موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تقرير أمريكي: أطماع الإمارات والسعودية تهددان استقرار الخليج

152

ناقش تقرير  للباحثة كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربي في واشنطن واقع ومستقبل النظام الخليجي ومجلس التعاون في ظل استمرار الأزمة الخليجية التي دخلت شهرها الخامس عشر ، في الوقت الذي تكثف فيه الولايات المتحدة وشركاؤها الخليجيون المداولات من أجل عقد قمة خليجية أمريكية، تتكيف جميع الأطراف مع الأهداف الجديدة وتحول المشهد الاستراتيجي.

وفي مواجهة الانقسامات المستمرة بين الشركاء الرئيسيين؛ السعودية، والإمارات العربية المتحدة، من جهة، وقطر من جهة أخرى، يبدو أن الولايات المتحدة مستعدة للتراجع عن مطالبة الرئيس “دونالد ترامب” بحل أزمة الخليج كبداية للتقدم في الملفات الأخرى، خاصة دعم الهدف الرئيسي للتعاون في مواجهة إيران.

ولهذه الغاية، يقال إن الولايات المتحدة تستكشف تشكيل بنية أمنية جديدة، أطلق عليها اسم التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط، وتضم الأردن، ومصر، مع دول الخليج.

ويتفق هذا تماما مع طموحات الشركاء الاستراتيجيين في الإمارات والسعودية، الذين يتبنون رغبة الولايات المتحدة في مشاركة أكبر للأعباء، والسعي لتوسيع نفوذهم داخل وخارج الخليج.

ويعد الطرفان الرئيسيان في المشهد المتغير للخليج والشرق الأوسط هما الإمارات، والسعودية، وهما تعززان شراكتهما وتنسيق أعمالهما عبر مجموعة واسعة من أهداف السياسة الخارجية والأهداف المحلية.

وعلى المستوى الإقليمي، تشمل هذه الخطوات المباشرة ببدء مقاطعة دبلوماسية واقتصادية لدولة قطر، يتم تنسيقها من خلال لجنة رباعية تشمل البحرين ومصر، كما أنهما يلعبان الأدوار القيادية في الائتلاف العسكري الذي يتدخل في اليمن.

وفي حين قد تتباعد الأهداف المحددة لسياستيهما في بعض الأحيان، ولا سيما في اليمن، لكنه من الصعب العثور على قضية مهمة لا يعبر فيها البلدان عن موقف موحد.

وقد استلزم ذلك دعما قويا من القيادة الإماراتية لمجموعة من الإجراءات المثيرة للجدل التي اتخذتها القيادة السعودية، بما في ذلك الإجراءات العقابية الأخيرة التي اتخذتها المملكة ضد كندا بسبب تغريدة تحث على إطلاق سراح ناشطي حقوق الإنسان المعتقلين في المملكة.

وهي الرسالة التي عبر بعدها العديد من المسؤولين والمحللين الإماراتيين بأن أي تهديد للسعودية يشكل تهديدا لدولة الإمارات.

ويعد هذا التنسيق الوثيق أعمق من العلاقة المتنامية بين القيادات الحالية وقد بدأ في الواقع منذ عدة أعوام، وتحديدا منذ زيارة رسمية إلى دولة الإمارات أجريت من قبل وفد سعودي بقيادة وزير الخارجية السعودي آنذاك، “سعود الفيصل”، في أغسطس/آب 2014.

وقد تم تكثيف التعاون السعودي الإماراتي بشكل ملحوظ في عهد الملك “سلمان بن عبدالعزيز”، الذي أسس مجلس تنسيق رسميا بين البلدين في مايو/أيار 2016، برئاسة نائب رئيس الوزراء الإماراتي “منصور بن زايد آل نهيان” وولي العهد السعودي، الذي كان ولي ولي العهد في ذلك الوقت، “محمد بن سلمان”.

أنشأ هذا المجلس عددا كبيرا من لجان العمل، التي تضم نحو 350 مسؤولا حكوميا من مختلف المجالات، أسهموا في الاستراتيجية الشاملة التي تم الإعلان عنها في الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي تم إطلاقه في يونيو/حزيران.

ويغطي هذا التحالف الاستراتيجي نطاقا واسعا من المجالات من السياسة إلى الاقتصاد إلى تطوير رأس المال البشري، مرورا بالتنسيق العسكري، ويجري تفعيله في مشاريع ملموسة، بعضها في مجالات حساسة مثل الأمن الغذائي والإنتاج الدفاعي.

وليس الهدف من هذه المشاريع المتنوعة فقط تأمين المصالح المشتركة، بل مواءمة السياسة وخلق ترابط أوثق، كما تزود الشراكة المتعمقة البلدين بالعمق السياسي للتصرف إقليميا لتوسيع نفوذهما دون الاعتماد دائما على موافقة ودعم واشنطن.

وقد أثر التنسيق المكثف بين أكبر اقتصادين في الخليج على الحسابات الاستراتيجية وعلى سلوك البلدين عبر الخليج والشرق الأوسط الكبير، ولا سيما في قضية قطر، التي كانت هدفا لإجراءاتهما العقابية.

وما زالت دول أخرى مجبرة على التكيف مع هذا الوضع الجديد، وقد شهدت الكويت، التي تلتزم بشدة بالعمل من خلال المؤسسات الإقليمية والدولية، محاولات للتوسط في الأزمة حيث دعا الأمير الكويتي “صباح الأحمد الصباح” إلى لجنة لتعديل ميثاق دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بتسوية النزاعات الداخلية.

وقد قامت الكويت الآن بالانحراف عن استراتيجيتها عبر إنشاء مسارها الخاص مع السعودية من خلال مجلس تنسيق ثنائي خاص بها مع المملكة.

ومع استمرار الانقسامات داخل مجلس التعاون الخليجي، تسعى دول الخليج العربي إلى تحقيق طموحات وعلاقات استراتيجية خارج منطقة الخليج.

ودخلت الإمارات والسعودية من ناحية وقطر (بدعم من تركيا) من ناحية أخرى في منافسة كبيرة على البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وتتطلع عمان والإمارات إلى المحيط الهندي لتوسيع عمقهما الاستراتيجي، وقد شجع المحلل الإماراتي “محمد باهارون” على تغيير المنظور، عبر النظر إلى ما وراء الخليج وشبه الجزيرة العربية، للتعرف على طبيعة هذا المشهد الاستراتيجي الجديد والموسع.

وتحدد تحديات السياسة الخارجية الأخرى، ولا سيما جهود مكافحة التشدد والنفوذ الإيراني، إنشاء ائتلافات رسمية جديدة وتحالفات مقترحة.

وتحقيقا لهذه الغاية، تفكر الولايات المتحدة في تشكيل تحالف استراتيجي جديد في الشرق الأوسط يربط بين دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر.

وقد طرح المسؤولون السعوديون فكرة “الناتو العربي” لأول مرة قبل زيارة “ترامب” في مايو/أيار 2017 إلى الرياض، وكانت مرتبطة أصلا بائتلاف مكافحة الإرهاب العسكري الإسلامي الذي يضم بلدانا سنية غير عربية مثل باكستان.

ويبدو الآن أن التحالف العربي الأكثر تقييدا​​، إذا ما تم الاتفاق عليه، قد يتم عرضه على القمة الأمريكية الخليجية المقترحة.

وفي الوقت الذي بدأت فيه مصادر في الحكومة الأمريكية والخليجية في التحدث عن الأمر منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول، فإن جدول الأعمال والجدول الزمني لمثل هذه القمة لا يزالان قيد النقاش، وسوف يتم إرسال الجنرال الأمريكي المتقاعد “أنطوني زيني” إلى منطقة الخليج قريبا لإجراء مشاورات.

ومن خلال الانقسامات والشراكات الثنائية والتحالفات الإقليمية الجديدة، يظهر مجلس التعاون الخليجي المرونة في محاولة للحفاظ على الدعم والأهمية التي تمتع بها المجلس في السابق.

وقد منحت الرغبة المشتركة للولايات المتحدة والخليج في دحر النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط قوة دافعة لمزيد من التعاون الخليجي، على الرغم من عدم قدرة أو عدم اهتمام أعضاء دول الحصار بحل النزاع مع قطر.

وداخل المجلس، تم اتخاذ قرار بوضع حل الخلافات مع قطر على مسار منفصل تحت رعاية الكويت، مع الاستمرار في العمل بشكل جماعي على بعض القضايا.

ومن أجل التقريب، كانت العديد من مجموعات العمل في المجلس تلتقي بحضور جميع الأعضاء الستة، مثل مجموعات العمل المختصة بالدفاع الصاروخي الباليستي والأمن البحري التي تجتمع في أغسطس/آب، تمهيدا للقمة المرتقبة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.

كما عمل المجلس على استيعاب الشراكات الثنائية والاعتراف بها، ويمكن ملاحظة ذلك في جداول أعمال مؤتمرات قمة مجلس التعاون منذ عام 2011.

وفي ذلك العام، دعا الملك “عبدالله بن عبدالعزيز”، الملك السعودي آنذاك، إلى مزيد من التعاون المكثف لتحقيق وحدة الخليج.

وفي وقت مبكر من عام 2015، تم النظر في تعديلات للسماح لدولتين أو أكثر بالدخول في ترتيبات التكامل إذا تم اعتبار أنها تخدم مهمة مجلس التعاون الخليجي على النحو المبين في المادة 4 من ميثاقه.

وتمت مناقشة مجلس التنسيق السعودي الإماراتي في قمة المجلس السابعة والثلاثين، التي انعقدت في ديسمبر/كانون الأول 2016، وتم الترحيب به رسميا في البيان الصادر في ذلك العام.

وتشكل الأنماط المتغيرة للتعاون والصراع داخل منطقة الخليج جزءا من عملية تحول تاريخية أوسع نطاقا.

وكما قال المحلل الإماراتي “باهارون”: “لا يزال العالم الجديد متعدد الأقطاب يتشكل”.

وتتضح رغبة العديد من دول الخليج في التصرف بشكل أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة، وإيجاد طرق إلى حلفاء غير تقليديين لتحقيق مصالحهم وطموحاتهم.

ويساهم قبول الولايات المتحدة وحماسها لتحمل شركاء الخليج المزيد من المسؤولية عن أمنهم الخاص في هذا الاتجاه.

وفي حال انعقاد قمة الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي هذا الخريف، ينبغي أن توفر قدرا أكبر من الوضوح فيما يتعلق بكيفية إعادة التفاوض بشأن هذه التحالفات والمصالح المتنافسة أحيانا، وإعادة تشكيلها سعيا وراء نظام جديد في الخليج والشرق الأوسط.