موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

روسيا والإمارات تشقان مقاتلي درعا السورية

125

صعّد النظام السوري و روسيا من حملتهما العسكرية على المنطقة الجنوبية إثر انهيار المفاوضات بين المعارضة السورية المسلحة في جنوب سوريا والجانب الروسي، بسبب إصرار الأخير على توقيع فصائل الجيش السوري الحر وثيقة استسلام غير مشروط، وهو ما رفضته، لتعلن النفير العام لمواجهة قوات النظام التي حققت “إملاء استسلام” مع فصيل تدعمه الإمارات التي تسعى عملياً إلى شق صف المعارضة السورية لصالح النظام وحلفائه الروس بمبررات “إنسانية” لا يصدقها معظم سكان الجنوب.

وتسود منطقة الجنوب، ومحافظة درعا خصوصاً، أجواء غضب شعبي عارم إزاء سلوك بعض الفصائل المسلحة، التي سلّمت مناطق لجيش النظام ولمليشياته بحجج “حقن الدماء” و”الحفاظ على العرض والنساء”، و”لقطع الطريق أمام الطائفة الشيعية من دخول درعا”، على حد تعبير قائد فصيل يسمى “شباب السنة” المدعوم إماراتياً يدعى أحمد العودة، وسط كلام كثير عن وعود سياسية “كبيرة” لهؤلاء، من نوع أن يحتكروا النطق باسم المعارضة في الجولات المقبلة من مساري جنيف وأستانة مثلاً، في مقابل تسليمهم مناطق سيطرتهم للنظام، ليتحول مقاتلو هذه الفصائل إلى شرطة تأتمر بأوامر النظام وبداعميه الأجانب.

ولا يستثني الغضب العارم شخصيات أساسية في الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف الوطني، وعدد كبير من هؤلاء من منطقة درعا تحديداً، كمنسق الهيئة العليا نصر الحريري، على سبيل المثال.

وأصدر “فريق إدارة الأزمة”، المكون من قياديين عسكريين وشخصيات مدنية في درعا، بياناً أعلن فيه الانسحاب من المفاوضات مع الجانب الروسي، و”النفير العام” لمواجهة العملية العسكرية التي تشنها قوات النظام، بدعم روسي، جنوب غرب سورية منذ 19 يونيو/ حزيران الماضي.

وجاء في البيان أن حوران “تشهد اليوم أمراً جللاً لم يمرّ مثله”، مضيفاً “لقد عمل البعض على استثمار صدق وشجاعة الثوار الأحرار من أجل تحقيق مصالح شخصية ضيقة، أو بأفضل الشروط من أجل تحقيق مصالح آنيّة مناطقية تافهة على حساب الدم السوري الغزير الذي أزهق على مذبح الحريّة على مدار أعوام طويلة”.

وأضاف “لقد انسحبنا من وفد التفاوض، لأننا رأينا تنازعاً على فُتات الأمور بما لا يليق بمهد الثورة، ولم نحضر المفاوضات اليوم (أمس)، ولم نكن طرفاً في أي اتفاق حصل ولن نكون أبداً”.

وأعلن البيان، الموقع باسم المنسق العام لـ”فريق إدارة الأزمة” المحامي عدنان المسالمة، “النفير العام”، داعياً “كل قادر على حمل السلاح للتوجه إلى أقرب نقطة قتال ومواجهة، ريثما تصدر بيانات لاحقاً”.

ويعد البيان بمثابة انهيار للمفاوضات التي كانت قائمة مع الجيش الروسي في درعا، والذي كان قد طالب فصائل غرفة “العمليات المركزية في الجنوب” بتسليم سلاحها الثقيل والخفيف، و”المصالحة” مع النظام السوري، وهو ما رفضته الفصائل، معتبرة أن المفاوضات تتضمن شروط “استسلام مُذلة”.

وتتضمن المطالب الروسية للجيش السوري الحر أن يسلم جميع أسلحته، الثقيلة والمتوسطة، للشرطة الروسية، التي ستتسلم بداية زمام الأمور في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، على أن يتم لاحقاً تسليم السلاح الخفيف، ودخول الشرطة الروسية، مع شرطة النظام، إلى المدن والبلدات التابعة للمعارضة، بما في ذلك معبر نصيب الحدودي مع الأردن، إضافة لقيام مقاتلي الفصائل بـ”تسوية” وضعهم مع النظام السوري.

وتسود لدى جمهور الثورة بشكل عام، وأهالي المنطقة الجنوبية خصوصاً، حالة من الغضب الشديد على تسليم أحمد العودة (قائد “شباب السنة” المدعوم إماراتياً) لمدينة بصرى الشام إلى الروس، واصفة ما قام به بالخيانة العظمى، بالإضافة إلى حالة الغضب من كل الهيئات السياسية التمثيلية لقوى الثورة والمعارضة، من ائتلاف وطني، وهيئة تفاوض، وهيئة تنسيق، مركزة على الشخصيات التي تتحدر من المنطقة الجنوبية، ومتوعدة بعض الشخصيات، التي توقع اتفاقيات منفردة لتسليم بعض المناطق ممن يسمون “بالضفادع”، بـ”مصير أسود”.

وحاول أحمد العودة، في تسجيل صوتي، الرد على اتهامه بخيانة فصائل المعارضة، بالقول إن هدفه من توقيع “الهدنة”، هو “حماية الأعراض ومنع تشيع المنطقة من قبل إيران”، مهدداً كل من يخوّنه.

إلا أن رد العودة زاد من الحملة الشعبية ضده، إذ تشير الوقائع على الأرض في مناطق سيطرة فصيل العودة إلى مشاركة بعض عناصره بحفلات رقص ابتهاجاً بتسليم المناطق للنظام ورفع أعلامه هناك، في تسجيلات مصورة وثقها ناشطون للرد على ادعاءاته.

وفشلت أولى جولات التفاوض بين “فريق إدارة الأزمة” والجيش الروسي قبل ثلاثة أيام، لكنها استؤنفت، أول من أمس، غير أنها لم تنته لاتفاق توافق عليه كل الفصائل، ما يعني أن محافظة درعا مُقبلة على تصعيد عسكري كبير خلال الأيام المقبلة.

دور مشبوه للإمارات في جنوب سوريا

ودخلت الإمارات على خط أزمة الجنوب السوري من بوابة الضغط على فصائل الجيش السوري الحر لتوقيع وثيقة استسلام غير مشروط، تجعل حياة أكثر من مليون مدني في مهب المجهول، إذ بدأ النظام بتنفيذ عمليات انتقام وحشية في المناطق التي استعاد السيطرة عليها أخيراً.

وكانت معظم فصائل درعا، التابعة للمعارضة السورية، قد شكلت غرفة “العمليات المركزية في الجنوب”، لتوحيد خطط المواجهة العسكرية، وحصرت التفاوض مع الروس بـ”فريق إدارة الأزمة” الذي شكلته، بهدف مواجهة محاولات النظام والجانب الروسي في درعا لشق صف الفصائل هناك والاستفراد بكل منها باتفاق خاص.

لكن بعض الشخصيات السياسية، التي تتحدر من درعا، دخلت على خط التفاوض أخيراً، وساهمت بتوقيع اتفاق منفرد لفصيل مدعوم من الإمارات يُدعى “قوات شباب السنّة”، مع الجانب الروسي. وقضى الاتفاق بتسليم هؤلاء سلاحهم الثقيل إلى الشرطة العسكرية الروسية، و”المصالحة” مع النظام السوري، على أن يلتحق أفراده بقوات النظام.

وهو ما اعتبر بداية خلخلة في صفوف المعارضة ستكون لها “ارتدادات خطيرة جداً”، وفق مصادر محلية مطلعة، على الموقف العام للمعارضة التي حاولت تلافي أي ثغرة يمكن للنظام والروس النفاذ منها.

ويقود هذا الفصيل شخص يدعى أحمد العودة، وهو على صلة قرابة مع خالد المحاميد، رجل الأعمال السوري المدعوم من الإمارات، الذي تولى في مؤتمر “الرياض 2” منصب نائب رئيس “هيئة التفاوض العليا”.

وكانت قد برزت له مواقف عديدة تصب في صالح النظام السوري رفضتها المعارضة السورية، وآخرها تأييده لعودة نظام بشار الأسد إلى محافظة درعا.

وأكدت مصادر سورية أن آلاف المقاتلين التابعين للمعارضة السورية “يعارضون استسلام فصيل قوات شباب السنة”، مضيفة “يعتبرون أن ما حدث بداية شقاق كبير ستكون له تبعات سلبية على وجود المعارضة في الجنوب برمته”.

واتهم قادة في الجيش السوري الحر قائد “قوات شباب السنة”، أحمد العودة، بـ”الخيانة والتواطؤ مع الجانب الروسي”، مشيرين إلى أنه حاول اعتقال قادة شاركوا باجتماع الأحد مع الجانب الروسي ورفضوا الاستسلام، مؤكدين مقتل 12 مقاتلاً من فصيل “جيش اليرموك” أثناء محاولة الاعتقال.

وبات أحمد العودة في نظر الشارع السوري المعارض شبيهاً ببسام ضفدع الذي سهّل لقوات النظام اختراق صفوف المعارضة السورية في غوطة دمشق الشرقية هذا العام، ويوصف بأنه كان بمثابة “عميل خفي” للنظام استخدمه في الأوقات الصعبة للدخول إلى بلدة كفر بطنا في الغوطة، ومن ثم خلخلة صفوف الجيش السوري الحر.