موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

قائمة بأبرز صحافيين وحقوقيين تجسست عليهم الإمارات

280

تنشر إمارات ليكس قائمة بأبرز صحافيين وحقوقيين تجسست عليهم الإمارات من خلال تقنيات “بيغاسوس” الإسرائيلية بعد فضح تحقيق دولي أبوظبي.

كشفت صحيفة “ذا غارديان” أن أكثر من 180 محرراً ومراسلاً استقصائياً وصحافيين آخرين حول العالم، بما في ذلك العالم العربي، وقعوا ضحية التجسس من قبل حكومات تعتمد خدمات شركة التجسس الإسرائيلية NSO Group.

وتسربت قائمة أرقام هواتف محمولة لأشخاص خضعوا للمراقبة المحتملة من قبل عملاء NSO، وهي شركة إسرائيلية تصنّع برامج التجسس وتبيعها إلى الحكومات.

منتجها الرئيسي “بيغاسيس” قادر على اختراق الهاتف، واستخراج جميع البيانات المخزنة على الجهاز، وتفعيل ميكروفونه للتنصت على المحادثات.

ويشير التحقيق إلى أن حكومات عربية استهدفت صحافيين بهذه الأداة، وهي الإماراتة والمغرب والمملكة العربية السعودية والبحرين.

ووفق ذات الصحيفة، تعرّضت رولا خلف أول محررة في تاريخ صحيفة “فايننشال تايمز”، كانت هدفاً محتملاً طوال عام 2018.

وتم تضمين رقمها في القائمة. ويشير تحليل البيانات المسربة إلى أن هاتفها قد تم اختياره كهدف محتمل من قبل الإمارات.

آلاء الصديق

في 19 حزيران/ يونيو الماضي كانت الناشطة والحقوقية الإماراتية آلاء الصديق في السيارة على طريق سريع في بريطانيا تستمع إلى الموسيقى مع صديقتين لها. إنه يوم عطلة وصودف أنه عيد ميلادها الـ33، وأصرت صديقاتها على الاحتفال بها بعد أسبوع عمل حافل.

لكن قدّر لآلاء التي كانت تجلس في المقعد الخلفي للسيارة ألا تنجو من حادث ارتطام كبير مع سيارة رباعية الدفع، فماتت على الفور مثيرة الكثير من الشكوك والتكهنات حول ما إذا كانت وفاتها مدبرة أم بسبب حادث عرضي.

التحقيقات البريطانية خلصت إلى أن موتها بسبب حادث وهو ما أكده يحيى عسيري، الحقوقي السعودي ومدير مؤسسة “القسط” الذي كانت تعمل معه آلاء، إذ أوضح لـ”درج” أنه اطلع على التحقيقات وتحقق من استبعاد أي شبهات جنائية حول مقتلها.

وفي الفترة التي دار الجدل فيها حول ظروف موتها برز اسم آلاء في وثائق بيغاسوس كأحد الذين كانوا مستهدفين بالاختراق الإماراتي عبر NSO الاسرائيلية ما بين عامي 2018 ومنتصف 2019، أي في الفترة التي انتقلت فيها من قطر الى بريطانيا.

ولفهم لماذا يمكن أن تستهدف الإمارات هذه الناشطة الشابة، يبرز للأذهان حديث كان أدلى به وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن آل ثاني عام 2018 وكشف فيه أن الإمارات كانت قد طلبت من قطر قبيل الأزمة الخليجية (2015) بشهرين تسليم زوجة معارض إماراتي مقيم في الدوحة: “قبيل الأزمة بشهرين رصدنا هجمات من الإعلام الإماراتي، وتواصلنا معهم لحل المشاكل بشكل ثنائي. أبو ظبي طلبت تسليم زوجة معارض إماراتي مقيمة في الدوحة.

وأرسل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مبعوثين لأمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عام 2015 للمطالبة بتسليم المرأة”.

في التصريح نفسه أكد المسؤول القطري أن أمير بلاده رفض تسليم هذه المرأة التي تبين لاحقاً أنها آلاء الصديق، وهو ما أكده في الحديث مدير مؤسسة القسط يحيى عسيري، فآلاء كانت مع زوجها المعارض الإماراتي عبدالرحمن باجبير في قطر وهو أحد أبرز المطلوبين على قوائم السلطات الإماراتية.

اللغط الذي أثير حول موت آلاء وبروز اسمها كهدف للاختراق يرتبط بطبيعة عملها وهويتها وعائلتها، فآلاء الصديق، هي المدير التنفيذي لمنظمة “القسط”، وهي منظمة غير حكومية رائدة تسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، وهي ابنة السجين محمد الصديق، وقد توفيت آلاء دون أن تتمكن التحدث الى والدها منذ سنوات حيث يقبع في سجون الإمارات.

عمدت السلطات الإماراتية الى تجريد الاء وإخوتها التسعة من جنسيتهم في مارس / آذار 2016. فرت آلاء إلى قطر في عام 2012 ثم انتقلت إلى المملكة المتحدة في عام 2019.

حكم على والد آلاء محمد الصديق بالسجن 10 سنوات في محاكمة “الإمارات -94”. وقبل إدانته ، تم تجريده من جنسيته أيضاً في كانون الأول/ ديسمبر 2011، بعد توقيعه على عريضة تطالب بإصلاحات ديمقراطية.

في  تموز/ يوليو 2013  وفي ذروة انطلاق ما عرف حينها بالثورات المضادة في العالم العربي بعد الثورات العربية ضد الاستبداد، كانت الإمارات تمارس تشدداً حيال أي رأي ناقد أو معارض.

وفعلاً أُدين 69 رجلاً في محاكمة جماعية بتهمة التخطيط للإطاحة بحكومة الإمارات. وحُكم عليهم بالسجن لمدد طويلة تصل إلى 15 عاماً.

وسط هذه الأجواء برز شغف آلاء بالعمل الحقوقي، فانتقلت مع زوجها من الامارات الى قطر ولاحقاً الى لندن. وعلى رغم حداثة سنها لكن آلاء تمكنت خلال سنوات قليلة من العمل الحقوقي في رحلة انتقالها من الإمارات الى قطر ومن ثم لندن أن تثبت حضوراً وحيوية بالغين في مجال الدفاع عن حرية التعبير والعمل السياسي.

فمن خلال ملامحها الدقيقة الناعمة وابتسامتها التي تحضر دائماً ومقابلاتها ومشاركتها في الكثير من المظاهرات والندوات والنشاط الحقوقي بات لآلاء حضور لافت.

يروي عسيري أن شغف آلاء بالعمل الحقوقي كان طاغياً، فهي بادرت للتطوع والعمل في مؤسسة “القسط”، على رغم أنها مؤسسة تعنى بالانتهاكات في السعودية لا الإمارات، “قالت لي أريد أن أتعلم فإما أن أدفعك لتغطية الانتهاكات في الإمارات وإما أن أتعلم وأفعل ذلك بنفسي… آلاء كانت محركاً أساسياً للعمل هنا في القسط فأظهرت جدية وحيوية، إلى أن أصبحت مديرة تنفيذية في المؤسسة”، يكمل عسيري كلامه مشيراً بأسف الى الخسارة التي حصلت برحيل آلاء “قبل يوم من وفاتها كانت تعمل لوقت متأخر واحتفلنا بعيد ميلادها في المكتب وكنا نتحدث عن مشاريع جديدة، لكن لم يكتب لها أن تستمر”.

أحمد منصور

أحمد منصور هو الحقوقي الأشهر في الإمارات والمسجون حالياً هناك.

عرف أحمد بجرأته وبإدارته نقاشات إلكترونية علنية مطالباً بإصلاحات سياسية في الإمارات. تعرض لسلسلة ملاحقات واختراقات عبر هاتفه وهي حقائق تم التثبت منها في مرحلة سابقة عبر مشروع “سيتزين لاب” وتم التأكد منها مجدداً في “مشروع بيغاسوس”، حيث تبين خرق هاتفه في الفترة التي سبقت اعتقاله عام 2017.

تعد قضية منصور الأبرز بسبب الانتهاكات الكبرى التي تعرض لها عبر ملاحقته وخرق هاتفه واعتقاله المتكرر وتعرضه لسوء المعاملة والتعذيب.

تم اعتقاله بداية مع خمسة آخرين عام 2011 وحكم عليه بالسجن 3 سنوات لكن أطلق سراحه بعفو أميري. في عام 2012 اكتشف منصور للمرة الأولى أنه يتم التجسس عليه وهو ما كشفه “سيتزن لاب” حينها وتسبب بأن تحاول شركة آبل للهاتف تعديل خاصيات فيها لتفادي الخرق. لكن استمر تكرار خرق هاتف منصور الذي اعتقل مرة أخرى عام 2017 بتهمة نشر أكاذيب عبر السوشيال ميديا، وهو في السجن منذ ذلك التاريخ حيث ذكرت تقارير حقوقية أنه تعرض للتعذيب وسوء المعاملة.

تسريبات “بيغاسوس” وفرت معلومات عن استهدافه على فترات ومنها ما سبق اعتقاله الأخير بفترة قصيرة. لم يكن ليحصل هذا لولا خدمات NSO الاسرائيلية ومعها “دارك ماتر” الإماراتية، ما يؤكد أن التفاصيل التي وفرتها الداتا مرتبطة بتعقبه واعتقاله.

الإمارات تتجسس على سعوديين أيضاً

وفرت خدمات NSO إمكانية تعقب الشخصيات نفسها من قبل مشغلين مختلفين، وبرز تعقب معارضين ونشطاء من أكثر من دولة.

فمثلاً لم يقتصر اختراق هواتف نشطاء وحقوقيين سعوديين على السلطات السعودية بل تعداها لتكون الإمارات أيضاً خلف اختراق مماثل لبعض تلك الشخصيات السعودية، والاختراق شمل نشطاء معارضين كما شمل صحافيين وكتاباً ممن يعتبرون حلفاء للإمارات.

شملت الخروقات الاماراتية بحسب تسريبات “بيغاسوس” الناشطة المعروفة لجين الهذلول، والناشط المقيم في كندا عمر عبدالعزيز الذي ترد قصته في الملف المتعلق بالاختراقات السعودية بحق المعارضين.

وشملت الاختراقات السياسي المعارض سعد الفقيه وعبد الله الغامدي والمقدم الساخر غانم المصارير الدوسري.

يحي عسيري

الحقوقي السعودي يحيى عسيري والذي ترصدته اختراقات سعودية شمله الاختراق الإماراتي ايضاً.

لم يفاجأ عسيري بحقيقة أنه هدف متكرر لاختراق هاتفه ويقول “نعيش في وقت خاطئ وظروف خاطئة ولا بد من استمرار الجهد على رغم كل التهديدات من أجل مستقبل أولادنا لذا سنواصل المحاولة. أحياناً أرغب في الابتعاد قليلاً لكن حين أرى رفاقاً تعرضوا لاعتداء ما يصبح من الصعب أن أخاف أو أن أتوقف”

العسيري كان يعمل في قسم الإمدادات اللوجستية في سلاح الجو الملكي السعودية في الطائف. كانت له عين ناقدة للأوضاع داخل المملكة وفسحت له منابر الإنترنت مساحات للنقاش عام 2008 عبر منتديات لم يكن يستخدم فيها اسمه الظاهر.

خاف العسيري من اكتشاف نشاطه السياسي عبر الانترنت بعدما سأله مسؤوله في سلاح الجو، فدبر رحلة انتقال إلى بريطانيا هو وزوجته، وهناك أسس عسيري منظمة “القسط” لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.

وكما في كشوفات سابقة في تقرير العفو الدولية عن اختراقات تعرض لها عسيري، سجل مشروع “بيغاسوس” تفاصيل أوسع لتكرار خرق هاتفه سعودياً وإماراتياً عبر البرمجيات الاسرائيلية.

وكان ناشطون اماراتيون قد رفعوا دعاوى قضائية ضد إسرائيل وضد مجموعة NSO في كل من إسرائيل وقبرص داعين الى محاسبة الشركة.

استهداف الإمارات شمل الكثير من وسائل الإعلام والصحافيين في دول خارج الإمارات لتشمل هواتف في دول مثل مثلاً هواتف صحافيين وصحافيات منهم يعمل في وسائل إعلام تابعة لإيران وأخرى تعمل في وسائل إعلام تعتبر حليفة للإمارات، وتحديداً شخصيات إعلامية سعودية بارزة كان استهدافها بالتنصت متكرراً وعلى فترات.

برادلي هوب، هو صحافي أميركي معروف يعمل مع صحيفة “وول ستريت جورنال” WSJ ومقره لندن ويغطي قضايا المال.

من مؤلفاته “الدم والنفط” الذي صدر عام 2020 ويتناول صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحياته الباذخة، وقبله ألف عام 2015 كتاب “حوت المليار دولار” عن فضيحة فساد في ماليزيا لها ارتباطات بصندوق تموله الإمارات.

تكرر اسم برادلي في الداتا، ويعتقد أن استهدافه له علاقة بنوعية المعلومات التي نشرها في كتبه وتغطياته التي ركزت على منطقة الشرق الأوسط والخليج.

كذلك شملت الداتا اسماء مثل مراسل “الفايننشال تايمز” في الامارات سيمون كير، الصحافي الإنكليزي غريغ كارستورم وهو مراسل “الايكونوميست”، وكارولين تاوز، مديرة العمليات في “سي ان ان” دبي، والصحافي التركي توران كسيلاكي وهو صديق مقرب من الصحافي السعودي المغدور جمال خاشقجي.

كما شلمت داتا “بيغاسوس” اسم الاكاديمي البريطاني ماثيو هيدغز الذي اعتقل عام 2018 في الامارات حين كان يغادر ابوظبي بعد زيارة جامعية بحثية اعتقل خلالها ليحكم عليه بالسجن مدى الحياة لكن تم العفو عنه بعد أيام. هيدغز أعلن بعد إطلاق سراحه أنه تعرض لتعذيب نفسي خلال فترة احتجازه.

يتضح من داتا مشروع “بيغاسوس” أنه كان على لائحة المراقبة مباشرة قبيل اعتقاله.

ومنذ إعلان اتفاقات التطبيع خريف عام 2020 وبدأ العلاقات الرسمية بين إسرائيل والإمارات برزت التكنولوجيا كأحد نقاط الاهتمام الرئيس والتي تبين أنها كانت سابقة على إعلان اتفاق السلام.

صحيفة “كلكليست” الاقتصادية الاسرائيلية كانت نشرت مقابلة مع رئيس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات، محمد حمد الكويتي، نقلت فيها على لسانه، إن بلاده عملت مع شركات سايبر إسرائيلية، قبل توقيع معاهدة السلام، “إسرائيل شريك استراتيجي لنا، وهي متقدمة جيداً في مجال الدفاع السيبراني وبناء مناعة إلكترونية، نريد التعلم منها”.

ولمح المسؤول الإماراتي وفقاً للصحيفة، إلى استخدام بلاده برنامج التجسس “بيغاسوس”، الذي طورته شركة NSO الإسرائيلية، في إطار مكافحة الإرهاب، «ما أعرفه هو أن NSO توفر أداة تساعد هيئات الأمن القومي في مكافحة الإرهاب. الإرهاب أضر بنا وأضر بإسرائيل. إذا كان بإمكان NSO توفير الأدوات التي تساعد في هذه الجوانب دون انتهاك خصوصية شخص ما، وفقاً للأوامر القضائية التي تنظم عمل وكالات إنفاذ القانون فقط – إذاً بالتأكيد. سوف يساعد ذلك في منع الإرهاب وإنقاذ الأرواح».

ندرك اليوم مجدداً بعد كشوفات مشروع “بيغاسوس” أن هذا الكلام ليس سوى هراء.