودولياً من انحياز السلطة إلى أبناء الشعب، ويمكن ملاحظة الخسائر في سمعتها وعمقها المحلي والعربي بالتماهي مع الاحتلال الإسرائيلي والتطبيع معه والانقلاب على إرث الآباء المؤسسين.

حتى عبدالخالق عبدالله الأكاديمي الإماراتي البارز القريب من السلطة، ظهر غاضباً في إذاعة “بي بي سي” البريطانية يوم وقال: كان الأولى والأفضل رفض هذه البطولة تماماً.

رافق شخصان إماراتيان الإسرائيلية إلى مسجد زايد، لكن السلطات فضلت حتى عدم الكشف عن هويتهما وأنكرت حتى التعرف عليهما، ونقلت رويترز عن المكتب الإعلامي بالحكومة الإمارتية قوله: “إنه لا يمكنه على الفور تأكيد شخصية الرجلين اللذين رافقاها في جولة الجامع الذي أطلق عليه اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أول رئيس للبلاد”.

مع أن الصور واضحة فالرجلان هما رئيس الاتحاد الإماراتي محمد بن ثعلوب سالم الدرعي وأمين عام مجلس أبو ظبي الرياضي عارف العواني؛ فلماذا إنكار هوية الرجلين؟! هل ما يزال من المحرج القيام بعلاقة مع إسرائيل؟!، وإذا كان كذلك فلماذا تضع السلطة نفسها في مواقف عجيبة تعارض الشعب الإماراتي وكل شعوب العالم الحر.

وسائل الإعلام الرسمية في الإمارات تجاهلت تماماً الحدث السيء، ما يؤكد مراراً وتكراراً أنها تعيش خارج اهتمامات الناس ولا تقوم بواجبها في الحفاظ على القضايا الوطنية.

في المقابل وفي إهانة المطبعين من المسؤولين الإماراتيين نشرت الصحف ووسائل الإعلام الرسمية الإسرائيلية الزيارة وتحدث عنها المسؤولون الإسرائيليون بفخر واعتزاز. ونشرت التقارير وصور اللاعبين والنشيد الإسرائيلي، وظهرت الوزيرة وهي تذرف دموع الفرح بانتصارها على إرادة الإماراتيين وكل العرب.

حتى أن حساب إسرائيلي رسمي في تويتر يتبع حكومة الاحتلال نشر مقطعاً مصوراً، لأعضاء فريق الجودو الإسرائيلي المشارك في بطولة “غراند سلام أبو ظبي” وهم يُحيون شعائرهم وطقوسهم اليهودية من قلب العاصمة.

وحتى الآن تلتزم السلطات الصمت رغم كل الغضب الجارف لدى الإماراتيين، والشعور بإذلال لا يمكن محوه في مستقبل الدولة.

وقد استهجنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) استقبال وزيرة الثقافة الإسرائيلية في أبوظبي.

وقال المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري في تغريدة له عبر “تويتر”، “من العار استقبال وزيرة الثقافية الإسرائيلية في أبوظبي في ظل مجزرة أطفال غزة”.

وأضاف أن “صور الحفاوة الكبيرة للمجرمة الإسرائيلية لا تقل تأثيرًا على شعبنا من صور قتل أطفال غزة الأبرياء”.

لكن لم تكتفِ السلطات الإماراتية من فضيحة وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلية حتى استضافت وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا لمؤتمر في دبي، ليستمر قطار التطبيع الإماراتي المستمر منذ 2010.

ويبدو أن المشروع الأصلي هو مرور سكك التطبيع التابعة لتل أبيب من أبوظبي ودبي إلى الرياض، والحرمين الشريفيين.

ونقلت وكالة بلومبيرغ عن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي للدبلوماسية العامة مايكل أورين قوله إن ما يجري “علامة على أن إسرائيل والعالم العربي يقتربان أكثر فأكثر”.

في دبي، شكر قرا في خطابه “حكومة وشعب الإمارات على كرم ضيافتهم”، متمنيا “أن نلتقي معا من أجل تقدم عالمنا بالسلام، بالسلام، بالسلام، والأمن للجميع”.

وتشكّل مشاركة قرا في المؤتمر وإلقاؤه كلمة أمام الحاضرين وكاميرات وسائل الاعلام حدثا نادر في الإمارات التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، والتي كانت تعمل إجمالا على منع إبراز مشاركة وفود إسرائيلية في فاعليات دولية.

وقال قرا في خطاب ألقاه باللغة العربية أمام مؤتمر “المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات” في مركز دبي التجاري العالمي “السلام والأمن في كل دولة (…) مع التقدم الاقتصادي والعلمي هو الضمان لمستقبل أجيالنا القادمة”.

وأضاف الوزير الدرزي المنتمي الى حزب الليكود اليميني بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو “السعي من أجل السلام هو بمثابة أولوية أساسية لإسرائيل، ويتم ذلك بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون العلمي مع العديد من الدول”.