موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات تقود قطار التطبيع مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية

154

يتورط النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة في قيادة عار قطع التطبيع مع إسرائيل على حساب تصفية القضية الفلسطينية وتهميشها.

واستضافت الإمارات خلال الأشهر سرا وعلنا مسئولين إسرائيليين بصفات مختلفة بينهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي وزعيم المعارضة الإسرائيلية إضافة إلى عدد من الوزراء والوفود الرسمية.

ويتم ذلك وسط تواتر تقارير عن تقدم أمني وعسكري متقدم بين الإمارات وإسرائيل فضلا عن دور مشبوه وخطير لأبو ظبي في تسريب عقارات مدينة القدس لصالح جمعيات استيطانية إسرائيلية.

وربما لن نفاجأ في مقبل الأيام إذا انبرى بعضهم لترويج انضمام إسرائيل إلى جامعة الدول العربية، ولو بصفة ملاحظ بداية. فما الضير في ذلك، ما دام التطبيع بينها وبين النظام الرسمي العربي قد قطع أشواطا غير مسبوقة، وباتت حقيقة جغرافية وسياسية لا يمكن القفز عليها في توازنات القوة والنفوذ في المنطقة. وإذا كانت لم تتوصل، بعد، إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، فتلك ليست مسؤوليتها، في ظل ”عدم جدية” الطرف الفلسطيني، وتشبثه بأوهام عفا عليها الزمن.

قد لا تكون الطريق سالكةً، الآن، أمام تداول هذا الخطاب وشيوعه في الإعلام التابع لمحور الثورة المضادة، ولكن هناك ما ينبئ بأن أشياء كثيرة تجري خلف كواليس السياسة العربية، تصب في هدف استراتيجي عريض، إدماج إسرائيل في المنظومة العربية ضمن تقاطع المصالح بينها وبين دول هذا المحور (السعودية، الإمارات، مصر..). ولعل المثال الأكثر دلالةً في هذا الصدد، الشراكة الأمنية والاستخباراتية الواسعة بين إسرائيل ونظام عبد الفتاح السيسي في مصر، وهي شراكة لا تقتصر على مساعدة النظام، عسكريا ولوجستيا، في محاربة الجماعات المسلحة في سيناء، بل تمتد إلى الإسهام في صياغة الخطوط العريضة للعقيدة الأمنية لهذا النظام.

كان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يعرف ما يقول حين تحدث، قبل فترة، على هامش تعيين رئيس أركان جديد للجيش الإسرائيلي، عن لقاءات جرت بين رئيس الأركان المنتهية ولايته ورؤساء أركان جيوش عربية. بدا واثقا وهو يتحدث عن تحول كبير تعرفه علاقة بلدان عربية وإسلامية بإسرائيل، في ضوء خدماتٍ أمنيةٍ تسديها الأخيرة لهذه البلدان التي يواجه معظمها حركاتٍ اجتماعية وسياسية تطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فكأنه، بذلك، يخفّف عن اللَّاوعي السياسي الإسرائيلي المشدود إلى كابوس النهاية ويحاصر الحلم الصهيوني، ويُفسد على دولة الاحتلال الانتشاءَ بتحقُّق بعض أطواره.

يلفت الانتباه في موجة التطبيع الجديدة أنها تتوازى مع زيادة التغوّل الإسرائيلي في تنفيذ مخططات الاستيطان والتهويد والأسْرلـة، والاستمرار في تنفيذ سياساتٍ عنصرية بحق الشعب الفلسطيني، ناهيك عن النزوع المتزايد داخل المؤسستين، السياسية والعسكرية، في إسرائيل نحو خيارات اليمين المتطرّف. فكأن لسان حال قادتها ينطق بأن لا مشكلة لديها مع محيطها العربي والإسلامي، وأنها مستعدّة لتعيش بسلام مع جيرانها العرب، ما داموا يعترفون بحقها في الوجود، ويتغاضون عما تقترفه من جرائم بحق الفلسطينيين.

يتعلق الأمر بفصلٍ جديدٍ في السردية الإسرائيلية، أملته عوامل كثيرة، أبرزها الدعم اللامشروط الذي تُبديه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإسرائيل، والمنعرجاتُ المأساوية التي عرفتها الثورات العربية بعد 2013، وصعودُ محور الثورة المضادّة المستعد لتسويق “صفقة القرن” وتمويل مخرجاتها، والذهاب بعيدا في فتح دروبٍ داخل الرأي العام العربي، تفضي بالأخير إلى قبولها، ولو على مضض، سيما في ظل الانقسام الفلسطيني.

استقبالُ وزراء ومسؤولين إسرائيليين في مسقط وأبو ظبي والقاهرة ونجامينا لا يعكس فقط استعدادا دالا لتحويل ”الشقيقـة” إسرائيل إلى حالةٍ سياسيةٍ وثقافيةٍ عاديةٍ داخل المحيط العربي والإسلامي، بقدر ما يعكس، كذلك، مباركةَ مخططاتها بشأن توسيع المستوطنات، وتهويد القدس، والاستمرار في سياسة هدم البيوت، وحصار غزة، بما يُفضي، تدريجيا، إلى تضييق الخناق أكثر على الفلسطينيين، وتقليص البدائل المتاحة أمامهم. وبطبيعة الحال، لن تقتصر المكاسب الإسرائيلية من هذا الاختراق على استخلاص عوائد موجة التطبيع هاته، بل ستتخطاه إلى جوانب اقتصادية واستراتيجية، من شأنها تعزيز مكانتها وتوسيع رقعة نفوذها الإقليمي والدولي في مواجهة أعدائها (إيران، حزب الله، المقاومة الفلسطينية..).

تدرك قوى الثورة المضادة في المنطقة أن الوقت ليس في صالحها، وأن أي تأخيرٍ في تنزيل ما تسعى إليه بشأن رفع وتيرة التطبيع مع الصهاينة سيكون مكلفا على المدى البعيد، فالإصرار الشعبي العربي على رفض كل تطبيعٍ لا يزال متوهجا، إضافة إلى ما يستجد من أحداثٍ يربك حسابات هذه القوى ويشتت تركيزها، كما هو الشأن بالنسبة لجريمة اغتيال الكاتب السعودي جمال خاشقجي، والحراك السوداني الذي يبدو أنه يحبس الأنفاس في العواصم العربية الثلاث المعلومة.