موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دليل زيف شعار التسامح.. الإمارات والرسوب الكبير في الأخلاق الرياضية

122

يسمّونها روحا رياضية، تلك الأخلاق التي ينتصر المتحلّون بها للفروسية والنّبل وسمو النفس، في لحظاتٍ تتطلب ارتفاعا عن الخصومة مع الآخرين، وتغليب المباسطة على المكايدة. وقد أخذت هذه الروح اسمَها رياضيةً من اعتبار المنافسات في الملاعب لا تحتكم لغير قواعدها وقوانينها، ومما تشيعه الرياضةُ نفسُها، سيما كرة القدم، من محبة الشعوب التعرّف على بعضها، واحتكاك أمزجتها.

ومن دون كلامٍ كثيرٍ في البديهية هذه، تفترض الروح الرياضية لمن يتّصف بها وجود أخلاقٍ رفيعةٍ لديه أولا، فإذا غابت هذه تغيب تلك. وفي الوُسع أن ينكتب هنا، ومن دون تحرّز، إن ما سلكه الحاكمون في أبوظبي، في أثناء استضافة بلدهم بطولة كأس آسيا لكرة القدم أخيرا، غابت عنه الأخلاق في التعامل مع المنتخب القطري الذي أمكنه انتزاعُ لقب البطولة بعد مباراتين مثيرتيْن، شاءت المصادفاتُ أن تكون الأولى مع منتخب الإمارات، والثانية مع منتخب اليابان، حائز البطولة الآسيوية في دوراتٍ سابقة.

ومعروف أن القطريين محظورٌ عليهم الدخول إلى دولة الإمارات المجاورة، وأنه محظورٌ على الإماراتيين إبداء أي تعاطفٍ مع دولة قطر، بحسب قانونٍ صدر من الادعاء العام هناك، يُعاقب من يفعلها، ويبدي أيَّ مشاعر تعاطفٍ (أو إعجاب) بدولة قطر وأهلها، بالسجن بين ثلاثة أعوام وخمسة عشر عاما، لأن هذا وذاك سوءتان معروفتان، كان طبيعيا أن يغيب القطريون عن تشجيع منتخب بلدهم، وهو يُحرز انتصاراته المتتالية في أجواء عدوانيةٍ ومعاديةٍ ضده.

ولكن غير الطبيعي والبالغ الشذوذ، أن يغيب ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، أو من ينوب عنه من إخوته من ذوي المواقع العليا في الدولة، عن منصّة تتويج الفريق الفائز بالكأس، وتكريم لاعبيه ولاعبي الفريق الذي حاز المرتبة الثانية في البطولة.

وفي ذلك خرقا فادحا لعرفٍ تأخذ به كل الدنيا، في منزلة القانون غير المكتوب، وذلك ليتفادى المستوى السياسي الرفيع في دولة الإمارات، في غضون عام التسامح الراهن كما سمّته، وعشية استضافة أبوظبي مؤتمرا عالميا عن “الأخوّة الإنسانية”، ليتفادى الاقتراب من بهجة الفريق القطري (الشقيق سابقا) بالفوز المستحق.

غابت المناقبية العالية، والتي كان في الوسع لو حضر نزرٌ منها في مدينة زايد في أبوظبي أن تُشيع شيئا من الارتياح بين عموم العرب، فيُبنى عليها أساسٌ وجدانيٌّ وعاطفيٌّ، عربي حقيقي، يكون عتبةً يتم منها العبور إلى حلٍّ ممكنٍ للأزمة الخليجية المفتعلة.

ولا شطط في التقدير أنه كان معيبا للحاكمين في أبوظبي وجود مسؤولٍ سياسيٍّ يابانيٍّ وحيدا على منصّة التتويج والتكريم في مختتم البطولة، لتمثيل الحكم في دولته أمام منتخبها الكروي، بين مسؤولين رياضيين من الإمارات المضيفة ودولة قطر المتنافسة، مع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).

ولا يمكن تفسير غياب مسؤولٍ سياسيٍّ من الحكم في أبوظبي (محمد بن زايد أو من ينوب عنه) عن مباراة اختتام هذه التظاهرة الرياضية العالمية، بسبب مشاركة المنتخب القطري فيها، بغير البعد النفسي، وليس لأيِّ سببٍ آخر، فثمّة ما هو غير سياسي في هذا الشذوذ المعلن على الهواء مباشرةً أمام كل العالم.

ثمّة شعورٌ نفسيٌّ متعب، لا غضاضة في اعتباره مرضا ظاهرا، يعود إليه هذا الغياب، المتّسق تماما مع الكوميديا التي ارتكبتها صحف إماراتية في متابعة المباراة النهائية (مثلا)، عندما اعتبرت إحداها أن النتيجة هي خسارة فريق اليابان البطولة.

ويتّسق هذا الغياب أيضا مع المُحزن إلى حد الأسى أن يُرى على الشاشات طفلٌ إماراتي يحتفي بشعار ياباني، تشجيعا منه للفريق المنافس لدولة قطر، نتيجة شحنٍ دعائي تعبوي، لا شطط في نعته بأنه بالغ السماجة والإسفاف ومنعدم الأخلاق، ضد قطر وناسها ورياضييها.

من بالِغ الضرورة أن يعرف أهل القرار في دولة الإمارات أن مقادير كثيرةً من البهجة المهولة في بلادٍ عربية عديدة بنتيجة فوز المنتخب القطري على نظيره الإماراتي برباعيةٍ نظيفةٍ، في ملعبٍ اسمُه استاد محمد بن زايد في أبوظبي، إنما كانت رفضا لخيارات الإمارات السياسية الراهنة، ولرزايا غير قليلةٍ يرتكبها الحاكمون هناك في غير شأن، ومنها الحصار الجاري على دولة قطر، بسبب عقدٍ نفسيةٍ تفضحها الضغائن والأحقاد البائسة، وقد تبيّن بعضُها شديد الشناعة في ملاعب أبوظبي أخيرا.