موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الركود يخنق دبي ويعصف بمهرجاناتها التجارية

147

يخنق الركود إمارة دبي الإماراتية ويعصف بشكل غير مسبوق بمهرجاناتها التجارية وأخرها مهرجان دبي للتسوق الذي شكل لسنوات  علامة في المنطقة من ناحية تخصصه بعرض مختلف المنتجات وبيعها بالتجزئة بعروض مختلفة جاذبة.

وحظى هذا المهرجان بدعم كبير من الإمارات بغرض الترويج للدولة وإظهارها بصورة البلد الحر الذي تؤمن قيادته بالتطور والتجدد والحداثة.

لكن مع تراجع أسعار النفط، والتكاليف الباهظة التي تنفقها الإمارات على مشاركة قواتها في حرب اليمن، بدا واضحاً أنه أثر كثيراً في إنفاقها على اقتصاد البلاد، وهو من ثم يؤثر في مشاريع عديدة أخرى؛ أبرزها مهرجان التسوق الشهير.

وتتكامل الشواهد على تفاقم أزمة دبي الاقتصادية بين تسريح مئات الموظفين بفعل الركود الاقتصادي وتعطل قطاع السياحة وانهيار شركات وتضرر المركز المالي للإمارة.

كما دخل القطاع السياحي في دبي منحدراً أخطر من الذي يكابده منذ سنوات على وقع الركود الاقتصادي والعقاري وتعقد المشهد الأمني والسياسي في منطقة الخليج العربي.

وسجلت الفنادق في دبي أسوأ أداء لها على الإطلاق منذ عام 2009، في وقت ينذر المشهد بأن القادم أسوأ بالنسبة للخدمات السياحية في الإمارة المنخرطة دولتها بانقسامات سياسية وأعمال حربية في المنطقة.

وتفيد بيانات الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء الإماراتية  مؤخراً بارتفاع أسعار مجموعة الترويج والثقافة بنسبة 7.9%، والمطاعم والفنادق بنسبة 4.8%، والتجهيزات والمعدات المنزلية بنسبة 2.7%، والتبغ بنسبة 2.5%، والتعليم بنسبة 1.4%، والاتصالات بنسبة 0.09%.

وكانت الإمارات أعلنت، في أكتوبر 2017، فرض الضريبة الانتقائية على المشروبات الغازية بنسبة 50%، وعلى مشروبات الطاقة بنسبة 100%، وعلى التبغ ومنتجاته بنسبة 100%.

وارتفعت الإيرادات الضريبية للدولة بنسبة 28.13% خلال عام 2018، وهو ما نقل الموازنة العامة على مستوى الدولة من مرحلة العجز بقيمة 2.755 مليار درهم (0.748 مليار دولار)، عام 2017، إلى فائض بقيمة 42.612 مليار درهم (11.57 مليار دولار) خلال العام الماضي.

وكشفت وزارة المالية الإماراتية أنها جمعت نحو 27 مليار درهم (7.33 مليارات دولار) من ضريبة القيمة المضافة عن عام 2018، خصصت بنسبة 70% للحكومات المحلية، و30% للحكومة الاتحادية.

وفي وقت سابق من شهر يوليو 2019، أعلنت دائرة الأراضي والأملاك في دبي مبادرة جديدة تحت مسمى “ريوس”، ستتاح من خلالها الفرصة لطرح العديد من المنتجات الاستثمارية المهمة.

ومن أبرز هذه الفرص صناديق الاستثمار العقارية الجماعية، وإجراءات الملكية الجزئية الخاصة بتسجيل الوحدات المملوكة لعدد من الشركاء، ونظام الإيجار المنتهي بالتملك، إضافة إلى تطبيقات المحافظ الاستثمارية.

والغاية من هذه المبادرة هي زيادة حصة المستثمرين في السوق العقارية في إمارة دبي في استثمارات المحافظ العقارية العالمية، وترسيخ مكانتها الاستثمارية والتنافسية، واستقطاب استثمارات أجنبية جديدة للقطاع العقاري.

هذا العام أعلن “مهرجان دبي للتسوق” تمديد فترته أسبوعاً، وبحسب تبريره فإن “التمديد لأجل دعم تجار قطاع التجزئة”، الذي يعتبر من أكثر العوامل مساهمةً في اقتصاد الإمارات، بحيث يمثّل 27% من ناتجها المحلي الإجمالي.

ويعمل في هذا القطاع العديد من الشركات العملاقة؛ من أبرزها شركة “إعمار مولز”، وهي شركة مراكز التسوق والتجزئة المدرجة في سوق دبي المالي، وتمتلك “إعمار العقارية”.

ويقول باتريك بوسكي شافان، المدير التنفيذي لشركة “إعمار مولز”، في تقرير لـ”يورو نيوز”، نشر في أبريل 2019: “لدينا دافعان أساسيان لاقتصاد دبي لا يمكن فصلهما عن بعضهما”.

وأوضح أن الأول يتمثل في “أن تجارة التجزئة تسهم في الاقتصاد بنحو 28 مليار يورو، والسياحة التي تشكل 30% من الناتج المحلي الإجمالي. فهذان هما المحركان الأساسيان للاقتصاد المحلي”.

ومطلع عام 2019، قال بيان من حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إن الإمارة تتوقع تباطؤ نمو الإنفاق الحكومي هذا العام، لكنها ستظل تنفق بكثافة على مشروعات البنية التحتية مع استعدادها لاستضافة معرض “إكسبو” الدولي 2020.

وتقدر خطة موازنة دبي لعام 2019 إجمالي الإنفاق الحكومي عند 56.8 مليار درهم (15.5 مليار دولار)؛ ما يؤشر على وجود زيادة عن خطة الموازنة الأصلية للعام الماضي، التي بلغ إنفاقها 56.6 مليار درهم، بارتفاع نسبته 19.6% عن 2017.

في تقرير نشرته وكالة “رويترز”، يوليو 2019، حمل عنوان “متسوقو دبي الموسرون يشدون الأحزمة”، أكدت أن اقتصاد متاجر التجزئة لدبي يعاني من جراء انخفاض أسعار النفط والعقارات.

وأكد أنه حتى في مراكز التسوق الضخمة التي تحظى بالإقبال، مثل مول الإمارات، الذي يضم منطقة تزلج داخلية، ومول دبي، المعروف بنوافيره الراقصة، فإنه يوجد المزيد من المتاجر الخالية، وترتفع معدلات تغير المستأجرين.

وتسبب تطبيق ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5% العام الماضي، وضعف ثقة المستهلكين في اقتصاد حقق نمواً بنسبة 1.94% في 2018، وهي أدنى وتيرة منذ 2009، في إلحاق الضرر بتجار التجزئة.

وقال باترك شلهوب، الرئيس التنفيذي لمجموعة شلهوب في دبي، التي لديها مشاريع مشتركة مع علامات فاخرة مثل “لويس فيتون” و”ديور وسواروفسكي”: إن الشركة أغلقت متاجر أكثر بـ30% عما فتحته في 2018 في الإمارات، مؤكداً أن “الدخل المتاح للإنفاق لدى الناس أقل”.

وفي يونيو، خفض تجار الجملة والتجزئة الأسعار للشهر الـ14 على التوالي، وفقاً لمؤشر بنك الإمارات دبي الوطني لرصد اقتصاد دبي. وتباطأت على وجه الخصوص مبيعات السيارات والحلي الذهبية والإلكترونيات.

ويعتبر قطاع تجارة الجملة والتجزئة أكبر مساهم منفرد في اقتصاد دبي، وساهم بنسبة 26.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018، لكن تلك المساهمة هي الأدنى منذ الأزمة المالية للعام 2009، وفقاً لما تكشفه أرقام من مركز دبي للإحصاء.

وتقول دائرة التنمية الاقتصادية في دبي إن هناك العديد من المبادرات الحكومية لتحفيز النمو؛ ومن ذلك تخفيف القيود على التأشيرات، وتسريع الإنفاق على مشاريع البنية التحتية.

وأظهر مسح أجرته شركة الاستشارات “ماكنزي”، في مايو الماضي، أن 80% من المشاركين في الاستطلاع في الإمارات -حيث يشكل المغتربون غالبية السكان- قلقون بشأن خسارة وظائفهم، وقال ما يزيد على 40% إنهم يقلصون الإنفاق ويراقبون الأسعار.

وبحسب بيانات البنك المركزي، انخفض التوظيف في الإمارات 0.9% في 2018. والتضخم منخفض هذا العام، لكن تكلفة المعيشة مرتفعة بسبب انخفاض المزايا والأجور.

وتعول الإمارات أيضاً على دفعة من استضافة معرض “إكسبو 2020” العالمي، الذي تأمل في أن يستقطب 11 مليون زائر أجنبي.

والتراجع الكبير الذي شهده مهرجان دبي للتسوق، والناجم عن تراجع الاقتصاد الإماراتي، أجبر أحد الكتاب الإماراتيين على توجيه نداء للجهات المسؤولة من أجل إنقاذه.

فتحت عنوان “مهرجان دبي للتسوق.. يكفيه موتاً!”، كتب سامي الريامي مقالاً، في يوليو الماضي، بجريدة “الإمارات اليوم” المحلية، يستذكر بدايات مهرجان دبي للتسوق، وكيف كان محدوداً ثم توسع تدريجياً لينال الشهرة التي عرف بها لاحقاً.

وأضاف: “مع تطور دبي تضاعفت أعداد المراكز التجارية، وظهر لدينا أكبر مركز تجاري في العالم، وتضاعفت الفنادق المميزة والرائعة، وزادت المناطق والوجهات السياحية”.

وتابع: “مع هذا كله تراجع مهرجان دبي للتسوق كثيراً وفقد توهجه؛ فلم يتطور بشكل طبيعي مناسب لتطور المدينة، بل على العكس من ذلك، تطورت المدينة وتجاوزت المهرجان، حتى يمكننا القول الآن إنه شبه ميت لا يشعر به أحد، فلماذا حدث ذلك؟!”.

الكاتب الإماراتي ذكر في مقاله عدة أسباب قال إنها وراء التراجع الذي لحق بهذا المهرجان؛ ويلخصها بـ”انتهاء العمل الجماعي، واختفاء فرق العمل، فلم يعد المهرجان مسؤولية مشتركة بين جميع الدوائر المحلية، ولم تعد الدوائر تسهم فيه، كما كان سابقاً”.

واستطرد الكاتب يقول: إن “التقشف، وعدم الصرف، وتقليص الميزانيات، وتقليل وإلغاء الكثير من الفعاليات، هي أيضاً أسباب أخرى، في حين أن ضخ المال في مهرجان التسوق يعني بكل تأكيد زيادة في المردود العام، وزيادة في الزوار، وزيادة في النشاط الاقتصادي للمدينة بأسرها، ولكل قطاعاتها”.

وزاد: “المهرجان ليس أمراً كمالياً مطلوباً إلغاؤه بهدف التوفير، ولا الأموال المصروفة عليه يمكن تصنيفها في فئة الأموال المهدرة، بل هي أموال استثمارية، وكل درهم نضخه في المهرجان ستقابله 10 دراهم حتماً تُضخ في اقتصاد المدينة”.

وشدد قائلاً: “لا بد من إعادة إحياء مهرجان دبي للتسوق، يكفيه موتاً لسنوات عدة، ويكفينا تراجعاً في صناعة كنا نحن أول من بدأها في المنطقة، فإعادة إحيائه ليست مهمة مستحيلة”.