موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الكشف عن مشاركة الإمارات في بناء سد النهضة الإثيوبي

965

كشف تحقيق صحفي عن دور مشين لدولة الإمارات في بناء السد الإثيوبي الذي سيؤدي إلى أزمة مياه كبيرة وخسائر باهظة لمصر حسب مسؤولين في الحكومة المصرية.

وذكر التحقيق أن شركات إماراتية تشارك في بناء سد النهضة رغم ما يمثله من مخاطر جسيمة على مستقبل مصر وتعطيش شعبها وما يثيره من أزمة دبلوماسية بين القاهرة وأديس أبابا.

وأفاد التحقيق الذي نشرته صحيفة “العربي الجديد” من لندن اعتماداً على تقارير رسمية للحكومة الإثيوبية ومصادر مطّلعة، أن مجموعة من الشركات تشارك في بناء سد النهضة تنتمي إلى العديد من الدول الأجنبية والعربية، ومنها إسرائيل والسعودية والإمارات وإيطاليا والصين وغيرها.

وتصاعدت أزمة سد النهضة الإثيوبي، خلال الأيام الأخيرة، وسط تفاقم المخاوف المصرية من أضرار جسيمة على مختلف قطاعاتها الاقتصادية.

ويأتي ذلك في ظل إصرار الجانب الإثيوبي على استكمال بناء السد متجاهلاً مطالبات الحكومة المصرية في هذا الشأن، وهو الأمر الذي ألقى الضوء مجددا على الشركات المشاركة.

وتتصدر قائمة الشركات العاملة، وذات الصلة بسد النهضة الإثيوبي، مجموعة “Salini Impregilo” إيطالية الجنسية، والتي يقع مقرها الرئيسي في مدينة ميلانو، وتؤدي دور المقاول الرئيس لتنفيذ أعمال الهندسة المدنية، وهي من الأبرز عالمياً في مجال البنية التحتية، وإنشاء المحطات الكهرومائية، وترتبط بعقود تُقدر بمليارات الدولارات مع حكومات الخليج، وفي مقدمتها السعودية والإمارات.

وفي ما يخص الشركات المملوكة لأنظمة حليفة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فهناك شركة “رافيل” الإسرائيلية المتخصصة في الصناعات الدفاعية، والتي تعاقدت معها الحكومة الإثيوبية لتزويدها بمنظومة الصواريخ الدفاعية Spyder-MR لتأمين السد، والمنطقة المحيطة به من أي هجمات جوية أو صاروخية. وبخلاف “رافيل”، فإن إثيوبيا تعاقدت مع شركات إسرائيلية في مجالات قواعد البيانات والاتصالات، بغرض تأسيس الشبكات الخاصة بالسد.

في غضون ذلك، تعاقدت الحكومة الإثيوبية مع عدد من الشركات متعددة الجنسيات، المتخصصة في مجالات مثل الاستشارات الهندسية ونقل وتوريد مواد البناء، والتي انتقلت غالبيتها من ليبيا جراء تدهور الأوضاع الأمنية هناك، وتضم بين ملاكها رجال أعمال مصريين.

كما تشارك مجموعة “العامودي” المملوكة لرجل الأعمال السعودي من أصول إثيوبية محمد حسين العمودي، والذي كانت تُقدر ثروته في عام 2015 بنحو 13.5 مليار دولار، وهو واحد من رجال الأعمال الذين ألقى ولي العهد محمد بن سلمان، القبض عليهم لابتزازهم، من خلال احتجازهم لفترة في واقعة فندق “ريتز كارلتون” الشهيرة.

وأمدّ اثنين من مصانع الإسمنت المملوكة للعامودي في إثيوبيا، بينهما مصنع “ميدروك”، شركة ساليني الإيطالية، بكافة الكميات المستخدمة في عمليات بناء السد، بينما تم توقيع عقود مع شركات وسيطة مملوكة له لتقديم الخدمات اللوجستية للمشروع، في وقت أعلن عن تبرعه بنحو 80 مليون دولار لاستخدامها في تشييد السد عام 2015.

ويتجاوز حجم الاستثمارات السعودية الحالية في إثيوبيا 5.2 مليارات دولار، تستحوذ الاستثمارات الزراعية نسبة 30 في المائة منها.

وتحتل السعودية حالياً المرتبة الثالثة من حيث الاستثمار في أديس أبابا، في ظل تطلعات لزيادة المشروعات السعودية من خلال حوافز عدة طرحتها إثيوبيا للمستثمرين السعوديين، من بينها الإعفاء الجمركي، وتوصيل الكهرباء، وإلغاء الازدواج الضريبي، في حين قدم الصندوق السعودي للتنمية تمويلات وقروضاً ميسرة لمشروعات لها صلة غير مباشرة بسد النهضة، تحت مسمى استنهاض التنمية في ريف إثيوبيا.

أما بالنسبة للاستثمارات الإماراتية، فقد بلغت حوالي 3 مليارات دولار في إثيوبيا، وتتركز في السياحة والضيافة.

كما قدمت أبوظبي مساعدات مالية دولارية أسهمت في عمليات بناء السد، علاوة على تعهدها العام الماضي بتقديم ما إجماليه ثلاثة مليارات دولار في شكل مساعدات واستثمارات إلى إثيوبيا، دعماً لرئيس الوزراء الإثيوبي الحائز جائزة نوبل للسلام قبل أيام قليلة. كما تعاقدت الحكومة الإثيوبية مع مجموعة “فويز هايدور شنغاي” الصينية، والتي يقع مقرها الرئيسي في ألمانيا، لتركيب وتشغيل 6 مولدات توربينية في السد، بقيمة 78 مليون دولار، فضلاً عن شركة “سينوهيدرو” الصينية للهندسة والإنشاءات الكهربائية، من أجل تسريع الأعمال المدنية في جسم السد.

كذلك تضم القائمة مجموعة ‏”Composites Group Corp” الصينية المتخصصة في أعمال التركيبات والمحركات الكهرومائية، وتعمل في الشق الخاص بتوليد الكهرباء من السد عبر التوربينات، وشركة “GE Hydro Franc” الفرنسية، التي وقّعت أديس بابا اتفاقاً معها في يناير/كانون الثاني الماضي، لتصنيع المولدات والتوربينات الخاصة بسد النهضة.

وينص الاتفاق على تركيب الشركة الفرنسية توربينين صممتهما مسبقاً، إلى جانب تركيب 5 وحدات لتوليد الطاقة، بتكلفة مالية قدرها 61.80 مليون دولار، بالتعاون مع شركة “كوميليكس”.

وتشمل القائمة أيضاً شركة ‏”metec” المتخصصة في أعمال الهياكل الهندسية المعدنية، وهي مملوكة للقوات المسلحة الإثيوبية، وكانت تخطط أديس أبابا لدعمها عبر دفعها للعمل في السد، لتغزو بها لاحقاً عملية إقامة وإدارة السدود الكهرومائية في القارة الأفريقية، قبل أن يحيل رئيس الحكومة عدداً من الجنرالات المسؤولين عنها للمحاكمة، بسبب مخالفات جسيمة في العمليات الهيدروميكانيكية.

وتشارك في عملية بناء السد أيضاً شركة “آي في كريت”، التي تعمل في مجال الإسمنت والحديد، وشركة “ترانس بيلد” المتخصصة في نقل مواد البناء، وشركة “أكسبريس بيلدينغ” المتخصصة في أعمال الاستشارات الهندسية، وشركة “إليكرتيك أيفست” المتخصصة في أعمال الهندسة الكهربائية.

وحسب دراسات حكومية ومراقبين، سيؤدي السد في حال اكتماله، إلى أزمة مياه كبيرة للمصريين، ستؤثر سلبا على الزراعة حيث ستتعرض ملايين الأفدنة للتبوير بسبب شح المياه، بالإضافة إلى تأثر القطاعات الصناعية والعقارية والسياحية، إذ أكد السيسي أنه سيتم قطع مياه النيل عن الساحل الشمالي ومحافظة البحر الأحمر، وبناء محطات تحليه بنحو 300 مليار جنيه.

وعلى الرغم من دخول لفظة الحرب لأول مرة ساحة السجال السياسي بين إثيوبيا ومصر بشأن سد النهضة، بحديث رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد لبرلمان بلاده، قبل يومين عن أنه “إذا كانت ثمة حاجة لخوض حرب فيمكننا حشد الملايين”، و”إذا تسنى للبعض إطلاق صاروخ فيمكن لآخرين استخدام قنابل”، مستدركاً بأن “هذا ليس في صالح أي منا”، فإن السياق العام الذي يحكم هذه القضية، في محيطها الإقليمي واتصالاتها الدولية بالقوى العظمى، يجعل خيار اللجوء للحرب مستبعداً بالنسبة لمصر.

واختار رئيس الوزراء الإثيوبي، الفائز بجائزة نوبل للسلام، الإشارة إلى استعداد بلاده لأي عمل عدائي، عشية لقاء مقرر بينه وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منتجع سوتشي على هامش قمة “روسيا أفريقيا 2019″، وفي ظل مساع إثيوبية لإشراك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدور في الوساطة بين البلدين، مقابل رغبة مصرية في تدخل الولايات المتحدة وليس روسيا.

وترجح مصادر دبلوماسية مصرية أن تكون الإشارة للاستعداد للحرب وسيلة لرفع سقف المطالب خلال التفاوض أو لانتزاع تأكيد مصري صريح أمام القوى الدولية بعدم اللجوء للقوة، الأمر الذي حدث بالفعل بإصدار وزارة الخارجية المصرية بياناً لرفض “تلميحات” أحمد والتأكيد على الخيار السلمي للتفاوض المصري.

وعلى الرغم من أن صحيفة روسية متخصصة في شؤون السلاح نشرت أخيراً تقريراً عن حصول مصر على أسلحة تمكنها من تحطيم منشآت خرسانية، وتم تداول التقرير في موقع “روسيا اليوم” التابع للحكومة الروسية فقط ومنعت وسائل الإعلام المصرية من تداوله، بحسب مصدر إعلامي مصري مطلع، إلا أن هناك أسباباً مختلفة تمنع القاهرة من القيام بأي عمل عسكري مباشر.

فهناك العديد من الدول القريبة سياسياً لمصر تملك مصالح مباشرة في إنشاء سد النهضة وتعمل شركاتها بالمشروع، فضلاً عن توفير فوائد استثمارية لها مستقبلاً، وعلى رأسها الإمارات والسعودية وإسرائيل والصين وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وحتى الولايات المتحدة. ولا يرغب نظام السيسي في فقد دعم جميع هذه الدول التي يحاول كسب ثقتها لتعويض مشاكل نظامه داخلياً.

كما أن العواصم الكبرى ترى أن الشعب الإثيوبي له الحق في التنمية بعد عقود من إهدار مقوماته وموارده. ويرد الإثيوبيون على المقترحات المصرية في الأوساط الغربية بأنها قد تؤدي إلى إفشال المشروع بالكامل.