موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إمارات ليكس تكشف: تهديدات أوروبية جديدة للإمارات بسبب فضائح غسل الأموال

162

تواجه دولة الإمارات العربية المتحدة تهديدات أوروبية جديدة على خلفية تورطها الشديد بفضائح غسل الأموال وباعتبارها مأوى للأموال القذرة.

وهذه الأيام يضع غاسلو الأموال وتجار السلاح والمخدرات والساسة الفاسدون وأمراء الحرب في المنطقة العربية والأفريقية ودول العالم، أيديهم على قلوبهم وخزائنهم وجيوبهم بعد تشديد إجراءات شفافية الحسابات المصرفية في أوروبا وجزر الأفشور.

ويزداد هذا القلق عقب مطالبة السلطات المختصة البنوك والمؤسسات المصرفية بمعرفة الأسماء الحقيقية المالكة لحسابات مودعة لديها تحت مسميات وهمية، ودفع التشديد الرسمي توسع البنوك التجارية البريطانية في التطبيق الفعلي لمبدأ “اعرف عميلك”، المدرجة ضمن قانون محاربة غسل الأموال والتهرب من الضرائب التي أجازتها دول الاتحاد الأوروبي قبل ثلاث سنوات.

وحسب  خبراء فإن هذا التطبيق الصارم سينتقل إلى مصارف دول متساهلة في فتح الحسابات المصرفية وتعد مأوى للأموال القذرة وعلى رأسها دولة الإمارات، التي تواجه حالياً مصارفها ملاحقات قانونية من باكستان ونيجيريا ودول أفريقية وآسيوية أخرى. وتعتقد هذه الدول أن ساسة فاسدين ورجال أعمال أخفوا مئات المليارات في مصارف وعقارات دبي.

وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إن مصرف لويدز البريطاني جمد 8 آلاف حساب في فروعه بجزيرة جيرسي القريبة من إنكلترا وتابعة للتاج البريطاني.

وذلك بعد ثلاث سنوات من محاولة معرفة هويات أصحاب الحسابات الحقيقية لأنها مسجلة باسم شركات. وعادة ما يستخدم الساسة الفاسدون والمرتشون وتجار المخدرات والمليشيات وأمراء الحرب في العالم الثالث، شركات وهمية لإخفاء أموالهم التي حصلوا عليها بطرق غير مشروعة في حسابات الأوفشور.

وتأتي خطوة مصرف لويدز ضمن الإجراءات الصارمة التي تطبقها بريطانيا لمكافحة غسل الأموال تحت حملة ” أعرف عميلك”. وفي ذات الصدد، حذر مصرف ” دويتشه بانك” الألماني في الشهر الماضي ألف عميل من أصحاب الحسابات الضخمة بأنهم سيواجهون تجميد حساباتهم ما لم يلبوا إجراءات غسل الأموال العالمية، التي تقضي بمعرفة صاحب الحساب الحقيقي الذي يتخفى تحت الشركات الوهمية التي فتح باسمها الحسابات.

وقد أجبر برلمانيون بريطانيون مصرف لويدز، الذي يمتلك أكبر عدد من الفروع في بريطانيا، على اتخاذ إجراءات التجميد بعد انتقادات حادة وجهها عدة مشرعين للبنوك بشأن غسيل الأموال.

وحسب تقرير “فاينانشال تايمز”، فإن مصارف بريطانية أخرى تشرع حالياً في تلبية إجراءات السلطات المالية البريطانية الخاصة بمكافحة غسل الأموال. من بين هذه المصارف كل من “إتش إس بي سي HSBC” وباركليز و”رويال بانك أوف اسكتلندا” التي بدأت حملة مساءلة حول الحسابات المسجلة باسم شركات وهمية عن ملاكها الحقيقيين.

وقالت مصادر في هذه البنوك إنها أغلقت مجموعة من الحسابات. لكن حتى الآن لم تنشر قائمة بأسماء الحسابات أو حتى عدد الحسابات التي تتعرض للمساءلة والفحص. وتسعى البنوك البريطانية حالياً لمعرفة الهوية الحقيقية لأصحاب “الحسابات المخفية” ومصادر التمويل خوفاً من تعرضها لعقوبات صارمة وغرامات مالية من قبل السلطات المصرفية التي تشرف على عمل البنوك وهيئات مكافحة الجريمة المالية.

وكانت السلطات المنظمة لعمل المصارف في بريطانيا قد طلبت مؤخراً من حكومات جزر الأوفشور الخاضعة لسيادة التاج البريطاني، وهي جزر جيرسي وغينزي و”أيل أوف مان”، التأكد من أن المصارف العاملة تحت إشرافها تطبق “الشفافية الكاملة” على زبائنها للتأكد من أن حساباتهم متطابقة مع إجراءات غسل الأموال التي أقرتها السلطات المالية في دول الاتحاد الأوروبي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي.

ووافقت حكومات هذه الجزر على تطبيق المعايير وإجراءات غسل الأموال. وبناء على ذلك فتحت البنوك “حسابات الشركات الوهمية” للفحص والتدقيق. وخلال عقود من نشاطات مصارف أوفشور، تضررت الحكومات الغربية والدول الفقيرة من نشاطات مناطق الأفشور.

على صعيد الحكومات الغربية، فإن العديد من أثريائها يستغلون هذه الحسابات في التهرب من سداد الضرائب، وهو ما أدى تلقائياً إلى زيادة العجز في الميزانيات العامة وارتفاع حجم الديون السيادية. وجاء التشديد الأوروبي في مكافحة الأموال القذرة والحسابات المشبوهة في أعقاب الكشف عن فضيحة مصرف “دانسك” الدنماركي التي تم بموجبها غسل أكثر من 200 مليار دولار من الأموال الروسية وأموال جمهوريات الاتحاد السوفييتي عبر فرع صغير للمصرف الدنماركي في لاتفيا، كما أن العملية استمرت لفترة ثماني سنوات من دون الكشف عنها.

أما على مستوى دول العالم الثالث، فقد أدت حسابات الأوفشور إلى تفشي الرشوة والفساد المالي والمليشيات العسكرية وتدريجياً انتهت هذه الدول إلى دول فاشلة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، مثل الذي يحدث حالياً في ليبيا واليمن وسورية والصومال وربما السودان.

ويقول خبراء، إن دول الاتحاد الأوروبي تتجه للتشديد في مكافحة غسل الأموال القذرة في المصارف الأوروبية، عبر تطبيق صارم لقوانين قوة مكافحة الأموال القذرة المعروفة اختصارا باسم “فاتف”.

وكانت المفوضية الأوروبية قد أضافت في فبراير/ تشرين الماضي ست دول عربية، أبرزها السعودية، إلى قائمة الدول التي تهدد التكتل بسبب تهاونها مع عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتضم القائمة 23 دولة. وقالت المفوضية إنها أضافت دولاً ومناطق لديها “أوجه قصور استراتيجية في أنظمتها الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.

ومن بين المعايير المعتمدة لوضع الدولة بالقائمة السوداء، التساهل في فتح الحسابات دون مساءلة عن مصادر الأموال الموضوعة في الحساب والرقابة الضعيفة من قبل البنك المركزي وفرض عقوبات خفيفة على جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتعاون غير الكافي مع الاتحاد الأوروبي في الأمر، وعدم الشفافية بشأن الملاك الحقيقيين للشركات والصناديق الاستثمارية. وجاءت الخطوة كجزء من حملة تستهدف غسل الأموال بعد عدة فضائح ضربت بنوكا أوروبية في الأشهر القليلة الماضية.

وبحسب تقرير منظمة الشفافية، فإن مصارف الأوفشور وبنوك دول متسامحة مع الأموال المشبوهة أبرزها الإمارات سمحت بتفشي الفساد السياسي الذي يعتبر التحدي الرئيسي في دول المنطقة العربية وشمال أفريقيا.

وتعود أزمة الاستقرار السياسي في العديد من الدول العربية، إلى طبيعة الحكم من قبل جنرالات أو واجهات سياسية تديرها مليشيات متحالفة مع الطبقات الغنية المتخصصة في نهب أموال وثروات الشعوب.

ويرى تقرير منظمة الشفافية، أن العديد من الحكومات العربية تتأثر سياساتها وتتحدد ميزانياتها ومصارف أموالها بنفوذ شخصيات تعمل لحماية مصالحها الشخصية على حساب المواطنين.

ويضيف التقرير أنه بدون إرادة سياسية تعمل على مكافحة الفساد في القطاع العام، فإن البلدان العربية ودول أفريقيا تجهض حقوق شعوبها.

وكشفت منظمة الشفافية في تقريرها الأخير عن وجود علاقة مباشرة بين الفساد والاستبداد، إذ حصلت الديمقراطيات الكاملة على معدل 75 درجة في مؤشر مدركات الفساد، في حين سجلت شبه الديمقراطيات معدل 49 درجة. وسجلت الأنظمة الهجينة، التي تشوبها بعض التوجهات الاستبدادية، معدل 35 درجة. وكان أضعف معدل من نصيب الأنظمة الاستبدادية التي سجلت حوالي 30 درجة فقط في مؤشر مدركات الفساد.

في هذا الصدد، تدور شبهات عن أن الفريق محمد حمدان دقلو المشهور بـ “حميدتي” الذي يترأس قوات الدعم السريع أو قوات الجنجويد التي نفذت مذبحة دارفور واشتركت بداية يونيو/حزيران الجاري في تنفيذ جريمة فض اعتصام الخرطوم، يحصل على أموال من الإمارات والسعودية مقابل إرساله قوات للمحاربة في اليمن.

كما أن تقارير غير مؤكدة تفيد بأن رجاله ينقبون عن الذهب واليورانيوم ومعادن ثمينة أخرى في جبل عامر.

وهذه الأموال تذهب لحسابات مودعة في الإمارات، حسب ما كشفته مصادر سودانية. وكان حميدتي قد وضع أكثر من مليار دولار في البنك المركزي السوداني في أعقاب سقوط حكم البشير، بحسب تسجيل فيديو لحميدتي نفسه، وهو ما أثار تساؤلات حول مصدر هذه الأموال.

وفي في ديسمبر  2017 تبنى الاتحاد الأوروبي لأول مرة قائمة سوداء للملاذات الضريبة في العالم؛ إذ قال الاتحاد حينها: «إن الدول المعنية لا تتوخى الشفافية في المعاملات المالية، وتتبنى تشريعات فضفاضة وغير متعاونة، ولا تقوم بجهود كافية لمكافحة التهرب الضريبي»، كان من بين تلك الدول دولة الإمارات، لكن بعد مرور نحو شهر على هذا الإدراج قرر الاتحاد شطب الإمارات من القائمة؛ وذلك في أعقاب التزامات على مستويات سياسية عالية لإزالة مخاوف الاتحاد الأوروبي؛ إذ كشف الاتحاد عن أن الالتزامات مدعمة برسائل موقعة على مستوى سياسي عال.

لكن هذا الشطب لم يستمر طولًا؛ إذ عادت الإمارات مرة أخرى للقائمة السوداء في مارس 2019 في أكبر مراجعة للقائمة منذ أن تبناها الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2017، هذا الأمر يعني أن الإمارات لم تلتزم بتعهداتها تلبية متطلبات الاتحاد في هذا الصدد، وبالرغم من تأكيد الإمارات على أنها قدمت للتكتل جدولاً زمنيًا مفصلًا بشأن سلسلة الإجراءات التي تم تنفيذها في هذا المجال، لكن من الطبيعي أن يثار سؤال الآن حول عدم تسريع الإمارات خطواتها لتلافي مثل هذه المشكلة، فهل الإمارات تفضل عدم القضاء على التهرب الضريبي بشكل كامل؟

ووفق تقرير الاتحاد الأوروبي فإن الإمارات تقدم تسهيلات خارجية تهدف إلى جذب الأرباح دون مضمون اقتصادي حقيقي، وفي الواقع فإن الاتحاد الأوروبي ليس أول من يتهم الإمارات بمثل هذه الاتهامات، فعلى مدار السنوات القليلة الماضية واجهت الإمارات العديد من الاتهامات حول استخدام بعض قطاعاتها الاقتصادية في جريمة غسل الأموال.

وكان آخر تلك التقارير هو ما صدر عن “مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة” الذي يتخذ من واشنطن مقرًا له في 12 يونيو الماضي حول استخدام سوق العقارات في دبي خلال السنوات الماضية ملاذًا لغسل أموال كثير من منتفعي الحرب، وممولي الإرهاب، ومهربي المخدرات حول العالم.

التقرير الصادر اعتمد على بيانات عقارية رسمية مسربة تثبت حدوث عمليات شراء مشبوهة للشقق والفيلات في جميع أنحاء الإمارات، وهو ما يوضح مدى استفادة القطاع الرئيس في الاقتصاد الإماراتي من مثل هذه الممارسات.

كما أنه بحسب تقرير نشر بصحيفة “الجارديان” البريطانية، في 24 يونيو  الماضي، فإن إمارة دبي وحدها تخطت جزيرة كوستا ديل كرايم الإسبانية، التي تعد أسوأ مكان في العالم لغسل الأموال، مشيرة إلى أن هناك معلومات تكشف أن بريطانيين استخدموا دبي لإخفاء 16.5 مليار جنيه إسترليني، ضرائب للمملكة المتحدة ما بين عامي 2005 و2016.