موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

فضيحة جديدة: قصة مطاردة فاضحي استعانة الإمارات ببرنامج تنصت إسرائيلي

346

نقلت وكالة “أسوشييتد برس” الأميركية تفاصيل عملية مطاردة ومحاولة استدراج تعرض لها ستة أشخاص ممن عملوا على تحقيق نشرته كل من “نيويورك تايمز” و”العربي الجديد” خريف العام الماضي، يكشف لجوء السلطات الإماراتية لخدمات شركة “إن أس أو” الإسرائيلية، التي طورت برنامج “بيغاسوس” للتنصت على الهواتف المحمولة.

وكشف التحقيق، حينها، استخدام دولة الإمارات التطبيق للتنصت على هواتف معارضيها، سواء كانوا من المثقفين أو السياسيين. ويكشف الصحافي رافاييل ساتر في مقاله في “أسوشييتد برس”، عن تفاصيل حوادث التجسس التي تعرض لها اثنان من فريق التحقيق، إضافة إلى ثلاثة محامين يعملون على القضية المرفوعة أمام المحاكم الإسرائيلية ضد شركة “إن أس أو”، ومراسل “العربي الجديد” في لندن إياد حميد.

والقضية المرفوعة ضد الشركة الإسرائيلية مبنية على بيعها برنامج التجسس لحكومات ذات سجل سيئ في ما يتعلق بحقوق الإنسان، مثل الإمارات.

ويقول المحاضر في القانون بجامعة لندن مازن مصري، وهو أحد المستهدفين في التقرير، إن “هناك جهة تسعى جداً لتقويض هذه القضية”.

ويعمل مصري مستشاراً قانونياً لفريق المحاماة في تل أبيب، ويضيف أن العاملين لصالح هذه الجهة حاولوا استفزاز المستهدفين، بهدف الوصول إلى أقوال قد تدينهم وتقوّض من مصداقية القضية.

وكانت العملية السرّية قد بدأت بالتكشف، حينما انتبه باحثان يعملان لدى مركز Citizen lab المختصّ بالتحقيقات السيبرانية عن استهدافهما. فقد قال جون سكوت ريلتون، أحد الباحثين في المؤسسة، إن زميلاً له قد استدرج في ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى لقاء في فندق مع أحد العملاء في مدينة تورنتو الكندية، ليتبع ذلك تواصل شخص يدعى ميشيل لامبيرت مع ريلتون، محاولاً ترتيب لقاء مماثل في فندق في مدينة نيويورك. حينها طلب ريلتون، الذي أدرك أبعاد الموضوع، من “أسوشتييد برس” أن تقوم بتغطية اللقاء.

وسرعان ما اتخذت القضية أبعاداً أكبر، حين كشف برنامج تلفزيوني إسرائيلي وصحيفة “نيويورك تايمز” عن الهوية الحقيقية لميشيل لامبيرت، الذي اتضح أنه مسؤول سابق في الأمن الإسرائيلي يُدعى آرون ألموغ أسولين.

وحين نشرت “أسوشييتد برس” المعطيات حتى ذلك الحين، تواصل مازن مصري مع وكالة الأنباء الأميركية ليطلعها بأنه، وعلاء المحاجنة، المحامي الرئيسي في القضية المرفوعة في تل أبيب، قد تعرضا لمحاولات استدراج مماثلة، إذ قال مصري بأن شخصين قالا إنهما يعملان لصالح شركات ثرية قد اتصلا بهما وعرضا عليهما فرص عمل لدى تلك الشركات، طالبين اللقاء في لندن.

وبعدها تم الكشف عن تعرّض المحامية كريستينا ماركو التي تتابع القضية في قبرص، لمحاولة مماثلة، إذ سافرت إلى لندن على حساب العملاء للقاء مستثمر قال إن مقرّه في هونغ كونغ؛ ليتبع ذلك تعرض مراسل “العربي الجديد” في لندن إياد حميد لحادثة مماثلة من قبل مستثمر، قال إنه يعمل لصالح شركة استثمار بلجيكية تقدم منحاً جامعية لطلاب سوريين.

وفي تعقيبهما على الخبر، قال محاجنة والمصري إن هذه المحاولات “تظهر مدى الضغط والتوتر الذي تمر به هذه الشركات من جراء القضايا المرفوعة ضدها. حتى الآن لم تقدم أي دفاع مقابل الادعاءات التي أثارتها القضية، والتي نسبت لها ضلوعاً مباشراً ومستمراً بعمليات التجسس”.

وأضافا في ردّهما المشترك: “هذه الشركات اعتادت على مدار سنوات أن تنشط في الظلام بعيداً عن أي مساءلة قانونية أو جماهيرية، وتعاقدت مقابل ملايين الدولارات مع حكومات ودول استخدمت التكنولوجيا للتجسس على صحافيين ونشطاء حقوق إنسان”.

وأردفا بأن “القضايا ضد هذه الشركات أثارت الرأي العام العالمي حول نشاطها ومن يقف وراءها، ووضعت للبحث مسألة قانونية التجسس، ولا سيما أنه تم استخدامها في تعقب وتصفية معارضين سياسيين. وفي ظل غياب أي دفاع قانوني، كان من المتوقع أن تلجأ إلى طرق ملتوية انقلبت عليها في نهاية المطاف”.

ويقول تقرير “أسوشييتد برس”، إن هؤلاء العملاء ارتكبوا أخطاءً عديدة أدت إلى الكشف عنهم، كان أولها محاولة اصطياد علاء المحاجنة، المحامي الرئيسي الذي يتابع القضية من تل أبيب.

وكان المحاجنة قد استهدفه شخص يدعى مروان الحاج، الذي وصف نفسه على أنه شريك في شركة إدارة ثروات سويدية تدعى Lyndon Partners. عرض الحاج حينها على المحاجنة فرصة تمثيل أحد عملائه الشديدي الثراء، الذي يحتاج لمساعدة قانونية في استعادة أراضي عائلته التي استولى عليها مستوطنون يهود بعد حرب 1967، وفقاً لـ”أسوشييتد برس”.

وعلى الرغم من أن الطلب منطقي، إذ يطلب مساعدة محامي حقوق إنسان في القدس ليدافع عن حقوق الفلسطينيين، إلا أن المحاجنة أصابه الشك حيال الموضوع حينما طلب المزيد من المعلومات عن الموضوع. وتجنب الحاج تزويد المحاجنة بأيّ معلومات أو وثائق.

وقال المحاجنة لـ”أسوشييتد برس”: “لم يتم تزويدي حتى بالمعلومات الأولية، فعادة يمنحك الموكلون العديد من الوثائق والروايات” لدعم القضية. وأضاف المحاجنة أن شكوكه ازدادت، عندما عرض عليه الحاج القيام برحلة مدفوعة التكاليف إلى لندن.

وبعد عشرة أيام، تلقى مصري بريداً إلكترونياً من شركة تدعى APOL consulting، يفترض أنها تتخذ من زيورخ مقراً لها، تعرض عليه منصباً في مجلسها الاستشاري. وعندما استعرض مصري موقع الشركة على الإنترنت، أصابه الشك أيضاً، إذ إن مثل هذه الشركات عادة ما تعرض أسماء موظفيها وخبراتهم، إلا أن موقع هذه الشركة خلا من أي اسم.

وعندما رفض مصري العرض، أصرّ ممثل عن الشركة، يدعى كريستيان أورتيغا، على لقائه في لندن بأيّ حال. وقال مصري بأنه والمحاجنة، في بداية يناير/ كانون الثاني، بدآ يعتقدان أن أورتيغا والحاج هما شخصيتان وهميتان، وأن شركتيهما غير حقيقتين. إلا أنهما لم يدركا حجم الموضوع بعد.

وتبع ذلك استهداف العملاء لكريستينا ماركو، وهي محامية تتابع القضية في قبرص، التي توجد فيها شركات مرتبطة بشركة “أن أس أو” الإسرائيلية. وقالت ماركو لوكالة الأنباء الأميركية، إن شخصاً يدعى أوليفيير دوفيت قد تواصل معها عبر البريد الإلكتروني، وعرّف عن نفسه بأنه شريك في شركة استثمارات مقرّها هونغ كونغ.

وأصرّ دوفيت على دعوة ماركو لتلقي محاضرة في مؤتمر، وأصرّ على رؤيتها شخصياً في لندن، ودفع تكاليف سفرها وإقامتها، وجرت بينهما محادثة لمدة ساعة تقريباً.

ودارت أغلب المحادثة بينهما حول المحاضرة المقترحة، قبل أن تتحول إلى الحديث عن القضية التي تتابعها ضد “أن أس أو” وفرص نجاحها. وقالت ماركو حينها إنها قدمت “أجوبة مضللة أو رفضت الإجابة”، لأنها ارتابت من الأسئلة.

إلا أنه تبين بعد ذلك تعرّض الصحافي المقيم في لندن إياد حميد، الذي كتب التحقيق عن “أن أس أو” لحادثة مماثلة، إذ استهدفه شخص ادعى بأنه يعمل في شركة بلجيكية لإدارة الثروات تدعى Mertens-Giraud Partners Management.

وتبين من خلال تحقيق “أسوشييتد برس” أن MGP أو أياً من الشركات الأخرى ليست حقيقية، من خلال البحث في سجلات الشركات المسجلة في قاعدة Orbis للبيانات، التي تضم نحو 300 مليون شركة، وغيرها من السبل التي اتبعتها وكالة الأنباء للتحقق من وجود هذه الشركات، بما فيها زيارة مقارّها المزعومة.

ويخلص التقرير إلى أنّ مَن وظّف هؤلاء العملاء لمطاردة من فضح قضية لجوء الإمارات إلى برنامج تنصّت إسرائيلي، لا يزال غير معروف، إلا أن طبيعة عملهم تدلّ على ارتباطاتهم. فالعملاء الستة تواصلوا مع الأشخاص المستهدفين في الوقت ذاته، وبروايات مفصلة على مقاسهم.

أما مواقعهم الإلكترونية فتتبع نفس النمط، فجميعها مستضافة على “Namecheap” والعديد منها تم شراؤه في مزاد من “GoDaddy”، واستخدموا منصة شركة تصميم الويب “Wix”، فيما كان تصميم المواقع متشابهاً. وفي حالتين هما “MGP” و “Lyndon Partners”، كان التصميم متطابقاً تماماً. أما صفحات “LinkedIn” الخاصة بالعملاء فكانت متماثلة، وتُظهر رجالاً تم تصويرهم عن بعد، ينظرون بعيداً عن الكاميرا، أو من زوايا غير اعتيادية.

ولكن، على الرغم من تشابه الحالات، لا يوجد دليل قطعي على مَن وظّف هؤلاء الأشخاص، وفقاً لـ”أسوشييتد برس”.

إلا أن القناة 12 الإسرائيلية بثت تقريراً يوم السبت، يزعم أن شركة BlackCube الإسرائيلية الخاصّة للتحقيقات، التي كانت قد تولّت حماية هارفي وينستين (المنتج في هوليوود المتهم بقضايا تحرش واغتصاب) سابقاً، قد أجرت عدداً من التحقيقات المتعلقة بالقضية المفتوحة ضد “أن أس أو”، وبثت تسجيلاً صوتياً لكل من المحامية ماركو والزميل إياد حميد، يطابق روايتيهما لما تعرضا له.