موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تدمر حياة معتقلي الرأي داخل السجون وخارجها

142

أبرز تقرير حقوقي أن سلطات الإمارات تدمر حياة معتقلي الرأي داخل السجون وخارجها بما تفرضه من سلسلة عقوبات جماعية.

وقال مركز مناصرة معتقلي الإمارات في تقرير له إن مشكلة الأنظمة القمعية لا تقف عند كبت الحريات والاعتقال التعسفي للمعارضين، بل إنها في الواقع تبدأ منها.

وذكر التقرير أن الأنظمة الاستبدادية تبحث عن ضمان استمرار هيمنتها على السلطة والمجتمع، والإجهاز على نوازع المعارضة التي تعتمل في نفوس أفراد الشعب.

وأشار إلى أنه عادةً لا يكتفي النظام المستبد باعتقال الناشط المعارض بشكل تعسفي، وإنما يبدأ قمعه من لحظة الاعتقال، وبعدها تتوالَى وسائل قهر مختلفة ربما يكون التعذيب أبسطها، لأنه ينتهي في وقت ما؛ مهما كان الوقت طويلاً.

وقال إن “هذه الأنظمة، والنظام الإماراتي ليس استثناء عنها، تسعى إلى الإجهاز على المعتقل حتى بعد خروجه من السجن، يحدث هذا بعدما تتأكد أنها لم تترك له شيئاً ليفعله خارج السجن، وأنها دمرت كل احتماليات عودته إلى حياته الطبيعية”.

وأضاف “بعد أن تنتهي المرحلة الأولى من إدخال الناشط السياسي بسلسلة متصلة من المتاعب منذ لحظة اعتقاله، ثم تعذيبه وإهانته لفظياً وجسدياً أثناء الاعتقال والتحقيق، بعد كلّ هذا تبدأ المرحلة الثانية تحديدًا بعد عرض الناشط السياسي على المحاكمة وصدور أحكام السجن الطويلة بحقه”.

وعادة ما تحرص هذه الأنظمة على جعل أحكام السجن طويلة، حتى تتمكن من إحداث تأثير دائم على حياة المعتقل، وجعله يعود إلى النقطة الصفرية، وهي نقطة يفقد فيها المعتقل كل شيء استطاع تكوينه خلال حياته قبل الاعتقال.

فإذا كان المعتقل طالباً مثلًا، فإنّه بعد اعتقاله وخروجه من سجنه بعد فترةٍ طويلة فإنّه من المؤكّد أنّه سيفصل من دراسته ويتأخر عن أقرانه، وإذا كان موظفاً أو عاملاً سَيفقد وظيفته، وإن كان تاجراً فقد أفلست تجارته، بل إنه قد يحرم من مزاولة التجارة أو الدراسة أو حتى العودة إلى العمل نظراً لحاجته إلى الحصول على تصريح أمني وهذا شبهُ مستحيل.

وشدد التقرير على أنّ أحكام السجن تكون دائماً مرافقة لغرامات عالية جداً، والهدف من ذلك أن تتمكّن السلطات من مصادرة أملاك المعتقل أو أي شيء يملكه في البنوك.

وتؤدي سياسة الإفقار هذه إلى تراكم الديون على عائلات المعتقلين، وتراجع مستواهم الاجتماعي، كونهم فقدوا المعيل الوحيد في الأسرة، وهناك حالات عديدة لمعتقلين سُرِقت أموالهم علانيةً تحت مسوّغاتٍ تُوضع لها قوانين جاحدة تُمعن بنصرة الجلّاد على سبيل الضّحية، كلُّ هذا يحصلُ إمعانًا بالتضييقِ على معتقلي الرّأيِ من الأنظمة المستبدّة.

ولا يمكن تجاهل التأثيرات التي تتركها مثل هذه الأحكام العالية القاسية على حياة عوائل المعتقلين، وتحديداً الأبناء، الذين يكبرون بعيداً عن عيون والداهم.

وهو ما قد يؤدي في بعض الحالات إلى انحرافهم نظراً لغياب التوجيه والإرشاد الأبوي، إلى جانب شعور كثير منهم بالغربة داخل وطنه وأنّه مضطهد فيه، ففي هذه الحالة يعيش أهلُ المعتقل شيئًا من ظروفه ويجدون أنفسهم شبه معتقلين.

ولاشك أن كل هذه المحنة التي يعيشها المعتقلون ستؤدي إلى اهتزاز أفكارهم، وانتشار الاضطرابات النفسية والعصبية التي قد تحتاج علاجاً طويلاً، بل إن بعضهم يعاني أمراضًا مزمنة نتيجة ظروف الاعتقال المروّعة الفظيعة، وهو ما حصل فعلاً لبعض المعتقلين.

وجميع هذه التأثيرات تتطلب انتاهاً شديداً من أهالي المعتقلين ويجب أن يتفهموا أن ما تعرض له المعتقل خلال فترة سجنه من تعذيب وامتهان لكرامته سيترك ندوباً قد لا تُمحَى ويستمرُّ تأثيرها على نفسه، وهي ما يُطلق عليها علماء النفس (متلازمة ما بعد الحَبس) ، إذ يبقى الانسان في بعض الأحيان تحت تأثير ما يُعرف باضطراب توتر ما بعد الصدمة.

كما يجب أن يكون هناك انتباه شديد من تأثير غياب الأب على الأطفال، وإدراك التأثير العاطفي لمثل هذا الغياب، وتأثيره على سلوك المراهقين تحديداً الذين يميلون إلى التمرد على القرارات الأسرية، والذي لا يمكن تعويضه عن طريق الجد أو العم في حالة تغييب الأب المسؤول الأوّل عن تربية أبنائه.

ويمثل ذلك ضريبةٌ أخرى يعود ضررها على المعتقل وأهله، ويحصل هذا في كثير من الأحيان.

وخلص التقرير إلى أنه لابد لأهالي المعتقلين من عدم إغراق المعتقَل بالحديث عن المشاكل المادية والعائلية فور خروجه من السجن، ومحاولة الانتباه بشكل دقيق إلى وجود أيّ اهتزازات نفسية تركتها فترة الاعتقال عليه، إلى جانب واجب محاولة تقديم الدعم العاطفي والنفسي للمعتقل قدر الإمكان من أجل تخفيف الآثار النفسية التي تركتها عليه فترة الاعتقال.