موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تصاعد الغضب الفرنسي من استخدام الإمارات موقع شركة توتال سجنا في اليمن

192

يتصاعد الغضب في فرنسا بشأن وجود قاعدة عسكرية ومركز اعتقال تقيمه دولة الإمارات في محيط موقع بلحاف لإنتاج الغاز الذي تديره شركة توتال الفرنسية، وتستعمله أبو ظبي كسجن تعذب فيه معارضيها في اليمن.

وخلال مداخلة لها ضمن جلسة برلمانية، اتهمت النائبة البرلمانية اليسارية الفرنسية كليمانتين أوتيت وزيري الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، والجيوش فلورانس بارلي، بالكذب فيما يتعلق بإنكارهما المتكرر لأي دراية بموقع “بلحاف  للغاز” في اليمن والذي تديره شركة توتال الفرنسية وتستخدمه دولة الإمارات العربية المتحدة كمعتقل سري تمارس فيه عمليات تعذيب وإعدام لمعارضي أبوظبي في اليمن، وفق منظمات غير حكومية.

وقالت أوتين: “كنت قد سألت وزيرة الجيوش السيدة بارلي حول هذا الموضوع وردت بأنها لا تملك أدلة، بل إنها تظاهرت بعدم الاطلاع على المقال الذي نشرته صحيفة لوموند في هذا الصدد. وفي شهر سبتمبر الماضي، سألت مجددا وزير الخارجية السيد لودريان عن الموضوع، ورد بشكل غير واقعي على الإطلاق بتوجيهنا إلى الشركة المعنية.. ونحن نسأل ما دور الجهاز الدبلوماسي الفرنسي إذن؟”.

وأكدت البرلمانية الفرنسية عن حركة “فرنسا الأبية” اليسارية أن الدولة الفرنسية دفعت 216 مليون يورو في مشروع بلحاف، الأمر الذي يخضعه للرقابة البرلمانية، متساءلة: “كيف يمكنك التستر على جرائم الحرب؟”.

ومضت النائبة البرلمانية إلى القول في مداخلتها الموجهة إلى وزيري الخارجية والجيوش في الحكومة الفرنسية: “قبل أيام منحتم الرئيس السيسي جلاد شعبه وسام جوقة الشرف.. واليوم تتسترون بكل جبن على التجاوزات التي ترتكبها دولة الإمارات العربية المتحدة في موقع تم بناؤه بدعم من فرنسا”.

بالإضافة إلى أوتان، وجه 50 من نواب البرلمان الفرنسي طلب استفسار إلى وزير الخارجية جان إيف لودريان بشأن وجود قاعدة عسكرية ومركز اعتقال تقيمه أبوظبي في محيط موقع بلحاف لإنتاج الغاز الذي تديره شركة توتال الفرنسية، وتستعمله أبو ظبي كسجن تعذب فيه معارضيها في اليمن.

وقال النائب الفرنسي “فرنسوا ميشال لامبرت”، إن الرسالة تضمنت أن “موقع تسييل الغاز في اليمن والذي تعتبر فيه شركة توتال الفرنسية المساهم الرئيسي بنسبة 40% يضم قاعدة عسكرية وسجنا سريا مخصصا للإمارات تمارس فيه أشكال التعذيب”.

وأضاف في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” أنه تم تعليق عمل المصنع في بداية الحرب باليمن عام 2015، وكان يمثل في السابق ما يصل إلى نحو 45% من عائدات الضرائب اليمنية، كما حقق إيرادات كبيرة لشركة “توتال” الفرنسية.

وأشار إلى أنه “من الواضح أننا لا نستطيع التغاضي عن المسؤوليات الفرنسية في هذه القضية.. فرنسا لديها علاقات مع هذا العالم في لعب الأدوار حيث لا تكون الأمور بالضرورة واضحة”.

وأشار إلى أنه “بغض النظر عن الاعتبارات الإنسانية التي يجب أن تثار بالفعل في هذه الحالة، قبل كل شيء هناك مسألة إدارة الأموال العامة التي من الضروري توضيحها”.

وأوضح “لامبرت” أن دورهم كبرلمانيين هو “السيطرة على عمل الحكومة وإدارة الأموال العامة، فقد تم إعطاء 216 مليون يورو من الأموال العامة لدعم المشروع”.

وأضاف: “لا أعتقد أن الفرنسيين سعداء باستخدام أكثر من 5 مليارات من المال العام، لإنشاء سجن تشغله القوات الأجنبية في البلد الذي توجد فيه شركة توتال”، وقال: “نعتقد أننا نعلم أن هناك تعذيبا”.

ويعتقد “لامبرت” أنه “كان بإمكان فرنسا الاستفادة بشكل أفضل من هذه الـ216 مليون يورو بدلا من تركها تخدم مصالح قوة أجنبية”.

واستنكر دورهم كبرلمانيين وقال: “إن هذه الميزانية تمثل واحدا على ثلاثين من ميزانية مشروع بناء مستشفى. هذا هو المال الذي لم يوضع في المستشفيات وتم صرفه في مشروع لم يعد المشروع الأصلي بل أصبح سجنا”.

وخلال الوثيقة، طالب النواب بلادهم بأن تضغط على الإمارات لاستعادة سيادة القانون على موقع المنشأة في اليمن، كون فرنسا مالكة شركة “توتال” وهي المساهم الأكبر بنسبة 40%.

وجاءت هذه المطالب من برلمانيين من المعارضة ذوي خلفيات سياسية مختلفة، الأمر الذي يضع السلطة التنفيذية الفرنسية في موقف حرج. ففرنسا تقيم علاقات دبلوماسية جيدة مع الإمارات، والتي تعد أحد العملاء الرئيسيين للقوة العسكرية الفرنسية.

ففي عام 2019، كانت الإمارات أحد أكبر 5 عملاء للأسلحة الفرنسية، “وهذه العلاقة الاقتصادية يجب ألا تؤثر على موقف باريس في هذه القضية”، وفق النائب.

وسبق أن كشفت وكالة “أسوشييتد برس” في تحقيق صحفي لها عن وجود 18 سجنا سريا تديرها الإمارات وحلفاؤها جنوبي اليمن، وذكرت أن ما يقرب من 2000 يمني اختفوا في تلك السجون حيث كانت أساليب التعذيب القاسية هي القاعدة الرئيسية.

ومرارا، طالبت منظمات حقوقية دولية، أبوظبي بإغلاق هذه السجون واحترام المعايير الحقوقية في حرب اليمن، غير أنها لا تصغي لهذه المطالبات.

والشهر الماضي طالبت أوساط يمنية بضرورة إخلاء منشأة بلحاف للغاز لتصدير الغاز المسال من القوات الإماراتية في ظل تصدر التوتر بين سلطات محافظة شبوة شرق البلاد ودولة الإمارات واجهة الأحداث وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة.

وحذر محافظ شبوة محمد صالح بن عديو من تصاعد الاحتجاجات الشعبية للمواطنين وآلاف الموظفين الذين صاروا عاطلين عن العمل أمام منشأة الغاز، للمطالبة بإخلائها من القوات الإماراتية.

وصرح بن عديو في مقابلة مع تلفزيونية بأن “المواطنين سيضطرون للتظاهر أمام المنشأة، وهذا ليس في صالح الإماراتيين، أما نحن فلن نخسر شيئا أكثر مما خسرنا”، مضيفا أنه خاطب الحكومتين اليمنية، والسعودية -التي تقود التحالف- بشأن ضرورة إخلاء المنشأة وإعادة تشغيلها.

ومشروع بلحاف للغاز هو أكبر مشروع استثماري في اليمن، وتقدر تكلفة إنشائه بأكثر من 5 مليارات دولار، وتساهم فيه شركات دولية ويمنية، وأبرزها شركة “توتال” (Total) الفرنسية التي تستحوذ على نحو 40% من المشروع.

وتدير “توتال” المشروع الذي يعمل فيه منذ افتتاحه حوالي 12 ألف عامل، منهم 60% من العمالة اليمنية.

وقال محسن الحاج مستشار محافظ شبوة إن المواطنين اليمنيين والمجتمع الشبواني بشكل خاص باتوا على قناعة بأن الوجود الإماراتي في منشأة بلحاف لا يهدف لمحاربة الحوثيين وإعادة الشرعية كما تزعم الإمارات، وإنما هو من أجل تعطيل هذه المنشأة -التي تعد من أكبر المنشآت الاقتصادية في اليمن وترفد الاقتصاد الوطني بحوالي 3 مليارات و700 مليون دولار سنويا- وإيقاف تصدير الغاز.

ويتكبد اليمن خسائر كبيرة جراء وقف تصدير الغاز، فاحتياطي النقد الأجنبي نفد في البلاد، مما أدى إلى هبوط الريال اليمني إلى ربع قيمته، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير وأثقل كاهل اليمنيين.

وعلاوة على المخاطر الاقتصادية تتسبب سيطرة الإمارات على المنشأة في زيادة المخاوف من أن تصبح المنشآت والموانئ اليمنية ساحة للنفوذ الإسرائيلي بعد التطبيع الإماراتي، وفقا لمستشار المحافظ.

وأكد الحاج أن الشعب اليمني يعتبر استغلال ظروف الحرب وإدخال الإمارات إسرائيل إلى الأراضي اليمنية خيانة وطعنة في الظهر، مشيرا إلى أن الشعب اليمني بقواه السياسية والاجتماعية سيقاضي الإمارات أمام المحاكم الدولية على خيانتها، واستغلال ظروف الحرب وضعف الدولة لانتهاك سيادتها.

في السياق ذاته، قال الشيخ القبلي أحمد بن ناصر الشبواني إن الأهداف التي تدخل بها الإماراتيون في اليمن اختلفت، وظهر طمعهم بالسيطرة على الموانئ والجزر وعرقلة الشرعية.

وأكد أن وجود القوات الإماراتية في بلحاف غير مبرر، لأن هذا موقع يجب إخراج أي قوة منه، وتسهيل إعادة تشغيل منشأة بلحاف كون تشغيلها سوف يدعم خزينة الدولة.

ووفقا للناشط يوسف المرزوقي، فإن خروج القوات الإماراتية من بلحاف مطلب شرعي، كما أن المنشأة بشكل عام توقفت عن العمل بسبب وجود القوات الإماراتية.

وأشار إلى أن خروج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف وتشغيلها سيعودان بمشاريع تنموية على محافظة شبوة، وتشغيل أبناء المحافظة العاطلين على العمل، ورفد خزينة الدولة في اليمن بشكل عام.

ويرى الصحفي الشبواني عمر الحار أن محافظ شبوة أطلق صفارة الإنذار بشأن خطورة تعطيل المصالح الاقتصادية لليمن، وذلك عبر دعوته لإخراج القوات الإماراتية من المنشأة وإعادة تشغيلها.

تسلسل زمني

– في أواخر عام 2008 بدأت كميات الغاز تصل إلى منشأة بلحاف لتسييل وتصدير الغاز الطبيعي المسال على ساحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة، وصولا من القطاع الـ18 للإنتاج بمحافظة مأرب عبر أنبوب طوله 320 كيلومترا وبقطر 38 بوصة (حوالي متر واحد).

– في فبراير/شباط 2009 دخل اليمن سوق مصدري الغاز الطبيعي المسال بتصديره أول شحنة من الغاز عبر مرفأ بلحاف.

– تقدر الطاقة الإنتاجية للمشروع بنحو 6.7 ملايين طن متري سنويا.

– تعرض أنبوب نقل الغاز لعمليات تفجير أكثر من مرة، بدءا من العام 2011 وما بعده.

– في 13 أبريل/نيسان 2015 سيطر مسلحون قبليون يعتقد أنهم موالون للرئيس عبد ربه منصور هادي على قاعدتين عسكريتين كانتا تحرسان منشأة بلحاف، وذلك بعد أيام من بدء التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية في اليمن.

– في 14 أبريل/نيسان 2015 قررت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال إيقاف جميع عمليات إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، والبدء بإجلاء الموظفين، نظرا لتزايد التدهور الأمني حول منطقة بلحاف.

– في أبريل/نيسان 2017 قالت شركة توتال الفرنسية إن الشركة اليمنية أبلغتها أن القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تسيطر على منشأة بلحاف.

– اتخذت الإمارات منشأة بلحاف ثكنة عسكرية لقواتها منذ عام 2017، ونقطة لوجستية لإدارة القوات اليمنية التي شكلتها في محافظة شبوة باسم “النخبة الشبوانية”.

– في أغسطس/آب 2019 حاولت قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتيا الانقلاب على السلطة المحلية والاستيلاء على محافظة شبوة، أسوة بما فعلته القوات المدعومة إماراتيا في محافظتي عدن وأبين، لكن القوات الحكومية تمكنت من طرد “النخبة الشبوانية”.

– في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أعلنت “توتال” أنه لا يمكن استئناف عمليات تصدير الغاز الطبيعي المسال بأمان في ظل الوضع الأمني والسياسي على الصعيدين الوطني والمحلي.

– لا تزال القوات الإماراتية تتمركز في منشأة بلحاف لتسييل وتصدير الغاز الطبيعي حتى الآن، وترفض -بحسب مسؤولين حكوميين يمنيين- السماح بإعادة تصدير الغاز، وحتى عندما أعلنت في فبراير/شباط الماضي سحب قواتها المشاركة في اليمن لم تنسحب من المنشأة.