موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات دولة عصابات عندما يتعلق الأمر بالمعارضين السلميين

461

أثبتت دولة الإمارات مرارا أنها دولة عصابات عندما يتعلق الأمر بالمعارضين السلميين سواء باعتقالهم تعسفيا داخل الدولة أو استهدافهم وملاحقتهم في المنفى.

أحدث الأمثلة على نهج العصابات في الإمارات ما جرى مع المعارض رجل الأعمال الحاصل على الجنسية التركية خلف الرميثي الذي جرى استهدافه خلال زيارته الأردن مؤخرا.

وأبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك“، اعتراف سلطات الإمارات بتسلم الدكتور خلف الرميثي من السلطات الأردنية، وهو رجل أعمال ومواطن إماراتي، وهو تأكيد لعملية الاختطاف.

وأشار المركز إلى أن عملية الاختطاف الأمنية -أو التسليم- حسب الرواية الرسمية تمت في الثامن من مايو/أيار الماضي، حسب ما أفادت منظمات حقوقية ومقربين من عائلة رجل الأعمال الإماراتي الذي دخل عمّان بجواز سفر تركي، لكن جرى مسح العين الذي أشار إلى طلبه من دولة الإمارات.

قال البيان الإماراتي الرسمي: تسلمت دولة الإمارات العربية المتحدة من السلطات الأردنية الإرهابي خلف عبد الرحمن حميد الرميثي الذي صدر بحقه حكم من المحكمة الاتحادية العليا عام 2013 وآخرين في القضية رقم 2012/79.

لم يقدم البيان أي إشارة للجهة التي قامت بتسلم الدكتور خلف الرميثي، حيث تتعدد الأجهزة الأمنية في الدولة الاتحادية، من وزارة الداخلية إلى جهاز أمن الدولة، وكان يفترض أن يصدر البيان عن النائب العام الإماراتي، وهو ما لم يحدث.

وإذا ما كان أهالي وقبيلة الدكتور خلف الرميثي، أو محاميه، يبحثون عنه فلا توجد جهة واحدة يمكنهم الوصول إليها، لذلك فإن البيان يعلن بما لا يدعو مجالاً للشك أن “خلف الرميثي” أصبح في عداد المخفيين قسراً.

وإخفاء الجهة التي تقوم بالاعتقالات أو التحقيق مع المعتقلين السياسيين في الدولة، هي عادة دائمة تقوم بها السلطات عندما يتعلق الأمر بجهاز أمن الدولة سيء السمعة.

ومعظم المعتقلين خلال أكثر من عقد لم يعرفوا مكان اختطافهم؛ كما تعجز عائلاتهم في الأسابيع الأولى- وأحياناً الأشهر الأولى- من الوصول إليهم، فجميع الجهات تنفي معرفتهم بها بما في ذلك النيابة العامة، ووزارة الداخلية،  ومصالح السجون الرسمية التابعة للدولة.

ويرتبط الإخفاء القسري في الدولة بجهاز أمن الدولة، الجهاز القوي الذي يريد البيان بقاءه في الظل مع أن الإماراتيين والمراقبين للوضع في الإمارات يعرفون أنه وراء هذه العمليات السوداء، ومعظم عمليات الاخفاء القسري والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون السياسيون والمعبرين عن آرائهم.

ويشير البيان إلى المكان الذي سيظهر فيه خلف الرميثي مرة أخرى: ووفقاً لقانون الإجراءات الجزائية في دولة الإمارات سيتم إعادة محاكمة خلف الرميثي مرة أخرى، وذلك وفقاً للنصوص القانونية والتي تنص على أنه في حال القبض على متهم صدر في حقه حكم غيابي أو قام بتسليم نفسه تُعاد محاكمته بذات التهم المنسوبة إليه.

حتى عرضه على محكمة سياسية تحمل أحكاماً جاهزة، سيكون من النادر وربما من الصعب أن يلتقي “الدكتور خلف الرميثي” بعائلته ما يزيد من مخاوف تعرضه للتعذيب.

وفي قضية مشابهة اختطفت المخابرات الإماراتية الشيخ عبدالرحمن بن صبيح السويدي، في 2015، من اندونيسيا، وعرض على المحاكمة بعد 100 يوم على اختطافه، وكانت هذه المرة الأولى التي يظهر فيها، حُكم عليه لاحقاً بالسجن 10 سنوات، وظهر لاحقاً وهو في السجن، بمقابلة في تلفزيون رسمي وأُصدر كتاباً يحمل اسمه ينتقد المعتقلين المطالبين بالإصلاحات، وينفي اختطافه. وأفرج عنه لاحقاً بعفو من رئيس الدولة في 2019.

وطالب مركز الإمارات لحقوق الإنسان، السلطات الإماراتية بضمان حقوق رجل الأعمال الدكتور الرميثي وعدم تعرضه للتعذيب وتمكينه من حقه في التمثيل القانوني.

وسبق أن قضت محاكمة سياسية تفتقر إلى أبسط شروط المحاكمة العادلة، بالسجن 15 عاماً غيابياً على الدكتور خلف الرميثي عام 2013م بتهمة “إنشاء وتأسيس تنظيم سري يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في دولة الإمارات”.

وقد أدين في هذه القضية إلى جانب 67 شخصاً آخر في محاكمات شديدة الجور شكا خلالها 71 من بين 94 متهماً شملتهم القضية التي سُميت بنفس الرقم (الإمارات 94) بشأن تعرضهم للتعذيب وأشكال أخرى من المعاملة السيئة ولم يكن لهم الحق في استئناف الحكم.

وكان السبب الحقيقي للقبض عليهم ومحاكمتهم هو مطالبتهم بالإصلاحات السياسية في الدولة بما يضمن مجلس وطني اتحادي (برلمان) كامل الصلاحيات.

وهي مطالب كان معظم الإماراتيين قد طالبوا بها وأعلن رئيس الدولة الراحل الشيخ خليفة بن زايد طيب الله ثراه مع بداية عهده الوصول إلى “التمكين السياسي” ومجلس وطني اتحادي كامل الصلاحيات.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2013 أعلن “فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي” أن 61 الذين سجنوا (2012-2013) كانوا يمارسون حقهم المشروع في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

وأكدت الأمم المتحدة أن الأحكام التي صدرت بحقهم نتيجة ممارستهم السلمية للحق في الرأي والتعبير، والتجمع السلمي. وأكدت تعرضهم للتعذيب على يد جهاز أمن الدولة.

ينتظر الرميثي محاكمة سياسية غير عادلة بعد أسابيع من الإخفاء القسري، والتعذيب الجسدي والنفسي وهو أمر لا يتمنى أحد حدوثه لكن معظم الشواهد السابقة تشير إلى هذا النهج الذي يمارسه جهاز أمن الدولة.

أما من حيث قانونية التسليم فإن البيان أشار إلى أن إجراءات تسليم الرميثي لم يكن ضمن القوانين الموقعة بين الإمارات والأردن.

لكنه كان “وفقاً لأمر القبض الصادر بحقه والاتفاقيات المبرمة بشأن التعاون القانوني والقضائي لمجلس وزراء الداخلية العرب المعنية بملاحقة المجرمين الفارين من العدالة الجنائية في الدول العربية”.

ولا يعرف أي اتفاقية استندت إليها الدولتين بشأن التسليم، إذ توجد اتفاقية خاصة بالتسليم مثل “الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لسنة 1998″، و” نص اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية 1954م”؛ وشدد هذه الاتفاقيات على جسامة الجرم المرتكب، وهو أمر لم يكن في حالة الدكتور خلف الرميثي بموجب قرارات ومطالبات الأمم المتحدة منذ 2013 وحتى اليوم.

كما أنه يشير إلى أن يكون الشخص الذي يتم تسليمه ضمن رعايا الدولة. ومن الواضح أن الرميثي دخل المملكة الأردنية بجوازه التركي وليس بجوازه الإماراتي ما كان يفترض على الأردن التعامل معه بهذه الجنسية؛ وهو ما لم يحدث.

في نهاية البيان تشير الجهة التي أصدرت البيان أن “دولة الإمارات ستقوم بحماية أمنها وسيادتها واستقراراها والحفاظ على سلامة مواطنيها، والمقيمين على أرضها، وأنها لن تتوانى عن متابعة المطلوبين إلى عدالتها وملاحقتهم وتنفيذ الأحكام العادلة في حقهم”! مع أن قضية خليفة الرميثي لم تكن لها علاقة بسلامة المواطنين أو تنفيذ عمل يقوم بتهديد أمنهم أو أمن الدولة ككل، بل على العكس من ذلك!.

يشير جهاز أمن الدولة بتقديم هذا المنظور أن التعبير السلمي عن الرأي يعتبر تهديد للمواطنين والدولة، وهذا إدانة أن أمن الدولة القومي بهذه الهشاشة التي يصورها جهاز الأمن ولايمكن لدولتنا أن تكون هشة بهذا الشكل.

أو أنه يعتقد أن المطالبة بمجلس وطني اتحادي كامل الصلاحيات بناءً على وعود الآباء المؤسسين للدولة ونظرتهم لإدارتها مستقبلاً، وتبني أبنائهم حكام الإمارات لهذا النهج تهديد لجهاز الأمن وفئة ترتبط مصالحها باستمرار سيطرته.