موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: الإمارات وقلق فقدان الحليف السعودي

131

ربما لم يستبد الخوف بقادة الإمارات أكثر مما استبد بهم حين وضعت تداعيات تصفية الصحفي جمال خاشقجي مستقبل حليفهم القوي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في حكم المملكة موضع شك.

مؤخرا، وبينما كان طوق الاتهامات بالمسؤولية عن اختفاء خاشقجي يضيق حول محمد بن سلمان، أُعلن أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد (الحاكم الفعلي للإمارات) اضطر بسبب “أمر استجد عليه” إلى إلغاء زيارة كانت مقررة لفرنسا الثلاثاء الماضي، كما ألغى زيارة مماثلة للأردن لنفس السبب.

ولم يكن هناك أي تفسير رسمي لذلك “الأمر المستجد” الذي حال دون سفر محمد بن زايد إلى باريس للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون، ولم تكن هناك أي إشارة تشي بأن عارضا صحيا أصابه بما أنه تحادث بعد ذلك هاتفيا مع ماكرون، وكان يفترض أن تعزز الزيارة العلاقات التي توصف بالاستراتيجية بين البلدين.

وصبت التكهنات في كون إلغاء الزيارتين مرتبطا بأزمة اختفاء خاشقجي، والتي وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها أكبر أزمة دولية منذ توليه الرئاسة مطلع عام 2017.

وقد باتت بالنسبة للسعودية أخطر أزمة منذ هجمات الـ 11 من سبتمبر/أيلول 2001 حين واجهت ضغوطا أميركية شديدة، خاصة ما يتعلق باتهامها بإنتاج التطرف الديني والإرهاب.

وهذه المرة فإن تداعيات ما جرى داخل القنصلية بإسطنبول في الثاني من الشهر الجاري عرضت بنية الحكم بالمملكة لهزة قوية بعد تنامي الحديث عن احتمال إبعاد ولي العهد في ظل الشبهات القوية القائمة بأنه هو من أمر باستهداف الصحفي رغم النفي الرسمي السعودي لذلك.

والإمارات ليست بمعزل عن ذلك، لإن إقصاء محمد بن سلمان -لو تحقق-سيكبح على الأرجح “التهور” الذي طبع سياسات ولي العهد الحالي، خاصة ما تعلق بالحرب في اليمن وحصار قطر، والتصادم مع دول غربية كألمانيا وكندا، وهناك اعتقاد بأن ذلك التهور “استلهمه” الأمير الشاب عديم الخبرة السياسية من صديقه المخضرم محمد بن زايد.

وأمام المأزق الذي أحاط بالسعودية عامة وولي عهدها خاصة، لم تبخل أبو ظبي بتقديم الدعم السياسي غير المشروط -مثلما فعلت عواصم أخرى كالقاهرة والمنامة- ولعلها سعت أيضا خلف الكواليس بواشنطن لدعم الموقف السعودي.

وفي مواجهة الضغوط الأميركية والغربية -التي بدا أنها ربما تطيح بسرعة بمحمد بن سلمان- استشعرت أبو ظبي خطورة الموقف مما دعاها إلى التحذير عبر وزير الدولة للشؤن الخارجية أنور قرقاش مما سمته محاولات تقويض استقرار السعودية وتحجيم دورها.

وقبل ذلك، كان وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد أعلن تضامن بلاده مع السعودية ضد كل من يحاول المساس بموقع المملكة ومكانتها.

وحين كشفت الرياض في وقت مبكر السبت عن روايتها الرسمية لملابسات قتل خاشقجي، والادعاء بأن ذلك كان حدث عقب “شجار” داخل القنصلية، سارعت أبو ظبي إلى تزكية الرواية، وتأييد قرارات الملك سلمان بإلقاء الجريمة على عاتق بعض الأفراد.

ولأن ولي عهد أبو ظبي هو “عرّاب” محمد بن سلمان، فإن خروج الابن المحبب إلى قلب الملك سلمان بن عبد العزيز من دائرة الحكم في المملكة يعني أن رجل الإمارات فقد حليفا قويا يشترك معه في تنفيذ إستراتيجية جوهرها الهيمنة بالمنطقة بضوء أخضر من إدارة ترامب، ودعم ما بات يوصف بالثورات المضادة.

والخوف الإماراتي من تداعيات أزمة تغييب خاشقجي ربما يدعمه أيضا عما تردد عن “فوضى” داخل العائلة المالكة السعودية، حسب ما نقل موقع ميدل إيست آي البريطاني عن مصدر دبلوماسي غربي.

وكانت صحيفة لوفيغارو قالت الخميس إن هيئة البيعة في السعودية انعقدت سرا، في وقت تتحدث فيه مصادر عن تشكيك العديد من أفراد العائلة الحاكمة في أهلية محمد بن سلمان لتولي العرش خلفا لأبيه.

وعلى افتراض أن ولي العهد السعودي حصل على طوق نجاة من واشنطن بعد إعلان الرئيس الأميركي أنه يثق بالرواية الرسمية السعودية بشأن مقتل خاشقجي، فإنه يجدر التساؤل: هل يجعله ذلك أقل اندفاعا وأقل قدرة على إدارة تحالفاته مع الإمارات وغيرها بنفس الأسلوب السابق؟ أم يستمر في نفس النهج؟.