موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: فشل متلاحق لنهج الإمارات العدواني ضد الربيع العربي  

115

ينتهج النظام الحاكم في دولة الإمارات المتحدة سياسة خارجية عدوانية خصوصاً منذ بداية موجات الربيع العربي في العام 2011 تقوم على مواجهة ثورات الشعوب العربية ومطالب التغيير والديمقراطية خارج حدودها قبل أن تصل إليها.

ويحاول الإماراتيون ومن يعملون لصالحهم من ساسةٍ وإعلاميين ومثقفين وباحثين عرب وأجانب تبرير السياسة الخارجية الإماراتية وتفسير سلوكها الإمبريالي في المنطقة العربية. و

ربما يمكن قبول هذا التفسير، على تهافته وسذاجته، إذا كانت هذه السياسة ناجحةً بالفعل في تحقيق ما تطمح إليه، ووقف مطالب التغيير في العالم العربي، وهو ما لم يحدث طوال السنوات الثماني الماضية.

ولعل أحدث تجليات السياسات الإمبريالية للإمارات ما يجري في السودان الذي يشهد انتفاضة سلمية منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أدت إلى إطاحة واحدة من أقدم الديكتاتوريات العربية التي كان يقودها عمر البشير، فمنذ إطاحة الأخير أوائل إبريل/ نيسان الماضي، سعت الإمارات، ومعها السعودية ومصر، إلى تأييد واعتناق المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة بعد عزل البشير.

وكانت أول زيارة يقوم بها رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان المعروف بحميدتي، هي للبلدان الثلاثة دون غيرها من الدول العربية. ولم تكن مصادفة أن يتم فض اعتصام المتظاهرين السودانيين أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني أياما قليلة فقط بعد تلك الزيارة.

وحسب “نيويورك تايمز”، فإن قادة السعودية والإمارات أغدقوا المال والسلاح والنصائح على حميدتي، على الرغم من كونه متهما بارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور. كما أشارت الصحيفة إلى انتشار عربات مصفحة، إماراتية الصنع، في شوارع الخرطوم، تتبع قوات الدعم السريع التي يشرف عليها حميدتي.

ونقلت عن طيار سوداني سابق قوله إن طائرات شحن سعودية وإماراتية أنزلت معداتٍ وشحنات أسلحة في  مطار الخرطوم.

وقبل السودان، تدخلت الإمارات في اليمن، ودعمت الحرب التي أشعلها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قبل أربعة أعوام، من أجل تحسين وضعه السياسي، وتبرير صعوده إلى السلطة على حساب من هم أحق منه داخل العائلة الملكية السعودية.

وقبلهما، دعمت الإمارات انقلاب الجنرال عبدالفتاح السيسي في مصر، في يوليو/ تموز 2013، على الديمقراطية الوليدة هناك، وأغدقت عليه مليارات الدولارات، من أجل شراء ولائه وضمان القضاء على المعارضة السياسية، خصوصا من جماعة الإخوان المسلمين. وكذلك فعلت في ليبيا، حين دعمت وتبنّت أمير الحرب، خليفة حفتر، الذي ارتكب مجازر عديدة في بنغازي، وتشن مليشياته حملة هجومية على طرابلس، منذ أوائل شهر إبريل/ نيسان الماضي.

ولم يكن مصادفة أن يأتي هجوم حفتر على طرابلس، أياما بعد تنحّي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، نتيجة الانتفاضة الشعبية التي بدأت في فبراير/ شباط الماضي، من أجل ضمان وقف عدوى الاحتجاجات إلى البلدان العربية المجاورة، وإحياء الربيع العربي.

وحاصرت الإمارات، ومعها السعودية والبحرين ومصر، قطر وقاطعتها منتصف 2017. وحسب تقارير صحافية عديدة، وضعت الإمارات، بالتعاون مع السعودية، خطة لغزو قطر واحتلال أراضيها عام 2017، ولكن أميركا أوقفت خططهما وحذرتهما من ذلك. كما أنها سعت بكل الطرق المشينة، لتشويه قطر على الساحة الدولية، من خلال إغداق الأموال على باحثين وإعلاميين وساسة في الغرب.

ولعل من جديد تمثلات الجنوح والجنون الإماراتي محاولة إشعال حرب جديدة في المنطقة بين إيران وأميركا خدمة للمصالح الإسرائيلية.

وقد نجحت أبوظبي في تسخين العلاقة بين طهران والرياض، ما دفع الأخيرة إلى قطع العلاقات مع الأولى، ومحاولة تعبئة الرأي العام العربي ضد إيران باعتبارها الخطر والعدو الأول للعرب، وليس إسرائيل.

السؤال المهم: هل نجحت الإمارات في تحقيق أهداف سياستها الخارجية التوسعية؟ الإجابة ببساطة: لا، فجميع حالات التدخل والتهور الإماراتي في بلدان الربيع العربي باءت بالفشل، وأدت إلى أثر عكسي أضرّ بالإمارات وصورتها عربياً ودولياً.

ففي السودان فضّ العسكر الاعتصام أمام مقر القيادة العامة بالقوة، ما نتج عنه مقتل نحو مائة شخص وجرح العشرات، وهو ما زاد من لهيب الغضب، وأجّج الاحتجاجات الشعبية ضدهم.

وقد بان الوجه القبيح للمجلس العسكري، وخصوصا للبرهان وحميدتي، في التعاطي مع الانتفاضة السودانية، وهما اللذان حاولا خداع المتظاهرين بأنهما حماة الانتفاضة، حين أطاحا البشير.

ودخل السودان في حالة عصيان مدني شامل، رداً على قمع العسكر، كما توالت الإدانات الدولية، سواء من مجلس الأمن أو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي، للمجلس العسكري.

وفي اليمن، بدا واضحاً أن لدى الإمارات أجندة خاصة هناك، وليست مجرد حليف للسعودية، ولكن هذه الأجندة تتعثر كل يوم، ويزداد التورّط العسكري الإماراتي في حربٍ لا فائدة ولا طائل من ورائها.

وقد شوّهت الحرب صورة الإمارات التي تحاول رسمها لنفسها باعتبارها منارةً للتسامح في المنطقة، نتيجة للخسائر البشرية، خصوصا من الأطفال، والتجويع التي يتعرّض له الشعب اليمني.

وفي مصر، وعلى الرغم مما يبدو استقراراً سطحياً، إلا أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تغلي ويمكنها أن تنفجر في أية لحظة. ولم تنل أبوظبي سوى لعنات المصريين، بسبب تدخلها في شؤونهم، ودعم حكم العسكر هناك.

وفي ليبيا فشل حفتر في فرض سيطرته على ليبيا، وفشلت حملته العسكرية على طرابلس، بعد مرور أكثر من شهرين على انطلاقها، على الرغم من الدعم العسكري والسياسي واللوجيستي الذي تقدمه له الإمارات ومصر والسعودية ودول أوروبية مثل فرنسا.

كما فشل حصار قطر فشلاً ذريعاً، وخرجت منه قطر أكثر ثقة وتأثيراً في المنطقة. وقد فشلت كل محاولات الإمارات عزل قطر إقليمياً ودولياً، وخسرت المعركة الأخلاقية والسياسية معها.

وأخيراً فيما يخص إيران، دخلت المنطقة في أجواء تصعيدية، جديدها حادث الهجوم على ناقلتي نفط في بحر عُمان قبل أيام، والذي قد يتطوّر إلى مواجهة إقليمية.

قبل وقت قريب، قرأت مقالاً لأحد الإعلاميين السعوديين الذين تم تدجينهم وتجنيدهم للعمل  لصالح الإمارات طوال العقد الماضي، وهو جهادي سابق معروف بعلاقته بأجهزة الأمن والاستخبارات السعودية والإماراتية، يثني فيه على الحملة الإرهابية التي يقوم بها حفتر على طرابلس، ويعتبرها نموذجاً يجب تعميمه واتباعه في المنطقة.

ولا يخجل من التحريض علناً على قتل مزيد من الأرواح وسفك الدماء، بحجة الحفاظ على الاستقرار. وهي الطريقة نفسها التي يفكر بها حكام الإمارات الذين يعتبرون القتل والفوضى وتدمير بلدان الربيع العربي الطريق الوحيدة لنجاتهم وحماية أمنهم وعرشهم.

يحب ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، أن توصف بلاده بأنها “اسبرطة الصغيرة”، في إشارة إلى المدينة اليونانية التي حكمها العسكر، وكانت تتبنّى أيضا سياسة توسعية من خلال الحرب، ولكنه لا يدرك أن الحروب والفوضى لم تعد الوسيلة المثلى للسياسة الخارجية، وإنما أكثرها فشلاً وضرراً على المدى الطويل، وربما عليه أن يقرأ بعضاً من تاريخ إسبرطة السلطوية الذي انتهى بهزيمة منكرة لصالح أثينا الديمقراطية.