موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: حقائق عن دور الإمارات الإجرامي في ليبيا عبر دعم ميليشيات حفتر

466

يُصر النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية على تأكيد دعم الجنرال الليبي خليفة حفتر الذي يقود حملة عسكرية لاجتياح العاصمة طرابلس، وسط غضب وتنديد دولي لما يحمله ذلك من نشر للفوضى والفلتان في البلاد.

ويأتي دعم الإمارات لميليشيات حفتر خدمة لأطماع أبو ظبي في التوسع والنفوذ والهيمنة ونهب ثروات ومقدرات ليبيا.

وسبق أن اتهمت الأمم المتحدة الإمارات بانتهاك الحظر الدولي لنقل الأسلحة إلى ليبيا. لكن الإمارات تماد أكثر من ذلك حتى صرح مسئول بارز فيها مؤخرا بأن “القوات المسلحة الإماراتية” تشارك في الهجوم.

وكتب نائب قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، واصفاً قوات حفتر بـ”قواتنا المسلحة”. وكرر خلفان في تغريدة أخرى “مدينة ترهونة واستقبال قواتنا المسلحة، هذه رسالة أوصلها لي ليبي لا أعرفه”، ناشرا فيديو يزعم أنه من استقبال الأهالي لقوات حفتر.

وقال في تغريدة أخرى: “طائرة حربية تدريبية تقلع من ثانوية مصراتة الجوية وتحاول قصف قواتنا المسلحة في منطقة العزيزية.. ولكن الصاروخ أصاب منزل إحدى العائلات القاطنة في منطقة مجاورة”.

وفي تغريدة أخرى نشر مقطع فيديو لشخص يقول إنه أسير بيد قوات حفتر: ” هذه هي معاملة الأسري وأخلاق قواتنا المسلحة”.

من الجهة الليبية فإن الإمارات متورطة بالفعل بدعم “خليفة حفتر” وتسليحه للانقلاب على الاتفاقات التي رعاها المجتمع الدولي. وأكد أشرف الشح -أحد مؤسسي تحالف القوى الوطني الليبي-  في تصريحات تلفزيونية أن الإمارات وعدت حفتر بدعم عسكري كبير إذا استدعى الموقف ذلك.

وقال الشح: إن الإمارات والسعودية هما اللتان أعطتا حفتر الضوء الأخضر لمهاجمة طرابلس، وإن الإمارات التي زارها مؤخرا وعدته بدعمه عسكريا إذا استدعى الموقف ذلك. معتبرا ذلك دليلاً على أن مبادرة أبو ظبي للحل السياسي في ليبيا مجرد كذبة وخدعة، ومجرد غطاء لحقيقة نوايا الإمارات والسعودية ودول إقليمية أخرى تجاه ليبيا والسيطرة على مقدراتها.

أما الخبير العسكري والإستراتيجي الليبي عادل عبد الكافي فيتفق مع وجهة نظر الشح فيما يتعلق بدور الإمارات والسعودية في تحريض حفتر على مهاجمة طرابلس.

وقال عبد الكافي إن حفتر كرر أكثر من مرة أنه لا يؤمن بالحل السياسي، وأن مشاركته في لقاءات سياسية مع خصومه في الشرعية كانت مجرد تغطية على حقيقة نواياه العسكرية.

دعم عسكري

دعمت الإمارات بمئات المدرعات والسيارات والأموال ميليشيات “خليفة حفتر” منذ سنوات، وساعدته على الصمود أمام القوات الحكومية المعترف بها دولياً، و”الثوار” الرافضين لتوسع قواته.

وتملك الإمارات قاعدتين عسكريتين في ليبيا لطائرات دون طيار ومروحيات وطائرات مقاتلة ومقر عمليات، الأولى في منطقة “الخروبة” بعد 100 كيلومتر جنوب غربي حقل السرير النفطي، والثانية في منطقة “الخادم” تبعد نحو مئة كيلومتر عن مدينة بنغازي.

وكان ليبيون قد نشروا تسجيلات صوتية لطيار إماراتي يتحدث عن قصف موقع تابع لحكومة طرابلس عام 2017م. كما سبق أن ألقت “طرابلس” القبض جواسيس يحملون الجنسية الإماراتية في ليبيا.

تدخل سافر

لا يمتلك موجه السياسة الإماراتية الخارجية، أو بوجه أدق موجه التدخلات الإماراتية في شؤون الدول الأخرى، إمكانية منع انكشاف تدخلاته في شؤون الآخرين، كما يفعل بحجب المعلومات عن الإماراتيين وحتى عن شيوخ الدولة.

على الأقل فيما يخص التدخل الخشن في ليبيا ومعاكسة المجتمع الدولي أمام التوافق الوطني الليبي، ليشرع في اجتزاء أراضي ليبية بقيادة حلفاءه هناك، وكأن سلطة هذا الموجه الذي يمثله جهاز أمن الدولة لا يعجبه أي توافق، بما فيه التوافق الداخلي الإماراتي على الإصلاحات السياسية.

لا تملك أبوظبي الشجاعة للاعتراف بذلك التدخل الفجّ وإرسال الطيارين ليقصفوا مواقع الحكومة المتوافق عليها في ليبيا، بعد أن أرسلت مقاتليها لليمن والتدخل خارج الرؤية الوطنية التي وضعها الآباء المؤسسين لحماية الاتحاد وأبناءه من المعارك العبثية، وقيادة التوافق بين الفرقاء داخل الشعوب نفسها لبقاء أمن المنطقة، بل ما يحدث هو العكس تماماً.

وكانت الإمارات تحالفت مع نظام العقد الليبي معمر القذافي من أجل وضع قدمها على الأراضي الليبية بمساعدة قيادة الانقلاب في مصر الذي جرى تمويله والدفع به في مواجهة الإرادة الشعبية.

وقد فشلت عدة محاولات انقلاب على الإرادة الثورية والحكومة المتوافق عليها في طرابلس بين عامي2014م و2015 بقيادة الجنرال خليفة حفتر حليف الإمارات الرئيس والذي يقود الاضطرابات في ليبيا، من بينها قصف طرابلس بطائرات إماراتية في أغسطس/آب2014.

لم تكتف أبوظبي بذلك رغم التنديد والتحذير الدولي بل استمرت بدفع الأموال والتسليح وقيادة عمليات على أيدي حفتر، والذي أدى في نهاية المطاف إلى تدخل غربي جزئي في تلك الحرب بتمويل إماراتي أيضاً.

كل ذلك كان تمادياً إماراتياً على القرارات الدولية التي تحظر تزويد الأطراف بالسلاح، لكن التمادي الأكبر أن تقوم الإمارات بإرسال طائراتها وطياروها إلى ليبيا للعمل عند “حفتر” في غرفة عمليات واحدة تؤدي إلى إفشال الجهود الدولية التي تسعى للتوصل إلى السلام في البلاد التي تمزقها الحرب. بما فيها التسريبات الأخيرة بقصف طيار إماراتي مواقع لمعارضي حفتر في ليبيا.

وهي الحادثة الثانية بعد حادثتي القصف التي حدثت في أغسطس/آب 2014م. والذي أعقبه تفجّرت الحكومة الليبية في طرابلس (وقتها) مفاجأة من العيار الثقيل، في نوفمبر/تشرين الثاني2015، بالإعلان عن توقيف ضابط إماراتي بتهمة التجسس، مشيرة إلى العثور على دلائل بين وثائقه وعلى جهاز كمبيوتر كان بحوزته.

وقال صادق السور، المدعي العام، إن الضابط الذي عرفه باسم “يوسف صقر أحمد مبارك”، قد اعتقل في طرابلس بعد أن كشفت معلومات مخابراتية عن أنشطته. ورغم النفي الإماراتي المستمر إلا أن وثائق مع “الجاسوس” أكدت ارتباطه بجهاز أمن الدولة وبشرطة دبي تحديداً.

تقدم الإمارات ل “خليفة حفتر” كل الإجراءات والترتيبات العسكرية لمواجهة خصومة الليبيين ففي آذار/ مارس 2015 كشف تقرير تابع للأمم المتحدة أن الإمارات تورطت في تهريب سلاح لا تشمل نقل الذخائر والسلاح فقط، بل بتحويل طائرات مقاتلة إلى ليبيا أيضا.

وقال الخبراء في التقرير إن أبوظبي صدّرت بشكل غير مشروع أسلحة إلى ليبيا وإنهم تلقوا معلومات تفيد بأن أبو ظبي نقلت عتادا عسكريا إلى مدينة طبرق شرق البلاد أواخر 2014.

وفي شباط/ فبراير 2015 نشرت قناة مصرية معارضة تسريبات صوتية تشير إلى حجم التعاون المصري الإماراتي في تهريب السلاح كما جاء في مكالمة بين مدير مكتب السيسي عباس كامل ونائب رئيس هيئة الأركان في الجيش الإماراتي عيسى المزروعي، وتتضمن حديثاً عن ترتيبات لطائرات محملة بالأسلحة كي تذهب إلى كتائب وفرق بعينها داخل ليبيا ولكن عن طريق مصر أولا لتحميل شحنات سلاح أخرى ستذهب إلى بعض الكتائب الأخرى.

وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2015م اعترف الملازم فرج أفعيم، رئيس قوة مكافحة الإرهاب في القوات التابعة للواء خليفة حفتر، أنهم تلقوا أسلحة كبيرة من دولة الإمارات خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة، من بينها طائرات حربية، فيما التزمت مصر بتدريب القوات.

تزامن ذلك مع تصريحات لمصادر عسكرية في طرابلس تقول أن أحد القيادات العسكرية الكبرى التابعة للواء حفتر، الذي أُلقي القبض عليه، اعترف خلال التحقيقات معه، بأن معسكر حفتر “تلقى تعزيزات عسكرية نهاية العام المنصرم، كمنح من مصر والإمارات والأردن”. ويوضح المصدر العسكري، أنّ “هذه التعزيزات شملت 5 مروحيات حربية من طراز إم أي 8، وإم أي 35، إضافة إلى أسلحة مدفعية ثقيلة، ومضادات الدروع، و40 حاوية ذخائر، فضلاً عن تأهيل القوام الأساسي للواء 32”.

وتظهر تسريبات هاتفيه أن وزير الخارجية كان يطمئن على تقدم القوات و وصول الأسلحة إلى يد حلفاء حفتر.

فيما تشير تسريبات أخرى إلى أن الجنرال الليبي طلب كميات كبيرة من الأسلحة من أبوظبي.

لا تعد تلك تدخلات لمساندة فصيل ضد آخر كما تفعل عادة الدول في حالة الاستقرار الجزئي الذي لم يصل إلى قضية تهدد السلم والأمن الدوليين، بل إن هذا الدعم ينقض قرار مجلس الأمن رقم 2017 الصادر في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وينص على حظر تصدير السلاح بكافة أنواعه وأشكاله إلى ليبيا، وفي 28 آذار/ مارس 2015، أكد مجلس الأمن على قراره السابق باستمرار حظر تصدير السلاح الى ليبيا”.

التخطيط الإماراتي لمهاجمة الحقول النفطية

أثبت مجلس الأمن والدول دائمة العضوية أن الإمارات تدعم فصيلاً ضد أخر، لكن المجلس كان يعتقد أن الموقف سيتغير مع حكومة الوفاق الوطني والتي أعلن عنها كحكومة منبثقة عن الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015م والتي ترعاها الأمم المتحدة.

وفيما يرفض حليف الإمارات “خليفة حفتر” حتى لقاءها، يحاول المبعوث الأممي مارتن كوبلر حتى اللقاء به أيضاً رغم عدم جدوى ذلك، ليتحرك كوبلر إلى أبوظبي التي استقبلته بشكل باهت دون لقاء مع صناع القرار الإماراتي.

فحفتر وحلفائه (مصر-والإمارات) لا يعترفان الحكومة الشرعية في ليبيا برئاسة فايز السراج، وهي الحكومة التي ولدت بعد مخاض عسير من المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة.

لكن الموقف الإماراتي لم يتغير وما زالت أدواتها تعمل بشكل أشد شراسه، وأفادت تقارير صحفية أن محمد دحلان مستشار ولي عهد إمارة أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان يمثل رأس الحربة للإمارات بالداخل الليبي يساعده في ذلك محمد إسماعيل المستشار الأمني الأسبق لنجل معمر القذافي سيف الإسلام.

ومما أكد دور دحلان في ليبيا تسريب لمكتب السيسي الذي ظهر في فبراير 2015 ويرجع إلى فبراير 2014 ويتحدث عن مساعٍ مصرية للوقوف ضد المؤتمر الليبي العام بالاستعانة بأحمد قذاف الدم لدعم التحرك على الأرض في ليبيا. وتطرق التسريب في نفس الإطار إلى زيارة “سرية” قام بها محمد دحلان ومحمد إسماعيل وغيرهما إلى مصر.

وأكد فيها مدير مكتب السيسي عباس كامل على ضرورة خروج ذلك الفوج من المطار سرَّا.

وفي 18 ابريل/ نيسان 2016 زار وزير الخارجية البريطاني، طرابلس، في زيارة غير معلنة واعتبر فيليب هاموند، أن تدريب قوات ليبية داخل ليبيا أو في دولة مجاورة لها، “إذا كانت الظروف ملائمة”، سيحقق نجاحاً أكبر من محاولة إقامته في دولة أوروبية.

فيما أعلنت حكومة طبرق، الموالية للإمارات في ديسمبر/كانون الأول2015 أنها منحت إذنا مباشرا لوزارة الداخلية في حكومتها بإجراء التعاقد عن طريق التكليف المباشر مع شركة “إس بي كي” القابضة الإماراتية، لتدريب 3000 عنصر أمني في  أبوظبي. وبحسب صحيفة الأندبندت، فإن قادة من الذين قاتلوا إلى جانب العقيد القذافي إبان اندلاع الثورة المسلحة عام 2011، وقعوا على اتفاق للانضمام إلى ائتلاف يجري تشكيله حالياً لقتال تنظيم الدولة الموجود بمدينة سرت الليبية.

في ذات الشهر نشرت الصحيفة الإيطالية (لاريبوبليكا) ناقلاً عن مصادر في وزارة الدفاع الإيطالية بتلقي حفتر أسلحة من دولة الإمارات، وفي ميناء طبرق، تم تنزيل 1000 عربة مقاتلة إلى جانب أسلحة وذخائر: جاءت هذه الإمدادات من الإمارات المتحدة، التي تعد، جنبا إلى جانب مع مصر وفرنسا، حليفا هاما لخليفة حفتر. ونشرت الصحافة الليبية خبر تنزيل 1000 عربية من ناقلة ضخمة قادمة من الخليج؛ في تل الأثناء.

وحسب الصحيفة فإن الأسلحة والإمدادات الجديدة، سيكون حفتر قادرا على المضي قدما نحو الحقول في الهلال النفطي، المنطقة التي لم تتمكن قواته من قبل السيطرة عليها.

وأفاد أن السيارات التي تم تسليمها هي من نوع تويوتا لاند كروزر معدلة بدروع خفيفة الوزن، قدمتها كل من شركتي “Minerva Special Purpose” في دبي و “Ares Security Véhicules” في أبو ظبي، ولهذا يرجح نشر قوات للأمم المتحدة من أجل حماية الآبار، احتمال أن تكون هناك مواجهة مع تنظيم “الدولة”، فضلا عن كونها ستجد نفسها في مواجهة مباشرة مع “ميليشيات” حفتر.

الموالون للقذافي هم من يشاركون مع حفتر في مزاعم تحرير “سرت” من تنظيم الدولة، لكنهم توجهوا صوب الحقول النفطية، أحد مقاتلي المجموعات الليبية التي قاتلت القذافي، قال للتلغراف: “إن القتال ضد مقاتلي التنظيم أصعب”، مبيناً أنهم أشد ضراوة من الموالين للقذافي، معتبراً أن المعركة ضد التنظيم في سرت ستكون “كبيرة ودامية”. ويبدو أن الإمارات هي المسؤولة عن هذا التحالف.

في أغسطس/آب 2016 هدد حفتر باستهداف جهود حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، التهديدات شملت مهاجمة الهلال النفطي وتعيين حاكم عسكري للمنطقة الشرقية، وتعيين عسكري رئيسا لبلدية بنغازي.

وهو ما حدث فعلاً في 10و11 سبتمبر/أيلول 2016 فبينما الحكومة والفصائل الليبية تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية غرس حفتر الخنجر من الخلف مستهدفاً شرق ليبيا حيث المناطق النفطية بغطاء إماراتي، ورد خافت دولياً؛ مؤكداً ما ذهبت إليه الصحيفة الإيطالية من أن الأسلحة المقدمة من الإمارات ستذهب ناحية حقول النفط.

شراء المواقف الغربية في ليبيا

الهجوم والسيطرة على الحقول النفطية شرق ليبيا تلقى ردود إدانة باهته كانت تعيها الإمارات، ما يظهر أن أبوظبي اشترت المواقف الدولية في ليبيا ليبدو الغرب في ليبيا كمن يمتلك سياسة ضبابية- غير مفهومة- فإلى جانب إدانة حفتر تقف تلك السياسات-بشكل أو بآخر- مع قواته بسند إماراتي، وحتى آب/أغسطس 2016 بدأت دوائر صنع قرار ووسائل إعلام أميركية الحديث عن عبء بات يمثله اللواء المتقاعد خليفة حفتر لمبادرات الحل السلمي وإعادة الاستقرار في ليبيا.

بعد يوم من رسالة أميركية غير رسمية لمصر بضرورة فك الارتباط مع حفتر خرجت صحيفة الواشنطن بوست بمقال دعمته بآراء باحثين ومسؤولين سابقين أعربوا فيه عما سمته الصحيفة الصداع الذي يمثله حفتر لواشنطن عبر تهديده المستمر لجهود الحل السياسي في ليبيا.

لكن ذلك غير صحيح ويبدو أن الإمارات قد قامت بهذا الدور حتى لا يصبح عبءً جديداً على المجتمع الدولي بتحمل كل تكاليف حربه.

الأهداف الإماراتية في التدخل

ثمة العديد من الأهداف لتدخل الإمارات الإجرامي في ليبيا وحربها على ما يسمى “الإسلام السياسي” ليس سبباً رئيسياً، أو تلك الدعايات أنها تدخلت لمحاربة الإرهاب، فحفتر ترك مواجهة تنظيم الدولة ليسيطر على الموانئ النفطية.

ويعد النفط واحداً من الأهداف الإماراتية، عبر الاستحواذ على أماكن النفط واستغلاله بشكل مفرط، لتسديد خساراتها السابقة في دعم انقلابات حفتر الفاشلة ضد الحكومات الثورية.

ويبين ذلك قيام الإمارات ببيع النفط الخام، ففي أيلول/ سبتمبر 2015 عن رئيس الوزراء في طبرق المدعوم إماراتياً عبد الله الثني قوله إن مبيعات النفط ستتم عبر حساب مصرفي في دبي لمؤسسة النفط الحكومية الجديدة التابعة لحكومته في شرق ليبيا. وقالت مصادر بقطاع النفط إن الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان المنحل في طبرق، أخفقت حتى الآن في بيع النفط لحسابها عبر حساب ووسطاء في دبي حيث لا يزال العملاء يشترون الخام مباشرة من الحكومة الليبية في طرابلس المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام.

كما أن مؤسسة النفط الجديدة التابعة للثني تقوم أيضا بجس نبض مشترين محتملين عبر وسطاء وشركات في دبي ومنطقة الخليج لكن المخاوف القانونية بشأن ملكية النفط مع وجود حكومتين حالت دون إبرام أي صفقة. ولم تحدد المؤسسة الشركاء إلا أن مجموعة الغرير ومقرها دبي هي الشريك الوحيد حيث تملك عبر شركة تابعة حصة قدرها 50 في المئة في رأس لانوف أكبر مصفاة نفطية في ليبيا.

كما أن الإمارات دعمت الأردن من أجل فتح حسابات بنكية لذات الفصيل الذي تدعمه الدولة.

كما أن الهدف الآخر الذي يعتقده الكثير من المراقبين في أن أبوظبي تريد عودة النظام القديم (نظام القذافي) ففي تسجيل الساعدي القذافي(نجل الرئيس الليبي المخلوع) كشف أنه تلقى  “عرضا” إماراتيا من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في تلك الفترة، للمجيء بسيف الإسلام القذافي إلى الحكم بعد أن تهدأ الأمور، وذلك قبيل سقوط والده.

كما أن لقاءات أحمد قذاف الدم (نجل آخر للقذافي) في أبوظبي بشكل رسمي وبالكثير من تبني مواقفه في الصحافة الرسمية للدولة، كانت تشير إلى ذات المواضيع حول رغبة أبوظبي في عودة النظام القديم بعد التخلص من (معمر القذافي)؛ واستهداف ثورة فبراير2011 التي أسقطت الرجل.

الهدف الثالث حسب محللين فإن الإمارات تحاول حلّ عقدة الطاقة بالنسبة للانقلاب في مصر. والتي يعاني منها النظام المصري بعد انقلاب 3 يوليو/تموز2013م، وهو أحد مبررات التدخل المصري في ليبيا إلى جوار الإمارات.

تحاول الإمارات إيجاد تواجد لها في القارة الأفريقية لكن هذا التواجد يسوده الفوضى والحروب الأهلية وبهذا النوع من التواجد لن يكون هناك أي ترحيب بالإمارات وسيسيئ للدولة الأكثر كما سيجعلها تغرق أكثر في الرمال وسط أفريقيا حتى يصعب انتزاعها.

تأثير التدخل الإماراتي على الليبيين

لا يعرف الليبيون أزمة داخلية تشتت بلادهم وتمزقها مثلما يحدث الآن، فيبدو أن الإمارات اقتطعت جزءاً كبيراً وغنياً إلى جانب مصر في ليبيا المناطق الشرقية، ما يزيد من حدة الشعور بالانفصال في بلد صغير لا يتجاوز عدد سكانه 5 ملايين نسمة.

يرى محللون ليبيون أن التدخل الإماراتي في ليبيا أخطر من التدخل الغربي، الذي حدث لإسقاط نظام معمر القذافي، كما أن هذا التدخل المهدد للوحدة الوطنية الليبية يتميز بدعم أبوظبي لمنظمات إرهابية وعصابات متواجدة في الشرق الليبي.

التدخل الأجنبي في لبيبا والذي يجري بشكل سري وسيتبعه للعلن في قادم الأيام، سيثير شروخاً مجتمعية في ليبيا، وسيهدد بشكل فعلي دول الجوار الأفريقي للبلد، ووجود الإمارات والخليج في تلك الأراضي يعني المزيد من القتال وتشويه السمعة للأنظمة الحاكمة في دول مجلس التعاون.

ويمكن اختزال مواقف بلدان الجوار بسمتين رئيسيتين: الارتباك والانتظار، فكم شاهدنا من تبدّل في المواقف والتحالفات كما هو الشأن في مواقف الحكومات التونسية المتعاقبة، وكم لمسنا من مؤشرات واضحة على التدخل في الشأن الليبي بما في ذلك تزويد هذا الطرف أو ذاك بالسلاح والعتاد، مع أن المطلوب من دول الجوار باعتبارها بلدانا شقيقة هو تقريب ذات البين بين الفرقاء الليبيين، لأن في استقرار ليبيا أمانا للجيران وآفاقا خصبة لمستقبل مشترك طالما انتظرته الشعوب المغاربية منذ عقود.

مستقبل التدخل الإماراتي

لا مستقبل في الإمارات في ليبيا عدا المزيد من انفاق المال العام الذي يملكه الإماراتيون ولا يستطيعون مراقبته أو محاسبة المسؤولين عليه لانعدام وجود مجلس وطني (برلمان) كامل الصلاحيات.

المستقبل الإماراتي في ليبيا محفوف بالمخاطر، ومخاطر أكبر بكثير كلما تعمق وغرست الدولة أقدامها في القرن الأفريقي المعروف بالصراعات الدموية، والذي يتحول إلى محرقة للمال، ومهلكة للرجال والقوات، فخلال خمس سنوات من التدخل الإماراتي في الصراع الليبي لا يوجد أي مؤشر لوصول الطموح أو حتى مطامع إن جاز التعبير، فمحاولة تصدير أو شحنة نفطية بائت بالفشل وتلقت أبوظبي هجوماً حاداً في مجلس الأمن الدولي، باعتبار الشحنة كانت في طريقها إلى دبي.

إذا سارت الأمور بشكل طبيعي في ليبيا فستجعل الإمارات في مرمى العقوبات من مجلس الأمن، نتيجة مخالفتها القرار الدولي الذي حظر تزويد السلاح، فضلا عن وجود تحقيقات جارية من المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الحرب التي ارتكبت اثناء الثورة الليبية، التي -إذا امتدت لقرار مجلس الأمن- قد تلقي المسؤولية الجنائية على المسؤولين الإماراتيين ارتكبوا هذه الجرائم بالسلاح.

لا يوجد أي مؤشر لانتصار حلفاء الإمارات حتى مع وجود سند فرنسي وغض الطرف من الولايات المتحدة الأمريكية، فكما أن لحفتر مساندين فالبقية أيضاً سيجدون من يساندهم وبالتالي المزيد من الصراع الذي يجر الدولة إلى ثقب أسود.

مع الوقت سيتحول التدخل الإماراتي في ليبيا إلى عبء دولي وقد يخضع الدولة إلى قوانين تلك الدول وظهر ذلك في إحدى الإيميلات المسربة ومؤرخ في الـ30 من أيلول/ سبتمبر2015 ويشير إلى ملاحظات دبلوماسية رسمية سلمها إيثان إيه غولدريتش، نائب رئيس هيئة السفارة الأمريكية في أبو ظبي.

يقول الإيميل إن المسؤولين الأمريكيين يشكون منذ شباط/ فبراير الماضي على الأقل من أن الإماراتيين ينتهكون الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكم بالصواريخ، وذلك من خلال تزويد مصر بطائرات مراقبة من غير طيار من نوع يونايتيد 40، والتي تصنعها شركة أدكوم التي تتخذ من أبو ظبي مقرا لها.

وجاء في الإيميل أن مثل هذا النقل “يمكن أن يدفع باتجاه إعادة نظر إجبارية في نظام العقوبات المنصوص عليه في قانون الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن أن يؤدي بالتالي إلى فرض العقوبات على كيانات تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة”.

وأضاف أن القوانين ذاتها تتطلب أيضا من وزارة الخارجية الأمريكية الكشف عما لديها من معلومات أمام الكونغرس.

وورد في مذكرة أخرى منفصلة الاحتجاج على أن إحدى الشركات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، ومعروفة باسم “سلع موريسون” كانت تنتهك الحصار المفروض على بيع السلاح إلى ليبيا، ويحتمل أنها كانت تقوم بذلك الانتهاك بالتعاون مع شركة سعودية اسمها الخدمات العسكرية الدولية السعودية.

وجاء في الملخص: “تحث الولايات المتحدة الأمريكية دولة الإمارات العربية المتحدة على التحقيق في هذا التطور واتخاذ إجراءات مباشرة لوقف كل عمليات نقل السلاح”يعتبر دعم الدولة لقوات “خليفة حفتر” تهديد للأمن والسلم الدوليين، إذ ينقض قرار مجلس الأمن رقم 2017 الصادر في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وينص على حظر تصدير السلاح بكافة أنواعه وأشكاله إلى ليبيا، وتؤكد تقارير خبراء مجلس الأمن أن الإمارات مستمرة في نقض القرار ودعم “حفتر” طوال السنوات الماضية.