موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

عدوان السعودية والإمارات في اليمن يتغذى على الجماعات المتطرفة

129

يتعامل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في ظل خوضه حرباً صعبة في اليمن منذ مارس/ آذار 2015، مع الجماعات الدينية المتطرّفة بكل أطيافها منذ الأيام الأولى لهذه الحرب.

ودعم تحالف السعودية والإمارات الجماعات المتطرفة ووظفها في حربه ضد الطرف الآخر، أي الحركة الحوثية ذات الفكر الزيدي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أذ أقدم على توظيفها عسكريا وسياسيا.

ولكن يظل الخلاف بشأن حجم هذا التعاطي ومدى هذا التوظيف والدعم. ثمّة تقارير تذهب بعيدا في المبالغة، وهي تتحدث عن الأعداد التي انخرطت أخيرا بالقوات الأمنية في عدن، كما وردَ في تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، إذ كشف التقرير أن التحالف بعلم واشنطن قد عقَدَ صفقات واتفاقيات سرية مع القاعدة، معلناً أنّ 250 عنصرا من القاعدة قد التحقوا بقوات الحزام الأمني في عدن وأبين ولحج، والتحق كثيرون من هذه العناصر بقوات النخبة الشبوانية ضمن آلاف مَــنْ أفراد القبائل في محافظة شبوة.

للتوضيح، قوات النخبة الشبوانية قوة أمنية كالتي في محافظة حضرموت (النخبة الحضرمية)، تقابلها قوة الحزام الأمني في محافظات عدن وأبين ولحج، تشكلت جميعها بإشراف ودعم إماراتي، وبقرارات رئاسية يمنية.

ويعتقد معارضو هذه القوات، أنها اُذرع الإمارات العسكرية في الجنوب، وهذا ســر الهجوم الإعلامي عليها من كثيرين من القوى المحلية داخل السلطة المسمّاة بالشرعية التي يستحوذ على جزء كبير من مسارها حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن).

هذه الأرقام خيالية، ولا تتفق مع طبيعة العمليات العسكرية الناجحة لها ضد تنظيم القاعدة في الجنوب اليمني، وسقَـطَ على إثرها مئات من جنود هذه القوات بين قتيل وجريح في معاقل القاعدة التاريخية، وتحديدا في شبوة، وهذه القوات هي الوحيدة التي أشاد بها مجلس الأمن قبل أشهر، وهو يتحدث عن ضرورة مكافحة تمدد الإرهاب في اليمن.

فضلاً عن أنّه كان في وسع هذه الأعداد “المزعومة” أن تحرف بوصلة توّجه هذه القوات، وتسلبها مهمتها الرسمية صوب العمليات الإرهابية التي نشاهدها بين حين وآخر في عدن، والتي تستهدف، بدرجة أساسية، أفراد هذه القوات الأمنية وضباطها. هذا علاوة على أنّ الجنوب أصلاَ ضحية لهذا الفكر المتوحش، ومن الصعوبة بمكان أن يكون حاضناً له، على الرغم مما يتم من محاولات، مع إقرارنا، في الوقت نفسه، بأنّ ثمّة اختراقاً فكرياً خطيراً قد تم في جدار المجتمع وعقله منذ حرب 1997، وازداد ضراوة بالحرب الدائرة اليوم.

لكن ليس بالصورة الموحشة التي ترسمها تقارير وتحقيقات دولية وعربية، فثمة مقاومة مستميتة على كل الصُــعد بوجه كل المحاولات الخطيرة لهذا الفكر، بما فيها المحاولات الخطيرة التي يقوم بها التحالف للأسف.

ما زال التحالف يتعاطى مع هذه الجماعات، ويتعامل معها ويدعمها، بحسب مقتضيات سير المعارك، صعودا وهبوطا، قُـرباً وبُعداً، وبحسب رضى البيت الأبيض وتذمره، وهذا لم يعد خافيا على أحد منذ مطلع هذه الحرب، حين أشركَ جموعا كبيرة من عناصر القاعدة وأنصار الشريعة في اليمن والجزيرة العربية، بوجه القوات “الحوثية الصالحية”.

كما أتفــق سِــرا وعلانية مع بعض هذه الجماعات بتوليها إدارة مدن مهمة بالجنوب، ولو مؤقتاً.

مثلما استخدم التحالف هذه الجماعات في مطلع الحرب ضد قوات الحوثي وصالح في الجنوب، من منطلق طائفي بحت، فقد استخدم قطاع كبير منها فيما بعد ضد حزب الإصلاح.

وكما تم شحنُ تلك الجماعات بمفردات الحرب على المجوسية والجهاد ضد الروافض، فقد استخدم التحالف هذه الجماعات لذات الغرض بوجه حزب الإصلاح، مع تعديل طفيف بالمفردات الدينية، وهي الحركة الإخوانية المصنّفة في فكر الجماعات المتطرفة، وبالذات السلفية الوهابية، بالحركة الضالة التي تنشد الحكم وتشجع على الخروج على وليِّ الأمر وتمارس الحزبية المتشبهة بالنصارى والكفار. فضلاً عن انًّها، أي حركة إخوان اليمن، مصنفة تصنيفا سعوديا رسمياً بالحركة الإرهابية، وتحديدا بعد نشوب الأزمة الخليجية وإخراج قطر من هذا التحالف، وهي بالمناسبة الحركة المتخندقة مع التحالف ضد الحركة الحوثية، في واحدة من المفارقات المدهشة بهذه الحرب.

هذا النموذج من التوظيف الديني ضد الإخوان المسلمين، نراه واضحا في محافظة تعز من خلال جماعات سلفية راديكالية متشدّدة، كالتي يقودها السلفي البارز أبو العباس.

فقد دخلت المحافظة، وعاصمتها تعز، في دورات عنف كثيرة خلال العامين الماضيين، كان طرفيها حزب الإصلاح وجماعة أبو العباس، وذلك على الرغم من انضوائهما معاً في خندق واحد، تحت اسم الشرعية المدعومة من التحالف! وهذا التنافر في تعز صورة مصغرة من الصورة العامة للخليط والهجين السياسي الديني الطائفي الجهوي القبلي الذي ينضوي تحت هذه السلطة “الشرعية”، وتحت مظلة التحالف، ما يعني أن اليمن، بما فيه الجنوب بالطبع، سيكون على موعدٍ مع صراعات مقبلة، ربما تكون الأشد وطأة على الجميع، قياسا بوطأة هذه الحرب.