موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

بموجب اتفاق عار التطبيع.. مليارات وسيادة الإمارات تحت سيطرة إسرائيل

165

تعد الخطوة التي أقدمت عليها الإمارات تشكيل لجنة مشتركة للتعاون في الخدمات المالية والمصرفية بهدف تشجيع الاستثمار مع إسرائيل الأخطر في ملف عار التطبيع الاقتصادي والمالي.

واكب تلك الخطوة دخول بنك الإمارات دبي الوطني، أحد المؤسسات المصرفية الإماراتية التابعة للدولة، في مفاوضات جدية مع بنك لئومي، أكبر البنوك الإسرائيلية، لإبرام شراكات وصفقات مالية واقتصادية واستثمارية، والتوصل إلى اتفاق تعاون في مجال تقديم الخدمات المصرفية للشركات المحلية في كلا البلدين من تمويل مشروعات وضمانات بنكية وتمويل استثمارات وغيره.

واكب الخطوتين أيضا تطورات متسارعة أخرى تُسرع من خطوات التطبيع الاقتصادي بين الطرفين منها إصدار رئيس الإمارات خليفة بن زايد، مرسوماً يوم السبت الماضي، يلغي بموجبه قانون مقاطعة إسرائيل، وبما يسمح بعقد اتفاقيات تجارية أو مالية وغيرها مع هيئات وشركات أو أفراد إسرائيليين، وكذا تسيير أول رحلة جوية من تل أبيب إلى أبوظبي عبر الأراضي السعودية أول من أمس الاثنين.

كما سبق الخطوتين إبرام اتفاق تجاري بين شركة أبيكس الوطنية للاستثمار الإماراتية ومجموعة تيرا الإسرائيلية للتعاون في مجال الأبحاث والتطوير المرتبط بمرض كوفيد-19.

والتعاون المصرفي بين الإمارات ودولة الاحتلال هو رأس الحربة في تعاون مالي واستثماري وتجاري مستقبلي غير مسبوق، فهذا التعاون يسهل حركة نقل الأموال من أبوظبي إلى البنوك الإسرائيلية وبالطرق الرسمية، وبالتالي يعطي شرعية لتحركات تلك الأموال.

ومن خلال ذلك التعاون يتم فتح الاعتمادات المستندية وإصدار خطابات الضمان لصالح التجار ورجال الأعمال في البلدين والراغبين في إبرام صفقات تجارية مشتركة يتم عبرها أما استيراد سلع ومنتجات إسرائيلية لصالح السوق الإماراتي، أو تصدير النفط الإماراتي لإسرائيل، وبالتالي توفير احتياجاتها من الطاقة، وربما تصبح دبي لاحقاً منفذاً مهما للسلع الإسرائيلية إلى أسواق العالم كافة، ومنها السوق العربي الضخم.

وعبر بنوك الإمارات يمكن للمستثمرين الإسرائيليين الحصول على قروض دولارية ضخمة يتم ضخها في مشروعات وأنشطة اقتصادية وإنتاجية متنوعة تقام داخل دولة الاحتلال وفي الأراضي المحتلة، وكذا في الخارج.

وعبر ذلك التعاون المصرفي المرتقب يمكن لحكومة دولة الاحتلال والبنك المركزي الإسرائيلي الحصول على ودائع وقروض “مساندة” وبأسعار فائدة مميزة وبمليارات الدولارات يتم ضخها في ميزانية إسرائيل لعلاج عجز الموازنة العامة وتراجع إيرادات الدولة، وتمويل إقامة المدارس والمستشفيات والبنية التحتية وشبكات الطرق وإنتاج الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وتوفير فرص عمل للشباب الإسرائيلي العاطل، وبالتالي توفير الرفاهية لمواطني دولة الاحتلال.

وربما يمتد المال الإماراتي إلى تمويل صفقات شراء إسرائيل أسلحة وطائرات وأنظمة صواريخ متطورة تضرب بها أهالينا في غزة والضفة الغربية وسورية ولبنان، وتهدد بها الدول العربية الأخرى، خاصة تلك التي تحتل دولة الاحتلال أراضي بها، أو الرافضة التطبيع معها.

وقد نشهد لاحقاً وبشكل سريع إدراج شركات إماراتية في بورصة تل أبيب، وفي المقابل إدراج شركات إسرائيلية في بورصتي دبي وأبوظبي، وهو ما يتيح للمستثمرين الإسرائيليين شراء أسهم في الشركات والبنوك الإماراتية، كما يتيح لرجال الأعمال العرب والأجانب شراء أسهم شركات مقامة داخل دولة الاحتلال وعلى أراضي المستوطنات.

التطورات السريعة والمتلاحقة التي أعقبت قرار الإمارات تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، تؤكد أن تجربة الدولة الخليجية مع التطبيع الاقتصادي ستكون مختلفة وبشكل جذري عن التجربتين المصرية والأردنية، وأن سيلاً من الصفقات التجارية والشراكات الاقتصادية والمصرفية والاستثمارية بين الطرفين في الطريق، وأن جزءاً من أموال صندوق أبو ظبي السيادي، والبالغ قيمتها نحو 580 مليار دولار، سيتم ضخه في شرايين الاقتصاد الإسرائيلي المتعثر بسبب خسائر كورونا وإصابة قطاع السياحة بالشلل والانكماش الاقتصادي، وهو ما ينعكس ايجاباً على الخدمات المقدمة لمعظم الإسرائيليين الذين يراهنون على التطبيع مع الإمارات في إنقاذهم من الفقر والبطالة والجوع.

سيادة ضائعة

لم يتوقف وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، عن التغريد والزعيق منذ كشف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن اتفاق توصلت إليه الإمارات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبصرف النظر عن التدخل السافر لترامب في فضح سرّ من أسرار الشأن الإماراتي الداخلي، إلا أن أهم ما غرّد به قرقاش تكراره أن قرار التطبيع مع إسرائيل “قرار سيادي”، وأن دولة قرقاش لا تقبل التدخل في قراراتها، كما ترفض التهديد والوعيد، سواء كان مبعثه التنمر أو القلق. وزعم قرقاش إن الاتفاق مع إسرائيل سيفتح آفاق التعاون والتحالف بين البلدين “الديمقراطيين” في مجالات عدة، في مقدمتها الدفاع والاستخبارات.

وبمناسبة الحديث عن “السيادة”، والتعاون في مجالات الأمن والاستخبارات، وأيضاً زيارة رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، يوسي كوهين، إلى الإمارات، ولقائه ولي عهد أبوظبي، يُلحّ السؤال عمّا إذا كان هذا التطور السريع في العلاقات الأمنية بين الطرفين سيسمح بكشف ملابسات اغتيال القيادي الفلسطيني، محمود المبحوح، في أحد فنادق دبي يوم 20 يناير/ كانون الثاني 2010، وستسمح العلاقات الأخوية بين أبوظبي وتل أبيب بتسليم قتلة المبحوح الموجودين في إسرائيل، حسب تصريحات لقائد عام شرطة دبي السابق ضاحي خلفان.

للأسف، لا يبدو أن الاتفاق التاريخي سيسمح بمثل ذلك، فقد تراجع صقر الأمس، خلفان، عن عنترياته القديمة بـ”ملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قضائياً، حال ثبوت تورّط جهاز المخابرات، الموساد، في اغتيال محمود المبحوح”، واعتبر حمامة السلام ضاحي في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية بعد يومين من توقيع الاتفاق، اغتيال القيادي في حركة حماس قبل قرابة عشر سنوات مجرّد “خطأ استراتيجي من المؤسسة الإسرائيلية”. وتابع معاتباً حلفاءه في إسرائيل: “لو أنني علمت بأن جريمةً سوف ترتكب في إسرائيل، في تفجير مثلا لأحد المطاعم، فإنني كنت سوف أبلغ الجهات الأمنية في إسرائيل بذلك، بصفتي رجل أمن”.

الأكيد أن اتفاقا قائما على “منطلق القوة”، بوصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لن يسمح لضاحي خلفان لا بالقبض على نتنياهو، ولا مسّ شعرة من فريق الاغتيال الذي انتهك سيادة الإمارات وقتل المبحوح. والحق أن المسؤولين في أبوظبي لم يجرؤوا على مجرد طلب الاعتذار من رئيس جهاز الموساد، يوسي كوهين، الذي حلّ ضيفاً كريماً على الإمارات، أول مرة، الأسبوع الماضي، بصفة علنية.

ومنذ الكشف عن الاتفاق، لم تتوقف حفلات الردح والتطبيل للتغنّي بالمكاسب التي سيحققها الاتفاق مع تل أبيب، للإمارات في مجالات الاستثمار والتجارة والسياحة والطاقة والصحة والزراعة والبيئة والأمن. وعن فضل الاتفاق على الشعب الفلسطيني، بوقف خطط الضم الإسرائيلية، وأفضال أخرى للاتفاق التاريخي عمّت على الأردن الذي سيزداد سلاماً واستقراراً، كما جاء في تغريدات نشرتها سفارة الإمارات في واشنطن يوم 14 من أغسطس/ آب الجاري، بعنوان الفوائد السبع للاتفاق بين الإمارات وإسرائيل.

طبعا، يعلم نتنياهو، الذي كان مطلوبا لضاحي خلفان قبل أشهر، أن لا شيء مما يزعمه الإعلام والمسؤولون في أبوظبي له علاقة باتفاقيةٍ يصفها بأنها “تختلف عن سابقاتها من حيث اعتمادها على مبدأين: السلام مقابل السلام، والسلام من منطلق القوة”. ويفضحهم نتنياهو، بوقاحته المعهودة، بتكذيب الروايات الإماراتية الواحدة تلو الأخرى، وتأكيده أن اتفاق التطبيع لا يشمل وقف مخطط ضم أراضٍ فلسطينية لإسرائيل”. وجديد الصفعات التي وجهها نتنياهو إلى الحليف الإماراتي، قبل أن يجفّ حبر الاتفاق التاريخي، أن تل أبيب لن تسمح للولايات المتحدة ببيع مقاتلات “F-35” للإمارات التي يُقال إن الاتفاق تضمن بنداً بخصوصها.

يبدو أن الرؤوس المحشوّة بالأوهام في أبوظبي، وغيرها من عواصم عربية زاحفة على بطونها نحو التطبيع مع الاحتلال، لا تقرأ التاريخ جيداً، ولا ترى الراهن بوضوح، ولو حاولت لعلمت أن إسرائيل، التي استسلم لها بعض العرب منذ عقود، لا تفهم إلا منطق القوة، في الحرب والسلام سواء.